الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صحبة فقد وهم. انظر للمزيد: المنة الكبرى (4/ 550).
29 - باب ما جاء في النهي عن الفرع والعتيرة
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا فرع ولا عتيرة.
والفرع: أوّلُ النتاج كانوا يذبحونه لطواغيتهم، والعتيرة في رجب.
متفق عليه: رواه البخاري في العقيقة (5473)، ومسلم في الأضاحي (38: 1976) كلاهما من طريق معمر، أخبرنا الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.
قوله: "والفرع: أول النتاج .... " الخ قال الخطابي: أحسب التفسير فيه من قول الزهري، وأيّده الحافظ في الفتح (9/ 597).
قلت: وفي تفسير الفرع نظر فإن أبا داود رواه بسند صحيح عن الزهري عن سعيد (هو ابن المسيب) قال: الفرع أول النتاج، كان يُنتج لهم فيذبحونه.
وفي رواية للنسائي (4223) من طريق شعبة، عن معمر وسفيان (هو ابن حسين) عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة قال أحدهما: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرع والعتيرة وقال الآخر: "لا فرع ولا عتيرة".
سبق أن معمرا رواه بلفظ: "لا فرع ولا عتيرة" وهذا يعني أن الذي رواه بلفظ: "نهى" هو سفيان بن الحسين الواسطي وإن كان ثقة إلا أنه ضُعّف في الزهري. قال ابن عدي: "هو في غير الزهري صالح الحديث، وفي الزهري يروي أشياء خالف الناس".
وعليه فالمحفوظ لفظ الصحيحين: "لا فرع ولا عتِيرة".
وقوله: "لا فرع" الفرع بالفاء والراء المفتوحتين وجمعها فراع، وفُسِّر كما جاء في آخر الحديث أنه أول نتاج الإبل أو الغنم، كان أهل الجاهلية يذبحونه لأصنامهم.
وقيل: كان الرجل في الجاهلية إذا تمّت إبلُه مائة قدّم بكرًا فنحره لصنمه.
وقوله: "ولا عتيرة" العَتيرة بفتح المهملة وكسر المثناة بوزن عظيمة وفسرت في الحديث بأنها الشاة تذبح في شهر رجب.
وقال أبو عبيد: العتيرة هي الرجبية ذبيحة كانوا يذبحونها في الجاهلية في رجب يتقربون بها لأصنامهم. وقال غيره: العتيرة نذر كانوا ينذرونه، من بلغ ماله كذا أن يذبح من كل عشرة منها رأسا في رجب.
• عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا فرعةً ولا عتيرةً".
صحيح: رواه ابن ماجه (3169) عن محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر فذكره. وقال ابن ماجه عقبه:"هذا من فرائد العدني".
قلت: وإسناده صحيح، وابن أبي عمر العدني شيخ ابن ماجه صاحب المسند مشهور بالرواية عن سفيان بن عيينة.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (3/ 59): "هذا إسناد صحيح رجاله ثقات".
فقه الحديث:
اختلف أهل العلم في الجمع بين هذين الحديثين والأحاديث التي قبلهما القاضية بجواز العتيرة أو الأمر بهما.
فجمع بعضهم بحمل الأحاديث المذكورة على الندب، وحديث أبي هريرة وابن عمر على عدم الوجوب، فقوله:"لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه فقال عقب روايته حديث عائشة: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفرع من خمس واحدة" قال: "لا فرع ولا عتيرة" نقول: "لا واجب". اهـ.
وهو مذهب الشافعي وبعض أصحابه قال النووي في شرح مسلم (13/ 137): "والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع والعتيرة، وأجابوا عن حديث "لا فرع ولا عتيرة" بثلاثة أوجه:
أحدها: جواب الشافعي السابق أن المراد نفي الوجوب.
والثاني: أن المراد نفي ما كانوا يذبحون لأصنامهم.
والثالث: أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب، أو في ثواب إراقة الدم، فأما تفرقة اللحم على المساكين فبر وصدقة، وقد نص الشافعي في سنن حرملة أنها إن تيسرت كل شهر كان حسنا هذا تلخيص حكمها في مذهبنا" اهـ.
وذهب جمهور العلماء إلى إبطال الفرع والعتيرة، وأن الأحاديث الواردة في مشروعيتها قد نسخت بحديث أبي هريرة في النهي عنهما، وإن لم يعلم التاريخ غير أن قواعد الترجيح تقتضي ذلك؛ لأن النهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل، ولم يقل أحد إنه نهى عنهما ثم أذن في فعلهما، وإنما كان آخر الأمرين النهي عن فعلهما. وقد حكى القاضي عياض عن جماهير العلماء نسخ الأمر بالفرع والعتيرة نقله عنه النووي في شرح مسلم (13/ 137).