الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال:"أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واللَّه إني لأخشاكم للَّه وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني".
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (5063) عن طريق حميد بن أبي حميد الطويل أنه سمع أنس بن مالك يقول (فذكره). واللفظ له.
ورواه مسلم في النكاح (1401) من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، به، بمعناه.
3 - باب ترغيب الشباب في الزواج وكراهية التبتل والخصاء
• عن علقمة قال: كنتُ أمشي مع عبد اللَّه بمنى، فلقيه عثمان، فقام معه يحدّثُه. فقال له عثمان: يا أبا عبد الرحمن، ألا نزوِّجك جاريةً شابةً لعلّها تذكِّرك بعضّ ما مضى من زمانك. قال: فقال عبد اللَّه: لئن قلتَ ذاك، لقد قال لنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا معشر الشباب، من استطاع منكمُ الباءة فليتزوج، فإنه أغضُّ للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وِجاءٌ".
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (5065) من طريق حفص بن غياث، ومسلم في النكاح (1: 1400) من طريق أبي معاوية كلاهما عن الأعمش، حدثني إبراهيم (وهو النخعي)، عن علقمة، فذكره. واللفظ لمسلم.
وفي رواية له من طريق جرير، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، عن عبد الرحمن بن يزيد، قال: دخلت أنا وعمّي علقمة والأسود على عبد اللَّه بن مسعود قال: وأنا شابّ يومئذ، فذكر حديثًا رُئيتُ أنه حدث به من أجلي. قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بمثل حديث أبي معاوية. وزاد: قال: فلم ألبث حتى تزوّجتُ.
والباءة معناها الجماع، وأصلها المكان، والذي يأوي إليه الإنسان، وسمي النكاح بها، لأن من تزوج امرأة بوأها منزلًا. "شرح السنة"(9/ 4).
• عن عبد اللَّه بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وليس لنا شيء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك، ثم رخص لنا أن ننكح المرأة بالثوب، ثم قرأ علينا {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} [المائدة: 87].
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (5075)، ومسلم في النكاح (1404) كلاهما من طريق جرير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس (هو ابن أبي حازم) قال سمعت عبد اللَّه يقول (فذكره). واللفظ للبخاري.
• عن سعد بن أبي وقاص قال: ردّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون التّبتُّل، ولو أذن له لاختصينا.
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (5073)، ومسلم في النكاح (7: 1402) كلاهما من طريق إبراهيم بن سعد، أخبرنا ابن شهاب، سمع سعيد بن المسيب يقول، سمعت سعد بن أبي وقاص يقول (فذكره).
• عن سعد بن أبي وقاص قال: لما كان من أمر عثمان بن مظعون الذي كان من ترك النساء بعث إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عثمان، إني لم أومر بالرهبانية، أرغبت عن سنتي؟ " قال: لا، يا رسول اللَّه. قال:"إن من سنتي أن أصلي وأنام، وأصوم وأطعم، وأنكح وأطلق، فمن رغب عن سنتي فليس مني، يا عثمان، إن لأهلك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا".
قال سعد: فواللَّه لقد كان أجمع رجال من المسلمين على أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن هو أقر عثمان على ما هو عليه أن نختصي فنتبتل.
حسن: رواه الدارمي (2215) عن محمد بن يزيد الحزامي، حدثنا يونس بن بكير، حدثني ابن إسحاق، حدثني الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن سعد بن أبي وقاص، فذكره. وإسناده حسن من أجل تصريح ابن إسحاق.
قوله: "التّبتُّل" أصله القطع. والمراد الانقطاع عن النساء وترك النكاح انقطاعًا إلى عبادة اللَّه.
قوله: "لاختصيا" الخصاء هو نزع البيضتين من الخصيتين بشق جلدها.
• عن أبي هريرة قال: قلت: يا رسول اللَّه، إني رجل شابٌّ، وأنا أخاف على نفسي العَنَت ولا أجد ما أتزوّج به النساء، فسكت عني، ثم قلت مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلت له مثل ذلك، فسكت عني، ثم قلتُ مثل ذلك. فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا أبا هريرة، جفّ القلم بما أنت لاقٍ، فاختص على ذلك أو ذر".
صحيح: رواه البخاري في النكاح (5076) فقال: وقال أصبغ: أخبرني ابنُ وهب، عن يونس ابن يزيد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال (فذكره).
وأصبغ هو ابن الفَرَج القرشي الأمويّ أبو عبد اللَّه المصري الفقيه أحد شيوخ البخاري. وقال البخاري: "قال أصبغ" محمول على الاتصال على رأي ابن الصلاح وغيره، وهو الذي نختاره.
قال الحافظ في "الفتح"(9/ 119): قوله "وقال أصبغ" كذا في جميع الروايات التي وقفت عليها، وكلام أبي نعيم في "المستخرج" يشعر بأنه قال فيه حدثنا.
• عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على فتية من شباب قريش، فقال:"يا معشر الشباب من استطاع منكم الطول فلينكح، أو فليتزوج، وإلا فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".
صحيح: رواه البزار -كشف الأستار (1398) - عن محمد بن الليث، ثنا علي بن عبد الحميد،
ثنا سلمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس فذكره.
قال البزار: "لا نعلم رواه عن ثابت إلا سليمان".
قلت: ولا يضر تفرد سليمان بن المغيرة وهو القيسي مولاهم، فإنه ثقة.
• عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل نهيا شديدًا، ويقول:"تزوجوا الودود الولود، إني مكاثر الأنبياء يوم القيامة".
حسن: رواه أحمد (12613) عن حسين وعفان، والبزار -كشف الأستار (1400) - من طريق محمد بن معاوية، وابن حبان في صحيحه (4028) من طريق قتيبة بن سعيد، والبيهقي (7/ 81 - 82) من طريق إبراهيم بن أبي العباس، كلهم عن خلف بن خليفة، قال: حدثني حفص بن عمر، عن أنس بن مالك فذكره.
وإسناده حسن من أجل الكلام في خلف بن خليفة غير أنه حسن الحديث فقد قال فيه ابن معين والنسائي: ليس به بأس. وقال ابن معين أيضًا وأبو حاتم: صدوق، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، ولا أبرئه من أن يخطئ في بعض الأحايين في بعض رواياته.
ورواه أيضًا الإمام أحمد (13569) عن عفان، حدثنا خلف بن خليفة -قال عبد اللَّه: قال أبي: وقد رأيت خلف بن خليفة وقد قال له إنسان: يا أبا أحمد، حدثك محارب بن دثار؟ قال أبي: فلم أفهم كلامه، كان قد كبِرَ فتركته، -حدثنا حفص، عن أنس بن مالك قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة، وينهى عن التبتل فذكر الحديث.
ويظهر من سباق الإمام أحمد أنه لم يرو عنه من أجل اختلاطه، ولكن لما وجد الحديث عن اثنين من شيوخه وهما حسين وعفان فروى عنه بواسطتهما لعله لقدم سماعهما منه، إلا أنه لم يظهر لي من روى عنه قبل الاختلاط، ومن روى عنه بعد الاختلاط من هؤلاء الذين ذكرتهم.
• عن ابن عباس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا شباب قريش، لا تزنوا، احفظوا فروجكم، ألا من حفظ فرجه فله الجنّة".
حسن: رواه البزار - كشف الأستار (1401)، والطبراني في الكبير (12/ 165) والأوسط، من حديث مسلم بن إبراهيم، ثنا شداد بن سعيد، ثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن ابن عباس فذكره واللفظ للبزار.
وإسناده حسن من أجل شداد بن سعيد فإنه مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف، وهو من رجال مسلم، وقال الهيثمي في "المجمع" (4/ 252):"ورجاله رجال الصحيح".
وسعيد الجُريري هو ابن إياس، أبو مسعود البصري، أطلق يحيى بن معين والنسائي القول بتوثيقه، ولكن قال أبو حاتم:"تغير حفظه قبل موته. فمن كتب عنه قديمًا فهو صالح وهو حسن الحديث".
وقال ابن حبان: "كان قد اختلط قبل موته بثلاث سنين، قال: وقد رآه يحيى القطان وهو
مختلط، ولم يكن اختلاطه فاحشًا".
• عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل.
صحيح: رواه الترمذي (1082) وابن ماجه (1849) والنسائي (3214) وأحمد (20192) وابن الجارود (673) كلهم من طريق معاذ بن هشام، عن أبيه، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة، فذكره.
قال الترمذي وابن ماجه: وزاد زيد بن أخْزم (عن معاذ بن هشام) في حديثه: وقرأ قتادة: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً} [سورة الرعد: 38].
وإسناده صحيح. والحسن سمع سمرة مطلقا كما أوضحت ذلك في المواضيع الكثيرة.
وروي هذا الحديث عن عائشة أيضًا كما في الآتي.
• عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل.
صحيح: رواه النسائي (3214) وأحمد (24943) كلاهما من حديث خالد بن الحارث، قال: حدثنا أشعث، عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة فذكرته. وإسناده صحيح.
وأشعث هو ابن عبد الملك الحُمراني ثقة من رجال الصحيح.
قال الترمذي عقب حديث سمرة: "حديث سمرة حديث حسن غريب، وروى أشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة. ويقال: كلا الحديثين صحيح.
وقال النسائي: "قتادة أثبت وأحفظ من أشعث، وحديث أشعث أشبه بالصواب".
وفي "علل ابن أبي حاتم"(1/ 402) أنه سأل أباه عن حديث رواه أشعث بن عبد الملك، عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل، ورواه معاذ بن هشام، عن أبيه عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل. قلت: أيهما أصح؟ قال أبي: "قتادة أحفظ من أشعث، وأحسب الحديثين صحيحين، لأن لسعد بن هشام قصة في سؤاله عائشة عن ترك النكاح يعني التبتل".
فهما حديثان، والحسن له شيخان، سمرة بن جندب، وسعد بن هشام، ولا يُعِلُّ أحدهما الآخر.
قال الترمذي في "العلل الكبير": سألت محمدًا (البخاري) عن الحديث فقال: "حديث الحسن عن سمرة محفوظ، وحديث الحسن عن سعد بن هشام، عن عائشة حسن".
قلت: سعد بن هشام الأنصاري المدني ثقة من رجال الجماعة استشهد بأرض الهند.
• عن عائشة قالت: دخلت امرأة عثمان بن مظعون واسمها خولة بنت حكيم على عائشة وهي باذّة الهيئة، فسألتها ما شأنك؟ فقالت: زوجي يقوم الليل، ويصوم النهار. فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له عائشة. فلقي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا عثمان، إن
الرهبانية لم تكتب علينا، أما لك فيّ أسوة؟ فواللَّه إن أخشاكم للَّه، وأحفظكم لحدوده لأنا".
صحيح: رواه عبد الرزاق (10375) عن معمر، عن الزهري، عن عروة وعمرة، عن عائشة قالت: فذكرته.
ومن هذا الطريق رواه البزار -كشف الأستار (1458) -، وابن حبان (9) ولكن عن عروة وحده.
ورواه الإمام أحمد (25893) عن عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن الزهري، عن عروة، قال: دخلت امرأة عثمان فذكره مرسلًا.
وإليه أشار الهيثمي في "المجمع"(4/ 301) بقوله: "وأسانيد أحمد رجالها ثقات إلا أن طريق إن أخشاكم أسندها أحمد، ووصلها البزار برجال ثقات".
• عن عائشة قالت: كانت امرأة عثمان بن مظعون تختضب وتطَيَّب، فتركته، فدخلت عليّ، فقلت لها: أمُشهد أم مُغيب؟ فقالت: مُشهد كمغيب. قلت لها: مالك؟ قالت: عثمان لا يريد الدنيا، ولا يريد النساء. قالت عائشة: فدخل عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبرتُه بذلك. فلقي عثمان فقال: "يا عثمان، أتؤمن بما نؤمن به؟ " قال: نعم، يا رسول اللَّه، قال:"فاصنعْ كما نصنعُ".
حسن: رواه الإمام أحمد (24754) عن مؤمل، حدثنا حماد، حدثنا إسحاق بن سويد، عن أبي فاختة، عن عائشة فذكرت.
ومؤمل هذا، هو ابن إسماعيل سيء الحفظ إلا أنه توبع. فرواه أبو نعيم في "الحلية"(6/ 257) من وجه آخر عن هشام بن عبد الملك، ثنا حماد بن سلمة، عن إسحاق بن سويد، حدثني أبو فاختة، عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن مظعون: فذكر نحوه.
وإسناده حسن من أجل أبي فاختة وهو سعيد بن علاقة الكوفي فإنه حسن الحديث وإن كان ابن حجر قال فيه "ثقة" بناء على توثيق الدارقطني.
واللفظ الذي سقتُه ذكره أحمد (24753) وأحال إليه إلا أن فيه "فأسوةٌ مالَكَ بنا".
وللحديث طرق أخرى ذكرتُها في صلاة الليل.
وأما ما روي عن أبي ذر قال: دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: عكاف بن بشر التميمي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"يا عكاف، هل لك من زوجة؟ " قال: لا. قال: "ولا جارية؟ " قال: ولا جارية. قال: "وأنت موسر بخير؟ " قال: وأنا موسر بخير. قال: "أنت إذًا من إخوان الشياطين، لو كنت في النصارى كنت من رهبانهم، إنّ سنَّتنا النكاح، شراركم عزّابكم، وأراذل موتاكم عزّابكم، أبِالشيطان تمرّسون! ما للشيطان من سلاح أبلغ في الصالحين من النساء إلا المتزوجون، أولئك