الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلا أن يقال: إن كثرة شواهده تدل على أن له أصلًا في تفضيل الأبكار على الثيب للأسباب التي ذُكِرَتْ. واللَّه تعالى أعلم.
9 - باب ما جاء أن الكفاءة هي الدين وحده، والترغيب في اختيار الزوجة الصالحة ذات الدين
قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ} [الفرقان: 74].
• عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك".
متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (5090)، ومسلم في الرضاع (1466: 53) كلاهما من طريق يحيى بن سعيد (وهو القطان)، عن عبيد اللَّه، حدثني سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
وفي الحديث مراعاة الكفاءة في النكاح، وأن الدين أولى ما اعتبر منها. فأهل الدين كلهم أكفاء بعضهم لبعض. ولفقهاء الإسلام في الكفاءة كلام كثير.
• عن جابر قال: تزوجت امرأة في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فلقيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "يا جابر، تزوجت؟ " قلت: نعم. قال: "بكرٌ أم ثيّب؟ " قلتُ: ثيّب. قال: "فهلَّا بكرًا تُلاعبها؟ " قلتُ: يا رسول اللَّه، إن لي أخواتٍ فخشيتُ أن تدخل بيني وبينهنّ. قال:"فذاك إذن، إن المرأة تُنكح على دينها، ومالها، وجمالها. فعليك بذات الدّين تربتْ يداك".
صحيح: رواه مسلم في الرضاع (54: 715) عن محمد بن عبد اللَّه بن نُمير، حدثنا أبي، حدثنا عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، أخبرني جابر بن عبد اللَّه، فذكره.
وأصل الحديث في البخاري من وجوه أخرى، إلا قوله:"إن المرأة" إلخ فلم يخرجه. انظر "الجمع بين الصحيحين للإشبيلي"(2/ 439).
• عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تُنكح المرأة على إحدى خصال ثلاث: تُنكح المرأة على مالها، وتُنكح المرأة على جمالها، وتُنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق تَرِبت يمينك".
حسن: رواه أحمد (11765) وأبو يعلى (1012) والبزّار -كشف الأستار (1403) -، وصحّحه ابن حبان (4037) والحاكم (2/ 161) كلهم من طريق محمد بن موسى الفطري المدني، عن سعد ابن إسحاق، عن عمته، عن أبي سعيد الخدري فذكره. واللفظ لأحمد.
وزاد البزار: "وخُلُقها" وقال: "لا نعلم روي أحد في الخلق شيئًا إلا أبو سعيد بهذا الإسناد".
والخُلُق بضم الخاء واللام، ويجوز بسكون اللام معناه السجية.
وإسناده حسن من أجل عمة سعد بن إسحاق وهي زينب كما سماها البزار -وهي ابنة كعب بن عجرة، وكانت تحت أبي سعيد الخدري، وقد روت عن زوجها أبي سعيد الخدري. وروى عنها سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة ابن أخيها، وسليمان بن محمد بن كعب بن عجرة كما قال المزي في الرد على علي بن المديني حيث قال:"لم يرو عنها غير سعد بن إسحاق".
وذكرها ابن حبان في "الثقات".
وصحّحه الحاكم، وقال الهيثمي في "المجمع"(4/ 254)"رجاله ثقات".
• عن عبد اللَّه بن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصّالحة".
صحيح: رواه مسلم في الرضاع (1467) عن محمد بن عبد اللَّه بن نُمير الهَمْدانيّ، حدّثنا حَيْوة، أخبرني شرحبيل بن شريك، أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبليّ يحدّث عن عبد اللَّه بن عمرو، فذكره.
• عن سهل بن سعد، قال: مرَّ رجل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "ما تقولون في هذا؟ " قالوا: حريّ إن خطب أن يُنْكحَ وإن شفع أن يشفَّع وإن قال أن يستمَع قال: ثم سكت. فمرَّ رجلٌ من فقراء المسلمين، فقال:"ما تقولون في هذا؟ " قالوا: حريّ إن خطب أن لا ينكح، وإن شفع أن لا يشفّع، وإن قال أن لا يُستمع. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"هذا خيرٌ من مِلْء الأرض مثل هذا".
صحيح: رواه البخاري في النكاح (5091) عن إبراهيم بن حمزة، حدثنا ابن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل، قال: فذكره.
• عن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاوة: الجار السوء، والمرأة السوء، والمسكن الضيّق، والمركب السوء".
صحيح: رواه ابن حبان في صحيحه (4032) عن محمد بن إسحاق بن إبراهيم مولى ثقيف، قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز بن أبي رِزمة، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد، عن أبيه، عن جده فذكره. وإسناده صحيح.
وقد رُوي بأسانيد ضعيفة مع اختلاف في المتن.
منها ما رواه أبو داود الطيالسي (207) وأحمد (1445) والبزّار -كشف الأستار (1412) - كلهم من حديث محمد بن أبي حميد الأنصاري، قال: حدثني إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقّاص بإسناده وبلفظ: "سعادة لابن آدم ثلاث، وشقوة لابن آدم ثلاث، فمن سعادة ابن آدم: الزوجة الصالحة، والمركب الصالح، والمسكن الواسع، أو قال: والمسكن الصالح، وشقوة لابن
آدم ثلاث: المسكن السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء".
ومحمد بن أبي حميد إبراهيم الأنصاري الزرقي ضعيف باتفاق أهل العلم.
وقول البزار: "لا نعلمه مرفوعًا إلا من هذا الوجه عن سعد، ومحمد بن أبي حميد فليس بالقوي. وقد روى عنه جماعة من أهل العلم".
قلت: فيه نظر، لأنه رواه أيضًا عبد اللَّه بن سعد بن أبي هند، عن إسماعيل بن محمد بن سعد كما سبق بأتم من هذا.
وكذا قول الهيثمي في "المجمع"(4/ 272): "رواه أحمد، والبزّار، والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال أحمد رجال الصحيح" ليس بصحيح، فإن رجال أحمد ورجال البزار واحد، وفي إسنادهما محمد بن أبي حميد الزُّورقي ليس من رجال الصحيح وإنما هو من رجال الترمذي وابن ماجه. وللحديث أسانيد أخرى.
وأما ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب إليكم من ترضون دينَه وخُلُقَه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض" فهو ضعيف.
رواه الترمذي (1084) وابن ماجه (1967) والحاكم (2/ 164) كلهم من حديث عبد الحميد ابن سليمان، عن ابن عجلان، عن ابن وثيمة النصري، عن أبي هريرة فذكره.
وعبد الحميد بن سليمان هو الخزاعي الضرير "ضعيف".
ولذا تعقبه الذهبي على الحاكم في قوله: "صحيح الإسناد" فقال: عبد الحميد هو أخو فليح قال أبو داود: "كان غير ثقة، وابن وثيمة لا يعرف".
وقال الترمذي: "حديث أبي هريرة قد خُولف عبد الحميد بن سليمان في هذا الحديث. ورواه الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن ابن هرمز، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا" وتحرف في الترمذي ابن هرمز إلى أبي هريرة".
وقال: قال محمد (البخاري): وحديث الليث أشبه، ولم يعدّ حديث عبد الحميد محفوظًا.
ونقل في "العلل"(1/ 426): قال: سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: "رواه الليث بن سعد، عن ابن عجلان، عن عبد اللَّه بن هرمز، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا".
قلت: هكذا رواه أبو داود في مراسيله (213) عن قتيبة، نا الليث، عن ابن عجلان، عن عبد اللَّه بن هرمز اليماني، أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال فذكره بمعناه، فراجعه الناس فردها ثلاث مرات.
قال أبو داود: "وقد أسنده عبد الحميد بن سليمان، عن ابن عجلان وهو خطأ".
وأما ابن وثيمة هو: زفر بن وثيمة بن مالك بن الحدثان فهو حسن الحديث وثّقه ابن معين وذكره ابن حبان.
ولابن هرمز إسناد آخر. وهو ما رواه الترمذي (1085) وأبو داود في "المراسيل"(212)
والبيهقي (7/ 82) كلهم من حديث حاتم بن إسماعيل عن ابن هرمز (عبد اللَّه بن هرمز الفدكي) عن سعيد ومحمد ابني عبيد، عن أبي حاتم المزني قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
قالوا: يا رسول اللَّه، وإن كان فيه؟
قال: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فأنكحوه" ثلاث مرات.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وأبو حاتم المزني له صحبة، ولا نعرف له عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث" هذا اللفظ كله للترمذي واختصره الآخرون.
وقول الترمذي: "حسن" ليس بحسن، لضعف عبد اللَّه بن هرمز، وشَيْخيْه سعيد ومحمد ابني عبيد فهما مجهولان.
كما اختلف في أبي حاتم المزني أله صحبة أم لا؟ فقال البخاري وغيره: له صحبة، وقال أبو داود: ليس له صحبة فصار مرسلًا.
ولحديث أبي هريرة طرق أخرى، وشواهد وكلها معلولة.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن علي بن أبي طالب أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا علي، ثلاث لا تُؤخّرْ: الصلاة إذا أنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وَجْدَتَ لها كفوًا".
رواه الترمذي (1075) وابن ماجه (1486) وأحمد (828) والبيهقي (7/ 132 - 133) كلهم من حديث عبد اللَّه بن وهب، حدثني سعيد بن عبد اللَّه الجهني، أن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب حدّثه عن أبيه، عن جده علي بن أبي طالب فذكره. واللفظ للترمذي، والبعض اختصره.
قال الترمذي: "هذا حديث غريب وما أرى إسناده بمتصل".
قلت: إسناده ضعيف، فإن سعيد بن عبد اللَّه الجهني قال فيه أبو حاتم:"مجهول" وأما ابن حبان فذكره في "الثقات" كعادته في توثيق المجاهيل.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن عائشة قالت: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "تخيروا لنطفكم، وأنكحوا الأكْفاء، وانكحوا إليهم".
رواه ابن ماجه (1968) عن عبد اللَّه بن سعيد قال: حدثنا الحارث بن عمران الجعفري، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة فذكرته.
وفيه الحارث بن عمران الجعفري المدني ضعيف عند جمهور أهل العلم. بل قال ابن حبان: "كان يضع الحديث على الثقات".
ومن هذا الطريق رواه أيضًا الحاكم (2/ 163) وقال: وتابعه عكرمة بن إبراهيم عن هشام بن عروة وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد".
وتعقبه الذهبي فقال: "الحارث متهم، وعكرمة ضعَّفوه".
وذكره ابن أبي حاتم في "العلل"(1/ 403 - 404) وسأل أباه عن حديث الحارث بن عمران الجعفري، فقال: ليس له أصل، وقد رواه مندل أيضًا.
وقال أيضًا: "الحارث ضعيف الحديث، وهذا حديث منكر".
فقال له عبد الرحمن: ورواه أبو أمية بن يعلى، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث.
فقال: "هذا حديث باطل لا يحتمل هشام بن عروة هذا" قال: قلت: فممن هو؟ قال: من راويه، قلت: ما حال أبي أمية بن يعلى؟ قال: "ضعيف الحديث" انتهى.
قلت: عن هشام بن عروة أسانيد أخرى وفي كلها مقال، ومنها ما روي عنه مرسلًا، وكلام أبي حاتم يُشعر بأن جميع طرقه ضعيفة.
• عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "تبا للذهب والفضة" قال: فانطلقت مع عمر بن الخطاب فقال: يا رسول اللَّه! قولك: "تبا للذهب والفضة" ماذا؟ فقال: "لسانًا ذاكرًا وقلبًا شاكرًا، زوجة تعين على الآخرة".
حسن: رواه أحمد (23101) عن محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، حدثنا سَلْم قال: سمعت عبد اللَّه بن أبي الهذيل قال: حدثني صاحب لي أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: فذكره.
وسَلْم هو ابن عطية الفُقَيمي مولاهم، روى عنه جمع، وقال أبو حاتم: شيخ يكتب حديثه، وذكره ابن حبان في "الثقات".
ومن طريقه رواه أيضًا البيهقي في "شعب الإيمان"(1/ 419).
قوله: "تبًّا للذهب والفضة" أي: هلاكا لمن ادّخرهما ولم يؤدّ زكاتهما.
وقوله: "ماذا" أي ماذا نتّخذ كما في رواية ثوبان الآتية.
وأما ما جاء في زهد الإمام أحمد (104) عن عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا شعبة، عن سليمان -يعني ابن عبد الرحمن النخعي- عن عبد اللَّه بن الهذيل ففيه تحريف من سَلْم إلى سليمان، ثم أحد الرواة أو النساخ فسروا بأنه ابن عبد الرحمن النخعي، فرجع الإسناد إلى سَلْم بن عطية، واللَّه أعلم.
ويشهد له ما روي عن ثوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب مانزل قالوا: فأي المال نتخذ؟ قال عمر: فأنا أعلم لكم ذلك، فأوضع على بعيره، فأدرك النبي صلى الله عليه وسلم وأنا في أثَره، فقال: يا رسول اللَّه، أي المال نتخذ؟ فقال:"ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانا ذاكرًا، وزوجة مؤمنة، تُعين أحدكم على أمر الآخرة".
رواه ابن ماجه (1856) واللفظ له، والترمذي (3094) وأحمد (22392) كلهم من طريق سالم ابن أبي الجعد، عن ثوبان فذكره.
قال الترمذي: حسن. سألت محمد بن إسماعيل، قلت له: سالم بن أبي الجعد سمع ثوبان؟