الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
38 - كتاب الصيد والذبائح
جموع ما جاء في الصيد
قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة المائدة: 94].
وقال تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} [سورة المائدة: 96].
وقال أيضا: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [سورة المائدة: 2].
1 - باب ما جاء في صيد سباع البهائم والطيور المعلَّمة
قال الله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} [سورة المائدة: 4].
قال ابن جرير الطبري في تفسيره (8/ 106): "كل ما صاد من الطير والسباع فمن الجوارح، وأنّ صيدَ جميع ذلك حلالٌ إذا صادَ بعد التعلم، لأن الله جلَّ ثناؤه عمَّ بقوله: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} كلَّ جارحة، ولم يخصصْ منها شيئًا. فكلُّ جارحةٍ كانت بالصفة التي وصف الله من كل طائرٍ وسبع، فحلالٌ أكلُ صيدها". اهـ.
قلت: ومن الطيور الصقور والبازي، ومن السباع الكلاب والفهد.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (15/ 289): لا أعلم في صيد سباع الطير المعلمة خلافا، إنه جائز كالكلب المعلم سواء إلا مجاهد بن جبر، فإنه كان يكره صيد الطير، ويقول: إنما قال الله تعالى: {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} فإنما هي الكلاب.
وخالفه عامّةُ العلماء قديمًا وحديثًا فأجازوا الاصطياد بالبازي، والشوذنين، وسائر سباع الطير المعلمة.
• عن أبي ثعلبة الخشني قال: قلتُ: يا نبي الله، إنا بأرض قوم أهل الكتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وبأرض صيد، أصيدُ بقوسي، وبكلبي الذي ليس بمعلَّم، وبكلبي
المعلَّم، فما يصلح لي. قال:"أمّا ما ذكرتَ من أهل الكتاب فإن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا فاغسلوها وكلوا فيها، وما صدتَ بقوسك فذكرت اسم الله فكُلْ، وما صدتَ بكلبك المعلَّم فذكرت اسم الله فكُلْ، وما صدتَ بكلبك غير معلَّمٍ فأدركتَ ذكاتَه فكُلْ".
متفق عليه: رواه البخاري في الذبائح والصيد (5478)، ومسلم في الصيد والذبائح (1930: 8) كلاهما من طريق حيوة بن شريح، قال سمعت ربيعة بن يزيد الدمشقي يقول: أخبرني أبو إدريس عائذ الله، قال: سمعتُ أبا ثعلبة الخشني يقول فذكره.
• عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله، إني أرسل الكلاب المعلَّمة فيمسكْنَ عليَّ، وأذكر اسم الله عليه فقال:"إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكُلْ" قلت: وإن قتلن؟ ، قال:"وإن قتلن، ما لم يشركها كلب ليس معها". قلت له: فإني أرمي بالمعراض الصيدَ فأصيب؟ فقال: "إذا رميتَ بالمعراض فخرقَ فكُلْه، وإن أصابه بعرضه فلا تأكله".
متفق عليه: رواه البخاري في الذبائح والصيد (5477)، ومسلم في الصيد والذبائح (1929: 1) كلاهما من طريق منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عدي بن حاتم قال فذكره.
واللفظ لمسلم، وليس عند البخاري:"ما لم يشركها كلب ليس معها".
قوله: "بالمعراض" قيل في تفسيره عدة أقوال، ولكن المشهور أنه خشبة ثقيلة آخرها عصا محدَّد رأسها، وقد لا يحدَّد.
وقوله: "فخزق" يقال خزق السهم خَزْقًا: نفذ من الرمية.
• عن عدي بن حاتم قال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتُ: إنا قوم نصيد بهذه الكلاب. قال: "إذا أرسلت كلابك المعلمة، وذكرت اسم الله، فكل مما أمسكن عليكم، وإن قتلن إلا أن يأكل الكلب، فإني أخاف أن يكون إنما أمسكه على نفسه، وإن خالطها كلاب من غيرها فلا تأكل".
متفق عليه: رواه البخاري في الذبائح والصيد (5483)، ومسلم في الصيد والذبائح (1929: 2) كلاهما من طريق محمد بن فضيل، عن بيان، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، فذكره.
قال النووي: "وهو صريح في منع أكل ما أكلت منه الجارحة، وبه قال أكثر العلماء منهم: ابن عباس، وأبو هريرة، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، والشعبي، والنخعي، وعكرمة، وقتادة، وأبو حنيفة وأصحابه، وأحمد وإسحق، وأبو ثور، وابن المنذر، وداود
…
واحتجوا بقوله تعالى: {فَكُلُوا مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ} وهذا مما لم يمسك علينا، بل على نفسه". اهد. شرح مسلم (13/ 75).
• عن عدي بن حاتم قال: قلتُ: يا رسول الله، أرمي الصيدَ فأجدُ فيه من الغد سهمي؟ قال:"إذا علمتَ أن سهمك قتله، ولم ترَ فيه أثرَ سبعٍ فكُلْ".
صحيح: رواه الترمذي (1468)، والنسائي (4312) من طريق شعبة - والنسائي (4311)، وأحمد (19369) من طريق هشيم - كلاهما عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، عن عدي بن حاتم، فذكره.
وإسناده صحيح، وأبو بشر جعفر بن إياس اليشكري، ثقة من أثبت الناس في سعيد بن جبير.
وقال الترمذي: "هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم".
وأما ما رويَ عن عدي بن حاتم قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد البازي؟ فقال: "ما أمسك عليك فكُلْ" فهو شاذ بذكر البازي.
رواه الترمذي (1467) من طريق عيسى بن يونس، عن مجالد، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم، فذكره.
ورواه أبو داود (2851)، وأحمد (18258) من طريق عبد الله بن نمير، ثنا مجالد به، فذكراه مطولًا، وهو عند أحمد أطول، وفيه: إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب، والبزاةَ فما يحل لنا منها؟
وقال الترمذي: هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مجالد عن الشعبي". ورواه البيهقي (9/ 238) من طريق أبي داود ثم قال: "ذكر البازي في هذه الرواية لم يأت به الحفاظ عن الشعبي، وإنما أتى به مجالد" اهـ.
قلت: ومجالد هو ابن سعد الهمداني الكوفي ضعيف.
وكذلك لا يصح ما رُوي عن جابر بن عبد الله قال: نهينا عن صيد كلب المجوس.
رواه الترمذي (1416)، وابن ماجه (3209) من طريق وكيع، ثنا شريك، عن حجاج بن أرطاة، عن القاسم بن أبي بزّة، عن سليمان اليشكري، عن جابر بن عبد الله فذكره.
وإسناده ضعيف، فيه علتان: شريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي سيء الحفظ، وحجاج بن أرطاة مدلس وقد عنعن. ولذا ضعّفه الترمذي بقوله:"حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه".
قال: "والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، لا يرخصون في صيد كلب المجوس" اهـ.
قال ابن عبد البر في الاستذكار (15/ 295 - 296): "وأما صيد المسلم بكلب المجوسي، فالاختلاف فيه قديم، كرهتْه طائفةٌ ولم تجزه، وأجازه آخرون، فممن كرهه جابر بن عبد الله صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحسن البصري، وعطاء، ومجاهد، وإبراهيم النخعي، وسفيان الثوري، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه
…
وخالفهم آخرون فقالوا: تعليم المجوسي له وتعليم المسلم سواء، وإنما الكلب كآلة الذبح والذكاة، وممن ذهب إلى هذا سعيد بن المسيب، وابن شهاب والحكم، وعطاء - وهو الأصح عنه - وهو قول مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم" اهـ.