الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المؤمنين، فذكرته.
ورواه البخاري في النكاح (5103)، ومسلم في الرضاع (3: 1445) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
• عن عائشة أم المؤمنين، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عندها، وأنها سمعتْ صوت رجل يستأذنُ في بيت حفصة. قالت عائشة: فقلت: يا رسول الله، هذا رجلٌ يستأذن في بيتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أراه فلانا". لعمٍّ لحفصةَ من الرضاعة. فقالت عائشة: يا رسول الله، لو كان فلان حيا - لعمِّها من الرضاعة - دخل عليّ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"نعم، إن الرضاعة تُحرِّم ما تُحرِّم الولادة".
متفق عليه: رواه مالك في الرضاع (1) عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة أم المؤمنين أخبرتها، فذكرته.
ورواه البخاري في الشهادات (2646)، ومسلم في الرضاع (1: 1444) كلاهما من طريق مالك، به، مثله.
قال الترمذي (1148) عقب حديث عائشة الأول: "والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم. كرهوا لبن الفحل، والأصل في هذا حديث عائشة. وقد رخص بعض أهل العلم في لبن الفحل. والقول الأول أصح.
وقد سئل ابن عباس عن رجل له جاريتان. أرضعت إحداهما جارية، والأخرى غلامًا. أن يحل للغلام أن يتزوج بالجارية فقال: لا، اللقاح واحد.
ذكره مالك، ومن طريقه الترمذي (1149) وإسناده صحيح.
قال الترمذي: "وهذا تفسير لبن الفحل، وهذا الأصل في هذا الباب. وهو قول أحمد وإسحاق".
وكذلك ممن كان يحرِّمُ بلبن الفحل: مالك، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والأحناف، وغيرهم، وممّن رخّص في ذلك سعيد بن المسيب، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخعي، والقاسم بن محمد، وأبو قلابة.
وقال القاسم بن محمد: كان يدخل على عائشة من أرضعه بنات أبي بكر، ولا يدخل عليها من أرضع نساء بني أبي بكر.
ورُويَ عن ابن عمر أنه قال: "لا بأس بلبن الفحل" ذكره ابن المنذر في "الأوسط"(8/ 563 - 565) وقال: "وبالقول الأول أقول، وذلك لثبوت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على ذلك".
4 - باب ما جاء أن الرضعات المحرِّمة هي الخمسُ للصغير دون الحولين
• عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: كان فيما أُنزل من القرآن - عشرُ رضعات
معلوماتٍ يحرِّمْنَ، ثم نُسِخْنَ بخمس معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن.
صحيح: رواه مالك في الرضاع (17) عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: فذكرته.
ورواه مسلم في الرضاع (24: 1452) من طريق مالك، به، مثله.
قولها: "فتوفّيَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وهو فيما يقرأ من القرآن".
وقد اعتُرِض على حديث عائشة بأنها لم تنقل هذا الخبر نَقْلَ الحديث، وإنما نقلتْه نقلَ القرآنِ، والقرآنُ إنما يثبت بالتواتر، فأجيب عليه بأن المسألة ذو شقين:
أحدهما: كونه من القرآن.
والثاني: وجوب العمل به.
أما الأون: فكونه من القرآن فإنه لم يثبت ذلك، ولو ثبت لجازت قراءته في الصلاة.
وأما الثاني: وهو وجوب العمل به، فإن انتفاء الأحكام لعدم التواتر، لم يلزم انتفاءَ العمل به، فإنه يكفي فيه الظن. وقد احتج كلٌّ من الأئمة الأربعة به في مواضع. فاحتج الشافعي وأحمد في هذا الموضع، واحتج أبو حنيفة في وجوب التتابع في صيام الكفارة بقراءة ابن مسعود "فصيام ثلاثة أيام متتابعات" انظر للمزيد: زاد المعاد (5/ 573).
وقال النووي: معناه أن النسخَ خمسُ رضعاتٍ تأخر إنزالُه حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وبعض الناس يقرأ "عشر رضعات". ويجعلها قرأنًا متلوًا لكونه لم يبلغه النسخُ لقرب عهده. فلما بلغه النسخُ بعد ذلك رجعوا عن ذلك. وأجمعوا على أن هذا لا يُتْلَى.
والنسخُ ثلاثة أنواع: أحدها: ما نُسِخَ حكمُه وتلاوتُه كعشر رضعات.
والثاني: ما نُسِختْ تلاوتُه دون حكمِه كخمس رضعات، وكالشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.
والثالث: ما نُسِخَ حكمُه، وبقيت تلاوتُه. وهذا هو الأكثر ومنه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ} [البقرة: 240] الآية. انتهى.
وهذا مما نسخ رسمُه كما ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 118).
وأما ما روي عن عائشة قالت: لقد نزلت آيةُ الرجم، ورضاعةُ الكبير عشرًا. ولقد كان في صحيفة تحت سريري، فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغَلنا بموته، دخل داجن فأكلها. فهو منكر.
والداجن هو الشاة التي تؤلف في البيوت ولا تخرج إلى المرعى.
رواه ابن ماجه (1944) وأحمد (36316) وابن الجوزي في نواسخ القرآن (ص 118) كلهم من حديث محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة. وعبد الرحمن بن
القاسم، عن أبيه، عن عائشة. وهذا كله عند ابن ماجة، وعند الإمام أحمد رواية عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، عن عمرة وحدها ولفظه:"لقد أنزلت آيةُ الرجم ورضعاتُ الكبير عشرٌ، فكانت في ورقةٍ تحت سرير بيتيّ، فلمّا اشتكى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره، ودخلت دويبةٌ فأكلتْها".
وعند ابن الجوزي من هذا الطريق وحده وجاء فيه: "ربيبة لنا فأكلتها، تعني الشاة".
ومداره على محمد بن إسحاق هو: ابن يسار أبو بكر المخزومي مولاهم المدنيّ، المؤرخ المعروف، وإمام في المغازي وهو حسن الحديث إذا صرَّح، ولكن إذا تفرّد في الأحكام فأهل العلم لا يقبلون تفرده، فكيف يُقبل قولُه في ذهاب آيةٍ من كتاب الله، ففي القصة نكارة واضحة، لأن هذه الصحيفةَ التي أكلها الداجن إن كانت تشمل أيةً من القرآن، ولم ينسخها الله تعالى فكانت محفوظة في قلب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وفي قلوب أصحابه لأن الله تعالى يقول:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)} [الحجر: 9].
وحيث أنها لا توجد في القرآن، فدل على بطلان هذه القصة، وإن كان ظاهر إسناده حسن؛ لأن محمد بن إسحاق مدلِّس، ولكنه صرَّح بالتحديث غير أنه لا يقبل تفرده كما قال الذّهبيّ في "الميزان"، ولذا أنكر ابن حزم القصة بشدة، وجعلها مكذوبة.
انظر: الإحكام في أصول الأحكام (4/ 453 - 454).
• عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُحرّمُ المصَّةُ والمصَّتان".
صحيح: رواه مسلم في الرضاع (1450) من طريق أيوب، عن ابن أبي مُليكة، عن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة قالت: فذكرته.
• عن عائشة قالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي رجل قاعد، فاشتد ذلك عليه، ورأيتُ الغضبَ في وجهه، قالت: فقلت: يا رسول الله، إنه أخي من الرضاعة. قالت: فقال: "انظرنَ إخوتكن من الرضاعة، فإنما الرضاعةُ من المجاعة".
متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (5102)، ومسلم في الرضاع (1450) من طريق أشعث بن أبي الشعثاء، عن أبيه، عن مسروق. قال: قالت عائشة: فذكرته، والسياق لمسلم.
قوله: "فإنما الرضاعة من المجاعة": أي أن الرضاعة التي تَثبتُ بها الحرمةُ، وتَحِلُّ بها الخلوةُ هي حيث يكون الرضيعُ طفلا، ويكون اللبنُ هو غذاءَه، ويسد به جوعُه، ويكون هذا الإرضاع خلال السنتين الأوّليين من عمر الرضيع لقوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] مع قوله تعالى: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ} [لقمان: 14] وعليه يدل حديث أم سلمة.
وأبو الشعثاء هو: سُليم بن أسود المحاربي والد أشعث، روى عن مسروق بن الأجدع، عن عائشة كما رُوي عن عائشة أيضًا بدون الواسطة كما في الحديث الآتي.
• عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُحَرِّمُ الخطفةُ والخطفتان".
صحيح: رواه النسائيّ (3311) عن محمد بن عبد الله بن بَزيع، - بالباء المفتوحة والزاء المكسورة - قال ثنا يزيد - يعني ابن زريع -، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: كتبنا إلى إبراهيم بن يزيد النخعي نسأله عن الرضاع. فكتب أن شُريحًا حَدَّثَنَا أن عليًّا وابنَ مسعود كانا يقولان: يحرمُ من الرضاع قليلُه وكثيرُه. وكان في كتابه: أن أبا الشعثاء المحاربيّ، ثنا، أن عائشة حدّثته أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكرته. وإسناده صحيح.
• عن عبد الله بن الزُّبير أن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم قال: "لا يُحرِّم من الرضاعة المصَّةُ والمصتان". صحيح: رواه النسائيّ (3309) وأحمد (16110) وعبد الرزّاق (7/ 469) والبيهقي (7/ 454) والمروزي في السنة (279، 280، 283) كلّهم من طرق عن عروة بن الزُّبير، عن أخيه عبد الله بن الزُّبير فذكره.
وإسناده صحيح. وقد أدرك عبد الله بن الزُّبير النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن تسع سنين كما قال الشافعي وفي كلام الشافعي إشارة إلى صحة رواية عبد الله بن الزُّبير، وقد أشار أيضًا ابن حبَّان إلى هذا فقال:"لستُ أنكر أن يكون ابن الزُّبير سمع هذا الخبر عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم فمرة أدى ما سمع، وأخرى رُوي عن عائشة، وهذا شيء مستفيض في الصّحابة".
وقال البيهقيّ بعد أن نقل قول الشافعي: "وهو كما قال، إِلَّا أن ابن الزُّبير إنّما أخذ هذا الحديث عن عائشة، عن النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم"، السنن الكبري (7/ 454).
وهو كما قال: فقد سبق تخريج مسلم له من طريق ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة.
وقد رواه أيضًا البيهقيّ من طريق محمد بن إسحاق، نا أبو عبيد، نا يحيى بن سعيد، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن ابن الزُّبير، عن عائشة.
وأمّا ما رواه محمد بن دينار الطاحيّ، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عبد الله بن الزُّبير، عن الزُّبير فزاد فيه "الزُّبير" فهو خطأ.
رواه ابن حبَّان في صحيحه (4226) من طريقه، وقد نبَّه البخاريّ في "العلل الكبير"(1/ 454) على أنه أخطأ فيه محمد بن دينار فزاد في الإسناد "الزُّبير" وكذا قال الترمذيّ في سننه (1150) عند تخريج حديث ابن أبي مليكة، عن عبد الله بن الزُّبير، عن عائشة.
• عن عبد الله بن الزُّبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا رضاع إِلَّا ما فتقَ الأمعاءَ".
حسن: رواه ابن ماجة (1946) عن حرملة بن يحيى، قال: حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عروة، عن عبد الله بن الزُّبير فذكره.
وإسناده حسن من اجل ابن لهيعة، وفيه كلام معروف، إِلَّا رواية العبادلة عنه أعدل من غيرهم، وهذا منها.
• عن أم الفضل قالت: دخل أعرابي على نبي الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيتي. فقال:
يا نبي الله! إني كانتْ لي امرأةٌ فتزوجتُ عليها أخرى. فزعمت امرأتي الأوّلى أنها أرضعتْ امرأتي الحُدْثَى رضعةً أو رضعتين. فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُحرِّم الإملاجةُ والإملاجتان".
صحيح: رواه مسلم في الرضاع (18: 1451) من طريق المعتمر بن سليمان عن أيوب، يحدث عن أبي الخليل، عن عبد الله بن الحارث، عن أم الفضل فذكرته.
وفي رواية: "لا تُحرم الرضعةُ أو الرضعتان، أو المصةُ أو المصتان".
وفي رواية: "والرضعتان والمصتان".
وفي رواية: "هل تُحرم الرضعة الواحدة"، قال:"لا".
قوله: "الإملاجة" هي المصة، يقال: ملج الصبيُّ أمه إذا رضعها. وأملجتْه أمُّه أي أرضعتْه.
• عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يُحرِّمُ من الرضاعة إِلَّا ما فتقَ الأمعاءَ في الثديّ، وكان قبل الفِطام".
صحيح: رواه الترمذيّ (1152) والنسائي في الكبرى (5441) كلاهما عن قُتَيبة، حَدَّثَنَا أبو عوانة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن فاطمة بنت المنذر، عن أم سلمة فذكرته.
إسناده صحيح، وصحّحه أيضًا ابن حبَّان (4224) ورواه من وجه آخر عن أبي عوانة مختصرًا.
وقال الترمذيّ: "هذا حديث حسن صحيح. والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم وغيرهم، أن الرضاعة لا تُحرِّم إِلَّا ما كان دون الحولين، وما كان بعد الحولين الكاملين فإنه لا يُحرِّم شيئًا".
وفاطمة بنت المنذر بن الزُّبير بن العوّام هي امرأة هشام بن عروة، ولكن اختلف على هشام بن عروة فرواه عنه أبو عوانة هكذا مرفوعًا، وخالفه وهيب وهو - ابن خالد بن عجلان - فرواه عن هشام بإسناده موقوفًا على أم سلمة. رواه إسحاق بن راهويه (4/ 175) عن المخزوميّ، نا وهيب به.
وكذا خالفه يحيى القطان، فرواه عن هشام، عن يحيى بن عبد الرحمن، عن أم سلمة موقوفًا.
ذكره الدَّارقطنيّ في "العلل"(15/ 255) وقال: "قول يحيى أشبه".
قلت: هشام بن عروة له شيخان: أحدُهما: فاطمة بنت المنذر زوجته وهي رواية أبي عوانة المرفوعة وهي أشبه بالصواب لأنها من روايته عن زوجته. ولكن يعكره ما رواه وهيب بن خالد وهو ثقة أيضًا - موقوفًا.
فلعل فاطمة بنت المنذر تروي مرة مرفوعًا، وأخرى موقوفًا. والحكم للزيادة.
وأعله ابن حزم في "المحلى"(11/ 202) بالانقطاع بين فاطمة بنت المنذر - وبين أم سلمة فقال: وُلدتْ فاطمة سنة (48 هـ) وماتت أم سلمة سنة (59 هـ).
قلت: هذه العلة غير قادحة؛ فإن فاطمة كان عمرها (11 سنة) وهي كانت بالمدينة فلقاءهما ممكن.
وأمّا رواية يحيى القطان ففيه يحيى بن عبد الرحمن لم أعرف من هو؟ وفي الإسناد أيضًا انقطاع فلا يعتمد عليه.
وقد صحح هذا الحديث أيضًا الحاكم، وابن القيم، وسكت عليه الحافظ في الفتح بعد أن نقل حكم الترمذيّ بأنه: حسن صحيح.
وقوله: "فتق الأمعاء" أي شقَّها، ودخل فيها بحيث صار غذاء للولد.
وقوله: "في الثدي" أي في زمن الثدي.
قال الحافظ ابن القيم في زاده (5/ 580): "وهذه لغة معروفة عند العرب، فإن العرب يقولون: فلان مات في الثدي، أي: في زمن الرضاع قبل الفطام، ومنه الحديث المشهور: "إن إبراهيم مات في الثدي، وإن له مُرْضِعًا في الجنّة تُتِمُّ رضاعَه" يعني إبراهيم ابنه صلوات الله وسلامه عليه، قالوا: وأكد ذلك بقوله: "لا رضاعَ إِلَّا ما فتقَ الأمعاءَ، وكان في الثدي قبل الفِطام".
وفي الباب ما رُوي عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا رضاعَ إِلَّا ما كان في الحولين".
رواه الدَّارقطنيّ (4/ 174) والبيهقي (7/ 462) كلاهما من حديث أبي الوليد بن برد الأنطاكيّ، نا الهشم بن جميل، نا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس فذكره.
قال الدَّارقطنيّ: "لم يُسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ".
ونقل البيهقيّ عن ابن عدي أنه قال: "هذا يعرف بالهيثم بن جميل، عن ابن عيينة مسندًا، وغير الهيثم يُوقِف على ابن عباس".
قلت: وهو كما قال: فقد رواه سعيد بن منصور، عن ابن عيينة موقوفًا.
والهيثم بن جميل وإن كان ثقة حافظا كما قال الدارقطنيّ، إِلَّا أنه وهم في رفع هذا الحديث، والصحيح وقفه على ابن عباس.
وفي معناه ما رُوي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحرّم من الرضاعة المصّةُ والمصّتان، ولا يحرّمُ منه إِلَّا ما فتقَ الأمعاء".
رواه البزّار - كشف الأستار - (1444)، والبيهقي (7/ 455) كلاهما من حديث محمد بن إسحاق، عن إبراهيم بن عقبة، عن حجَّاج بن حجَّاج، عن أبي هريرة فذكره.
قال البزّار: "لا نعلمه بهذا اللّفظ إِلَّا بهذا الإسناد، وحجاج بن حجَّاج رُوي عن أبيه وأبي هريرة، وروى عنه عروة وهو معروف".
وقال البيهقيّ: "ورواه الزهري وهشام عن عروة موقوفًا على أبي هريرة بعض معناه.
وقد رُويَ من أوجه أخرى أضعف من هذا.
ومنها: ما ذكره أبو حاتم في "العلل"(1/ 417) فإنه ذكره من طريق ابن لهيعة، عن عيسى بن