الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 - باب الرجل يأمن الرجل على دمه ثم يقتله
• عن رفاعة بن شداد الفتياني قال: لولا كلمة سمعتُها من عمرو بن الحمِق الخزاعي لمشيت فيها بين رأس المختار وجسده، سمعته يقول:"من أمن رجلًا على دمه، فقتله فإنه يحمل لواء غدْر يوم القيامة".
صحيح: رواه ابن ماجه (2688) وأحمد (21946) وأبو داود الطيالسي (1285) وابن حبان (5982) وابن أبي عاصم في الديات (318) كلهم من حديث رفاعة بن شداد فذكره. وإسناده صحيح.
11 - باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه
قال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [سورة النساء: 29].
وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195].
• عن أبي هريرة قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: "هذا من أهل النار" فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالًا شديدًا، فأصابته جراحة. فقيل: يا رسول الله! الذي قلت: إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالًا شديدًا وقد مات؟ ! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إلى النار" قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب فبينما هم على ذلك إذ قيل: إنه لم يمت ولكن به جراحًا شديدًا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال:"الله أكبر أشهد أني عبد الله ورسوله" ثم أمر بلالًا فنادى بالناس: "إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر".
متفق عليه: رواه البخاري في الجهاد (3062) ومسلم في الإيمان (111) كلاهما من حديث عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، فذكر الحديث، ولفظهما سواء.
• عن ثابت بن الضحاك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من حلف بملة غير الإسلام كاذبًا فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذّب به في نار جهنم، ولعن المؤمن كقتله، ومن رمي مؤمنا بكفر فهو كقتله".
متفق عليه: رواه البخاري في الأدب (6105) ومسلم في الإيمان (110) كلاهما من حديث أبي قلابة، عن ثابت بن الضحاك، فذكر الحديث، واللفظ للبخاري، ولفظ مسلم مختصرًا، ولم يذكر قوله: "ولعن المؤمن
…
الخ".
• عن الحسن حدثنا جندب بن عبد الله في هذا المسجد، وما نسينا منذ حدّثنا،
وما نخشى أن يكون جندب كذب على النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكينًا فحزّ بها يده، فما رقأ الدمُ حتى مات. قال الله تعالى: بادرني عبدي بنفسه، حرمت عليه الجنة".
وفي رواية: خرج برجل خُرّاج - أي القرحة.
متفق عليه: رواه البخاري في أحاديث الأنبياء (3463) ومسلم في الإيمان (181: 113) كلاهما من طريق جرير قال: سمعت الحسن يقول، فذكره.
قوله: "فما رقأ الدم" أي لم ينقطع.
قوله: "بادرني بنفسه" قد استشكل لأنه يقتضي أن يكون من قُتل فقد مات قبل أجله لما يوهمه سياق الحديث من أنه لو لم يقتل نفسه كان قد تأخر عن ذلك الوقت وعاش، لكنه بادر فتقدم.
قال القاضي أبو بكر بن العربي: "قضاء الله مطلق ومقيد بصفة، فالمطلق يمضي على الوجه بلا صارف، والمفيد على الوجهين، مثاله أن يقدر لواحد أن يعيش عشرين سنة إن قتل نفسه وثلاثين سنة إن لم يقتل.
وهذا بالنسبة إلى ما يعلم به المخلوق كالموت مثلًا، وأما بالنسبة إلى علم الله فإنه لا يقع إلا ما علمه. انظر: فتح الباري (6/ 500).
• عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردّى فيه خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تحسّى سمًا فقتل نفسه فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا".
متفق عليه: رواه البخاري في الطب (5778) ومسلم في الإيمان (109) كلاهما من طريق خالد بن الحارث، حدثنا شعبة، عن سليمان (هو الأعمش)، قال: سمعت ذكوان يحدث عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه الترمذي (2043، 2044) من طرق عن الأعمش بإسناده مثله.
وقال: وروى محمد بن عجلان، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل نفسه بسم عذّب في نار جهنم" ولم يذكر فيه "خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" وهكذا رواه أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال:"وهذا أصح، لأن الروايات إنما تجيء بأن أهل التوحيد يعذّبون في النار، ثم يخرجون منها. ولم يذكر أنهم يخلّدون فيها". انتهى.
قلت: حديث أبي الزناد أخرجه البخاري (1365) عن أبي اليمان، أخبرنا شعيب، عنه، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الذي يخنق نفسه يخنقها في النار، والذي
يطعنها بطعنها في النار".
ونحوه رواه أيضا محمد بن عجلان، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
ومن طريقه رواه الإمام أحمد (9618) وابن حبان (5987) ورواه الطحاوي في مشكله (195) من طريق مالك بن أنس، عن أبي الزناد بإسناده.
وزادوا في حديثهم: "الذي يقتحم فيها يقتحم في النار".
أي يوقع نفسه في المهالك بأن يتردى من جبل أو يفعل نحوه.
وأما معنى قوله: "فهو في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا" فقال النووي في شرح مسلم: فيها أقوال:
أحدها: أنه محمول على من فعل ذلك مستحلا مع علمه بالتحريم. فهذا كافر. وهذه عقوبته.
والثاني: أن المراد بالخلود طول المدة، والإقامة المتطاولة لا حقيقة الدوام. كما يقال: خلّد الله ملك السلطان.
والثالث: أن هذا جزاءه، ولكن تكرم الله سبحانه وتعالى فأخبر أنه لا يخلد في النار من مات مسلمًا". انتهى.
والدليل على أن قاتل النفس لا يكفر الحديث الآتي:
• عن جابر، أن الطفيل بن عمرو الدوسي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! هل لك في حصن حصين ومنعة؟ (قال: حصن كان لدوس في الجاهلية) فأبى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، للذي ذخر الله للأنصار. فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة. هاجر إليه الطفيل بن عمرو. وهاجر معه رجل من قومه. فاجتووا المدينة، فمرض، فجزع، فأخذ مشاقص له، فقطع بها براجمه، فشخبتْ يداه حتى مات. فرآه الطفيل بن عمرو في منامه. فرآه وهيئتُه حسنة، ورآه مغطيًا يديه. فقال له: ما صنع بك ربك؟ فقال: غفر لي بهجرتي إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. فقال: ما لي أراك مغطيًا يديك؟ قال: قيل لي: لن نُصلح منك ما أفسدت. فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهم! وليديه فاغفر".
صحيح: رواه مسلم في الإيمان (116) من طرق عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن حجاج الصواف، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وقوله: "فاجتووا المدينة": معناه كرهوا المقام بها لضجر ونوع من السقم.
وقوله: "مشاقص": جمع مشقص، وهو سهم فيه نصل عريض.
وقوله: "براجم": براجم جمع برجمة، وهو مفاصل الإصبع.
وقوله: "شخبت يداه": أي سال دمهما بقوة.
وفيه أن من قتل نفسه ومات من غير توبة فليس بكافر، ولا يقطع له بالنار بل هو في حكم المشيئة.