الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما ذكر الحافظ في الفتح (3/ 367) أن حديث أنس الذي سبق يستفاد منه قصد أهل الفضل التحنيك المولود لأجل البركة، علّق عليه سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز رحمه الله:"بأن التماس البركة من النبي صلى الله عليه وسلم خاصّ به، لا يقاس عليه غيره؛ لما جعل الله في جسده من البركة بخلاف غيره فلا يجوز التماس البركة منه سدًا لذريعة الشرك، وتأسيًا بالصحابة فإنهم لم يفعلوا ذلك مع غيره، وهم أعلم الناس بالسنة، وأسبقهم إلى كل خير رضي الله عنهم".
11 - باب ما جاء في تعجيل اسم المولود
• عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وُلِد لي الليلة غلام فسمّيتُه باسم أبي إبراهيم".
صحيح: رواه مسلم في الفضائل (2315) من طرق عن سليمان بن المغيرة، حدثنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك فذكره في سباق أطول.
وقد مضى قريبا حديث أبي موسى وحديث أنس في قوله: ذهبتُ بعبد الله بن أبي طلحة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحنكهـ، وسماه عبد الله.
ويجوز تأخيره إلى يوم العقيقة وهو اليوم السابع كما جاء في حديث سمرة بن جندب، وعليه يدل حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتسمية المولود يوم سابعه، ووضع الأذى عنه والعقِّ.
رواه الترمذي (2832) عن عبيد الله بن سعد بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الله بن عوف، حدثني عمي يعقوب بن إبراهيم بن سعد، حدثنا شريك، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده فذكره. قال الترمذي:"حسن غريب".
قلت: ولكن فيه شريك هو ابن عبد الله النخعي سيء الحفظ، وشيخه محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، فالأمر فيه واسع.
وقد أشار البخاري إلى الجمع بين هذه الأحاديث بإشارة لطيفة بقوله: "باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه". يعني أن من لم يرد أن يعق عنه لا يؤخر تسميته إلى السابع، ومن أراد أن يعق عنه تؤخر تسميته إلى السابع أشار إليه الحافظ في الفتح (9/ 588) وقال:"وهو جمع لطيفٌ لم أره لغير البخاري".
12 - باب ما رُوِيَ في الأذان والإقامة في أذن المولود
رُوي عن أبي رافع قال: رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي حين ولدتْه فاطمة بالصلاة.
رواه أبو داود (5105)، والترمذي (1514)، والإمام أحمد (23869)، والحاكم (3/ 179) من طرق عن سفيان (هو الثوري) قال: حدثني عاصم بن عبد الله، عن عبد الله بن أبي رافع، عن
أبيه فذكره. وإسناده ضعيف، علته: عاصم بن عبيد الله هو ابن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري متفق على ضعفه لسوء حفظه.
قال ابن حبان: "كان سيء الحفظ، كثير الوهم فاحش الخطأ، فترك من أجل كثرة خطئه".
المجروحين (2/ 127) وعدّ هذا الحديث من مناكيره.
وعليه فقول الترمذي عقب الحديث: "حسن صحيح"، وقول الحاكم:"حديث صحيح الإسناد" معدود من تساهلهما - رحمهما الله - في التصحيح؛ ولذلك تعقب الذهبي الحاكم بقوله: "عاصم ضُعِّف".
وكذلك لا يصح ما رُوي عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي يوم وُلِدَ، فأذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى.
رواه البيهقي في شعب الإيمان (8620) من طريق محمد بن يونس، ثنا الحسن بن عمرو بن سيف السدوسي، ثنا القاسم بن مطيب، عن منصور بن صفية، عن أبي معبد، عن ابن عباس فذكره.
قال البيهقي عقب هذا الحديث وحديث الحسين بن علي: في إسنادهما ضعف، كذا قال، بل إسنادهما واهٍ؛ فإن الحسن بن عمرو بن سيف متروك، واتهم بالكذب، ومحمد بن يونس هو الكديمي كذبه أبو داود واتهم بالوضع أيضا.
وكذلك لا يصح ما روي عن الحسين بن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من وُلدَ له فأذّن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى، لم تضره أمُّ الصبيان".
رواه أبو يعني (6780) وعنه ابن السني في عمل اليوم والليلة (623)، وابن عدي في الكامل في ترجمة يحيى بن العلاء، والبيهقي في شعب الإيمان (8619) كلهم من طريق يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله، عن حسين، فذكره.
وإسناده تالف، يحيى بن العلاء متهم بالوضع، وشيخه متروك وقد اتهم بالكذب والوضع أيضا.
وكذلك لا يصح ما رُوِيَ عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في أذن الحسن والحسين حين وُلِدا.
رواه تمام الرازي في فوائده - كما في الروض البسام (1219) - من طريق عبد الله بن عمرو الأموي، عن القاسم بن حفص العمري، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فذكره.
وإسناده تالف أيضا، فيه القاسم بن حفص وهو القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص العمري، قال في التقريب:"متروك رماه أحمد بالكذب".
وبالجملة فلم يصح في هذا الباب شيء ولم يؤثر عن أحد من الصحابة أنه فعله.
وأما ما رُويَ عن عمر بن عبد العزيز: "أنه كان إذا وُلِد له ولد أخده كما هو في خرقته، فأذن في أذنه اليمنى، وأقام في اليسرى وسمّاه مكانه" فلا يصح أيضا.
رواه عبد الرزاق في مصنفه (7985) وفي إسناده ابن أبي يحيى وهو إبراهيم بن محمد بن أبي