الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بل مفهوم حديث القلَّتين يدلُّ على أنَّ ما دونهما قد يحمل الخَبَث وقد لا يحمله، فإِذا حَمَلَهُ؛ فلا يكون ذلك إِلا بتغيُّر بعض أوصافه
…
" (1).
وقال الزهري: "لا بأس بالماء؛ ما لم يغيِّره طعمٌ أو ريحٌ أو لون"(2).
8 - الماء المستعمَل:
سواء تُوضِّىءَ به أو اغتُسِل
…
ونحو ذلك؛ ما لم يُستعمل في إِزالة نجاسة.
وفي ذلك أدلَّة كثيرة؛ منها:
ما قاله عروة عن المِسْوَر وغيره -يصدِّق كل واحد منهما صاحبه-: "وإِذا توضَّأ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، كادوا يقتتلون على وَضوئه"(3).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: اغتسل بعض أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم في جفنة (4)، فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم ليتوضَّأ منها -أو يغتسل- فقالت له: يا رسول الله! إِنِّي كنتُ جُنُباً. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الماء لا
(1)"السيل الجرّار"(باب المياه)، بحذف يسير، ونحوه في "الدراري المضية".
(2)
أخرجه البخاري في "صحيحه" معلَّقاً مجزوماً به.
وقال شيخنا الألباني -حفظه الله تعالى- في "مختصر البخاري"(باب ما يقع من النجاسات في السمن والماء، رقم: 59): "وصَلَه ابن وهب في"جامعه" بسند صحيح عنه، والبيهقي نحوه". وانظر "الفتح"(1/ 342).
(3)
أخرجه البخاري: 189
(4)
الجفنة: هي القصعة، وفي "الصحاح":"كالقصعة".
يُجْنِب" (1).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يُقال له: إِنَّه يُستقى لك مِن بئر بُضاعة -وهي بئر يُلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض (2) وعُذَر النَّاس- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ الماء طهور، لا ينجِّسه شيء"(3).
وعن الرّبَيِّع بنت مُعَوِّذ رضي الله عنها في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسحَ برأسه مِن فضْل ماءٍ كان في يده"(4).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا جُنُب،
فأخذ بيدي، فمشيتُ معه حتى قعد، فانْسَلَلْتُ فأتيتُ الرحل (5)، فاغتسلتُ،
ثمَّ جئت وهو قاعد، فقال:"أين كنتَ يا أبا هرّ؟ ". فقلتُ له (6)، فقال:
"سبحان الله يا أبا هرّ! إِنَّ المؤمن لا ينجُس"(7).
(1) أخرجه الترمذي، وقال:"حديث حسن صحيح". وانظر "صحيح سنن أبي داود""صحيح سنن الترمذي"(55)، و"المشكاة"(457).
(2)
قال في "النهاية": قيل: المحايض جمْع المحيض، وهو مصدر حاض، وتقدّم.
(3)
أخرجه أبو داود وغيره، وانظر "صحيح سنن أبي داود"(60)، و"الإرواء"(14)، تقدّم.
(4)
عن "صحيح سنن أبي داود"(120).
(5)
أى: المكان الذي يأوى فيه. "فتح".
(6)
في رواية أخرى: "كنت جنباً، فكرهتُ أن أجالسك وأنا على غير طهارة". البخاري: 283.
(7)
أخرجه البخاري: 285، ومسلم: 371
قال ابن قدامة: "
…
ولأنَّه ماء طاهر لاقى محلاًّ طاهراً؛ كالذي غسل به الثوب الطاهر" (1).
وقال أيضاً: "ولأنَّه لو غمس يده في الماء؛ لم ينجِّسْه، ولو مسَّ شيئاً رطباً؛ لم يُنجِّسْهُ"(2).
وعن عمرو بن يحيى عن أبيه؛ قال: "كان عمِّي يكثر من الوضوء. قال لعبد الله بن زيد: أخبِرني كيف رأيتَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ؟ فدعا بتورٍ (3) مِن ماء، فكفأ على يديه، فغسَلهما ثلاث مرار، ثم أدخَل يده في التَّور، فمضمض واستنثَر ثلاث مرَّات من غَرفة واحدة، ثمَّ أدخَل يده فاغترف بها، فغسَل وجهه ثلاث مرات، ثمَّ غسَل يديه إِلى المرفقين مرتين مرتين، ثمَّ أخذ بيده ماءً، فمسح رأسه، فأدبرَ به وأقبل، ثمَّ غسل رجليه، فقال: هكذا رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يتوضأ"(4).
وفي "صحيح البخاري": "وأمرَ جريرُ بنُ عبد الله أهلَه أن يتوضَّؤوا بفضل سواكِه"(5).
قال الحافظ في "الفتح": "وقد صحَّحه الدارقطني بلفظ: كان يقول
(1)"المغني"(الماء المضاف إِلى مقرِّه والمخالطة لما يلازمه).
(2)
"المغني"(الماء المضاف إِلى مقرِّه والمخالطة لما يلازمه).
(3)
شبه الطَّسْت، وقيل: هو الطَّسْت، وتقدَّم.
(4)
أخرجه البخاري: 199، ومسلم: 235، وفيه الدلالة الصريحة على جواز إدخال اليد في الإِناء إلَاّ ما استُثني؛ خلافاً لمن يتحرَّج من ذلك، أو ينهى عنه.
(5)
كذا أورده معلَّقاً بصيغة الجزم. وقال الحافظ في "الفتح": "هذا الأثر وصله ابن أبي شيبة والدراقطني وغيرهما من طريق قيس بن أبي حازم عنه". وذكر شيخنا في "مختصر البخاري" تصحيح الدارقطني إِسناده. قال الحافظ: "وفي بعض طرقه: كان =
لأهله: توضَّؤوا من هذا الذي أدخل فيه سواكي" (1).
وعن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة، فأُتي بوَضوء، فتوضَّأ، فجعَل النَّاس يأخذون من فضل وَضوئهِ فيتمسَّحون به
…
" (2).
قال الحافظ: "وفيه دلالةٌ بيِّنة على طهارة الماء المستعمل".
وعن أنس رضي الله عنه: "أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم دعا بإِناء من ماء، فأُتي بقدح رَحْراح (3) فيه شيء من ماء، فوضع أصابعَه فيه"، قال أنس:"فجعلت أنظر إلى الماء ينبُع من بين أصابعه".
قال أنس: "فحزَرْتُ (4) مَن توضَّأ ما بين السبعين إلى الثمانين"(5).
وفي "الفتاوى"(21/ 46) لشيخ الإِسلام: "وسُئِل
…
رحمه الله عن الماء إِذا غَمَس الرجل يده فيه؛ هل يجوز استعماله أم لا؟ فأجاب: لا
= جرير يستاك ويغمس رأس سواكه في الماء، ثمَّ يقول لأهله: توضؤوا بفضله، لا يرى به بأساً".
(1)
انظر (كتاب الوضوء)"باب استعمال فضل وضوء الناس"(رقم 187).
(2)
أخرجه البخاري: 187
(3)
رَحْراح: أي: متَّسع الفم. وقال الخطَّابي: "الرَّحْراح: الإِناء الواسع الصَّحن القريب القعر، ومثله لا يَسَع الماء الكثير؛ فهو أدلّ على عِظَم المعجزة". قال الحافظ: "وهذه الصفة شبيهة بالطَّست".
(4)
أي: قدَّرْتُ.
(5)
أخرجه البخاري: 200