الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشمس؛ فإِجماع أهل العلم لا نعلم بينهم خلافاً فيه، والأحاديث دالّة عليه وآخره مغيب الشّفق، وبهذا قال الثوري وإِسحاق وأبو ثور وأصحاب الرأي وبعض أصحاب الشافعي، وقال مالك والأوزاعي والشافعي: ليس لها إلَاّ وقت واحد عند مغيب الشمس؛ لأن جبريل عليه السلام صلاّها بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم في اليومين لوقت واحد في بيان مواقيت الصَّلاة".
التعجيل بصلاة المغرب:
لما تقدّم من النصوص:
وقال ابن المنذر في "الأوسط"(2/ 369): "وأجمع كلّ من نحفظ عنه من أهل العلم على أنَّ التعجيل بصلاة المغرب أفضل، وكذلك نقول".
وقت العشاء
يبدأ وقت صلاة العشاء حين يغيب الشّفق، ويمتدّ إلى نصف الليل، وتقدَّم حديث جابر رضي الله عنه: "
…
فصلّى العشاء حين غاب الشّفق
…
"، إِلى قوله: "ثمَّ جاء من الغد
…
ثمَّ جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثُلث الليل، فصلّى العشاء
…
ثمَّ قال: ما بين هذين وقْت".
وفي الحديث: "إِذا ملأ الليل بطن كلِّ وادٍ فصلّ العشاء الآخرة"(1).
استحباب تأخير العشاء عن أوّل وقْتها
وفيه أحاديثُ عديدة، منها:
(1) أخرجه أحمد وغيره، وهو ثابت بمجموع طرقه، وانظر "الصحيحة"(1520).
حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه يصف صفة صلاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم
المكتوبة- قال: "وكان يستحِبُّ أن يؤخّر من العشاء التي تدْعونها العَتَمةَ"(1).
وعن حميد قال: "سُئل أنسٌ: هل اتخذ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خاتَماً؟ قال: أخّرَ ليلةً صلاة العشاء إِلى شطر الليل، ثمَّ أقبلَ علينا بوجهه، فكأني أنظر إِلى وبيص (2) خاتمه، قال: إِنّ الناس قد صلَّوا وناموا، وإِنَّكَم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتموها"(3).
وعن عائشة؛ قالت: "أَعْتَم (4) النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتى ذهب عامّة الليل، وحتى نام أهل المسجد، ثمَّ خرج فصلّى، فقال: "إِنَّه لَوَقتها؛ لولا أن أشقَّ على أمّتي" (5).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لولا أن أشقَّ على أمّتي، لأمَرْتهم أن يُؤخّروا العشاء إِلى ثلث الليل أو نصفه"(6).
وعن محمد بن عمرو بن الحسن بن عليّ قال: قدم الحجّاج فسأَلنا جابر
(1) ووردَ معلقاً في البخاري: (1/ 150)، وموصولاً (547)، وانظر مسلم: 647
(2)
أي: بريق.
(3)
رواه البخاري: 5869، ومسلم: 640
(4)
أي: أخر صلاة العشاء حتى اشتدّت عتمة الليل وظُلمته.
(5)
أخرجه مسلم: 638، وغيره.
(6)
أخرجه أحمد والترمذي وقال: حديث حسن صحيح، وهو في "صحيح سنن ابن ماجه"(565)، وصحّح شيخنا إِسناده في "المشكاة"(611).
ابن عبد الله فقال: "كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي الظهرَ بالهاجرةِ (1)، والعصر والشمس نقيةٌ، والمغرب إِذا وجبتْ، والعشاء أحياناً وأحياناً: إِذا رآهم اجتمعوا عجّلَ، وإذا رآهم أبطأوا أخَّر، والصبح -كانوا أو كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصليها بغَلَس"(2).
قال الحافظ في "الفتح"(2/ 48) عقب الحديث (567): "
…
فعلى هذا من وجد به قوّةً على تأخيرها، ولم يغلِبه النوم ولم يشقّ على أحد من المأمومين؛ فالتأخير في حقّه أفضل، وقد قرّر النووي ذلك في "شرح مسلم"، وهو اختيار كثير من أهل الحديث من الشافعيّة وغيرهم والله أعلم.
ونقل ابن المنذر عن الليث وإِسحاق؛ أنَّ المستحبّ تأخير العشاء إِلى قبل الثُلث، وقال الطحاوي: يُستحبُّ إِلى الثلث، وبه قال مالك وأحمد وأكثر الصحابة والتابعين، وهو قول الشافعي في الجديد، وقال في القديم: التعجيل أفضل، وكذا قال في "الإِملاء" وصحّحه النووي وجماعة وقالوا: إِنَّه ممَّا يُفتي به على القديم، وتعقب بأنَّه ذكره في "الإِملاء" وهو من كُتُبه الجديدة، والمختار من حيث الدليل أفضلية التأخير، ومن حيث النظر التفصيل والله أعلم".
قلت: "ولعلّ ذلك يتبع ما بالحيّ والجماعة من قوّة؛ يُراعى فيها أضعفهم؛ حرصاً على صلاة الجماعة.
(1) قال في "النهاية": "والهجير والهاجرة: اشتداد الحرّ نصف النّهار". وأشار الحافظ في "الفتح"(2/ 42) أنَّه عقبَ الزوال؛ حين اشتداد الحرّ، وذلك في معرض مناقشة بعض الأقوال.
(2)
أخرجه البخاري: 560، ومسلم: 646