الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والتابعين ومن بعدهم، وبه يقول سفيان والشافعي وأحمد وإسحاق".
وعن سهل بن حُنيف رضي الله عنه قال: "كنتُ ألقَى من المذي شدَّة وعناء، فكنتُ أُكثر منه الغسل، فذكرْتُ ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وسألته عنه فقال: "إِنَّما يُجزئك من ذلك الوضوء". فقلت: يا رسول الله! كيف بما يصيب ثوبي منه؟ قال: "يكفيك أن تأخذ كفّاً من ماء، فتنضح به ثوبك، حيث ترى أنَّه أصاب منه" (1).
قال الشوكاني رحمه الله: "فدلَّ هذا الحديث على أن مجرَّد النَّضح يكفي في رفع نجاسة المذْي، ولا يصحُّ أن يُقال هنا ما قيل في المنِيّ، إِنَّ سبب غسله كونه مستقذراً، لأنَّ مجرَّد النضح لا يزيل عين المذي كما يزيله الغسل، فظهر بهذا أنَّ نضحه واجب، وأنَّه نَجِس خُفِّف تطهيره"(2).
خامساً: الميتة:
وهي ما مات من غير تذكية أو ذبح شرعي.
ودليل نجاستها قوله صلى الله عليه وسلم: "إِذا دُبِغَ الإِهاب، فقد طَهُرَ"(3).
قال الصنعاني رحمه الله في "سبل السلام"(1/ 52): "وأمّا الميتة؛
(1) أخرجه أبو داود وغيره، وانظر "صحيح سنن أبي داود"(195)، و"صحيح سنن ابن ماجه"(409)، و "صحيح سنن الترمذي"(100).
(2)
"السيل الجرّار"(7/ 35).
(3)
أخرجه مسلم: 366
والإِهاب: هو الجلد قبل أن يُدبَغ؛ فأمّا بعده؛ فلا يسمى إِهاباً.
فلولا أنَّه وَرَدَ "دباغ الأديم طَهوره"(1) و"أيّما إِهاب دُبغ؛ فقد طهُر"(2)؛ لقُلْنا بطهارتها إِذ الوارد في القرآن تحريم أكْلها لكن حكَمْنا بالنَّجاسة لمَّا قام عليها دليلٌ غير دليل تحريمها".
ويندرج تحتها ما قُطع من البهيمة وهي حيَّة؛ لحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما قُطِعَ من البهيمة وهي حيَّةٌ؛ فهو ميتة"(3).
ويستثنى من ذلك ميتة السمك والجراد؛ فإِنَّها طاهرة حلال أكلها؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أُحِلَّتْ لنا ميتتان ودمان فأمّا الميتتان: فالحوت والجراد وأمّا الدَّمان: فالكبد والطحال"(4).
ولقوله صلى الله عليه وسلم في البحر: "هو الطَّهور ماؤه، الحلُّ مَيتتُه"(5).
وجلد الميتة نجس كذلك -كما لا يخفى-؛ للحديث المتقدّم: "إِذا
(1) أخرجه مسلم: 366
(2)
أخرجه أحمد في "مسنده" والترمذي والنسائي "صحيح سنن النسائي"(3955) وانظر "غاية المرام"(28).
(3)
أخرجه أحمد في "مسنده" وأبو داود والترمذي والحاكم في "مستدركه" وحسّنه شيخنا في "غاية المرام"(41).
(4)
أخرجه أحمد وابن ماجه وغيرهما، وصحّحه شيخنا في "الصحيحة"(1118).
(5)
تقدّم في (باب المياه).