الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما"(1).
13 - مسْح الأذنين بماء الرّأس وجواز أخْذ ماء جديد لهما عند الحاجة
.
قال المُناوي في شرح حديث: "الأذُنان من الرأس"(2): "الأذُنان من الرأس، لا من الوجه ولا مستقلّتان؛ يعني: فلا حاجة إِلى أخْذ ماء جديد منفرد لهما غير ماء الرأس في الوضوء، بل يجزئ مسْحهما ببلل ماء الرأس، وإلَاّ لكان بياناً للخلقة فقط، والمصطفى صلى الله عليه وسلم لم يُبعث لذلك، وبه قال الأئمة الثلاثة
…
"، وذكر مخالفة الشّافعيِّة في ذلك.
واحتجّ النَّووي في "المجموع"(1/ 412) بحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَذ لأذنيه ماءً خلاف الذي أخذ لرأسه"، وقال: حديث حسن، رواه البيهقيّ وقال: إِسناده صحيح.
بيْد أنَّ شيخنا -حفظه الله- بيّن شذوذه في: "الضعيفة"(995)، و"صحيح سنن أبي داود"(111).
(1) أخرجه الترمذي، والنسائي، وابن ماجه، والبيهقيّ، وهو صحيح بالمتابعة؛ فقد أخرجه أبو داود والحاكم، وانظر "الإرواء"(90).
(2)
حديث صحيح له طُرق كثيرة عن جماعة من الصحابة؛ منهم: أبو أمامة، وأبو هريرة، وابن عمرو، وابن عباس، وعائشة، وأبو موسى، وأنس، وسمرة بن جندب، وعبد الله ابن زيد. وانظر تفصيله في "الصحيحة"(36).
وقال النّووي رحمه الله في موطن آخر (1): "وهو حديث صحيح كما سبق بيانه قريباً؛ فهذا صريح في أنَّهما ليستا من الرّأس، إِذ لو كانتا منه؛ لما أخذ لهما ماءً جديداً كسائر أجزاء الرّأس، وهو صريح في أخذ ماء جديد، فيحتجّ به أيضاً على من قال: يمسحمها بماء الرّأس
…
".
قال شيخنا -حفظه الله-: "ولا حُجّة فيه على ما قالوا؛ إِذ غاية ما فيه مشروعيّة أخذ الماء لهما، وهذا لا ينافي جواز الاكتفاء بماء الرّأس؛ كما دلَّ عليه الحديث، فاتّفقا ولم يتعارضا.
ويؤيد ما ذكرتُ: أنَّه صحّ عنه صلى الله عليه وسلم: "أنَّه مسح برأسه من فضل ماءٍ كان في يده".
رواه أبو داود في "سننه" بسند حسن كما بيّنته في "صحيح سننه"(121)، وله شاهد من حديث ابن عباس في "المُستدرك"(1/ 147) بسند حسن أيضاً، ورواه غيره؛ فانظر:"التلخيص الحبير"(ص 33).
وهذا كلّه يُقال على فرض التّسليم بصحّة حديث عبد الله بن زيد، ولكنه غير ثابت، بل هو شاذٌّ كما ذكرت في "صحيح سنن أبي داود"(111)، وبيّنته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة"(تحت 995).
وجملة القول: فإِنَّه أسعد النَّاس بهذا الحديث من بين الأئمّة الأربعة أحمد ابن حنبل رضي الله عنهم أجمعين؛ فقد أخذ بما دلّ عليه الحديث في المسألتين، ولم يأخذ به في الواحدة دون الأخرى كما صنع غيره" (2) أهـ.
(1)"المجموع"(1/ 414).
(2)
انظر "الصحيحة" التعليق على حديث (36).