الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فاتَّقُوا الله ما اسْتَطَعْتُم} فلك الاستدلال بالحديث على العفو عن كلّ ما خرج عن الطاقة، وعلى وجوب الإِتيان لما دَخل تحت الاستطاعة من المأمور به، وأنَّه ليس مجرَّد خروج بعضه عن الاستطاعة موجب للعفو عن جميعه.
وقد استدلّ به المصنف على وجوب استعمال الماء الذي يكفي لبعض الطهارة وهو كذلك".
وفي بعض ألفاظ روايات حديث عمرو بن العاص المعروف: "فَغَسل مغابنه وتوضّأ وضوءه للصلاة، ثمَّ صلّى بهم، فذكر نحوه، ولم يذكر التيمُّم"(1).
قال أبو داود: وروى هذه القصة عن الأوزاعي، عن حسّان بن عطية، قال فيه:"فتيمّم".
قال في "المغني"(1/ 261): "إِذا كان به قرْح أو مرض مخوف وأجنب فخشي على نفسه إِن أصاب الماء غسَلَ الصحيح من جسده، وتيمّم لما لم يُصبه الماء".
الصلاة بدون وضوء أو تيمّم:
من كان محبوساً أو مصلوباً وحِيل بينه وبين التراب والماء؛ فليصلِّ كما هو.
عن عائشة رضي الله عنها: "أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت،
(1) أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(324)، والدارقطني وغيرهما وانظر "الإِرواء"(154)، وتقدم.
فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً فوجدها، فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء، فصلَّوا، فشكَوا ذلك إِلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنزل الله آية التيمُّم
…
" (1).
قال البخاري رحمه الله (باب إِذا لم يجد ماءً ولا تُراباً)(2)، وأورد حديث عائشة رضي الله عنها.
قال ابن رشيد تعليقاً على تبويب البخاري السابق: "كأنّ المصنف نزَّل فقْد شرعيَّة التيمُّم منزلة فقد التراب بعد شرعيَّة التيمُّم، فكانَّه يقول: حُكْمهم في عدم المطهّر -الذي هو الماء خاصّة- كحكمنا في عدم المطهّرَيْن: الماء والتراب، وبهذا تظهر مناسبة الحديث للترجمة؛ لأنَّ الحديث ليس فيه أنّهم فقدوا التراب، وإِنّما فيه أنّهم فقدوا الماء فقط؛ ففيه دليل على وجوب الصلاة لفاقد الطهورَين، ووجهُهُ أنّهم صلَّوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدِّثين وأكثر أصحاب مالك
…
" (3).
قال ابن حزم في "المحلّى"(2/ 188): "ومن كان محبوساً في حضر أو سفر بحيث لا يجد تراباً ولا ماء، أو كان مصلوباً وجاءت الصلاة -فليصلِّ كما هو، وصلاته تامّة ولا يعيدها- سواءٌ وُجد الماء في الوقت أو لم يجده إلَاّ
(1) أخرجه البخاري: 336، ومسلم: 367، وغيرهما، وتقدّم.
(2)
انظر "صحيح البخارى"(1/ 92).
(3)
انظر "الفتح"(1/ 440).
بعد الوقت".
برهان ذلك قول الله تعالى: {فاتَّقُوا الله ما اسْتَطَعْتُم} (1).
وقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلَاّ وسْعَها} (2)، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا أمرتكم بأمر فأْتوا منه ما استطعتم"(3)، وقوله تعالى:{وقد فَصَّل لكم ما حرَّم عليكُم إِلَاّ ما اضطررتم إِليه} (4).
فصحّ بهذه النصوص أنَّه لا يلزمنا من الشرائع إِلا ما استطعنا، وأنَّ ما لم نستطعه فساقطٌ عنّا. وصحّ أنَّ الله تعالى حرّم علينا ترك الوضوء أو التيمُّم للصلاة؛ إلَاّ أن نضطرَّ إِليه، والممنوع من الماء والتراب مضطرٌّ إِلى ما حُرّم عليه من ترْك التطهُّر بالماء أو التراب، فسقط عنّا تحريم ذلك عليه، وهو قادر على الصلاة بتوفيتها أحكامها وبالإِيمان، فبقي عليه ما قَدِر عليه، فإِذا صلّى كما ذكَرنا، فقد صلّى كما أمَره الله تعالى، ومن صلّى كما أمره الله تعالى؛ فلا شيء عليه
…
".
وجاء في "المنتقى"(1/ 237): (باب الصلاة بغير ماء ولا تراب عند الضرورة) وأورد الحديث نفسه.
(1) التغابن: 16
(2)
البقرة: 286
(3)
أخرجه البخاري: 7288، ومسلم: 1337، وغيرهما، وتقدّم.
(4)
الأنعام: 119