الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فأهويْتُ لأنزعَ خفَّيه، فقال:"دعْهُما؛ فإِنِّي أدخلتُهما طاهرتين"، فمسح عليهما" (1).
5 - محلُّ المسح
.
يمسح على ظهر الخفَّين أو النعلين أو الجوربين، ويجوز مسح أيِّ جزء تُغْسَل فيه القدم خلا أسفلها (2).
عن المغيرة بن شعبة -رضى الله عنه-: "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يمسح على الخُفَّين"، وقال:"على ظهر الخُفَّين"(3).
وعن علي رضي الله عنه قال: "لو كان الدِّين بالرَّأي لكان أسفل الخُفِّ أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خُفَّيْه"(4).
6 - مدَّة المسح، ومتى تبدأ
؟
مدّة المسح ثلاثة أيام ولياليهنَّ للمسافر، ويوم وليلة للمقيم.
عن شُريح بن هانئ؛ قال: أتيتُ عائشة أسألها عن المسح على الخفَّين؟
فقالت: عليك بابن أبي طالب؛ فسَلهُ؛ فإِنَّه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فسألناه؛ فقال: "جَعَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيَّام ولياليهنَّ للمسافر، ويوماً
(1) أخرجه البخاري: 206، ومسلم: 274 نحوه، وغيرهما، وتقدّم.
(2)
العبارة الأخيرة استفدتها من شيخنا الألباني -حفظه الله تعالى-.
(3)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(146) وغيره وانظر "الإرواء"(101).
(4)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(147)، والدارقطنيّ، والبيهقيّ، وغيرهم. وصحّح الحافظ إِسناده في "التلخيص". وانظر "الإِرواء"(103).
وليلةً للمقيم" (1).
وعن خُزيمة بن ثابت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ قال: "المسح على الخُفَّين للمسافر ثلاثة أيَّام، وللمقيم يوم وليلة"(2).
وعن صفوان بن عسَّال؛ قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرُنا إِذا كُنَّا سَفْراً أن لا ننزعَ خفافنا ثلاثة أيَّام ولياليهنَّ؛ إلَاّ من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم"(3).
قال أبو عيسى التِّرمذي: "وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم والتابعين ومَن بعدهم من الفقهاء؛ مثل: سفيان الثوري، وابن المبارك، والشافعي، وأحمد، وإِسحاق؛ قالوا: يمسح المقيم يوماً وليلة، والمسافر ثلاثة أيام ولياليهنَّ".
ويبدأ التوقيت من المسح بعد الحدث على القول الراجح.
قال شيخنا -حفظه الله تعالى-: "
…
فالأحاديث الصحيحه التي رواها جمع من الصحابة في "صحيح مسلم" والسنن الأربعة والمسانيد وغيرها؛ ففيها أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أمر بالمسح، وفي بعضها: رخَّص في المسح، وفي غيرها: جَعَل المسح للمقيم يوماً وليلة، وللمسافر ثلاثةٌ أيام ولياليهن، ومن
(1) أخرجه مسلم: 276
(2)
أخرجه أبو داود "صحيح سنن أبي داود"(142)، والترمذي "صحيح سنن الترمذي"(83)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(448)، وانظر "المسح على الجوربين"(ص 88).
(3)
أخرجه أحمد، وهو في "صحيح سنن الترمذي"(84)، و"صحيح سنن النسائي"(122)، و"الإِرواء"(104)، وتقدم.
الواضح جدّاً أنَّ الحديث كالنَّصِّ على ابتداء مدة المسح من مباشرة المسح، وهو كالنصٍّ أيضاً على ردِّ القول الأوَّل؛ لأنَّ مقتضاه -كما نصُّوا عليه في الفروع- أنَّ من صلَّى الفجر قبيل طلوع الشمس، ثمَّ أحدث عند الفجر من اليوم الثاني، فتوضّأ ومسح لأوَّل مرة لصلاة الفجر؛ فليس له المسح بعدها! فهل يصدق على مثل هذا أنَّه مسح يوماً وليلة؟!
أمَّا على القول الثاني الرَّاجح؛ فله أن يمسح إِلى قبيل الفجر من اليوم الثالث، بل لقد قالوا أغرب ممَّا ذكرنا: فلو أحدث ولم يمسح حتى مضى من بعد الحدث يوم وليلة أو ثلاثة إِن كان مسافراً؛ انقضت المدَّة، ولم يجُز المسح بعد ذلك حتّى يستأنف لبساً على طهارة، فحرموه من الانتفاع بهذه الرخصة؛ بناء على هذا الرأي المخالف للسنَّة!
ولذلك لم يسَع الإِمام النَّوويّ إلَاّ أن يخالف مذهبه -وهو الحريص على أنْ لا يخالفه ما وجد إِلى ذلك سبيلاً- لقوَّة الدَّليل، فقال -رحمه الله تعالى- بعد أن حكى القول الأوَّل ومن قال به (1/ 487)؛ قال: وقال الأوزاعي وأبو ثور: ابتداء المدَّة من حين يمسح بعد الحدث، وهو رواية عن أحمد وداود، وهو المختار الراجح دليلاً، واختاره ابن المنذر، وحكى نحوه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وحكى الماورديُّ والشاشيُّ عن الحسن البصريِّ أنَّ ابتداءها من اللبس" (1).
وقال شيخنا -حفظه الله تعالى-: " .. روى عبد الرزاق في "المصنَّف" (1/ 209/807) عن أبي عثمان النَّهدي؛ قال: "حضرتُ سعداً وابن عمر يختصمان إِلى عمر في المسح على الخفَّين، فقال عمر: يمسح عليهما إِلى
(1)"تمام النصح"(89 و90).