الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال رحمه الله: فأمَّا الأرض إذا أصابها نجاسة؛ فمن أصحاب الشافعي وأحمد من يقول: أنَّها تطهُر، وإن لم يقل بالاستحالة؛ ففي هذه المسألة مع مسألة الاستحالة ثلاثة أقوال، والصواب الطهارة في الجميع" (1).
رابعاً: هل الماء متعيّن في إِزالة النجاسة:
الماء متعيّن لإِزالة النجاسة؛ إلَاّ ما ورد فيه النصُّ؛ كالثوب يطهِّره المرور على أرض طاهرة، والنِّعال بالتراب
…
ونحو ذلك.
قال شيخنا الألباني -حفطه الله-؛ -بعد حديث "حُكِّيه بضِلْع، واغسليه بماء وسِدْر"(2) -: يُستفاد من هذه الأحاديث أحكام كثيرة، أذكر أهمَّها:
.... أنَّ النجاسات إِنَّما تُزال بالماء دون غيره من المائعات؛ لأنَّ جميع النجاسات بمثابة دم الحيض، ولا فرق بينه وبينها اتِّفاقاً، وهو مذهب الجمهور، ومذهب أبو حنيفة إِلى أنَّه يجوز تطهير النجاسة بكل مائع طاهر.
قال الشوكاني: والحقُّ أنَّ الماء أصْلٌ في التطهير؛ لوصفه بذلك كتاباً وسُنَّةً مطلقاً غير مقيَّد، لكن القول بتعيُّنه وعدم إِجزاء غيره يردُّه (3).
مسْح النعل، وفرْك المنيِّ (4) وإماطته بإِذخِرة
…
(1) انظر "الفتاوى"(21/ 478 و479).
(2)
تقدَّم في (باب إِزالة النجاسة).
(3)
"نيل الأوطار"(ص 48 و49).
(4)
ومضى الكلام حول طهارة المنيّ.
وأمثال ذلك كثير، فالإِنصاف أن يُقال: إِنَّه يطهَّر كلُّ فرد من أفراد النجاسات المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النصُّ، لكنَّه إِنْ كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء؛ فلا يجوز العدول إِلى غيره؛ للمزيَّة التي اخُتصَّ بها، وعدم مساواة غيره له فيها، وإنْ كان ذلك الفرد غير الماء؛ جاز العدول عنه إِلى الماء لذلك، وإنْ وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الإِحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهِّرات، بل مجرد الأمر بمطلق التطهير، فالاقتصار على الماء هو اللَاّزم؛ لحصول الامتثال به؛ للقَطع، وغيره مشكوك فيه، وهذه طريقة متوسِّطة بين القولين، لا محيص من سلوكها".
قال شيخنا: "وهذا هو التحقيق، فشُدَّ عليه بالنَّواجذ.
وممَّا يدلُّ على أنَّ غير الماء لا يجزئ في دم الحيض: قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الثاني: "يكفيك الماء"؛ فإِنَّ مفهومه أنَّ غير الماء لا يكفي، فتأمَّل" (1).
قال الحافظ تعليقاً على حديث عليٍّ رحمه الله: "كنتُ رجلاً مذَّاء": "واستدلَّ به ابن دقيق العيد على تعيُّن الماء فيه دون الأحجار ونحوها؛ لأنَّ ظاهره يعيِّن الغسل، والمعيَّن لا يقع الامتثال إلا به، وهذا ما صحَّحه النوويُّ في "شرح مسلم""(2).
وقال الشوكاني رحمه الله في "الدَّراري المضيَّة"(1/ 30):
(1)" الصحيحة" فقه الحديث رقم (300).
(2)
"الفتح"(1/ 379).