الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفة دم الحيض الطارئ، لا سيَّما أنَّ ربط حُكم شرعيّ بسنَة مُعيَّنة؛ قد لا يكون ربطاً بمعروف محدود.
وهناك عائلات كثيرة لا تُسجِّل في الذِّهن أو الورق سَنَة الولادة أو الوفاة، فقد لا تعلم البنت أو الأمّ كم مضى من عمُرها، فليس من المعقول أن يأتي الشرع بشيء لا يُمكن، وقد قال عليه الصلاة السلام:"إذا كان دم الحيض فإِنَّه أسود يُعرَِف (1) "(2).
وإِلى هذا ذهب الدارمي وغيره، فقد قال بعد ذكر الاختلافات:"كل هذا عندي خطأ؛ لأن المرجع في جميع ذلك إِلى الوجود (3)، فأيّ قَدْر وُجد في أيّ حال وسنّ، كان وجب جعله حيضاً، والله أعلم"(4).
لونه:
أ- السواد: لحديث فاطمة بنت حبيش رضي الله عنها أنَّها كانت تُستحاض، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إِذا كان دم الحيض؛ فإِنَّه أسود يُعرَف؛ فأمسِكي عن الصَّلاة، فإِذا كان الآخر؛ فتوضّئي إِنما هو عرْق"(5).
(1) سيأتي تخريجه بعد سطور -إِن شاء الله-.
(2)
قاله لي شيخنا -حفظه الله تعالى-.
(3)
أي: وجود الدم.
(4)
"المجموع شرح المهذّب"(2/ 274). ونقله عنه الشيخ ابن عثيمين -حفظه الله- في كتابه "الدماء الطبيعية للنساء"(ص 6).
(5)
أخرجه أبو داود: 286، "صحيح سنن أبي داود"(263)، والنسائي "صحيح سنن النسائي"(350) والطحاوي في "مشكل الآثار" والدارقطني والحاكم =
قال في "نيل الأوطار"(1/ 342): "والحديث فيه دلالة على أنَّه يعتبر التمييز بصفة الدَّم، فإِذا كان متصفاً بصفة السواد فهو حيض، وإلَاّ فهو استحاضة". وبه يقول الشافعي رحمه الله وغيره في حقِّ المبتدئة.
ب- الحُمرة.
بر- الصُّفرة: "وهو الماء الذي تراه المرأة كالصديد يعلوه اصفرار"(1).
د- الكُدرة: "وهو ما كان لونه ينحو نحو السَّواد"(2)، لحديث علقمة بن أبي علقمة عن أمِّه (3) مولاة عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: كان النِّساء يبعَثن إِلى عائشة أمّ المؤمنين بالدِّرَجَة (4) فيها الكُرسف (5)، فيه الصُّفرة من دم الحيض، يسألنها عن الصَّلاة، فتقول لهنَّ: لا تعجَلْن حتى ترَيْن القصَّة (6) البيضاء -تريد بذلك الطُّهر من الحيضة-" (7).
= والبيهقي، وحسّنه شيخنا في "الإِرواء"(204).
(1)
قاله الحافظ في "الفتح"(1/ 426).
(2)
"المعجم الوسيط".
(3)
انظر ما ذكَره شيخنا في "الإرواء"(1/ 219): حول أمّ علقمة.
(4)
الدِّرَجَة؛ بكسر الدال وفتح الراء، جمع دُرْج: وهو السَّفط الصغير تضع فيه المرأة خِفَّ متاعها وطيبها، وقيل: إِنّما هو الدُّرَجَة تأنيث دُرْج
…
"النهاية".
(5)
القطن.
(6)
هو أن تخرج القطنة أو الخرقة التي تحشي بها الحائض، كأنَّها قصَّة بيضاء لا يخالطها صُفرة. وقيل: القصة شيء كالخيط الأبيض، يخرج بعد انقطاع الدّم كله. "النهاية".
(7)
أخرجه مالك وعلّقه البخاري، وصححه شيخنا -حفظه الله- في "الإرواء"(198).
ومن طريق أخرى عن مولاة عائشة رضي الله عنها أيضاً بلفظ: "قالت: إِذا رأتِ الدَّم فلتُمسكْ عن الصَّلاة حتى تَرى الطُّهر أبيض كالفضَّة، ثمَّ تَسُلّ وتُصلّي"(1).
والكدرة والصفرة لا تكون حيضاً إلَاّ في أيام الحيض، وفي غير ذلك لا تُعدّ حيضاً؛ لحديث أمّ عطيّة "كنَّا لا نعُد الصُّفرة والكُدرة بعد الطُّهر شيئاً"(2). فإِنَّه يدلّ بطريق المفهوم أنَّهنَّ كنَّ يعدُدْن ذلك قبل الطهر حيضاً.
قال شيخنا في "تمام المنَّة في التعليق على فقه السنَّة"(ص 136): "والحديث (3) وإِن كان موقوفاً؛ فله حُكم المرفوع (4) لوجوه، أقواها أنَّه يشهد له مفهوم حديث أمّ عطيَّة المذكور في الكتاب (5) عقب هذا بلفظ: "كنَّا لا نعدُّ الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئاً"، فإنَّه يدلّ بطريق المفهوم أنَّهنَّ كنَّ يعتبرن ذلك قبل الطهر حيضاً، وهو مذهب الجمهور؛ كما قال الشوكاني.
(1) أخرجه الدارمي: (1/ 214) وإسناده حسن، وانظر "الإِرواء"(1/ 219).
(2)
أخرجه أبو داود: (307)، "صحيح سنن أبي داود"(300) والدارمي، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه"(529)، والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي وشيخنا في "الإرواء"(199)، ورواه غيرهم أيضاً، وأخرجه البخاري: 326، ولم يذكر "بعد الطهر".
(3)
أي: حديث: "كانت النساء يبعَثن إِلى عائشة بالدِّرجة فيها الكُرسف
…
".
(4)
قال في "سبُل السلام"(1/ 186): " (كُنَّا) له حُكم الرفع إِلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم؛ لأن المراد: كنا في زمانه صلى الله عليه وسلم مع عِلمه؛ فيكون تقريراً منه، وهذا رأْي البخاري وغيره من علماء الحديث؛ فيكون حُجَّة".
(5)
أي: "فقه السنة".