الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خلْف أمراء، فيؤخّرون الصلاة، قال: فضرب فَخذي ضربةً أوجعتني، وقال: سألتُ أبا ذرٍّ عن ذلك فضرَب فخِذي، وقال: سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك: فقال: "صَلُّوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتكم معهم نافلة".
قال: وقال عبد الله: ذُكر لي أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم ضرب فَخِذَ أبي ذرّ" (1).
وفي رواية لمسلم: "وقال: إِنِّي سألتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فضربَ فخِذي كما ضرَبتُ فَخِذَك
…
" (2).
قال ابن حزم: فلو كانت الفخذ عورة؛ لما مسَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أبي ذرّ أصلاً بيده المقدّسة. ولو كانت الفخذ عند أبي ذرّ عورة، لما ضرب عليها بيده، وكذلك عبد الله بن الصامت وأبي العالية. وما يستحلّ مسلم أن يضرب بيده على ذَكَر إِنسان، على الثياب، ولا على حلقة دُبُر الإِنسان على الثياب، ولا على بدن امرأة أجنبية على الثياب، البتة".
ثمَّ ذكَر ابن حزم (3) بإِسناده إِلى أنس بن مالك أنّه أتى ثابت بن قيس بن شمّاس؛ وقد حسر عن فَخِذيه
…
" (4).
حُجَّة من يرى أنَّها عورة:
واستدلّ القائلون بأنّها عورة بهذين الحديثين:
1 -
عن محمّد بن جحش قال: "مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على معمر، وفخذاه
(1) أخرجه مسلم: 648
(2)
انظره تحت رقم: 648
(3)
انظر "المحلى"(3/ 278).
(4)
انظر البخاري: 2845
مكشوفتان فقال: يا معمر غطِّ فخذيك؛ فإِنَّ الفخذين عورة" (1).
2 -
وعن جَرهَد قال: مرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ بُردة وقد انكشفت فخِذي
فقال: "غطِّ فخذك فإِنَّ الفخِذ عورة"(2).
قال شيخنا في "تمام المنّة"(159 - 160): "ومن الواضح لدى كلّ ناظرٍ في الأدلّة التي ساقَها المؤلّف؛ أنَّ أدلّة القائلين بأنَّ الفخذ ليس بعورة فعليّة من جهة، ومبيحة من جهة أخرى. وأدلة القائلين بأنّه عورة قولية من جهة، وحاظرة من جهة أخرى، ومن القواعد الأصولية التي تساعد على الترجيح بين الأدلة والاختيار قاعدتان:
الأولى: الحاظر مُقدَّم على المبيح.
والأخرى: القول مُقدَّم على الفِعل؛ لاحتمال الخصوصية وغيرها؛ مع أنَّ الفعل في بعض الأدلة المشار إِليها لا يظهر فيها أنَّه كان مقصوداً متعمّداً؛ كحديث أنس وأثر أبي بكر رضي الله عنهما أضِف إِلى ذلك أنّها وقائعُ أعيان لا عموم لها؛ بخلاف الأدلّة القولية، فهي شريعة عامّة، وعليها جَرى عمل المسلمين سلَفاً وخلفاً، بحيث لا نعلم أنّ أحداً منهم كان يمشي أو يجلس كاشفاً عن فَخِذيه؛ كما يفعل بعض الكفّار اليوم، ومن يقلّدهم من المسلمين الذ ين يلبسون البنطلون الذي يسمّونه بـ (الشورت)، وهو (التبان) في اللغة.
(1) أخرجه أحمد في المسند وغيره وإسناده ضعيف لكنّه يتقوى بغيره كما فى "المشكاة"(3114)، و"الإرواء"(1/ 297 - 298).
(2)
أخرجه أحمد في "مسنده" والحاكم في "المستدرك" وغيرهما وذكره البخاري معلقاً انظر "الفتح"(1/ 478)، وإسناده ضعيف لكنّه يتقوى بغيره أيضاً، وانظر "الإرواء"(1/ 298).
ولهذا، فلا ينبغي التردد في كون الفخذ عورة ترجيحاً للأدلة القولية، فلا جَرَم أن ذهب إِليه أكثر العلماء، وجزم به الشوكاني في "نيل الأوطار"(2/ 52 - 53) و"السيل الجرّار"(1/ 160 - 161).
نعم، يمكن القول بأنّ عورة الفخذين أخفّ من عورة السوأتين، وهو الذي مال إِليه ابن القيّم في "تهذيب السنن" كما كُنتُ نقَلْتهُ عنه في "الإِرواء"(1/ 301). وحينئذ، فمسُّ الفَخِذ الذي وقع في حديث أبي ذرّ -والظاهر أنَّه من فوق الثوب- ليس كمس السوأتين
…
". انتهى.
وعن أنس بن مالك " أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس، فركب النّبيّ صلى الله عليه وسلم وركب أبو طلحة، وأنا رديف أبي طلحة، فأجرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في زقاق خيبر، وإنّ ركبتي لتمسّ فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ حسر الإِزار عن فخِذه حتى إِني أنظر إِلى بياض فخذ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم
…
".
قال شيخنا في "الإِرواء"(1/ 300) بعد تخريج الحديث: أخرجه البخاري (1/ 105) والبيهقي (2/ 230) وأخرجه مسلم (4/ 145، 5/ 185) وأحمد (3/ 102) إِلا أنهما قالا: "وأنحسر" بدل "وحسر"، ولم يذكر النسائي في روايته (2/ 92) ذلك كلّه.
قال الزيلعي في "نصب الراية"(4/ 245) عقب رواية مسلم: "قال النووي في الخلاصة: وهذه الرواية تُبيّن رواية البخاري، وأنّ المراد: انحسر بغير اختياره لضرورة الإِجراء. انتهى".
قلت [القائل: شيخنا -حفظه الله تعالى-]: وأجاب عن ذلك الحافظ في "الدراية" بقوله (ص 434): "قلت: لكن لا فرق في نظري بين الروايتين؛ من