الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له الدين حُنفاءَ ويقيموا الصَّلاة ويُؤتوا الزكاة وذلك دين القَيِّمة} (1).
وأمَّا السُّنّة؛ فقد ثبَت عن ابن عمر عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "بُني الإِسلام على خمس: شهادةِ أن لا إِله إلَاّ الله وأنَّ محمّداً رسول الله، وإِقامِ الصَّلاة، وإيتاءِ الزكاة والحجِّ وصومِ رمضان"(2).
وأمَّا الإِجماع؛ فقد أجمعت الأمَّة على وجوب خمس صلوات في اليوم والليلة".
فضل الصلاة ومنزلتها في الإِسلام
(3)
للصلاة منزلةٌ عظيمةٌ في الإِسلام وقد ورد في ذلك آيات كثيرة والمتتبّع لآيات القرآن الكريم يرى أنَّ الله سبحانه يذكُر الصَّلاةَ ويقرِنُها بالذِّكر تارةً: {إنَّ الصَّلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذِكْر الله أكبر} (4)، {قدْ أفلحَ من تزكَّى وذكَرَ اسمَ ربِه فصلَّى} (5)، {وأقم الصَّلاة لذِكْري} (6).
وتارةً يَقرِنُها بالزكاة: {وأقيموا الصَّلاة وآتوا الزكاة} (7)، ومرّة بالصبر:
(1) البيّنة: 5
(2)
أخرجه البخاري: 8، ومسلم: 16، وغيرهما.
(3)
انظر كتابي "الصلاة وأثرها في زيادة الإِيمان وتهذيب النفس".
(4)
العنكبوت: 45
(5)
الأعلى: 14، 15
(6)
طه: 14
(7)
البقرة: 110
{واستعينوا بالصَّبر والصَّلاة} (1)، وطوراً بالنُّسك:{فَصَلِّ لرَبِّك وانْحَرْ} (2)، {قُلْ إِنَّ صلاتي ونُسُكي ومحْيَايَ ومَمَاتي لله رَبِّ العالمينَ لا شريكَ لهُ وبِذَلِكَ أُمرتُ وأنا أوَّل المُسلمِين} (3).
وأحياناً يفتَتِح بها أعمال البر ويختتمها بها، كما في سورة "المعارج" وفي أول سورة المؤمنين:{قدَ أفلح المُؤمنُون * الذينَ هُم في صلاتهم خاشعُونَ} إلى قوله: {والذين هُم على صلواتهم يُحافظونَ * أولئكَ هُمُ الوارِثونَ * الذين يرِثونَ الفردوسَ هُم فيها خالدون} (4).
وقد بَلغَ من عناية الإِسلام بالصَّلاة، أنْ أمرَ بالمحافظة عليها في الحضر والسفَر، والأمن والخوف؛ فقال تعالى:{حافظوا على الصَلَوَات والصَّلاة الوُسطى وقوموا لله قانتين * فإِنْ خفتم فَرِجالاً أو رُكبَاناً فإِذا أمنْتم فاذكروا الله كما علَّمكم ما لم تكونوا تعلمون} (5)، وقال مُبَيِّناً كيفيَّتَها في السفر والحرب والأمن: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً * وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا
(1) البقرة: 45
(2)
الكوثر: 2
(3)
الأنعام: 162، 163
(4)
المؤمنون: 1 - 11
(5)
البقرة: 238، 239
فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} (1).
وقد شدَّد النكيرَ على من يُفرِّط فيها، وهدَّد الذين يُضيّعونها. فقال جلَّ شأنه:{فَخَلفَ من بعدهِم خلْفٌ أضاعوا الصَّلاةَ واتَّبعُوا الشّهواتِ فسوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً} (2)، وقال:{فويلٌ للمُصَلّينَ * الذينَ همْ عنْ صلاتهم ساهون} (3).
ولأنَّ الصَّلاة من الأمور الكبرى التي تحتاجِ إِلى هداية خاصّة، سأَل إِبراهيمِ عليه السلام ربّه، أن يجعله هو وذريّته مقيماً لها فقال:{رَبِّ اجعلني مُقيم الصَّلاةِ ومن ذُرّيتي ربّنا وتقبَّلْ دُعاء} (4) " (5).
وقد وردَت أحاديثُ كثيرةٌ في فضل الصَّلاة وسموّ منزلتها في الدين، منها:
(1) النساء: 101 - 103
(2)
مريم: 59
(3)
الماعون: 4، 5
(4)
إِبراهيم: 40
(5)
انظر كتاب "فقه السنّة"(1/ 90 - 92) للسيد سابق -حفظه الله تعالى-.
حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: "كنتُ مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم في سفَر، فأصبحْتُ يوماً قريباً منه، ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله أخبِرني بعمل يُدخلني الجنَّة، ويباعدني من النَّار، قال: لقد سأَلتَني عن عظيم، وإنَّه ليسير على من يسَّره الله عليه: تعبدُ الله ولا تشركُ به شيئاً، وتقيمُ الصَّلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت، ثمَّ قال: ألا أدلّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنَّة (1)، والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النَّار، وصلاة الرجل في جوف الليل، قال: ثمَّ تلا: {تتجافى جُنوبُهم عن المضاجع} حتى بلغ: {يعملون} (2)، ثمَّ قال: ألا أخبرك برأس الأمر وعَموده، وذِروة سَنامه؟ (3) قلتُ: بلى يا رسول الله: قال: رأس الأمر الإِسلام وعموده الصَّلاة، وذروة سَنامه الجهاد، ثمَّ قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كلِّه؟ قلت: بلى يا نبيّ اللهَ، فأخذَ بلسانه، قال: كُفَّ عليك هذا، فقلتُ: يا نبيّ الله وإِنَّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟ فقال: ثَكِلَتْك (4) أمّك يا معاذ! وهل يكُبُّ النّاسَ في النَّار على وجوههم أو على مناخرهم إلَاّ حصائدُ ألسنتهم"(5).
(1) أي: يقي صاحبه ما يُؤذيه من الشهوات؛ والجُنّة: الوقاية. "النهاية".
(2)
السجدة: 16 - 17
(3)
الذِّروة: أعلى سَنام البعير، وذِروة كلِّ شيء أعلاه. "النهاية". السَّنام: كُتل من الشحم محدّبة على ظهر البعير والناقة، والسَّنام من كل شيء أعلاه. "الوسيط".
(4)
قال في "النهاية" -بحذف-: أي: فقَدَتْك، والثُّكْل: فقْد الولد، والموت يعم كلَّ أحد، فإِذن الدعاء عليه كلا دُعاء
…
ويجوز أن يكون من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب، ولا يُراد بها الدعاء كقوله تربت يداك ....
(5)
أخرجه الترمذي وابن ماجه وأحمد، وهو حديث صحيح بطُرُقه، خرَّجه شيخنا في "الإرواء"(413).
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أوّل ما يحايسَبُ به العبد يوم القيامة الصَّلاة، فإِن صلحت؛ صلح سائر عمله، وإِنْ فسدت؛ فسد سائر عمله"(1).
وعن أبي هريرة أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أرأيتم لو أنَّ نهراً بباب أحدِكم يغتسلُ فيه كلَّ يوم خمساً؛ ما تقولُ ذلك يُبقي من درنه؟ قالوا: لا يُبقي من درنه (2) شيئاً. قال: فذلك مثل الصلوات الخمس يمحو الله به الخطايا"(3).
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تحترقون تحترقون (4)، فإِذا صلّيتم الصُّبحَ غَسَلَتْها، ثمَّ تحترقون تحترقون، فإِذا صلّيتم الظهرَ غَسَلَتها، ثمَّ تحترقون تحترقون، فإِذا صلّيتم العصر غَسَلَتها، ثمَّ تحترقون تحترقون، فإِذا صليتم المغرب غَسَلَتها، ثمَّ تحترقون تحترقون، فإِذا صلّيتم العشاء غَسَلَتها، ثمَّ تَنامون فلا يُكتبُ عليكم حتى تَستَيْقظوا"(5).
(1) أخرجه الطبراني في "الأوسط"، وصححه شيخنا بمجموع طُرُقه في "الصحيحة"(1358).
(2)
أي: وسخه.
(3)
أخرجه البخاري: 528، ومسلم: 667
(4)
الإِحراق: الإِهلاك، وهو من إِحراق النار. "النهاية". والمراد هنا: استحقاق الهلاك لاقتراف الذنوب والآثام.
(5)
قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 234): رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" وإسناده حسن. ورواه في "الكبير" موقوفاً عليه، وهو أشبه، ورواته محتجٌّ بهم في الصحيح، وحسّنه شيخنا في "صحيح الترغيب والترهيب"(351).
وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: "كان رجلان أخَوان، فهلكَ أحدهما قبل صاحبه بأربعين ليلة، فَذُكِرَتْ فضيلة الأول منهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألم يكن الآخر مسلماً؛ قالوا: بلى، وكان لا بأس به. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وما يُدريكم ما بَلَغَتْ به صلاته؟ إِنَّما مثَل الصَّلاةِ كمثل نهرٍ عَذْبٍ غَمْرٍ، بباب أحدكم، يَقْتَحم فيه كلَّ يوم خمس مرات، فما ترَون في ذلك يُبقي من درنه؟ فإِنّكم لا تدرون ما بلَغتْ به صلاته"(1).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "كان رجلان من بَلِي من -قضاعة- أسلما مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستشهد أحدهما، وأُخِّر الآخرُ سنةً، فقال طلحة بن عبيد الله: فرأيتُ المؤخَّرَ منهما أُدخلَ الجنَّة قبل الشهيد، فتعجّبتُ لذلك، فأصبحتُ، فذكرتُ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم أو ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أليس قد صام بعده رمضانَ، وصلَّى ستةَ آلاف ركعةٍ، وكذا وكذا ركعةً، صلاةَ سنةٍ؟ " (2).
(1) قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 243): رواه مالك واللفظ له، وأحمد بإِسناد حسن، والنسائي وابن خزيمة في "صحيحه" إِلا أنَّه قال: عن عامر بن سعد ابن أبي وقاص قال: سمعتُ سعداً وناساً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: "كان رجلان أخوان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفِّي الذي هو أفضلهما، ثمَّ عُمِّر الآخرُ بعده أربعين ليلة، ثمَّ توفّي، فذُكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ألم يكن يصلي؟ " قالوا: بلى يا رسول الله، وكان لا بأس به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وماذا يُدريكم ما بلغَت به صلاته
…
" الحديث.
قال شيخنا: "وهذا اللفظ هو عند أحمد (1534) أيضاً"، وانظر "صحيح الترغيب والترهيب"(364).
(2)
قال المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 244): رواه أحمد بإِسناد حسن =