الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاستحاضة
تعريفها:
"هي أن يستمرّ بالمرأة خروج الدّم؛ بعد أيام حيضها المعتادة"(1).
أحوال المستحاضة
(2):
1 -
أن تكون مدّة الحيض معروفة لها قبل الاستحاضة، وفي هذه الحالة تُعدّ هذه المدَّة المعروفة هي مدَّة الحيض والباقي استحاضة؛ لحديث أمّ سلمة رضي الله عنها: أنَّها استّفتت النّبيّ صلى الله عليه وسلم في امرأة تُهراق الدّم؟
فقال: "لتنظر قدْر الليالي والأيام التي كانت تحيضهنّ وقدْرهنَّ من الشَّهر، فتدَع الصَّلاة، ثمَّ لتغتسل ولتستثْفر (3) ثمَّ تصلّي"(4).
قال الخطابي: هذا حُكم المرأة يكون لها من الشَّهر أيام معلومة؛ تحيضها في أيام الصِّحَّة قبل حدوث العلَّة، تمَّ تُستحاض فتهريق الدَّم، ويستمرّ بها السيلان، أمرها النّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تدَع الصَّلاة من الشهر، قدر الأيام
(1)"النهاية".
(2)
عن كتاب "فقه السنّة" للسيد سابق -حفظه الله- بحذف وتصرُّف.
(3)
هو أن تشدّ فرجها بخرقة عريضة؛ بعد أن تُحتشى قُطناً، وثوثّق طرفيها في شيء تشدّه على وسطها، فتمنع بذلك سيل الدّم، وهو مأخوذ من ثَفَر الدّابة الذي يجعل تحت ذنبها. "النهاية".
(4)
رواه مالك والخمسة إلَاّ الترمذي، وقال النووي: إسناده على شرطهما، وانظر "المشكاة"(559)، و"صحيح سنن أبي داود"(244) و"صحيح سنن النسائي"(202) و"صحيح سنن ابن ماجه"(506).
التي كانت تحيض؛ قبل أن يصيبها ما أصابها، فإِذا استوفت عدد تلك الأيام؛ اغتسلت مرّة واحدة، وحُكمها حُكم الطَّواهر (1).
جاء في "الفتاوى"(21/ 628): "وبهذا الحديث أخَذ جمهور العلماء في المستحاضة المعتادة؛ أنَّها ترجع إِلى عادتها؛ وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وأحمد".
2 -
أن يستمر بها الدَّم ولم يكن لها أيَّام معروفة؛ إِمَّا لأنَّها نسيت عادتها، أو بلَغت مستحاضة، ولا تستطيع تمييز دم الحيض، وفي هذه الحالة يكون حيضها ستة أيام أو سبعة، على غالب عادة النِّساء (2)؛ لحديث حمنة بنت جحش قالت: كنتُ أُستحاض حيضة كثيرة شديدة، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره، فوجدتُه في بيت أُختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول الله إِنّي امرأة أُستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها، قد منعَتني الصَّلاة والصَّوم؟
فقال: "أنعتُ لَكِ الكُرسُف (3) فإِنَّه يذهبُ الدَّم"، قالت: هو أكثر من ذلك.
قال: "فاتَّخذي ثوباً"، فقالت: هو أكثر من ذلك، إِنَّما أثجُّ ثجَّاً (4).
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سآمرك بأمرين أيَّهما فعلْتِ أجزأ عنك من الآخر، وإِنْ
(1) فهذه هي المعتاده التي لها عادة من أيام معروفة تعود إليها.
(2)
انظر "المغني"(1/ 346).
(3)
أي: القطن.
(4)
الثَّجّ: شدَّة السيلان.
قويتِ عليهما فأنتِ أعلم"، فقال لها: "إِنَّما هي ركضة (1) من رَكَضات الشيطان، فتحيَّضي ستَّة أيَّام أو (2) سبعة أيَّام، في عِلم الله، ثمَّ اغتسلي حتى إِذا رأيتِ أنَّك قد طهُرت واستنقأتِ؛ فصلّي ثلاثاً وعشرين ليلة، أو أربعاً وعشرين ليلة وأيَّامها وصومي، فإِنَّ ذلك يجزيك، وكذلك فافعلي كل شهر؛ كما تحيض النِّساء وكما يطهُرن، ميقات حيضهنّ وطُهرهنّ، وإِن قويتِ على أن تؤخِّري الظهر وتعجلّي العصر؛ فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر، وتؤخِّرين المغرب وتعجلين العشاء، ثمَّ تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر فافعلي، وصومي إِنْ قدرْتِ على ذلك".
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وهذا أعجب الأمرين إِليّ"(3).
(1) قال في النهاية: "أصل الرّكض: الضَّرب بالرجل والإِصابة بها؛ كما تُركض الدابة وتُصاب بالرِّجل؛ أراد الإِضرار بها والأذى، المعنى أنَّ الشيطان قد وجد بذلك طريقاً إِلى التلبيس عليها؛ في أمر دينها وطُهرها وصلاتها، حتى أنساها ذلك عادتها، وصار في التقدير؛ كأنّه ركضة بآلة من ركضاته". وذكَره الشوكاني في "نيل الأوطار"(1/ 344).
وقال الصنعاني في "سبل السلام"(1/ 183): "معناه أنَّ الشيطان قد وجد سبيلاً إِلى التلبيس عليها في أمر دينها وطُهرها وصلاتها حتى أنساها عادتها وصارت في التقدير؛ كأنها ركضة منه، ولا ينافي ما تقدّم إِنَّه عِرق يُقال له العاذل؛ لأنَّه يُحمل على أنَّ الشيطان ركضه حتى انفجر".
(2)
قال في "سبل السلام"(1/ 184): "ليست فيه كلمة (أو) شكاً من الراوي ولا للتخيير، للإِعلام بأنَّ للنساء أحد العددين، فمنهنَّ من تحيض ستّاً، ومنهنَّ من تحيض سبعاً، فترجع إِلى من هي في سنّها وأقرب إِلى مزاجها".
(3)
أخرجه أبو داود: 287 "صحيح سنن أبي داود"(267)، والترمذي "صحيح سنن =
قال الخطابي -تعليقاً على هذا الحديث-: إِنَّما هي امرأة مبتدئة لم يتقدَّم لها أيام، ولا هي مميّزة لدمها، وقد استمرَّ بها الدَّم حتى غلبَها، فردَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها إِلى العُرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النِّساء، كما حَمَل أمرها في تحيُّضها كل شهر مرّة واحدة؛ على الغالب من عادتهن، ويدلّ على هذا قوله:"كما تحيض النِّساء ويطهُرن بميقات حيضهنَّ وطُهرنَّ".
قال: وهذا أصلٌ في قياس أمر النِّساء؛ بعضهنَّ على بعض؛ في باب الحيض والحمل والبلوغ، وما أشبه هذا من أمورهنّ.
3 -
أن لا تكون لها عادة، ولكنَّها تستطيع تمييز دم الحيض عن غيره، وفي هذه الحالة تعمل بالتَّمييز، لحديث فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها أنَّها كانت تُستحاض، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم:"إِذا كان دم الحيض؛ فإِنَّه أسود يُعرف؛ فأمسكي عن الصَّلاة، فإِذا كان الآخر؛ فتوضَّئي إِنَّما هو عرْق (1) "(2).
= الترمذي" (110)، وابن ماجه "صحيح سنن ابن ماجه" (510) والطحاوي في "مشكل الآثار" والدارقطني والحاكم، وانظر "الإِرواء" (188).
(1)
تقدّم تخريجه.
(2)
قال شيخ الإِسلام رحمه الله في "الفتاوى"(21/ 630): "وفي المستحاضة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم ثلاث سنن: سنة في العادة لمن تقدّم، وسنَّة في المميزة، وهو قوله: "دم الحيض أسود يُعرَف"، وسنّة في غالب الحيض، وهو قوله: "تحيَّضي ستاً أو سبعاً ثمَّ اغتسلي، وصلّي ثلاثاً وعشرين، أو أربعاً وعشرين، كما تحيض النساء، =