الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعن جابر رضي الله عنه قال: "كُنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة أو سريَّة، فأصابنا غيم، فتحرَّينا واختلفنا في القبلة، فصلّى كلُّ رجل منّا على حدة، فجعل أحدنا يخطُّ بين يديه لنعلم أمكنتنا، فلمّا أصبحنا نظرناه؛ فإِذا نحن صلّينا على غير القبلة، فذكَرنا ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، [فلم يأمرنا بالإِعادة]، وقال: (قد أجزأت صلاتكم) "(1).
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "بَيْنا الناس بقُباء في صلاة الصبح إِذ جاءهم آتٍ فقال: إِنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أُنزلَ عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها
…
وكانت وجُوههم إِلى الشام فاستداروا إِلى الكعبة" (2).
وبهذا فعلى الإِنسان أن يبذل وُسعه في معرفة القبلة، فإِنْ تبيّن له أنَّه صلّى على غير القبلة فلا إِعادة عليه، وقد أجزأت صلاته، كما يجوز للشخص أن يحوّل أخاه إِلى جهة القبلة ويصوّبه أثناء الصلاة.
كيفيّة الصلاة
عن أبي هريرة رضي الله عنه "أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخَل رجل فصلّى، فسلَّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فردَّ وقال: ارجِع فصلِّ فإِنَّك لم تُصلِّ فرجع يُصلِّي كما صلّى، ثمَّ جاء فسلّم على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فصلّ
(1) أخرجه الدارقطني والحاكم والبيهقي وابن ماجه والطبراني وحسنه شيخنا في "الإِرواء"(1/ 323).
(2)
أخرجه البخاري: 403، ومسلم: 526
فإِنَّكَ لم تُصلِّ ثلاثاً، فقال: والذي بعثكَ بالحقِّ ما أُحسن غيره فعلِّمني فقال: إِذا قُمتَ إلى الصلاة فكبِّر ثمَّ اقرَأ ما تيسر معك من القرآن، ثمَّ اركع حتَّى تطمئنَّ راكعاً، ثمَّ ارفعْ حتَّى تعدلَ قائماً، ثمَّ اسجد حتَّى تطمئنَّ ساجداً، ثمَّ ارفع حتَّى تطمئنَّ جالساً، وافعل ذلك في صلاتك كلِّها" (1).
وهذا حديث جامع في الصلاة، وإِليك أعمال الصلاة بشكل مُجمل (2).
استقبال القبلة، ثمَّ القيام لمن يستطيع وإلا صلى قاعداَّ، فإِن لم يستطع فعلى جنب، وينوي الصلاة بقلبه دون التلفّظ بها، ويستفتح الصلاة بقوله:"الله أكبر"، ويرفع اليدين مع التكبير، ويجعلها حذو مَنكِبيه، وربما كان صلى الله عليه وسلم يرفعهما حتى يحاذي بهما فروع أُذنيه (3)، ويضع اليمنى على اليُسرى على الصدر، مع الحِرص على النظر إِلى موضع السجود، ويتخيّر من أدعية الاستفتاح ما تيسرّ له (4)، ثمَّ يستعيذ بالله تعالى ويقرأ الفاتحة ويقرأ بعد الفاتحة ما تيسّر مما سيأتي تفصيله إِنْ شاء الله ثمَّ يسكت سكتة، ئمَّ يرفع يديه ويكبّر ويركع مطمئنّاً في ركوعه، ذاكراً ما تيسّر من أذكار الركوع، ثمَّ يعتدل من الركوع حتى يستوي قائماً حتى يعود كلَ فقارٍ (5) مكانه، قائلاً:
(1) أخرجه البخاري: 757، ومسلم: 397
(2)
لخّصتها من كتاب "صفة صلاة النّبي صلى الله عليه وسلم" لشيخنا الألباني -حفظه الله تعالى-.
(3)
أي: أعاليهما، وفَرْع كل شيء أعلاه. "النهاية".
(4)
دون التزام بدعاءٍ واحد، بل تارة بهذا وتارة بهذا، وكذلك الشأن مع أدعية الركوع والسجود والتشهد ونحو ذلك.
(5)
هي العظام التي يقال: لها خرز الظهر، قاله القزاز، وقال ابن سيده: هي من =
سمع الله لمن حَمده؛ مع ما تيسّر من أذكار الاعتدال من الركوع، مطمئنّاً في ذلك ثمَّ يكبّر ويهوي ساجداً، واضعاً يديه قبل ركبتيه، ممكّناً أنفه وجبهته من الأرض، مع الحرص على أن يسجد على سبعة أعضاء: الكفين والركبتين والقدمين والجبهة والأنف، مطمئنّاً في ذلك متخيّراً الأذكار الواردة، ويرفع من السجود مكبّراً حتى تطمئنَّ مفاصله، فارشاً رجله اليسرى، قاعداً عليها ناصباً رجله اليمنى، متخيّراً الأدعية الواردة في ذلك، ثمَّ يكبرّ ويسجد السجدة الثانية، يفعل مثل ما فعَل في الأولى، ثمَّ يرفع رأسه مكبِّراً، ثمَّ يجلس جلسة الاستراحة، قاعداً على رجله اليسرى معتدلاً، ويعتمد على اليدين يعجن (1) في النهوض إِلى الركعة الثانية ويصنع في هذه الركعة مِثْل ما صنع في الأولى، بيْد أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجعلها أقصر من الأولى.
ثمَّ يجلس للتشهّد، فإِذا كانت الصلاة ركعتين كالفجر، جلَس مفترشاً كما كان يجلس بين السجدتين، ثمَّ يبسط كفه اليسرى على ركبته اليسرى، ويقبض أصابع كفّه اليمنى كلّها، ويشير بإِصبعه التي تلي الإِبهام إِلى القبلة، يحركها يدعو بها، ويدعو بالأدعية الواردة في ذلك، ثمَّ يصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفي ذلك صِيَغٌ عديدة، ثمَّ ينهض إِلى الركعة الثالثة مُكبّراً، ويفعل كما فعل في الركعة الأولى، فيجلس الاستراحة ويعجن معتمداً على يديه، وبعد أن يُتمّ الرابعة؛ يجلس للتشهد الأخير، ويفعل فيه ما كان يفعله في التشهد الأول،
= الكاهل إِلى العَجْب. "الفتح"(2/ 308)، والعَجْب: أصل الذَّنَب ومُؤخرّ كل شيء. "المحيط".
(1)
أي: يعتمد على يديه إِذا قام؛ كما يفعل الذي يعجن العجين. "النهاية".
بيْد أنَّه يقعد فيه متوركاً (1)، ثمَّ يصلّي على النّبيّ صلى الله عليه وسلم كما هو الشأن في التشهد الأول، ثمَّ يستعيذ بالله من أربع فيقول:"اللهمّ إِنِّي أعوذ بك من عذاب جهنّم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شرّ فتنة المسيح الدّجال"، ثمَّ يدعو قبل السلام بالأدعية المنوّعة الواردة في ذلك، وهو الأولى -كما سيأتي إِن شاء الله- ثمَّ يسلم عن يمينه وعن يساره بما ورَد من الصيغ في ذلك.
(1) وذلك بأن يُنحّي رجليه في التشهد الأخير، ويُلصق مقعدته بالأرض، وهو: أي التورك مِن وضْع الوَرِك عليها، والوَرِك: ما فوق الفخذ. وانظر "النهاية".