الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال رحمه الله (ص 23): "وفي الصلاة نوع ثالث؛ فإِن المرأة لو صلَّت وحدها، كانت مأمورة بالاختمار، وفي غير الصلاة يجوز لها كشف رأسها في بيتها، فأَخْذ الزينة في الصلاة لحق الله، فليس لأحد أن يطوف بالبيت عُرياناً ولو كان وحده بالليل، ولا يصلي عُرياناً ولو كان وحده، فعلم أن أخذ الزينة في الصلاة لم يكن لتحتجب عن الناس، فهذا نوع، وهذا نوع.
وحينئذ فقد يستر المصلي في الصلاة ما يجوز إِبداؤه في غير الصلاة، وقد يُبدي في الصلاة ما يستره عن الرجال. فالأول مِثل المَنكِبين، فإِنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلّي الرجل في الثوب الواحد، ليس على عاتقه منه شيء فهذا لحقّ الصلاة، ويجوز له كشف منكبيه للرجال خارج الصلاة".
وقال رحمه الله (ص 32): "والمنكبان في حقه؛ كالرأس في حقّ المرأة؛ لأنّه يصلّي في قميص أو ما يقوم مقام القميص
…
".
ما يجب على الرّجل ستره عند الصلاة:
يجب ستر القُبل والدُّبر، وجاء في بعض النصوص ما يدّل على أنّه يجب على المصلّي أن يستر من بدنه ما ليس بعورة وهو القسم الأعلى منه؛ كما في حديث بريدة رضي الله عنه:"نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يُصلّي الرجل في لحاف واحد؛ لا يتوشّح به (1) ونهى أن يُصلّي الرجل في سراويل وليس عليه رداء"(2).
قال شيخنا في "تمام المنّة"(163): "وفي الحديث دلالة على أنّه
(1) أي: يتغشّى به.
(2)
أخرجه أبو داود وغيره وإسناده حسن وانظر "تمام المنّة"(162).
يجب على المصلّي أن يستر من بدنه ما ليس بعورة، وهو القسم الأعلى منه، وذلك إِنْ وجَد كما يدلّ عليه حديث ابن عمر وغيره، وظاهر النهي يفيد بطلان الصلاة، ويؤكّد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: لا يصلّينّ أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه (وفي رواية: عاتقيه. وفي أخرى: منكبيه) منه شيء".
رواه الشيخان وأبو داود وغيرهم، وهو مخرَّج في "الإِرواء"(275) و "صحيح أبي داود"(637).
قال الشوكاني في "نيل الأوطار"(2/ 59): "وقد حمَل الجمهور هذا النهي على التنزيه، وعن أحمد: لا تصحّ صلاة من قَدِرَ على ذلك فتركَه، وعنه أيضاً: تصحّ ويأثم"".
وقد ورَد في بعض الأحاديث ما يدّل على جواز الصلاة في الثوب الواحد.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ سائلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في ثوب واحد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَولكُلِّكُمْ ثوبان"(1).
وعن محمّد بن المنكدر قال: "رأيت جابر بن عبد الله يُصلّي في ثوبٍ واحد، وقال: رأيت النّبي صلى الله عليه وسلم يصلّي في ثوب"(2).
وعنه أيضاً قال: "صلّى جابر في إِزارٍ قد عقَده من قبل قفاه وثيابه موضوعة على المِشجَب (3) قال له قائل: تُصلّي في إِزارٍ واحدٍ؟ فقال: إِنّما صنعْتُ ذلك ليراني أحمقُ مثلُك، وأيُّنا كان له ثوبان على عهد النّبيّ صلى الله عليه وسلم"؟ (4).
(1) أخرجه البخاري: 358، ومسلم: 515، وتقدّم.
(2)
أخرجه البخاري: 353
(3)
هو عيدان تُضمّ رؤوسها ويُفرَج بين قوائمها توضَع عليها الثياب وغيرها. "فتح".
(4)
أخرجه البخاري: 352
وعن عمر بن أبي سلمة "أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى في ثوبٍ واحدٍ قد خالف بين طرفيه"(1).
ولكن الصلاة في الثوب الواحد بقيد تغطية العاتقين (2).
قال البخاري رحمه الله (3): (باب إِذا صلّى في الثوب الواحد، فليجعل على عاتقيه).
وروى حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "لا يُصلي (4) أحدُكم في الثوب الواحد؛ ليس على عاتِقَيه شيء"(5).
ثمَّ روى حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: "أشهدُ أنّي سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلّى في ثوبٍ واحدٍ؛ فليخالِف بين طرفيه"(6).
(1) أخرجه البخاري: 354
(2)
العاتق: هو ما بين المنكبين إِلى أصل العُنُق.
(3)
انظر "الفتح"(1/ 471).
(4)
قال في "الفتح"(1/ 471): قوله (لا يصلي)، قال ابن الأثير: كذا هو في الصحيحين بإِثبات الياء، ووجهه أن (لا) نافية، وهو خبر بمعنى النهي. قلت [أي: الحافظ رحمه الله]: ورواه الدارقطني في "غرائب مالك" من طريق الشافعي عن مالك بلفظ: "لا يُصلِّ"، بغير ياء، ومن طريق عبد الوهاب بن عطاء عن مالك بلفظ "لا يصلِّيَنّ" بزيادة نون التأكيد.
(5)
أخرجه مسلم: 516.
(6)
انظر البخاري: 360.