الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المصطلق، وكذلك سبيه لهوازن.
وفي «الصحيحين» عن أبي سعيد قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيًّا من سبي العرب
…
الحديث.
(1)
وكذلك أبو بكر الصديق رضي الله عنه سبى من بني حنيفة، وهم من العرب.
قال أحمد رحمه الله: لا أذهب إلى قول عمر: (ليس على عربي ملك)، وقد سبى النبي صلى الله عليه وسلم من العرب.
(2)
بعض فوائد حديث بريدة:
قال النووي رحمه الله (1731): وَفِي هَذِهِ الْكَلِمَات مِنْ الْحَدِيث فَوَائِد مُجْمَع عَلَيْهَا، وَهِيَ تَحْرِيم الْغَدْر، وَتَحْرِيم الْغُلُول، وَتَحْرِيم قَتْل الصِّبْيَان إِذَا لَمْ يُقَاتِلُوا، وَكَرَاهَة الْمُثْلَة، وَاسْتِحْبَاب وَصِيَّة الْإِمَام أُمَرَاءَهُ وَجُيُوشه بِتَقْوَى الله تَعَالَى، وَالرِّفْق بِأَتْبَاعِهِمْ، وَتَعْرِيفهمْ مَا يَحْتَاجُونَ فِي غَزْوهمْ، وَمَا يَجِب عَلَيْهِمْ، وَمَا يَحِلّ لَهُمْ، وَمَا يَحْرُم عَلَيْهِمْ. وَمَا يُكْرَه وَمَا يُسْتَحَبّ. اهـ
مسألة [3]: أخذ الجزية من الكفار
.
أما أهل الكتاب: وهم اليهود، والنصارى؛ فإنها تقبل منهم بلا خلاف، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا
(1)
أخرجه البخاري برقم (2219)، ومسلم برقم (1438).
(2)
انظر: «سبل السلام» (4/ 90)«البيهقي» (9/ 74 - ).
يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة:29].
وكذلك المجوس؛ فإنها تقبل منهم الجزية عند أهل العلم؛ لحديث عبدالرحمن بن عوف في «صحيح البخاري» (3157)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أخذ الجزية من مجوس هجر.
ونُقل على ذلك الاتفاق، لكن قد خالف الحنفية، وقالوا: تؤخذ من مجوس العجم دون مجوس العرب.
وقال الحافظ رحمه الله: وحكى ابن التين عن عبدالملك أنها لا تقبل إلا من اليهود والنصارى فقط. اهـ
والصحيح أنها تؤخذ منهم لما تقدم من الدليل.
واختلف الفقهاء في المشركين عبدة الأوثان وسائر الكفار هل تقبل منهم الفدية أم لا؟
• فذهب أحمد، والشافعي إلى أنها لا تقبل منهم؛ لقوله تعالى:{فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة:5]، وقوله:{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} [التوبة:36]، وقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«أُمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله» الحديث، وخصَّ منهم أهل الكتاب بالآية المتقدمة، وكذا المجوس.
• وذهب أبو حنيفة، وأحمد في رواية إلى أنها تقبل من جميع الكفار؛ إلا عبدة الأوثان من العرب؛ لأنهم يقرون على دينهم بالاسترقاق، فيقرون ببذل الجزية كالمجوس.
• وذهب مالك، والأوزاعي، وفقهاء الشام إلى أنه تقبل الجزية من جميع الكفار إلا من ارتد. وهذا القول رجحه ابن القيم، والصنعاني، والشوكاني، واستدلوا بحديث بريدة الذي في الباب؛ فإنه عام يشمل جميع المشركين.
قال ابن القيم رحمه الله في «زاد المعاد» (5/ 91): فَأَخْذُهَا مِنْهُمْ يعني المجوس دَلِيلٌ عَلَى أَخْذِهَا مِنْ جَمِيعِ المُشْرِكِينَ، وَإِنّمَا لَمْ يَأْخُذْهَا صلى الله عليه وسلم مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ مِنْ الْعَرَبِ؛ لِأَنّهُمْ أَسْلَمُوا كُلّهُمْ قَبْلَ نُزُولِ آيَةِ الْجِزْيَةِ؛ فَإِنّهَا نَزَلَتْ بَعْدَ تَبُوكَ، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ فَرَغَ مِنْ قِتَالِ الْعَرَبِ، وَاسْتَوْثَقَتْ كُلّهَا لَهُ بِالْإِسْلَامِ، وَلِهَذَا لَمْ يَأْخُذْهَا مِنْ الْيَهُودِ الّذِينَ حَارَبُوهُ؛ لِأَنّهَا لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ بَعْدُ، فَلَمّا نَزَلَتْ أَخَذَهَا مِنْ نَصَارَى الْعَرَبِ وَمِنْ المَجُوسِ، وَلَوْ بَقِيَ حِينَئِذٍ أَحَدٌ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ بَذَلَهَا لَقَبِلَهَا مِنْهُ كَمَا قَبِلَهَا مِنْ عَبَدَةِ الصّلْبَانِ، وَالنّيرَانِ، وَلَا فَرْقَ، وَلَا تَأْثِيرَ لِتَغْلِيظِ كُفْرِ بَعْضِ الطّوَائِفِ عَلَى بَعْضٍ، ثُمّ إنّ كُفْرَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ لَيْسَ أَغْلَظَ مِنْ كُفْرِ الْمَجُوسِ، وَأَيّ فَرْقٍ بَيْنَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالنّيرَانِ، بَلْ كُفْرُ المَجُوسِ أَغْلَظُ، وَعُبّادُ الْأَوْثَانِ كَانُوا يُقِرّونَ بِتَوْحِيدِ الرّبُوبِيّةِ وَأَنّهُ لَا خَالِقَ إلّا الله، وَأَنّهُمْ إنّمَا يَعْبُدُونَ آلِهَتَهُمْ لِتَقَرّبِهِمْ إلَى الله سبحانه وتعالى، وَلَمْ يَكُونُوا يُقِرّونَ بِصَانِعَيْنِ لِلْعَالَمِ أَحَدُهُمَا: خَالِقٌ لِلْخَيْرِ. وَالآخَرُ: الشَّرُّ، كَمَا تَقُولُه المَجُوسُ، وَلَمْ يَكُونُوا يَسْتَحِلّونَ نِكَاحَ
الْأُمّهَاتِ، وَالْبَنَاتِ، وَالْأَخَوَاتِ، وَكَانُوا عَلَى بَقَايَا مِنْ دِينِ إبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ.
وَأَمّا المَجُوسُ فَلَمْ يَكُونُوا عَلَى كِتَابٍ أَصْلًا، وَلَا دَانُوا بِدِينِ أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ، لَا فِي عَقَائِدِهِمْ، وَلَا فِي شَرَائِعِهِمْ، وَالْأَثَرُ الّذِي فِيهِ أَنّهُ كَانَ لَهُمْ كِتَابٌ فَرُفِعَ وَرُفِعَتْ شَرِيعَتُهُمْ لَمّا وَقَعَ مَلِكُهُمْ عَلَى ابْنَتِهِ لَا يَصِحّ ألْبَتّةَ، وَلَوْ صَحّ لَمْ يَكُونُوا بِذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ؛ فَإِنَّ كِتَابَهُمْ رُفِعَ، وَشَرِيعَتُهُمْ بَطَلَتْ؛ فَلَمْ يَبْقَوْا عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا. اهـ
وهذا القول هو الراجح، وهو ترجيح الإمام ابن عثيمين رحمه الله.
(1)
(1)
وانظر: «الفتح» (3156)«شرح مسلم» (1731)«المغني» (13/ 31 - 32)«سبل السلام» و «السيل الجرار» .
1268 -
وَعَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرَّى بِغَيْرِهَا. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
الحكم المستفاد من الحديث
يُستحبُّ لقائد الجيش أن يوهم خروجه إلى مكانٍ وهو يقصد مكانًا آخر حتى لا يتأهب العدو فيأخذهم على غفلة، وذلك من الخداع المباح، وفي «الصحيحين» عن أبي هريرة، وجابر رضي الله عنهما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:«الحرب خدعة» .
(2)
قال الحافظ رحمه الله في «الفتح» (3029): وَأَصْل الْخَدْع إِظْهَار أَمْر وَإِضْمَار خِلَافه. وَفِيهِ التَّحْرِيض عَلَى أَخْذ الْحَذَر فِي الْحَرْب، وَالنَّدْب إِلَى خِدَاع الْكُفَّار، وَأنَّ مَنْ لَمْ يَتَيَقَّظ لِذَلِكَ لَمْ يَأْمَن أَنْ يَنْعَكِس الْأَمْر عَلَيْهِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَاتَّفَقُوا عَلَى جَوَاز خِدَاع الْكُفَّار فِي الْحَرْب كَيْفَمَا أَمْكَنَ، إِلَّا أَنْ يَكُون فِيهِ نَقْضُ عَهْد أَوْ أَمَانٍ؛ فَلَا يَجُوز، قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ: الْخِدَاع فِي الْحَرْب يَقَع بِالتَّعْرِيضِ، وَبِالْكَمِينِ، وَنَحْو ذَلِكَ. وَفِي الْحَدِيث الْإِشَارَة إِلَى اِسْتِعْمَال الرَّأْي فِي الْحَرْب، بَلْ الِاحْتِيَاج إِلَيْهِ آكَد مِنْ الشَّجَاعَة، وَكَذَا وَقَعَ الِاقْتِصَار عَلَى مَا يُشِير إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيث، وَهُوَ كَقَوْلِهِ:«الحَجّ عَرَفَة» ، قَالَ اِبْن المُنِير: مَعْنَى الْحَرْب خَدْعَة، أَيْ: الْحَرْب الْجَيِّدَة لِصَاحِبِهَا، الْكَامِلَة فِي مَقْصُودهَا، إِنَّمَا هِيَ المُخَادَعَة لَا المُوَاجَهَة؛ وَذَلِكَ لِخَطَرِ المُوَاجَهَة وَحُصُول الظَّفَر مَعَ المُخَادَعَة بِغَيْرِ خَطَر. اهـ
(1)
أخرجه البخاري (2947)، ومسلم (2769)(54).
(2)
انظر «البخاري» (3029)(3030)، ومسلم (1739)(1740).
1269 -
وَعَنْ مَعْقِلِ، أَنَّ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ رضي الله عنه قَالَ: شَهِدْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم إذَا لَمْ يُقَاتِلْ أَوَّلَ النَّهَارِ أَخَّرَ القِتَالَ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ، وَتَهُبَّ الرِّيَاحُ، وَيَنْزِلَ النَّصْرُ. رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالثَّلَاثَةُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ
(1)
، وَأَصْلُهُ فِي «البُخَارِيِّ» .
(2)
الحكم المستفاد من الحديث
فيه أنَّ القائد للجيش يتحين الأوقات المناسبة للمعركة، وأوقات النشاط، كأول النهار وآخره، وكذلك في أوقات الصلوات، فيقع فيها الدعاء بالنصر، والظفر.
(3)
(1)
صحيح. أخرجه أحمد (5/ 444 - 445)، وأبوداود (2655)، والنسائي في «الكبرى» (5/ 191)، والترمذي (1613)، وإسناده صحيح.
(2)
أخرجه البخاري برقم (3160) بلفظ: (قال: شهدت القتال مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، كان إذا لم يقاتل في أول النهار انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات).
(3)
انظر: «الفتح» [باب: (112) من كتاب الجهاد].