الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1402 -
وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه أَنَّهُ خَطَبَ فَقَالَ: إنَّ أُنَاسًا كَانُوا يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّ الْوَحْيَ قَدْ انْقَطَعَ، وَإِنَّمَا نَأْخُذُكُمْ الْآنَ بِمَا ظَهَرَ لَنَا مِنْ أَعْمَالِكُمْ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(1)
المسائل والأحكام المستفادة من الحديث
مسألة [1]: ضابط العدل
.
• جمهور العلماء على أنَّ العدل من لا يرتكب الكبيرة، ولا يصر على الصغيرة، فمن عُلِمَ منه ذلك؛ فهو عدل، وهذا هو معنى قول عمر رضي الله عنه: وإنما نأخذكم بما ظهر لنا من أعمالكم، فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيءٌ، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا؛ لم نأمنه، ولم نصدقه، وإن قال: إنَّ سريرته حسنة.
ومن شهد للإنسان بالعدالة فيقبل منه إن كان مجالسًا له، فقد ثبت عند البيهقي (10/ 125)، وغيره أنَّ عمر بن الخطاب رضي الله عنه شهد عنده رجلٌ، فقال عمر رضي الله عنه: لست أعرفك، ولا يضرك أن لا أعرفك، ائت بمن يعرفك، فقال رجل من القوم: أنا أعرفه. قال: بأي شيء تعرفه؟ قال: بالعدالة، والفضل. فقال: هو جارك الأدنى تعرف ليله ونهاره، ومدخله ومخرجه؟ قال: لا. قال: فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ قال: لا. قال: لست تعرفه. ثم قال
(1)
أخرجه البخاري برقم (2641). وفيه زيادة: (فمن أظهر لنا خيرًا أمناه وقربناه، وليس إلينا من سريرته شيء، الله يحاسبه في سريرته، ومن أظهر لنا سوءًا لم نأمنه ولم نصدقه، وإن قال إن سريرته حسنة).
للرجل: ائت بمن يعرفك. اهـ
وقد صححه الإمام الألباني رحمه الله في «الإرواء» (8/ 260)(2637).
وحديث عمر يدل على أنه ليس الأصل في المسلمين العدالة كما يقوله البعض، بل الأصل فيهم ستر الحال، حتى تتبين عدالتهم، أو فسقهم، فإذا عُلم الرجل بالخير والفضل؛ فالأصل فيه ذلك حتى يظهر منه خلاف ذلك، وإذا عُلم الرجل بالشر والفسق؛ فالأصل فيه ذلك حتى يظهر خلافه، والله أعلم.
قال شيخ الإسلام رحمه الله كما في «مجموع الفتاوى» (15/ 357): وأما قول من يقول: (الأصل في المسلمين العدالة)؛ فهو باطل، بل الأصل في بني آدم الجهل، والظلم، كما قال تعالى:{وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب:72]، ومجرد التكلم بالشهادتين لا يوجب انتقال الإنسان عن الظلم، والجهل، إلى العدل. اهـ
قلتُ: ليس مراده رحمه الله أن يحكم على المسلم بأنه ظالم حتى يظهر خلاف ذلك، وإنما مراده الرد على المقالة المذكورة، وأنه يحتاج إلى ثبوت العدالة بغير كونه مسلمًا فحسب.
وقد قرر ذلك أيضًا الإمام ابن القيم رحمه الله كما في «أعلام الموقعين» (1/ 129).
(1)
(1)
وانظر: «المغني» (14/ 150 - ).