المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الرهب من مساوئ الأخلاق - فتح العلام في دراسة أحاديث بلوغ المرام ط ٤ - جـ ١٠

[محمد بن علي بن حزام البعداني]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ الْجِهَادِ

- ‌مسألة [1]: فضيلة الجهاد

- ‌مسألة [2]: أقسام الجهاد

- ‌مسألة [3]: حكم جهاد الكفار

- ‌مسألة [4]: أحوال تعين الجهاد

- ‌مسألة [5]: شروط وجوب الجهاد

- ‌مسألة [6]: أقل ما يجب من الجهاد في العام الواحد

- ‌مسألة [1]: استئذان الوالدين في الجهاد الغير متعين

- ‌مسألة [2]: إذا كان أبواه كافرين

- ‌مسألة [1]: هل انقطعت الهجرة، أم هي باقية

- ‌مسألة [2]: أحوال الناس في الهجرة

- ‌مسألة [3]: إخلاص النية في الجهاد والهجرة

- ‌مسألة [4]: إذا غنم المسلمون، فهل ينقص الأجر

- ‌مسألة [1]: حكم الدعوة قبل القتال

- ‌مسألة [2]: استرقاق العرب

- ‌مسألة [3]: أخذ الجزية من الكفار

- ‌مسألة [1]: قتل النساء والصبيان

- ‌مسألة [2]: الاستعانة بالكفار في القتال

- ‌مسألة [1]: مشروعية المبارزة

- ‌مسألة [2]: هل يُشترط إذن الأمير

- ‌مسألة [3]: إذا خرج كافرٌ يطلب البِرازَ، هل يجوز أن يُرمَى ويُقتل

- ‌مسألة [1]: التحريق، والتخريب في أرض العدو

- ‌مسألة [1]: معنى الغُلُول، وحكمه

- ‌مسألة [2]: إعادة الغلول

- ‌مسألة [3]: تحريق متاع الغال

- ‌مسألة [1]: معنى السَّلَب

- ‌مسألة [2]: من قتل رجلا من المشركين، فهل يستحق سَلَبَه

- ‌مسألة [3]: هل يُشترط في استحقاق السلب أن يقول الإمام: من قتل قتيلاً فله سلبه

- ‌مسألة [4]: هل يُخَمَّس السَّلب

- ‌مسألة [5]: إذا اشترك اثنان أو ثلاثة في القتل؛ فلمن السَّلَب

- ‌مسألة [6]: الأشياء التي تدخل في السلب

- ‌مسألة [7]: المال الذي في مخبئه، أو عيبته، هل يدخل في السلب

- ‌مسألة [8]: هل يدخل في السلب الدابة إن لم يكن راكبًا عليها

- ‌مسألة [9]: سَلْبُ الكافرِ، وَتَرْكُهُ عاريًا

- ‌مسألة [10]: من ادَّعى قتل كافرٍ ويريد سلبه، فعليه البينة

- ‌مسألة [1]: تحريق العدو

- ‌مسألة [2]: تغريق الكفار

- ‌مسألة [3]: إذا تترس الكفار بأناس مسلمين، فهل يجوز قتالهم

- ‌مسألة [1]: القصاص في الحرم، وإقامة الحدود، ومن جنى خارج الحرم، ثم لجأ إليه

- ‌مسألة [2]: هل فُتِحت مكةُ صُلحًا، أم عنوة

- ‌مسألة [1]: أسير الكفار ما يُصنَع به

- ‌مسألة [2]: النساء والصبيان

- ‌مسألة [3]: إذا أسلم الأسير

- ‌مسألة [4]: إن سأل الأسارى من أهل الكتاب تخليتهم مقابل دفع الجزية

- ‌مسألة [5]: بيع الرقيق الكافر من الكفار

- ‌مسألة [6]: من أسر أسيرًا، فهل له قتله بنفسه

- ‌مسألة [1]: المستحق للغنيمة

- ‌مسألة [2]: ما يستحقه الراجل والفارس

- ‌مسألة [3]: هل يُسْهَم للرجل بأكثر من فرس

- ‌مسألة [4]: هل يسهم لمن قاتل على البعير سهمًا لبعيره

- ‌مسألة [5]: من مات قبل حيازة الغنائم، فهل يستحق ورثته نصيبه

- ‌مسألة [6]: إذا كان مع المسلمين نسوة، فهل يعطين من الأسهم

- ‌مسألة [7]: هل يسهم للعبد

- ‌مسألة [8]: هل يسهم للصبي، أم يرضخ له

- ‌مسألة [9]: هل يسهم للكافر إذا غزا مع المسلمين بإذن إمامهم

- ‌مسألة [10]: هل يؤخذ الرضخ من أصل الغنيمة، أم بعد التخميس

- ‌مسألة [11]: إذا قاتل العبد على فرس لسيده

- ‌مسألة [12]: إذا أخرج من الجيش سرية فغنمت

- ‌مسألة [13]: إذا سبوا لم يفرق بين الوالدة وولدها

- ‌مسألة [14]: التفريق بين الأخوين والأختين

- ‌مسألة [15]: من سُبِيَ من أطفال المشركين

- ‌مسألة [16]: إذا أسلم الحربي وله أطفال، وأموال

- ‌مسألة [17]: إذا أسلم عبد، أو أمة لحربي

- ‌مسألة [18]: إذا أخذ الكفار مال مسلم، ثم غنمه المسلمون

- ‌مسألة [19]: هل يملك الكفار أموال المسلمين بالقهر

- ‌مسألة [20]: إذا أسلم الكافر بعد أن أتلف مال المسلم

- ‌مسألة [21]: حكم فداء أسارى المسلمين إذا أمكن

- ‌مسألة [22]: من فدى الأسير المسلم من الكفار، فهل يلزم الأسير أن يعطيه ماله

- ‌مسألة [23]: أهل الحرب إذا استولوا على أهل ذمتنا، فسبوهم، ثم قُدر عليهم

- ‌مسألة [24]: معنى التنفيل وحكمه

- ‌مسألة [25]: مصرف خمس الغنيمة

- ‌مسألة [26]: سهم ذوي القربى

- ‌مسألة [27]: وهل يفضل الرجال على النساء

- ‌مسألة [28]: سهم الصَّفِي

- ‌مسألة [1]: الأكل من الغنائم أثناء المعركة

- ‌مسألة [2]: استخدام الدواب، والأسلحة المغنومة أثناء المعركة

- ‌مسألة [1]: أمان الكافر

- ‌مسألة [2]: أمان الصبي

- ‌مسألة [3]: هل يصح أمان العبد

- ‌مسألة [4]: تأمين من جاء أسيرًا من الكفار

- ‌مسألة [5]: إذا ادَّعى مسلمٌ أنه أمَّن كافرًا قبل أن يؤسر

- ‌مسألة [6]: ما حكم التأمين للكافر

- ‌مسألة [7]: من أُمِّنَ في دار الإسلام، هل تؤخذ منه جزية

- ‌مسألة [8]: إذا أُمِّنَ الكافر في دار المسلمين، ثم سافر، وبقيت له أموال بين المسلمين

- ‌مسألة [9]: إذا دخل الكافر دار الإسلام بغير أمان

- ‌مسألة [1]: إخراج اليهود، والنصارى، والمشركين من جزيرة العرب

- ‌مسألة [2]: دخولهم الحرمين

- ‌مسألة [1]: معنى الفيء ومصرفه

- ‌مسألة [2]: هل يشترط تعميم الأصناف المستحقة للخمس، وللفيء، وتعميم أفرادهم

- ‌مسألة [1]: قتل الرسول بين القومين

- ‌مسألة [1]: معنى الحديث

- ‌مسألة [2]: الغنيمة التي لا تنقل، كالأراضي والدُّور

- ‌بَابُ الْجِزْيَةِ وَالْهُدْنَةِ

- ‌مسألة [1]: ممن تؤخذ الجزية

- ‌مسألة [2]: مقدار الجزية التي تؤخذ

- ‌مسألة [3]: وقت وجوب الجزية

- ‌مسألة [4]: هل يتعين في الجزية الذهب، والفضة

- ‌مسألة [5]: الذي يتولى عقد الذمة، والهدنة

- ‌مسألة [6]: الاشتراط على أهل الذمة ضيافة من مرَّ عليهم من المسلمين

- ‌مسألة [7]: هل تفرض الجزية على الصبي، والمجنون، والمرأة

- ‌مسألة [8]: من كان يُجَن ويفيق

- ‌مسألة [9]: هل على الفقير العاجز عن التكسب جزية

- ‌مسألة [10]: هل تجب الجزية على الرهبان

- ‌مسألة [11]: هل تؤخذ الجزية على العبد

- ‌مسألة [12]: إذا أعتق العبد، هل تجب عليه الجزية

- ‌مسألة [13]: إذا أسلم الذمي أثناء الحول أو بعده، فهل عليه الجزية

- ‌مسألة [14]: إذا بذل أهل الذمة في جزيتهم خمرًا، أو خنزيرًا

- ‌مسألة [15]: أخذ نصف العشر على من دخل أرض المسلمين غير بلده لحاجة

- ‌مسألة [16]: إحداث الكنائس وإبقاؤها في أمصار المسلمين

- ‌مسألة [17]: إعادة بنائها وترميم ما فسد منها

- ‌مسألة [18]: الشروط التي يُعقد لأهل الذمة بها

- ‌مسألة [19]: نقض أهل الذمة للعهد

- ‌مسألة [20]: حماية المسلمين لأهل الذمة من أهل الحرب

- ‌مسألة [21]: إذا تحاكم أهل الذمة للحاكم المسلم

- ‌مسألة [22]: تمكينهم من شراء المصاحف

- ‌مسألة [23]: تصديرهم في المجالس، وبدؤهم بالسلام

- ‌مسألة [24]: قوله للذمي: كيف أصبحت. ونحوها

- ‌بَعْضُ المَسَائِلِ المُتَعَلِّقَةِ بِالهُدْنَةِ

- ‌مسألة [1]: هل تجوز الهدنة بمقابل مال يدفعه المسلمون للكفار

- ‌مسألة [2]: هل يشترط في عقد الهدنة أن يكون مقيدًا بزمن

- ‌مسألة [3]: إذا نقض أهل الهدنة الصلح

- ‌مسألة [4]: هل يصح أن يشترط رد من جاء منهم مسلمًا

- ‌مسألة [5]: هل يجوز اشتراط رد النساء المسلمات منهم

- ‌بَابُ السَّبَقِ وَالرَّمْيِ

- ‌مسألة [1]: الأمور التي يُشرَع فيها الاستباق

- ‌مسألة [2]: الاستباق بلا عوض

- ‌مسألة [3]: الاستباق بعوض

- ‌مسألة [4]: المسابقة على البغال والحمير بعوض

- ‌مسألة [5]: المسابقة بالسيف والرمح

- ‌مسألة [6]: الباذل للعوض

- ‌مسألة [7]: هل تجوز المغالبة في الشطرنج، والنرد، وشبههما بغير عوض

- ‌كِتَابُ الأَطْعِمَةِ

- ‌مسألة [1]: تحريم ذوات الأنياب من السِّباع

- ‌باب

- ‌مسألة [2]: حكم الضبع

- ‌مسألة [3]: حكم الثعلب

- ‌مسألة [4]: حكم الفيل

- ‌مسألة [5]: حكم الهر

- ‌مسألة [6]: حكم الدب

- ‌مسألة [7]: حكم القرد

- ‌مسألة [8]: ذو المخالب من الطيور

- ‌مسألة [1]: حكم الحُمُر الأهلية

- ‌مسألة [2]: حكم البغال

- ‌مسألة [1]: أكل الجراد

- ‌مسألة [1]: أكل الأرنب

- ‌مسألة [1]: أكل الأربعة المذكورة

- ‌مسألة [2]: سائر الحشرات

- ‌مسألة [3]: ضابط الاستخباث

- ‌مسألة [1]: حكم القنفذ

- ‌مسألة [1]: حكم الجلالة

- ‌مسألة [2]: مقدار النجس الذي يعتبر في كونها جلالة

- ‌مسألة [3]: متى يزول النهي عن أكل الجلالة

- ‌مسألة [1]: حكم حمار الوحش

- ‌مسألة [1]: حكم أكل الخيل

- ‌مسألة [1]: حكم أكل الضب

- ‌مسألة [1]: حكم الضفدع

- ‌مسألة [2]: الحيوانات البحرية

- ‌مسألة [3]: هل يُباح ما مات من هذه الحيوانات

- ‌فَصْل فِي ذِكْرِ بَعْضِ المَسَائِلِ المُلْحَقَةِ

- ‌مسألة [1]: ما يُباح أكله وما لا يباح من الأعيان غير الحيوانات

- ‌مسألة [2]: ما كان من الثمار، والزورع مَسْقِيًّا بالنجاسة

- ‌مسألة [3]: الجبن المصنع بإنفحة البهائم

- ‌مسألة [4]: الأكل من الميتة عند الاضطرار

- ‌مسألة [5]: هل له أن يأكل حتى يشبع

- ‌مسألة [6]: الأكل من بستان الغير

- ‌مسألة [7]: الشرب من لبن ماشية الغير

- ‌مسألة [8]: إذا وجد ميتة وطعامًا للغير

- ‌مسألة [9]: إذا اضطر إلى طعام الغير وليس له مال، فهل يلزم صاحب الطعام أن يعطيه بلا عوض

- ‌مسألة [10]: إذا وجد المضطر آدميًّا ميتًا

- ‌مسألة [11]: حكم الضيافة

- ‌بَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ

- ‌مسألة [1]: شروط إباحة الحيوان بالصيد

- ‌مسألة [2]: هل يُشترط في الصقر والبازي أن لا يأكل من الصيد

- ‌مسألة [3]: إذا شرب الكلب دم الصيد، ولم يأكل منه

- ‌مسألة [4]: إذا سمَّى عند انفلاته، وزجره فزاد الكلب في عدوه

- ‌مسألة [5]: كيفية التسمية

- ‌مسألة [6]: جوارح الطير، والسباع غير الكلب

- ‌مسألة [7]: هل يباح صيد الكلب الأسود البهيم

- ‌مسألة [8]: إن أدرك الصيد وفيه حياة مستقرة

- ‌مسألة [9]: إذا لم يجد ما يذبحه به، وفيه حياة مستقرة

- ‌مسألة [10]: إذا وجد مع كلبه كلبًا آخر عند الصيد

- ‌مسألة [11]: إذا أرسل مجوسيٌّ كلبه مع كلب المسلم، فأصاباه جميعًا

- ‌مسألة [12]: إذا صاد المجوسي بكلب المسلم، وصاد المسلم بكلب المجوسي

- ‌مسألة [13]: إذا أرسل الصائد السهم، أو الجارحة على صيدٍ، فأصاب صيدًا غيرَه، أو آخرَ معه

- ‌مسألة [14]: إن أرسل سهمه، أو الجارح، ولا يرى صيدًا

- ‌مسألة [15]: من رمى شيئًا يظنه حجرًا، أو عدوًّا، أو خنزيرًا، فبان صيدًا

- ‌مسألة [16]: إذا غاب الصيد عن عينه، ثم أدركه ومعه سهمه، أو كلبه

- ‌مسألة [17]: إذا رمى الصيد فوقع في ماء، أو تردى من جبل

- ‌مسألة [18]: إذا رمى طيرًا في الهواء، فسقط على الأرض، فمات، فهل يحل

- ‌مسألة [19]: إذا رمى صيدًا، فقطع منه عضوًا، أو أكثر

- ‌مسألة [20]: صيد المعراض

- ‌مسألة [21]: إذا نصب أحبولة فيها حجر، أو شبكة، أو حديد

- ‌مسألة [22]: الأمور التي يملك بها الصيد

- ‌مسألة [23]: هل يغسل موضع فم الكلب من الصيد

- ‌مسألة [24]: إذا رمى شخصٌ الصيد، فأثبته، ثم رماه آخر فقتله

- ‌مسألة [1]: إذا أُهدِي لشخص لحم صيد، أو ذبيحة، ولا يدري أذُكِر اسم الله عليه، أم لا

- ‌مسألة [1]: معنى الخذف، وحكم الصيد بالحجارة، والبندقة

- ‌مسألة [2]: الصيد بالحجارة، والطين

- ‌مسألة [1]: حكم صبر البهائم واتخاذها غرضًا

- ‌مسألة [1]: الحيوان المقدور عليه لا يحل إلا بالتذكية

- ‌مسألة [2]: شروط الذابح

- ‌مسألة [3]: وهل يُباح صيد المجوسي للسمك، والجراد

- ‌مسألة [4]: ذبيحة الكتابي

- ‌مسألة [5]: ذبيحة المجنون، والسكران، والصبي الذي لا يميز

- ‌مسألة [6]: ذبيحة المرأة، والصبي المميز

- ‌مسألة [7]: ذبيحة الجنب، والحائض

- ‌مسألة [8]: ذبيحة الأقلف، وهو من لم يُختن

- ‌مسألة [9]: ذبيحة السارق، والغاصب

- ‌مسألة [10]: الآلة التي يحصل بها الذبح

- ‌مسألة [11]: لو ذبح بسكين مغصوب، أو مسروق

- ‌مسألة [12]: محل التذكية

- ‌مسألة [13]: إذا توحش الحيوان الإنسي، فلم يقدر على ذبحه، أو تردى في محل عجز عن ذبحه، وعقره في محل الذكاة

- ‌مسألة [14]: ما يُشترط قطعه لحصول الذكاة

- ‌مسألة [15]: إذا تمادى في الذبح حتى يبلغ النخاع

- ‌مسألة [16]: إذا ذبحت الذبيحة من القفا

- ‌مسألة [17]: لو أبان إنسان رأس البهيمة بالسيف قاصدًا تذكيتها

- ‌مسألة [18]: قطع عضو من الشاة قبل أن تبرد بعد الذبح

- ‌مسألة [19]: إذا ذبح الذبيحة فقطع أوداجها، فلم تخرج الروح حتى وقعت في الماء، أو تردت

- ‌مسألة [20]: إذا أدرك ذكاة المنخنقة، والموقوذة، والمتردية، والنطيحة، وما أكل السبع

- ‌مسألة [21]: ذبح ما ينحر، ونحر ما يذبح

- ‌مسألة [22]: سلخ الحيوان قبل أن يبرد

- ‌مسألة [23]: الذبح بسكين حاد

- ‌مسألة [24]: توجيه الذبيحة عند ذبحها إلى القبلة

- ‌مسألة [25]: حكم الجنين الذي في بطن الذبيحة

- ‌مسألة [26]: حكم التسمية على الذبيحة

- ‌مسألة [27]: وقت التسمية على الذبيحة

- ‌مسألة [28]: ذبيحة الكتابي بغير تسميةٍ لله

- ‌مسألة [29]: ضابط الكتابي الذي تؤكل ذبيحته

- ‌بَابُ الأَضَاحِي

- ‌مسألة [1]: حكم الأضحية

- ‌مسألة [2]: الإمساك عن الشعر، والأظفار لمن أراد التضحية بعد دخول ذي الحجة

- ‌مسألة [3]: استحسان الأضحية، واستسمانها

- ‌مسألة [4]: وقت الأضحية

- ‌مسألة [5]: آخر وقت للأضحية

- ‌مسألة [6]: حكم الذبح ليلاً

- ‌مسألة [7]: إذا ذهب وقت الأضحية

- ‌مسألة [8]: التكبير مع التسمية

- ‌مسألة [9]: قول المضحِّي: اللهم منك ولك، تقبل مني

- ‌مسألة [10]: كيفية حال البهيمة عند ذبحها

- ‌مسألة [11]: هل تتعين الأضحية

- ‌مسألة [12]: فائدة الخلاف السابق

- ‌مسألة [1]: العيوب الأربعة المذكورة في الحديث

- ‌مسألة [2]: التضحية بأعضب القرن

- ‌مسألة [3]: التضحية بالعمياء

- ‌مسألة [4]: التضحية بمقطوعة الأذن

- ‌مسألة [5]: المقابلة، والمدابرة، والخرقاء، والشرقاء

- ‌مسألة [6]: مقطوعة الألية

- ‌مسألة [7]: البتراء

- ‌مسألة [8]: الخَصِيُّ والْمَوْجُوء

- ‌مسألة [9]: التي سقطت بعض أسنانها

- ‌مسألة [1]: نوع الحيوان الذي يضَحَّى به

- ‌مسألة [2]: ما هو الأفضل في الأضحية

- ‌مسألة [3]: أسنان الأضاحي المجزئة

- ‌مسألة [4]: معنى الجذعة، والمسنة

- ‌مسألة [1]: حكم إعطاء الجزار من الأضحية مقابل الجزارة

- ‌مسألة [2]: حكم بيع شيء منها

- ‌مسألة [3]: الأكل من الأضحية والتصدق

- ‌مسألة [4]: هل يأكل من الأضحية المنذورة

- ‌مسألة [5]: الادخار من لحوم الأضاحي فوق ثلاث

- ‌مسألة [1]: أقلُّ ما يجزئ من الأضاحي

- ‌مسألة [2]: إن كان بعض المشتركين يريد اللحم، فهل تجزئ عن الباقين

- ‌مسألة [3]: لو ضحى عن غيره بغير إذنه

- ‌مسألة [4]: الذبح بنفسه، والتوكيل

- ‌مسألة [5]: هل يجب على الوكيل أن يذكر عند ذبحه عمن الأضحية

- ‌مسألة [6]: هل للعبد أن يضحي

- ‌مسألة [7]: التضحية عن اليتيم من ماله

- ‌مسألة [8]: أيهما أفضل: التضحية، أم الصدقة بثمنها

- ‌بَابُ العَقِيقَةِ

- ‌مسألة [1]: حكم العقيقة

- ‌مسألة [2]: هل يُكره التسمية بالعقيقة

- ‌مسألة [3]: معنى قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «مُرْتَهَنٌ بِعَقِيقَتِهِ»

- ‌مسألة [4]: العدد الذي يذبح في العقيقة

- ‌مسألة [5]: الوقت الذي يستحب فيه الذبح للعقيقة

- ‌مسألة [6]: من لم يعق عنه حتى كَبُرَ

- ‌مسألة [7]: إذا مات الطفل قبل اليوم السابع

- ‌مسألة [8]: هل تجزئ العقيقة بغير الغنم

- ‌مسألة [9]: شروط العقيقة

- ‌مسألة [10]: تلطيخ رأس الطفل من دم العقيقة

- ‌مسألة [11]: حلق شعر المولود يوم سابعه

- ‌فَصْلٌ فِي ذِكْرِ بَعْضِ المَسَائِلِ المُلْحَقَة

- ‌مسألة [1]: القَزَع

- ‌مسألة [2]: التصدق بزنة الشعر وَرِقًا

- ‌مسألة [3]: تسمية المولود

- ‌مسألة [4]: ختان المولود

- ‌مسألة [5]: حكم الختان

- ‌مسألة [6]: وقت الختان

- ‌كِتَابُ الأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ

- ‌ بِأَبِ

- ‌مسألة [1]: حكم اليمين

- ‌مسألة [2]: الحلف على فعل طاعة، أو ترك معصية

- ‌مسألة [3]: الحلف على الحقوق عند الحاكم

- ‌مسألة [4]: الذي تصح منه اليمين

- ‌مسألة [5]: الحلف بغير الله، وصفاته

- ‌مسألة [6]: اليمين المنعقدة

- ‌مسألة [7]: قول الحالف: وحقِّ الله

- ‌مسألة [8]: قول الحالف: لعمر الله

- ‌مسألة [9]: قوله: لعمرك. و لعمري، وما أشبهه

- ‌مسألة [10]: حروف القسم

- ‌مسألة [11]: إذا قال: يمين الله، وأيم الله

- ‌مسألة [12]: الحلف بالقرآن، أو بآية منه

- ‌مسألة [13]: قوله: أقسم بالله. أحلف بالله. آليت بالله. أعزم بالله. أشهد بالله

- ‌مسألة [14]: إن قال: أقسمت. أو آليت. أو حلفت. أو شهدت لأفعلَنَّ كذا

- ‌مسألة [15]: قول الحالف: عهد الله. ميثاق الله

- ‌مسألة [16]: الحلف بالخروج من الإسلام

- ‌مسألة [17]: إن حرَّم على نفسه ما أحلَّ الله له، فهل هو يمين مكفرة

- ‌مسألة [18]: الحلف بالنذر

- ‌مسألة [19]: الحلف بالطلاق، والعتاق

- ‌مسألة [20]: الحلف بالأمانة

- ‌مسألة [21]: هل تنعقد اليمين إذا حلف بمخلوق

- ‌مسألة [1]: التأويل في اليمين

- ‌مسألة [2]: هل العبرة بنية الحالف، أم بلفظه

- ‌مسألة [1]: الكفارة قبل الحِنْث، أم بعده

- ‌مسألة [2]: أيهما أفضل في الكفارة قبل الحنث أم بعده

- ‌مسألة [1]: الاستثناء في اليمين

- ‌مسألة [2]: هل يشترط أن يتلفظ بالاستثناء

- ‌مسألة [3]: هل يشترط أن يقصد الاستثناء

- ‌مسألة [4]: هل يشترط أن يقصد الاستثناء من ابتداء اليمين

- ‌مسألة [5]: الاستثناء في الحلف بالطلاق والعتاق

- ‌مسألة [6]: شروط وجوب الكفارة

- ‌مسألة [7]: إذا فعل ما حلف على تركه ناسيًا

- ‌مسألة [8]: إن فعل المحلوف عليه جاهلاً به

- ‌مسألة [1]: هل في اليمين الغموس كفارة

- ‌مسألة [2]: الحلف بالطلاق، أو العتاق، والنذر، والخروج من الإسلام كاذبًا

- ‌مسألة [1]: لغو اليمين

- ‌مسألة [2]: الحلف على المستحيل

- ‌مسألة [3]: إذا حلف شخص ليفعلن فلانٌ كذا، فأحنثه ولم يفعل

- ‌مسألة [4]: إذا قال: سألتك بالله لتفعلن كذا

- ‌مسألة [5]: حكم إبرار القسم

- ‌فَصْل فِي مَسَائِلَ تَتَعَلّقُ بِكَفَّارَةِ الْيَمِيْنِ

- ‌مسألة [1]: هل تقتضي اليمين الإيجاب والتحريم

- ‌مسألة [2]: كفارة اليمين

- ‌مسألة [3]: أوصاف المساكين المستحقين

- ‌مسألة [4]: مقدار ما يخرجه الحالف في كفارة اليمين من الطعام

- ‌مسألة [5]: هل يجزئ إخراج القيمة في كفارة اليمين

- ‌مسألة [6]: هل يُشترط في المساكين أن يكون عددهم عشرة

- ‌مسألة [7]: من عجز عن العشرة المساكين

- ‌مسألة [8]: إن فرق بين العشرة

- ‌مسألة [9]: إذا دفعها إلى من يظنه فقيرًا، فبان غنيًّا

- ‌مسألة [10]: مقدار ما يكسى كل مسكين

- ‌مسألة [11]: هل يجوز إعتاق الطفل في الرقبة

- ‌مسألة [12]: إعتاق الجنين

- ‌مسألة [13]: هل يجزئ عتق المكاتب

- ‌مسألة [14]: هل يجزئ المدبر

- ‌مسألة [15]: ما هي العيوب التي لا يجزئ معها عتق الرقبة

- ‌مسألة [16]: هل يُشترط التتابع في صوم الثلاثة الأيام

- ‌مسألة [17]: ضابط من يجب عليه الإطعام، ومن يجوز له الانتقال إلى الصوم

- ‌مسألة [18]: إن ملك ما يكفر به، وعليه دين يستغرقه

- ‌مسألة [19]: إن كان له مال غائب، أو دين يرجو وفاءه

- ‌مسألة [20]: من له دار، أو دابة، أو خادم لا غنى له عنها

- ‌مسألة [21]: هل يجزئه أن يطعم خمسة، ويكسو خمسة

- ‌مسألة [22]: إذا أعتق نصفي عبدين

- ‌مسألة [23]: إن أعتق نصف رقبة، وأطعم خمسة مساكين

- ‌مسألة [24]: من دخل في الصوم ثم وجد مالاً

- ‌مسألة [25]: إذا أحب الانتقال إلى الأعلى بعد شروعه بالأدنى

- ‌مسألة [26]: إذا وجبت الكفارة على موسر، فأعسر

- ‌مسألة [27]: إذا كفر الرجل عن الرجل بالعتق فلمن الولاء

- ‌مسألة [28]: هل الكفارات على الفور، أم على التراخي

- ‌مسألة [29]: إذا كرر الحالف اليمين، فكم عليه كفارات

- ‌مسألة [30]: إن حلف يمينًا واحدة على أجناس مختلفة

- ‌مسألة [31]: إن حلف أيمانًا على أجناس

- ‌مسألة [32]: إذا حلف الكافر في حال كفره، ثم حنث بعد إسلامه

- ‌مسألة [1]: معنى النذر

- ‌مسألة [2]: حكم النذر

- ‌مسألة [3]: أقسام النذر

- ‌مسألة [4]: من نذر أن يتصدق بماله كله

- ‌مسألة [5]: من نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لحج أو عمرة

- ‌مسألة [6]: وهل عليه حج أو عمرة إذا أطلق النذر بالمشي

- ‌مسألة [7]: من قال: لله عليَّ أن أصوم يوم يقدم فلان

- ‌مسألة [8]: إذا نذر الذهاب إلى مسجد النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، أو المسجد الأقصى

- ‌مسألة [9]: من مات وعليه نذر

- ‌مسألة [10]: من نذر نذرًا في الجاهلية طاعة لله، فهل يلزمه الوفاء بعد إسلامه

- ‌كِتَابُ الْقَضَاءِ

- ‌مسألة [1]: حكم تولي القضاء

- ‌باب

- ‌مسألة [2]: أحوال الناس في القضاء

- ‌مسألة [3]: أخذ الأجرة على القضاء، وأخذ الرزق

- ‌مسألة [4]: شروط القاضي

- ‌مسألة [1]: هل يأثم الحاكم بخطئه

- ‌مسألة [1]: هل للقاضي أن يحكم وهو غضبان

- ‌مسألة [2]: هل ينفذ القضاء إذا قضى في غضبه

- ‌مسألة [1]: هل يجب على الحاكم أن يسمع من الخصمين

- ‌مسألة [2]: القضاء على الغائب إذا قامت بينة

- ‌مسألة [1]: قضاء الحاكم لا يغير الشيء عن صفته

- ‌مسألة [2]: هل للحاكم أن يحكم بعلمه

- ‌مسألة [3]: إذا شهد عند الحاكم من لا يعرفه

- ‌مسألة [4]: كم هو المعتبر في تزكية الشهود

- ‌مسألة [5]: إذا قال: لا أعلم عنه إلا خيرًا

- ‌مسألة [6]: الجرح والتعديل من النساء

- ‌مسألة [7]: هل يقبل الجرح من الخصم

- ‌مسألة [1]: حكم الرشوة

- ‌مسألة [2]: حكم قبول الهدية

- ‌مسألة [1]: التسوية بين الخصمين في المقعد، والخطاب

- ‌مسألة [2]: هل يجوز للحاكم أن ينقض حكم حاكم قبله

- ‌بَابُ الشَّهَادَاتِ

- ‌مسألة [1]: حكم تحمل الشهادة وأدائها

- ‌مسألة [2]: أخذ مال مقابل الشهادة

- ‌مسألة [1]: شروط الشاهد

- ‌مسألة [2]: شهادة أهل الذمة في الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم

- ‌مسألة [3]: هل تقبل شهادة الكفار بعضهم على بعض

- ‌مسألة [4]: شهادة العبد

- ‌مسألة [5]: شهادة البدوي على صاحب القرية

- ‌مسألة [6]: شهادة الخصم فيما يخاصم فيه

- ‌مسألة [7]: شهادة الرجل على آخر بينهما عداوة

- ‌مسألة [8]: هل تجوز شهادة الأعمى

- ‌مسألة [9]: هل تجوز شهادة الأخرس

- ‌مسألة [10]: شهادة الوالد لولده، والعكس

- ‌مسألة [11]: شهادة أحد الوالدين على ولده، والعكس

- ‌مسألة [12]: شهادة السيد لعبده، والعكس

- ‌مسألة [13]: شهادة أحد الزوجين لصاحبه

- ‌مسألة [14]: شهادة الأخ لأخيه

- ‌مسألة [15]: شهادة من يجر لنفسه نفعًا

- ‌مسألة [1]: ضابط العدل

- ‌مسألة [1]: حكم شهادة الزور

- ‌مسألة [1]: الشهادة تكون بعلم لا بظن

- ‌مسألة [2]: هل يشترط أن يعرف الشاهد عين المشهود عليه، واسمه، ونسبه

- ‌مسألة [3]: الشهادة على الأمور المستفيضة المشتهرة

- ‌مسألة [1]: عدد الشهود الذي يقضى به

- ‌مسألة [2]: هل يُقبل في هذين القسمين شاهد ويمين

- ‌مسألة [3]: وهل يقبل في هذا القسم الشاهد، ويمين المدعي

- ‌مسألة [4]: هل تقبل شهادة امرأتين مع يمين المدعي

- ‌مسألة [5]: ما لا يطلع عليه الرجال، كم عدد يُشترط فيه من النساء

- ‌مسألة [1]: هل تُقبل شهادة القاذف إذا تاب

- ‌مسألة [2]: هل ترد رواية القاذف

- ‌مسألة [3]: هل يشترط في توبة القاذف أن يكذب نفسه

- ‌مسألة [4]: من شهد شهادة في حال فسقه، فردت، ثم شهد بها، وقد تاب، وصار عدلاً

- ‌مسألة [5]: فإن لم يؤد الشهادة حتى صار عدلاً

- ‌مسألة [6]: لو شهد وهو عدل، فلم يحكم بشهادته حتى طرأ عليه الفسق، أو الكفر

- ‌مسألة [7]: فإن طرأ عليهما الجنون، أو الموت

- ‌مسألة [8]: حكم الشهادة على الشهادة

- ‌مسألة [9]: فِيْمَ تُقبل الشهادة على الشهادة

- ‌مسألة [10]: شروط الشهادة على الشهادة

- ‌مسألة [11]: ضابط الغَيبَة التي تجيز شهادة الفرع

- ‌مسألة [12]: هل تجوز الشهادة على من سُمِع منه الإقرار بشيء، والشاهدان مستخفيان

- ‌مسألة [13]: من كان له بينة لا يعلمها، أو غائبة عنه، فحلف المدَّعَى عليه، ثم تمكن من البينة

- ‌مسألة [14]: اليمين التي يحلف بها

- ‌مسألة [15]: هل يُقطع بالنفي في يمينه، أو يحلف على نفي علمه

- ‌مسألة [16]: الرجوع عن الشهادات

- ‌مسألة [17]: إذا حكم الحاكم بشهادة فرع، ثم حصل الرجوع

- ‌مسألة [18]: إذا حكم الحاكم بشاهدٍ ويمين، فرجع الشاهد

- ‌مسألة [19]: إذا قطع الحاكم يد سارق بشهادة اثنين، ثم تبين أنهما كافران، أو فاسقان

- ‌مسألة [20]: لو جلد الإمام إنسانًا بشهادة شهود، فبان بعد ذلك فسقهم

- ‌مسألة [21]: من ادَّعى دعوى وقال: لا بينة لي. ثم أتى بعد ذلك ببينة

- ‌مسألة [22]: إذا أنكر العدل أن تكون عنده شهادة، ثم شهد بها، وادَّعى أنه نسي

- ‌مسألة [23]: اختلاف الشهداء

- ‌بَابُ الدَّعْوَى وَالبَيِّنَاتِ

- ‌مسألة [1]: البينة على المدَّعِي، واليمين على من أنكر

- ‌مسألة [2]: هل يستحلف في النكاح

- ‌مسألة [3]: الاستحلاف في حقوق الله

- ‌مسألة [4]: إذا ادَّعَت المرأة النكاح على الرجل

- ‌مسألة [1]: إذا ادَّعى كل واحد من المتخاصمين عينًا ليست في يده، وجاء كل واحد ببينة

- ‌مسألة [1]: تغليظ اليمين

- ‌مسألة [1]: من ادَّعى عينًا في يد غيره، فأنكر الآخر، ولكل واحد منهما بينة

- ‌مسألة [2]: وإذا قدمنا بينة المدَّعَى عليه، فهل يحلف

- ‌مسألة [3]: إذا كانت البينة مع المدعي فقط

- ‌مسألة [4]: وإذا كانت البينة مع المنكر فقط

- ‌مسألة [5]: إذا تنازع رجلان في عين في أيديهما

- ‌مسألة [6]: وهل يحلف كل واحد منهما على النصف المحكوم له به

- ‌مسألة [7]: هل ترجح إحدى البينتين بكثرة العدد، أو اشتهار العدالة

- ‌مسألة [8]: إذا كان الخصمان في أيديهما دار، فادَّعى أحدهما نصفها، وادَّعَى الآخر كلها ولا بينة لأحدهما

- ‌مسألة [1]: إذا نكل المنكِر عن اليمين، فهل تحول اليمين على المدعي، أم يستحق بغير يمين

- ‌كِتَابُ الْعِتْقِ

- ‌مسألة [1]: فضيلة العتق

- ‌مسألة [2]: هل تكفي النية في العتق، أم لابدَّ من القول

- ‌مسألة [3]: هل يصح العتق من الكافر

- ‌مسألة [4]: هل يُشترط أن يكون العتق من المالك

- ‌مسألة [5]: هل يُشترط أن يكون العتق من جائز التصرف

- ‌مسألة [1]: الشركاء في العبد إذا أعتقوا جميعًا

- ‌مسألة [2]: إذا أعتق أحدهم نصيبه وهو موسر

- ‌مسألة [3]: إذا أعتقه الشريكان الآخران بعد عتق الأول الموسر

- ‌مسألة [4]: إذا أعتق الشريكُ وهو معسر

- ‌مسألة [5]: إذا أعتقَ شخصٌ بعض عبده

- ‌مسألة [6]: إذا أعتق جزءًا معينًا من جسده، كرأسه ورجله

- ‌مسألة [1]: من مَلِكَ عبدًا، أو أمةً وهو ذو رحم محرم

- ‌مسألة [1]: من ملك محرمًا من الرضاعة

- ‌مسألة [2]: من ملك نصيبًا من ذي رحم محرم

- ‌مسألة [1]: إذا أعتق عبيده في مرضِ موته، أو دَبَّرَهم، أو أوصى بعتقهم

- ‌مسألة [1]: استثناء منفعة من المعتَق

- ‌مسألة [1]: الولاء لمن أعتق

- ‌مسألة [2]: إن أعتق حربيٌّ حربيًّا فهل يثبت له الولاء

- ‌مسألة [3]: إن سُبي الْمُعتَق الكافرَ الذي أعتقه كافرٌ، ثم اشتراه رجل من المسلمين، فأعتقه، فهل الولاء للأول، أم للثاني

- ‌مسألة [4]: بيع الولاء وهبته

- ‌مسألة [5]: إذا أعتق السيدُ عبدَه سائبة، بمعنى: لا يريد ولاءه

- ‌مسألة [6]: من ملك ذا رحم محرم

- ‌مسألة [7]: هل للسيد على المكاتب ولاء

- ‌مسألة [8]: إذا أعتق إنسانٌ عبدَه عن غيره

- ‌مسألة [9]: إذا مات المعتِق، فهل ينتقل الولاء لورثته

- ‌مسألة [10]: إذا ماتت المعتقة، ثم مات ابنها، ثم مات مولاها

- ‌مسألة [11]: أولاد المعتَق، أو المعتَقَة يجري عليهم الولاء

- ‌مسألة [12]: إذا انجر الولاء إلى موالي الأب، ثم انقرضوا

- ‌مسألة [13]: شروط انجرار الولاء

- ‌مسألة [14]: أولاد الأمة

- ‌مسألة [15]: إن كان أحد الأبوين حرَّ الأصل، والآخر حرًّا بالتحرير

- ‌بَابُ المُدَبَّر وَالمُكَاتَبِ وَأُمِّ الوَلَدِ

- ‌مسألة [1]: هل يخرج المدَبَّر من المال كاملاً، أم من الثلث

- ‌مسألة [2]: إذا اجتمع العتق في المرض مع التدبير

- ‌مسألة [3]: بيع المدبر

- ‌مسألة [4]: إذا اشتراه بعد بيعه، هل يرجع في التدبير

- ‌مسألة [5]: ولد المدبرة

- ‌مسألة [6]: هل له وطءُ مدبَّرته

- ‌مسألة [7]: هل يصح التدبير من الصبي المميز

- ‌مسألة [8]: مكاتبة المدبر

- ‌مسألة [1]: حكم الكِتابة

- ‌مسألة [2]: معنى قوله تعالى: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}

- ‌مسألة [3]: مكاتبة من لا كسب له

- ‌مسألة [4]: الكتابة الحالة والمؤجلة

- ‌مسألة [5]: إذا عجز المكَاتَب عن أداء جميع المال

- ‌مسألة [6]: ضابط المال الذي يُكاتب عليه

- ‌مسألة [7]: إعطاء المكاتَب بعض ما كُوتِب عليه

- ‌مسألة [8]: مقدار ما يُعطاه

- ‌مسألة [9]: إذا عجل المكاتب المال قبل محله

- ‌مسألة [10]: إذا ملك العبد ما يؤدي، فهل يعتق بذلك أم لا يعتق حتى يؤدي

- ‌مسألة [11]: إذا مات السيد والعبد مكاتَب

- ‌مسألة [12]: إذا مات المكاتَب، وفي يده وفاء

- ‌مسألة [13]: هل للسيد منع المكاتَب من السفر

- ‌مسألة [14]: إن شرط عليه في الكتابة أن لا يسافر

- ‌مسألة [15]: هل للمكاتَب أن يتزوج بغير إذن سيده

- ‌مسألة [16]: هل للمكاتب التَّسَرِّي

- ‌مسألة [17]: هل للمكاتب أن يزوج عبيدَه وإماءه

- ‌مسألة [18]: هل للمكاتب أن يعتق رقيقه بغير إذن السيد

- ‌مسألة [19]: هبة المكاتب للمال

- ‌مسألة [20]: هل للسيد أن يطأ مكاتَبَتَه

- ‌مسألة [21]: إن وطئها بغير شرط

- ‌مسألة [22]: هل للسيد وطء جارية مكاتَبه، ومكاتَبتَه

- ‌مسألة [23]: إذا وطئ السيد المكاتبة بغير شرط، فهل عليه لها مهر

- ‌مسألة [24]: إذا حملت المكاتبة من سيدها

- ‌مسألة [25]: إذا مرَّ على المكاتب وقتُ النجم الأول فلم يؤدِّ

- ‌مسألة [26]: جناية المكاتب

- ‌مسألة [27]: إذا مات المكاتب وعليه ديون

- ‌مسألة [28]: بيع المكاتب

- ‌مسألة [29]: إذا عجَّل المكاتَبُ لسيده المال مقابل وضع شيء من المال

- ‌مسألة [30]: إذا شرط المكاتب على سيده أن يوالي من شاء

- ‌مسألة [31]: إذا شرط السيد على المكاتب أن يرثه مع الورثة، ويزاحمهم في الميراث

- ‌مسألة [32]: إذا شرط عليه خدمةً معلومةً بعد العتق

- ‌مسألة [33]: إذا أعتق السيدُ الأمةَ، أو كاتبها، واستثنى ما في بطنها

- ‌مسألة [34]: إذا أعتق ما في بطن أمته دونها

- ‌مسألة [1]: معنى أم الولد

- ‌مسألة [2]: هل يدخل في (أم الولد) ما إذا تزوج أمةً فأولدها، أو أحبلها، ثم ملكها

- ‌مسألة [3]: أحكام أمهات الأولاد

- ‌مسألة [4]: شروط مصير الأمة أم ولد

- ‌مسألة [5]: ولد أم الولد من غير سيدها

- ‌مسألة [6]: إذا أسلمت أمةُ الذمي

- ‌مسألة [7]: جناية أم الولد

- ‌مسألة [8]: هل يُشترط رضاها في التزويج

- ‌كِتَابُ الْجَامِعِ

- ‌بَابُ الأدَبِ

- ‌مسألة [1]: حكم الابتداء بالسلام، وحكم الرد

- ‌مسألة [2]: صيغة السلام

- ‌مسألة [3]: قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْهُ»

- ‌مسألة [4]: حكم الحمد عند العطاس

- ‌مسألة [5]: صيغة التشميت

- ‌مسألة [6]: زيادة (ومغفرته) في السلام

- ‌مسألة [7]: حكم تشميت العاطس

- ‌مسألة [8]: قول العاطس (يهديكم الله ويصلح بالكم)

- ‌مسألة [9]: عيادة المريض

- ‌مسألة [10]: قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ»

- ‌مسألة [1]: تناجي اثنان دون ثالث

- ‌مسألة [1]: حكم لعق الأصابع عند الفراغ من الطعام

- ‌مسألة [1]: الابتداء بالسلام

- ‌مسألة [1]: إذا عطس اليهودي، فهل يشمت إذا حمد الله

- ‌مسألة [2]: إذا تكرر العطاس، فهل يكرر الحمد والتشميت

- ‌مسألة [1]: حكم الشرب قائمًا

- ‌مسألة [1]: ابتداء الانتعال باليمين

- ‌مسألة [1]: المشي في نعل واحدة

- ‌مسألة [1]: حكم إسبال الإزار

- ‌مسألة [1]: حكم الأكل والشرب بالشمال

- ‌بَابُ البِرِّ وَالصِّلَةِ

- ‌مسألة [1]: معنى قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ»

- ‌مسألة [2]: ضابط الرحم

- ‌مسألة [3]: تحريم قطيعة الرحم

- ‌مسألة [4]: بماذا تحصل الصلة والقطيعة

- ‌مسألة [1]: هجر المسلم

- ‌مسألة [2]: متى يخرج المتهاجران من الهجر

- ‌مسألة [3]: هجر المبتدع والمجاهر بالفسق

- ‌بَابُ الزُّهْدِ وَالوَرَعِ

- ‌بَابُ الرَّهَبِ مِنْ مَسَاوِئِ الأَخْلاقِ

- ‌بَابُ التّرْغِيبِ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ

- ‌بَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ

الفصل: ‌باب الرهب من مساوئ الأخلاق

‌بَابُ الرَّهَبِ مِنْ مَسَاوِئِ الأَخْلاقِ

1477 -

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُمْ، وَالحَسَدَ، فَإِنَّ الحَسَدَ يَأْكُلُ الحَسَنَاتِ كَمَا تَأْكُلُ النَّارُ الحَطَبَ» . أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُد.

(1)

1478 -

وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ نَحْوُهُ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث تحريم الحسد، وقد دلَّ على تحريمه القرآن والسنة.

أما من القرآن: فقد ذم الله اليهود بالحسد، فقال تعالى:{أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا} [النساء:54].

وقال تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ} [البقرة: 109].

وذمَّ الله المنافقين بالحسد فقال تعالى: {وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً} [النساء:89].

(1)

ضعيف. رواه أبوداود (4903)، من طريق إبراهيم بن أبي أسيد، عن جده، عن أبي هريرة به. وإبراهيم فيه لين، وجده مجهول لا يعرف، وقد ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في «الضعيفة» (1902).

(2)

ضعيف جدًّا. أخرجه ابن ماجه (4210)، وفي إسناده عيسى بن أبي عيسى الحناط وهو متروك. وانظر:«الضعيفة» (1901).

ص: 561

ومن السنة في تحريم الحسد: حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «مسلم» ، وأنس في «الصحيحين» مرفوعًا: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا

».

والحسد: هو تمني زوال النعمة عن الغير، وأما تمني نعمة كنعمة الغير فهذه (الغبطة)، ويُطلق عليها (حسد)، وليس مذمومًا؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل، وآناء النهار، ورجلٌ آتاه الله مالًا فهو ينفقه آناء الليل، وآناء النهار» متفق عليه عن ابن عمر رضي الله عنهما.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في «بدائع الفوائد» (2/ 238 - ): ويندفع شر الحاسد عن المحسود بعشرة أسباب:

أحدها: التعوذ بالله تعالى من شره، واللجوء والتحصن به، واللجوء إليه.

الثاني: تقوى الله وحفظه عند أمره ونهيه، فمن اتقى الله تولى الله حفظه، ولم يكله إلى غيره قال تعالى:{وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس: «احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك» .

الثالث: الصبر على عدوه، وأن لا يقاتله، ولا يشكوه، ولا يحدث نفسه بأذاه أصلا، فما نصر على حاسده، وعدوه بمثل الصبر عليه والتوكل على الله، ولا يستطل تأخيره وبغيه؛ فإنه كلما بغى عليه كان بغيه جندًا وقوة للمبغي عليه المحسود، يقاتل به الباغي نفسه وهو لا يشعر، فبغيه سهام يرميها من نفسه، ولو رأي المبغي عليه ذلك لسره بغيه عليه، ولكن لضعف بصيرته لا يرى إلا صورة

ص: 562

البغي دون آخره ومآله، وقد قال تعالى:{ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ} .

الرابع: التوكل على الله، {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} والتوكل من أقوى الأسباب التي يدفع بها العبد ما لا يطيق من أذى الخلق وظلمهم وعدوانهم، وهو من أقوى الأسباب في ذلك؛ فإن الله حسبه أي كافيه، ومن كان الله كافيه وواقيه؛ فلا مطمع فيه لعدوه ولا يضره إلا أذى لا بد منه كالحر والبرد والجوع والعطش، وأما أن يضره بما يبلغ منه مراده فلا يكون أبدًا.

قال بعض السلف: جعل الله تعالى لكل عمل جزاء من جنسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته لعبده، فقال:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ، ولم يقل نؤته كذا وكذا من الأجر، كما قال في الأعمال، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه، وحسبه وواقيه، فلو توكل العبد على الله تعالى حق توكله، وكادته السموات والأرض ومن فيهن لجعل له مخرجا من ذلك وكفاه ونصره.

الخامس: فراغ القلب من الاشتغال به، والفكر فيه، وأن يقصد أن يمحوه من باله كلما خطر له، فلا يلتفت إليه ولا يخافه، ولا يملأ قلبه بالفكر فيه، وهذا من أنفع الأدوية وأقوى الأسباب المعينة على اندفاع شره.

السادس: الإقبال على الله والإخلاص له، وجعل محبته وترضيه والإنابة إليه في محل خواطر نفسه وأمانيها، تدب فيها دبيب الخواطر شيئا فشيئا حتى يقهرها

ص: 563

ويغمرها ويذهبها بالكلية، فتبقى خواطره وهواجسه وأمانيه كلها في محاب الرب والتقرب إليه وتملقه وترضيه واستعطافه وذكره.

قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس، أنه قال:{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} ، وقال في حق الصديق:{كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} ، فما أعظم سعادة من دخل هذا الحصن، لقد آوى إلى حصن لا خوف على من تحصن به، ولا ضيعة على من آوى إليه، ولا مطمع للعدو في الدنو إليه منه، و {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} .

السابع: تجريد التوبة إلى الله من الذنوب التي سلطت عليه أعداءه؛ فإن الله تعالى يقول: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} ، وقال لخير الخلق وهم أصحاب نبيه دونه صلى الله عليه وسلم:{أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} ، فما سلط على العبد من يؤذيه إلا بذنب يعلمه أو لا يعلمه، وما لا يعلمه العبد من ذنوبه أضعاف ما يعلمه منها، وما ينساه مما علمه وعمله أضعاف ما يذكره.

ص: 564

الثامن: الصدقة والإحسان ما أمكنه؛ فإن لذلك تأثيرا عجيبا في دفع البلاء ودفع العين وشر الحاسد، ولو لم يكن في هذا إلا تجارب الأمم قديمًا وحديثا لكفى به فما يكاد العين والحسد والأذى يتسلط على محسن متصدق وإن أصابه شيء من ذلك كان معاملا فيه باللطف والمعونة والتأييد، وكانت له فيه العاقبة الحميدة، فالمحسن المتصدق في خفارة إحسانه وصدقته عليه من الله جنة واقية وحصن حصين، وبالجملة فالشكر حارس النعمة من كل ما يكون سببا لزوالها.

التاسع: وهو من أصعب الأسباب على النفس وأشقها عليها، ولا يوفق له إلا من عظم حظه من الله، وهو إطفاء نار الحاسد والباغي والمؤذي بالإحسان إليه، فكلما ازداد أذى وشرا وبغيا وحسدا ازددت إليه إحسانا وله نصيحة وعليه شفقة، وما أظنك تصدق بأن هذا يكون فضلا عن أن تتعاطاه فاسمع الآن قوله عز وجل:{وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ * وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} ، وقال:{أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} ، وتأمل حال النبي الذي حكى عنه نبينا صلى الله عليه وسلم أنه ضربه قومه حتى أدموه فجعل يسلت الدم عنه ويقول:«اللهم اغفر لقومي؛ فإنهم لا يعلمون» . رواه البخاري ومسلم.

كيف جمع في هذه الكلمات أربع مقامات من الإحسان قابل بها إساءتهم العظيمة إليه أحدها: عفوه عنهم. والثاني: استغفاره لهم. الثالث: اعتذاره عنهم

ص: 565

بأنهم لا يعلمون. الرابع: استعطافه لهم بإضافتهم إليه، فقال: اغفر لقومي.

العاشر: وهو الجامع لذلك كله، وعليه مدار هذه الأسباب، وهو تجريد التوحيد والترحل بالفكر في الأسباب إلى المسبب العزيز الحكيم، والعلم بأن هذه آلات بمنزلة حركات الرياح، وهي بيد محركها وفاطرها وبارئها ولا تضر ولا تنفع إلا بإذنه فهو الذي يحسن عبده بها، وهو الذي يصرفها عنه وحده لا أحد سواه.

قال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ} وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما: «واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء كتبه الله عليك» ؛ فإذا جرد العبد التوحيد؛ فقد خرج من قلبه خوف ما سواه، وكان عدوه أهون عليه من أن يخافه مع الله تعالى، بل يفرد الله بالمخافة، وقد أمنه منه، وخرج من قلبه اهتمامه به واشتغاله به وفكره فيه وتجرد لله محبة وخشية وإنابة وتوكلا واشتغالا به عن غيره، فيرى أن إعماله فكره في أمر عدوه وخوفه منه واشتغاله به من نقص توحيده، وإلا فلو جرد توحيده؛ لكان له فيه شغل شاغل، والله يتولى حفظه والدفع عنه؛ فإن الله يدافع عن الذين آمنوا؛ فإن كان مؤمنا فالله يدافع عنه، ولا بد وبحسب إيمانه يكون دفاع الله عنه فإن كمل إيمانه كان دفع الله عنه أتم دفع، وإن مزج مزج له، وإن كان مرة ومرة، فالله له مرة ومرة كما قال بعض السلف: من أقبل على الله بكليته أقبل الله عليه جملة، ومن

ص: 566

أعرض عن الله بكليته أعرض الله عنه جملة، ومن كان مرة ومرة فالله له مرة ومرة.

فالتوحيد حصن الله الأعظم الذي من دخله كان من الآمنين. قال بعض السلف: من خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخف الله أخافه من كل شيء. انتهى باختصار.

ص: 567

1479 -

وَعَنْهُ

(1)

رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الغَضَبِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

بيَّن النبي عليه الصلاة والسلام أنَّ من استطاع أن يملك نفسه عند الغضب؛ فإنه رجل شديدٌ قوي، وهو معنى قوله عليه الصلاة والسلام للرجل الذي قال: أوصني. قال له: «لا تغضب» فردد مرارًا، قال:«لا تغضب» أخرجه البخاري (6116) عن أبي هريرة رضي الله عنه، فمعناه أن لا ينفذ غضبه ولا يفعل ما يأمره غضبه به، بل يمسك نفسه في ذلك الوقت، وقيل: إن المعنى أن يجتنب أسباب الغضب، وأما الغضب نفسه فلا يُنهى عنه؛ لكونه ليس من فعله، بل هو طبيعي. وهذا المذموم هو الغضب في غير أمرٍ ديني، أما إذا انتهكت المحارم فقد كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يغضب من ذلك، ويتلون وجهه عليه الصلاة والسلام.

وقال الماوردي رحمه الله في كتابه «أدب الدنيا والدين» (ص 258): وَاعْلَمْ أَنَّ لِتَسْكِينِ الْغَضَبِ إذَا هَجَمَ أَسْبَابًا يُسْتَعَانُ بِهَا عَلَى الْحِلْمِ مِنْهَا:

أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ عز وجل فَيَدْعُوهُ ذَلِكَ إلَى الْخَوْفِ مِنْهُ، وَيَبْعَثُهُ الْخَوْفُ مِنْهُ عَلَى الطَّاعَةِ لَهُ، فَيَرْجِعُ إلَى أَدَبِهِ وَيَأْخُذُ بِنَدْبِهِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ يَزُولُ الْغَضَبُ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:

(1)

يعني: عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(2)

أخرجه البخاري (6114)، ومسلم (2609).

ص: 568

{وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ} [الكهف: 24]، قَالَ عِكْرِمَةُ: يَعْنِي إذَا غَضِبْتَ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [فصلت: 36]، وَمَعْنَى قَوْلِهِ {يَنْزَغَنَّكَ} أَيْ: يُغْضِبَنَّكَ، {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} يَعْنِي أَنَّهُ سَمِيعٌ بِجَهْلِ مَنْ جَهِلَ، عَلِيمٌ بِمَا يُذْهِبُ عَنْك الْغَضَبَ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: مَنْ ذَكَرَ قُدْرَةَ اللَّهِ لَمْ يَسْتَعْمِلْ قُدْرَتَهُ فِي ظُلْمِ عِبَادِ اللَّهِ. وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ مُحَارِبٍ لِهَارُونَ الرَّشِيدِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْأَلُك بِاَلَّذِي أَنْتَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَذَلُّ مِنِّي بَيْنَ يَدَيْك، وَبِاَلَّذِي هُوَ أَقْدَرُ عَلَى عِقَابِك مِنْك عَلَى عِقَابِي لَمَا عَفَوْتَ عَنِّي. فَعَفَا عَنْهُ لَمَّا ذَكَّرَهُ قُدْرَةَ اللَّهِ تَعَالَى.

وَمِنْهَا: أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْ الْحَالَةِ الَّتِي هُوَ فِيهَا إلَى حَالَةٍ غَيْرِهَا، فَيَزُولُ عَنْهُ الْغَضَبُ بِتَغَيُّرِ الْأَحْوَالِ وَالتَّنَقُّلِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ. وَكَانَ هَذَا مَذْهَبَ الْمَأْمُونِ إذَا غَضِبَ أَوْ شُتِمَ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَتَذَكَّرَ مَا يَئُولُ إلَيْهِ الْغَضَبُ مِنْ النَّدَمِ وَمَذَمَّةِ الِانْتِقَامِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: الْغَضَبُ عَلَى مَنْ لَا تَمْلِكُ عَجْزٌ، وَعَلَى مَنْ تَمْلِكُ لُؤْمٌ. وَقَالَ بَعْضُ الْأُدَبَاءِ: إيَّاكَ وَعِزَّةَ الْغَضَبِ؛ فَإِنَّهَا تُفْضِي إلَى ذُلِّ الْعُذْرِ. وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ:

وَإِذَا مَا اعْتَرَتْك فِي الْغَضَبِ الْعِزَّ

ةُ فَاذْكُرْ تَذَلُّلَ الِاعْتِذَارِ

ص: 569

وَمِنْهَا: أَنْ يَذْكُرَ ثَوَابَ الْعَفْوِ، وَجَزَاءَ الصَّفْحِ، فَيَقْهَرُ نَفْسَهُ عَلَى الْغَضَبِ رَغْبَةً فِي الْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ، وَحَذَرًا مِنْ اسْتِحْقَاقِ الذَّمِّ وَالْعِقَابِ.

وَمِنْهَا: أَنْ يَذْكُرَ انْعِطَافَ الْقُلُوبِ عَلَيْهِ، وَمَيْلَ النُّفُوسِ إلَيْهِ، فَلَا يَرَى إضَاعَةَ ذَلِكَ بِتَغَيُّرِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَرْغَبُ فِي التَّأَلُّفِ وَجَمِيلِ الثَّنَاءِ.

وَقَالَ بَعْضُ الْبُلَغَاءِ: لَيْسَ مِنْ عَادَةِ الْكِرَامِ سُرْعَةُ الِانْتِقَامِ، وَلَا مِنْ شُرُوطِ الْكَرَمِ إزَالَةُ النِّعَمِ.

ص: 570

1480 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

1481 -

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا الظُّلْمَ، فَإِنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ، وَاتَّقُوا الشُّحَّ؛ فَإِنَّهُ أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديثين

يُستفاد من الحديثين تحريم الظلم، ويشمل ظلم الإنسان لنفسه بالشرك، وبالمعاصي، وكذلك ظلمه لغيره بالتعدي عليه في دمه، أو ماله، أو عرضه.

ويُستفاد من الحديث الحذر من الشُّح، والبخل، والشح أشد من البخل؛ فإنَّ البخل هو إمساك ما في اليد، والشح هو إمساك ما في اليد، والحرص على ما في يد الغير، وقد قال ربنا جل وعلا في كتابه الكريم:{وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [الحشر:9].

وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كما في «مسند أحمد» (5/ 15، 64)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه:«شر ما في الرجل شح هالع، وجبن خالع» وإسناده حسن، فنعوذ بالله من الظلم، والشح، والبخل، والعجب، والكبر، ونسأل الله عزوجل أن يهدينا إلى سواء الصراط.

(1)

أخرجه البخاري (2447)، ومسلم (2579).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2578).

ص: 571

1482 -

وَعَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَصْغَرُ: الرِّيَاءُ» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

حذَّر النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أمته من هذا الذنب العظيم، وهو الرياء، وهو عمل العبادة؛ ليراه الناس، ويحمدونه على ذلك.

وفي «صحيح مسلم» ، عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:«قال الله تعالى: أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه» .

وفي «الصحيحين» عن جندب رضي الله عنه مرفوعًا: «من سمَّع سمع اللهُ به، ومن يرائي يرائي الله به» وأخرجه مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما، نسأل الله عز وجل أن يعصمنا من ذلك.

وقد تكلم الحافظ ابن رجب رحمه الله على أنواع الرياء بكلام مفيد في كتابه المبارك: «جامع العلوم والحكم» في شرحه للحديث الأول.

(1)

حسن. أخرجه أحمد (5/ 428، 429) من طريق: عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب، عن محمود ابن لبيد، به، وفيه زيادة:«يقول الله عز وجل لهم يوم القيامة إذا جُزِيَ الناس بأعمالهم: اذهبوا إلى الذي كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء» ومحمود بن لبيد صحابي صغير له رؤية وغالب رواياته عن الصحابة، ولكن الإسناد المذكور منقطع؛ لأن عَمْرًا لم يدرك أحدًا من الصحابة، ولكن قد رواه البغوي (4135) من نفس الوجه، وذكر الواسطة: عاصم بن عُمر بن قتادة، وهو ثقة؛ وعليه فالإسناد حسن.

وقد أخرجه ابن أبي شيبة (2/ 481)، وابن خزيمة (937) من نفس الوجه، مع ذكر الواسطة، بمعناه دون لفظه؛ فالحديث حسن، وقد صحح الإمام الألباني هذا الحديث. انظر:«الصحيحة» (951).

ص: 572

1483 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلَاثٌ: إذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

1484 -

وَلَهُمَا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِاللهِ بْنِ عَمْرٍو: «وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» .

(2)

الأدب المستفاد من الحديثين

يُستفاد من الحديثين: أنَّ الكذب، وإخلاف الوعد، والخيانة، والفجور في الخصومة كلها من خصال المنافقين، فيجب على المؤمن أن يحذر هذه المعاصي التي هي من أخلاق المنافقين. ومعنى الفجور في الخصومة: أن يخرجَ عن الحق عمدًا حتى يُصَيِّرَ الحق باطلا والباطل حقًا، وهذا مما يدعو إليه الكذب، كما قال صلى الله عليه وسلم:«إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار»

(3)

. وحاصل الأمر في بيان خصال النفاق العملي: أن النفاق الأصغر كله يرجع إلى اختلاف السريرة والعلانية.

وإخلاف الوعد يكون مذمومًا إذا كان قاصدًا الإخلاف من حين وعد، وأما إذا طرأ له عذر؛ فلا يدخل في التحريم، ويدخل في الذمِّ من تساهل بالوفاء بدون عذر.

ص: 573

قال ابن رجب رحمه الله في «جامع العلوم والحكم» : والخلف في الوعد على نوعين: أحدهما: أن يَعِدَ ومن نيته أن لا يفي بوعده، وهذا أشر الخلف، ولو قال: أفعل كذا إن شاء الله تعالى، ومن نيته أن لا يفعل، كان كذبا وخلفا، قاله الأوزاعي. الثاني: أن يعد ومن نيته أن يفي، ثم يبدو له فيخلف من غير عذر له في الخلف.، والله أعلم. اهـ

وقال رحمه الله: وقد أمر الله بالوفاء بالعهد، فقال:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا} [الإسراء: 34]، وقال:{وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا} [النحل: 91]، وقال:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: 77]، وفي «الصحيحين» عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به»

(1)

وفي رواية: «إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة، فيقال: ألا هذه غدرة فلان»

(2)

، وخرجاه أيضا من حديث أنس بمعناه

(3)

. وخرج مسلم من حديث أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة»

(4)

.

والغدر حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهد كافرًا، ولهذا

(1)

أخرجه البخاري (6966)، ومسلم (1735).

(2)

أخرجه البخاري (6177)، ومسلم (1735).

(3)

أخرجه البخاري (3186)، ومسلم (1737).

(4)

أخرجه مسلم (1738).

ص: 574

في حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم:«من قتل نفسا معاهدا بغير حقها لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما» خرَّجه البخاري

(1)

.

وقد أمر الله تعالى في كتابه بالوفاء بعهود المشركين إذا أقاموا على عهودهم، ولم ينقضوا منها شيئا. وأما عهود المسلمين فيما بينهم، فالوفاء بها أشد، ونقضها أعظم إثما. ومن أعظمها: نقض عهد الإمام على من تابعه، ورضي به، وفي «الصحيحين» عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:«ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم، فذكر منهم: ورجل بايع إماما لا يبايعه إلا لدنيا، فإن أعطاه ما يريد وفَى له، وإلا لم يفِ له»

(2)

، ويدخل في العهود التي يجب الوفاء بها، ويحرم الغدر فيها: جميع عقود المسلمين فيما بينهم إذا تراضوا عليها من المبايعات والمناكحات، وغيرها من العقود اللازمة التي يجب الوفاء بها، وكذلك ما يجب الوفاء به لله عز وجل مما يعاهد العبد ربه عليه من نذر التبرر ونحوه. اهـ

(1)

أخرجه البخاري (6914).

(2)

أخرجه البخاري (2672)، ومسلم (108).

ص: 575

1485 -

وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «سِبَابُ المُسْلِمِ فُسُوقٌ، وَقِتَالُهُ كُفْرٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث تحريم سب المسلم، وأنَّ ذلك سبب من أسباب الفسوق، ويحرم قتله بغير حق.

وقوله: «وقتاله كفر» ، ذكر العلماء أنه كفرٌ دون كفر، مالم يستحل ذلك؛ لقوله تعالى:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} [الحجرات:9] إلى قوله: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ} [الحجرات:10].

وقال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة:178]، فأثبت الأُخُوَّةَ الإيمانية مع وجود القتل.

وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء:48].

(1)

أخرجه البخاري (6044)، ومسلم (64).

ص: 576

1486 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

الظن: هو ما يخطر بالنفس من التجويز المحتمل للصحة والبطلان، فيحكم به ويعتمل عليه، هكذا فسره ابن الأثير في «النهاية» .

وقال الخطابي رحمه الله: المراد التهمة، ومحل التحذير، والنهي إنما هو عن التهمة التي لا سبب لما يوجبها. اهـ

وقال النووي رحمه الله: والمراد التحذير من تحقيق التهمة والإصرار عليها، وتقررها في النفس دون ما يعرض ولا يستقر؛ فإنَّ هذا لا يكلف به كما في الحديث:«تجاوز الله عن أمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم»

(2)

، ونقله عياض عن سفيان. اهـ

(3)

(1)

أخرجه البخاري (5143)، ومسلم (2563).

(2)

أخرجه البخاري برقم (5269)، ومسلم برقم (127) عن أبي هريرة رضي الله عنه.

(3)

انظر: «سبل السلام» (4/ 2043).

ص: 577

1487 -

وَعَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ يَسْتَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً يَمُوتُ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ إلَّا حَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من ا لحديث فائدة عظيمة وهي أنَّ كل من تولَّى مسؤولية صغيرة أو كبيرة؛ فهو مؤتَمَنٌ عليها؛ فإنْ أدَّى الأمانة، وأطاع الله عزوجل فيها فقد أفلح، وإن غشَّ وخان فقد عرَّض نفسه لسخط الله عزوجل، نسأل الله العافية.

1488 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث أنه يجب على ولي الأمر أن يرفق بالمسلمين، وأن ييسر عليهم أمورهم، وإنْ لم يفعل فالأمر عليه شديد، وإن رفق بهم فسيرفق الله به.

وفي الحديث الآخر: «من ولَّاه الله شيئًا من أمور المسلمين، فاحتجب دون حاجتهم، وخلَّتهم، وفقرهم؛ احتجب الله دون حاجته يوم القيامة» أخرجه أبو داود، والترمذي من حديث أبي مريم الأزدي رضي الله عنه.

(3)

(1)

أخرجه البخاري (7151)، ومسلم (142). واللفظ لمسلم.

(2)

أخرجه مسلم برقم (1828).

(3)

تقدم في «البلوغ» برقم (1394).

ص: 578

1489 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ؛ فَلْيَجْتَنِبِ الوَجْهَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث تحريم ضرب الوجه، سواء كان في الخصومة أو الحدود، فلا يجوز ضربه؛ لأن الوجه ضعيف، وفيه المحاسن، وأكثر الحواس، وقد تقدم هذا الحديث مع ذكر بعض الأحكام المتعلقة به في [باب حد الشارب] من [كتاب الحدود].

1490 -

وَعَنْهُ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصِنِي قَالَ:«لَا تَغْضَبْ» ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، وَقَالَ:«لَا تَغْضَبْ» . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث أنه يجب على المسلم أنْ لا يغضب، قيل: المقصود منه أن يجتنب أسباب الغضب. وقيل: المراد أن لا ينفذ غضبه بفعل ما أمره غضبه بفعله. وقد قال تعالى: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

(3)

(1)

أخرجه البخاري (2559)، ومسلم (2612).

(2)

أخرجه البخاري برقم (6116).

(3)

انظر: «الفتح» (6116).

ص: 579

1491 -

وَعَنْ خَوْلَةَ الأَنْصَارِيَّةِ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ رِجَالًا يَتَخَوَّضُونَ فِي مَالِ اللهِ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَلَهُمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ» . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في هذا الحديث دلالة على أنَّ المسلم لا يجوز له أن ينفق ماله إلا فيما أذن الله فيه، فنعمة المال التي خوَّلها الله الإنسان لا تُشكر إلا بذلك، فإذا صرف الإنسان ماله فيما لم يأذن به الله فذلك إضاعة المال التي نهى عنها الشرع، وبالله التوفيق.

1492 -

وَعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيه عَنْ رَبِّهِ قَالَ: «يَا عِبَادِي إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

في هذا الحديث تحريم الظلم، سواء ظلمه لنفسه، أو الناس، وقد تقدم الكلام على ذلك عند الحديث رقم (1480).

(1)

أخرجه البخاري برقم (3118).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2577).

ص: 580

1493 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الغِيبَةُ؟» ، قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:«ذِكْرُك أَخَاك بِمَا يَكْرَهُ» ، قِيلَ: أَفَرَأَيْت إنْ كَانَ فِي أَخِي مَا أَقُولُ؟ قَالَ: «إنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدِ اغْتَبْته، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

بيَّن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنَّ الغيبة ذكر الإنسان أخاه بما يكره في حال غيبته، وبيَّن عليه الصلاة والسلام أنَّ الإنسان إذا ذكر أخاه بما ليس فيه؛ فإنَّ ذلك بُهتان، وفي الحديث:«ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال» أخرجه أبو داود (3597)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، بإسناد صحيح.

وقد بيَّن أهلُ العلم أنَّ ذكر مساوئ بعض الناس للنصح ليس من الغيبة، بل ذلك مشروع بالإجماع، وقد يجب ذلك في بعض الأحوال.

وقد جمع بعضهم الأمور التي تجوز فيها الغيبة نصحًا لله عزوجل، فقال:

الذم ليس بغيبة في ستة

مُتَظَلِّمٍ ومُعَرِّفٍ ومُحَذِّر

ومُجاهِرٍ فسقًا ومُستَفْتٍ ومَنْ

طلب الإعانة في إزالةِ مُنْكَر

والأدلة على هذه الأمور معروفةٌ مشهورة.

(1)

أخرجه مسلم برقم (2589).

ص: 581

1494 -

وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ: لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا -وَيُشِيرُ إلَى صَدْرِهِ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(1)

الآداب المستفادة من الحديث

في هذا الحديث العظيم فوائد كثيرة، ففيه تحريم الحسد، وقد تقدم الكلام عليه في أول الباب، وفيه تحريم التباغض بين المسلمين، والتدابر بينهم، وهو الإعراض، والهجر، مأخوذ من أن يولي كل واحد صاحبه دبره. وفيه تحريم البيع على بيع أخيه، وقد ذكرنا ذلك في البيوع.

وفيه تحريم احتقار الرجل لأخيه المسلم، وفيه عِظَمُ حقِّ المسلم على المسلم في دمه، وماله، وعرضه.

(1)

أخرجه مسلم برقم (2564).

ص: 582

1495 -

وَعَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «اللهُمَّ جَنِّبْنِي مُنْكَرَاتِ الأَخْلَاقِ، وَالأَعْمَالِ، وَالأَهْوَاءِ، وَالأَدْوَاءِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَاللَّفْظُ لَهُ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يسأل ربَّه أن يجنِّبَه مساوئ الأخلاق، وقد قال فيه ربُّه عزوجل:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4]، فنحن أحقُّ أن نسأل الله عزوجل أن يجنبنا ذلك، وليس للإنسان حول ولا قوة على اجتناب المنكرات إلا بأن يوفقه الله لذلك، فعلينا أن نُكثِر من هذا الدعاء الذي دعا به النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-.

(1)

صحيح. أخرجه الترمذي (3591)، والحاكم (1/ 532)، وأخرجه أيضًا الطبراني في «الدعاء» (1384) من طرق عن مسعر، عن زياد بن علاقة، عن عمه قطبة بن مالك به. وإسناده صحيح.

ص: 583

1496 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُمَارِ أَخَاك، وَلَا تُمَازِحْهُ، وَلَا تَعِدْهُ مَوْعِدًا فَتُخْلِفْهُ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث تحريم الجدال، والذي يحرم هو الجدال بالباطل، أو الذي يقصد به الظهور دون معرفة الحق؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«ومن خاصم في باطل، وهو يعلمه لم يزل في سخط الله» أخرجه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنهما.

و قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما ضل قوم بعد هدًى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل» . أخرجه الترمذي عن أبي أمامة رضي الله عنه بإسناد حسن.

وأما المِزاح فيُشرع منه ما كان بحق، بما لا يزري، ولا يكثر الإنسان منه.

قال الإمام ابن حبان رحمه الله في كتابه «روضة العقلاء» (ص 77): والمزاح على ضربين فمزاح محمود ومزاح مذموم فأما المزاح المحمود فهو الذي لا يشوبه مَا كره اللَّه عز وجل، ولا يكون بإثم، ولا قطيعة رحم، وأما المزاح المذموم فالذي يثير العداوة، ويذهب البهاء، ويقطع الصداقه، ويجريء الدنيء عليه، ويحقد الشريف به.

قال: وإن من المزاح مَا يكون سببا لتهييج المراء، والواجب على العاقل اجتنابه؛ لأن المراء مذموم في الأحوال كلها، ولا يخلو المماري من أن يفوته أحد

(1)

ضعيف. أخرجه الترمذي (1995)، وفي إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف مختلط.

ص: 584

رجلين في المراء، إما رجل هو أعلم منه؛ فكيف يجادل من هو دونه في العلم، أو يكون ذلك أعلم منه فكيف يماري من هو أعلم منه

ولقد سمعت حفص بن عمر البزار، يقول: سمعت إِسْحَاق بْن الضيف، يقول: سمعت جعفر بْن عون، يقول: سمعت مسعر بْن كدام يقول لابنه كدام:

إني نحلتك ياكدام نصيحتي

فاسمع مقال أبٍ عليك شفيق

أما المزاحة والمراء فدعهما

خلقان لا أرضاهما لصديق

إني بلوتهما فلم أحمدهما

لمجاورٍ جارًا ولا لرفيق

والجهل يزري بالفتى في قومه

وعروقه في الناس أي عروق

وأما إخلاف الوعد فهو من خِصال المنافقين كما تقدم.

وحديث الباب، وإن كان ضعيفًا، ففي الباب ما تقدم من أدلة، وأدلة أخرى تدل على ما قررناه، والله أعلم.

ص: 585

1497 -

وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «خَصْلَتَانِ لَا يَجْتَمِعَانِ فِي مُؤْمِنٍ: البُخْلُ وَسُوءُ الخُلُقِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَفِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

فيه التحذير من البخل، وكذلك الحض على حسن الخلق، وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك في أحاديث متقدمة، وبالله التوفيق.

1498 -

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المُسْتَبَّانِ مَا قَالَا، فَعَلَى البَادِئِ مَا لَمْ يَعْتَدِ المَظْلُومُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث دلالة على جواز مجازاة من ابتدأ الإنسان الأذية بمثلها، وأنَّ إثم ذلك عائد على البادي؛ لأنه المتسبب لكل ما قاله المجيب إلا أن يعتدي المجيب في أذيته بالكلام، فيختص به إثم عدوانه؛ لأنه إنما أُذِن له في مثل ما عُوقِب به، قال تعالى:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى:40] الآية.

وقال تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} [النحل:126] الآية.

(3)

(1)

ضعيف. أخرجه الترمذي (1962)، وفي إسناده صدقة بن موسى الدقيقي، وهو ضعيف، وقد ضعفه الإمام الألباني رحمه الله في «الضعيفة» (1119).

(2)

أخرجه مسلم برقم (2587).

(3)

انظر: «السبل» (4/ 2059).

ص: 586

1499 -

وَعَنْ أَبِي صِرْمَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ ضَارَّ مُسْلِمًا ضَارَّهُ اللهُ، وَمَنْ شَاقَّ مُسْلِمًا شَقَّ اللهُ عَلَيْهِ» . أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث تحريم إلحاق الضرر بالمسلم، أو إلحاق المشقة به.

وفي الحديث الآخر: «لا ضرر ولا ضرار» ، بل قال الله عزوجل:{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [الأحزاب:58].

(1)

أخرجه أبوداود (3635)، والترمذي (1940)، وفي إسناده لؤلؤة امرأة مجهولة لا تعرف كما في «الميزان» و «التهذيب» .

والجملة الثانية من الحديث يشهد لها حديث عائشة في «صحيح مسلم» «اللهم من ولي من أمر أمتي شيئًا فشق عليهم فاشقق عليه» . وقد تقدم برقم (1488)

ص: 587

1500 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ يُبْغِضُ الفَاحِشَ البَذِيءَ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.

(1)

1501 -

وَلَهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه رَفَعَهُ «لَيْسَ المُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ، وَلَا اللَّعَّانِ، وَلَا الفَاحِشِ، وَلَا البَذِيءِ» . وَحَسَّنَهُ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ، وَرَجَّحَ الدَّارَقُطْنِيُّ وَقْفَهُ.

(2)

(1)

حسن بشواهده. أخرجه الترمذي (2002)، وفي إسناده يعلى بن مَمْلَك وهو مجهول.

وله شاهد من حديث أسامة بن زيد: أخرجه الطبراني في «الكبير» (405) وفي إسناده عنعنة ابن إسحاق، وأخرجه أيضًا ابن حبان (5694) من نفس الوجه ولكن بلفظ:«المتفحش» بدل «البذيء» .

وله طريق أخرى من حديث أسامة بلفظ: «إن الله لا يحب الفاحش المتفحش» أخرجه الطبراني في «الكبير» (399)(404) وفي إسناده محمد بن أفلح مولى أبي أيوب وهو مجهول.

وله شاهد من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص: بلفظ حديث أسامة الثاني: أخرجه أحمد (2/ 162، 199)، وفي إسناده أبوسبرة رجل مجهول.

وله شاهد من حديث أبي هريرة باللفظ الأخير: أخرجه الحاكم (2/ 12)، وفي إسناده محمد ابن عجلان يرويه عن المقبري عن أبي هريرة وهي رواية ضعيفة. فالحديث حسن بهذه الشواهد، والله أعلم.

(2)

الحديث حسن من غير طريق الترمذي. أخرجه الترمذي (1977)، والحاكم (1/ 12)، من طريق محمد بن سابق ثنا إسرائيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن ابن مسعود به. ومحمد ابن سابق حسن الحديث له أخطاء، وهذه الطريق أنكرها ابن المديني، نقل عنه الخطيب في «تاريخه» (5/ 39) أنه قال: هذا منكر من حديث إبراهيم عن علقمة، وإنما هذا من حديث أبي وائل من غير حديث الأعمش.

قال الخطيب: رواه ليث بن أبي سليم عن زبيد اليامي عن أبي وائل عن عبدالله، إلا أنه أوقفه ولم يرفعه. اهـ

قلتُ: وقد روي من هذه الطريق مرفوعًا وليس بمحفوظ، ورجح الدارقطني في «العلل» (738) الموقوف. وللحديث طريق أخرى من وجه آخر: أخرجه الحاكم (1/ 12)، وهو عند أحمد (1/ 416)، والبخاري في «الأدب المفرد» (312) من طريق أبي بكر بن عياش عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن محمد بن عبدالرحمن بن يزيد عن أبيه عن ابن مسعود به. وهذا إسناد حسن رجاله ثقات إلا أبا بكر بن عياش فإنه حسن الحديث. فالحديث حسن من هذا الوجه، والله أعلم.

ص: 588

الآداب المستفادة من الحديثين

يُستفاد من الحديثين أنَّ المؤمن الكامل الإيمان لا يتصف بالأخلاق المذكورة، وهي: البذاءة، واللعن، والفُحش: وهو أقبح السب، واللعن: هو الطرد من رحمة الله، والمقصود أنه لا يلعن إنسانًا بعينه؛ إلا من مات على الكفر، أو عُلِم أنه سيموت عليه، فقد لعن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أُناسًا كانوا على الكفر، فأنزل الله عزوجل:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128] الآية، فانتهى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، ثم إنهم أسلموا.

جاء ذلك في البخاري (4069) عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الركوع من الركعة الآخرة من الفجر يقول:«اللهم العن فلانا وفلانا وفلانا» بعد ما يقول «سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد» فأنزل الله: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128].

وفي رواية: يدعو على صفوان بن أمية، وسهيل بن عمرو، والحارث بن هشام فنزلت:{لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:128].

وأما اللعن بالوصف فجائزٌ لمن يستحق ذلك، كقوله تعالى:{أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود:18]، {فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران:61]، وقول النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «لعن الله السارق يسرق البيضة

» الحديث.

ص: 589

وما جاء في الأحاديث من لعن المعين فهو إما ضعيف، وإما محمول على معنى السب لا على معنى الطرد من رحمة الله والله أعلم، وهذا قول جمهور العلماء.

1502 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا تَسُبُّوا الأَمْوَاتَ، فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إلَى مَا قَدَّمُوا» . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث تحريمُ سب الأموات، وقد بيَّن العلماء أنه لا يدخل في ذلك جرح الرواة، وبيان حالهم، ولا جرح أهل البدع، والتحذير منهم، ومن كتبهم؛ نصيحة لله عزوجل.

1503 -

وَعَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَتَّاتٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

فيه تحريم النميمة، وهي نقل الكلام بين الناس على جهة الإفساد، وهي من الذنوب العظيمة، ومن أسباب عذاب القبر، فقد مرَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بقبرين يعذب صاحباهما، فقال:«أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله» متفق عليه عن ابن عباس رضي الله عنهما، فنسأل الله العافية.

(1)

أخرجه البخاري برقم (1393).

(2)

أخرجه البخاري (6056)، ومسلم (105).

ص: 590

1504 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَفَّ غَضَبَهُ كَفَّ اللهُ عَنْهُ عَذَابَهُ» . أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الأَوْسَطِ» .

(1)

1505 -

وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عِنْدَ ابْنِ أَبِي الدُّنْيَا.

(2)

الأدب المستفاد من الحديثين

يستفاد من الحديثين فضيلة من دفع غضبه، وكظم غيظه، والحديث وإن كان ضعيفًا فيُغني عنه قوله تعالى:{وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: 134].

وكظم الغيظ ودفع الغضب، هو معنى قوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«لا تغضب» كما تقدم، والله أعلم.

(1)

ضعيف جدًّا. أخرجه الطبراني في «الأوسط» (1320) ط. الحرمين، من طريق عبدالسلام بن هاشم البزاز عن خالد بن برد عن قتادة عن أنس به. بلفظ: «من دفع غضبه دفع

»

قال الذهبي في «الميزان» في ترجمة خالد بن برد: مجهول، وعنه عبدالسلام بن هاشم بخبر منكر. كأنه يشير إلى هذا الحديث.

وقال في ترجمة عبدالسلام بن هاشم: شيخ مقل حدث بعد المائتين، قال أبوحاتم: ليس بالقوي، وقال عمرو بن علي الفلاس: لا أقطع على أحد بالكذب إلا عليه. اهـ

وقد ضعف الحديث الإمام الألباني رحمه الله في «الضعيفة» (1916).

(2)

ضعيف. أخرجه ابن أبي الدنيا في «كتاب الصمت» (21) من طريق هشام بن أبي إبراهيم عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ: «ومن ملك غضبه وقاه الله عز وجل عذابه» في ضمن حديث أطول. وهو حديث ضعيف؛ لأن هشامًا مجهول، قاله أبوحاتم كما في «الجرح والتعديل» وكما في «الميزان» و «اللسان» ، والله أعلم.

ص: 591

1506 -

وَعَنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «لَا يَدْخُلُ الجَنَّةَ خَبٌّ

(1)

، وَلَا بَخِيلٌ، وَلَا سَيِّئُ المَلَكَةِ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَفَرَّقَهُ حَدِيثَيْنِ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

(2)

الآداب المستفادة من الحديث

في الحديث تحذيرٌ للمسلم من أن يتصف بهذه الصفات، وهي: الخداع وهو معنى «خب» ، وكذا البخل، وكذا سوء المَلَكَة، وهي الإساءة إلى ذوي ملكه من العبيد، والحيوانات، بالتقصير في حقهم، أو التجاوز في عقابهم.

وقد ورد في ذلك أدلة أخرى تدل على ذلك، كحديث:«من ضرب عبدًا له حدًّا لم يأته فكفارته أن يُعتِقه» أخرجه مسلم (1657)، عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في العبيد: «إخوانكم خَوَلُكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس» أخرجه البخاري برقم (30)، ومسلم برقم (1661) عن أبي ذر رضي الله عنه.

وقال في الذي ضرب غلامه ضربًا شديدًا ثم أعتقه: «لو لم تفعل للفحتك النار» أخرجه مسلم (1659) عن أبي مسعود رضي الله عنه.

(1)

الخدَّاع والذي يسعى بين الناس بالفساد.

(2)

ضعيف. أخرجه الترمذي (1946)(1963)، وفي إسناده فرقد بن يعقوب السَّبَخي وهو ضعيف أو أشد.

ص: 592

وقال في الذي أساء إلى جمله: «ألا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها؛ فإنه شكى إلي أنك تجيعه وتدئبه» ، أخرجه أحمد (1745)، وإسناده صحيح على شرط مسلم، وهو في «الصحيح المسند» (561)، والأحاديث في هذا الباب كثيرة.

ص: 593

1507 -

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَسَمَّعَ حَدِيثَ قَوْمٍ، وَهُمْ لَهُ كَارِهُونَ، صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الآنُكُ

(1)

يَوْمَ القِيَامَةِ» يَعْنِي: الرَّصَاصَ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.

(2)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث تحريم تسمع حديث قوم وهم لا يريدون أن يسمعه، وهذا من التجسس، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«ولا تجسسوا» .

ويدخل في ذلك السَّماع منهم بخفاء عن الرجل، وبغير خفاء، ولا يدخل في التحريم التسمع منه لإظهار باطله، لما في البخاري (1355)، ومسلم (2931) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، قال: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بن كعب الأنصاري إلى النخل التي فيها ابن صياد، حتى إذا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، النخل طفق يتقي بجذوع النخل، وهو يختل أن يسمع من ابن صياد شيئا، قبل أن يراه ابن صياد، فرآه رسول صلى الله عليه وسلم، وهو مضطجع على فراش في قطيفة، له فيها زمزمة، فرأت أم ابن صياد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يتقي بجذوع النخل، فقالت لابن صياد: يا صاف - وهو اسم ابن صياد - هذا محمد. فثار ابن صياد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«لو تركته بين» . والله أعلم.

(1)

الآنك: هو الرصاص المذاب.

(2)

أخرجه البخاري برقم (7042). وعنده: «أُذُنِهِ» ، بالإفراد.

ص: 594

1508 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «طُوبَى لِمَنْ شَغَلَهُ عَيْبُهُ عَنْ عُيُوبِ النَّاسِ» . أَخْرَجَهُ البَزَّارُ بِإِسْنَادِ حَسَنٍ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في هذا الحديث فائدة جليلة، وهي أنه ينبغي للإنسان أن يشتغل بإصلاح نفسه، وأن ينظر إلى عيوب نفسه، وإذا رأى عيبًا في أخيه نصحه ولا يعيره بذلك، ففي الحديث الصحيح:«وإن امرؤٌ شتمك، وعيَّرك بما يعلم فيك فلا تشتمه، ولا تعيره بما تعلم فيه، فإنما وبال ذلك عليه» أخرجه أبو داود (4084)، عن جابر بن سليم رضي الله عنه، وهو حديث صحيح.

وقد صحَّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: «يبصر أحدكم القَذاة في عين أخيه، وينسى الجذع، أو الجذل في عينه معترضًا» .

(2)

(1)

ضعيف منكر. أخرجه البزار كما في «كشف الأستار» (3225) من طريق الوليد بن المهلب، عن النضر بن محرز الأزدي، عن محمد بن المنكدر، عن أنس به. في ضمن حديث طويل.

ثم قال البزار: لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن أنس إلا من هذا الوجه، ووجه آخر ضعيف، رواه أبان ابن أبي عياش عن أنس.

قال الذهبي في ترجمة الوليد بن المهلب من «الميزان» : لا يعرف وله ما ينكر، قاله ابن عدي. وقال في ترجمة النضر بن محرز: مجهول. وقال ابن حبان: لا يحتج به. ثم ذكر حديث الكتاب مما أنكر عليه.

وقال الحافظ في «اللسان» : وقال ابن حبان: وإنما روى هذا أبان بن أبي عياش عن أنس، وأبان لا شيء، والنضر منكر الحديث جدًّا. وقال العقيلي: النضر بن محرز لا يتابع على حديثه. اهـ

قلتُ: فعجبًا لتحسين الحافظ للحديث مع ما نقله في «لسان الميزان» ، وبالله التوفيق.

(2)

أخرجه أحمد في «الزهد» (ص 178)، والبخاري في «الأدب المفرد» (592) بإسناد صحيح.

ص: 595

ورُوي مرفوعًا، وهو غير محفوظ.

(1)

وكل إنسان له عيوب؛ فعلى المسلم أن يسعى في إصلاح العيوب في نفسه وفي غيره، وليحذر المسلم من التشهير في حق أخيه، وكما قيل:

وَإِنْ تَجِدْ عَيْبًا فَسُدَّ الْخَلَلَا

جَلَّ مَنْ لَا عَيْبَ فِيْهِ وَعَلَا

وقال الآخر:

وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرضَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا

كَفَى الْمَرْء نُبلًا أَنْ تُعَدَّ مَعَايبُه

وليُعلَم أنَّ من ابتدع بالدين، وأحدث، وعاند؛ فإنه يجب إظهار عيوبه للناس، والتشهير به؛ ليحذروه، وبالله التوفيق.

(1)

انظر: «الصحيحة» رقم (33).

ص: 596

1509 -

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَعَاظَمَ فِي نَفْسِهِ، وَاخْتَالَ فِي مِشْيَتِهِ، لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ» . أَخْرَجَهُ الحَاكِمُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في هذا الحديث تحريم العجب، والكبر، وأنه سبب لغضب الله، فدلَّ على أنَّ ذلك من كبائر الذنوب، وفي الحديث الآخر:«إنَّ الله أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد، ولا يبغي أحد على أحد» ، أخرجه مسلم (2865)، عن عياض بن حمار رضي الله عنه.

وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحيحين» ، أن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«بينما رجلٌ يمشي في حلة تعجبه نفسه؛ إذ خسف به في الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة» .

(1)

صحيح. أخرجه الحاكم (1/ 60)، وهو أيضًا في «مسند أحمد» (2/ 118)، وفي «الأدب المفرد» للبخاري (549) من طريق يونس بن القاسم أبي عمر اليمامي قال: حدثنا عكرمة بن خالد قال: سمعت ابن عمر به، وإسناده صحيح، رجاله ثقات.

ص: 597

1510 -

وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «العَجَلَةُ مِنَ الشَّيْطَانِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث الحث على التأني، والحديث وإن كان ضعيفًا ففي «صحيح مسلم» عن ابن عباس، وأبي سعيد رضي الله عنهم قالا: قال رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «إنَّ فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة» قالها لأشج عبد القيس.

قال الصنعاني رحمه الله في شرح هذا الحديث: العجلة هي السرعة في الشيء، وهي مذمومة فيما كان المطلوب فيه الأناة، محمودة فيما يطلب تعجيله من المسارعة إلى الخيرات ونحوها، وقد يقال: لا منافاة بين الأناة والمسارعة؛ فإن سارع بتؤدة وتأنٍ، فيتم له الأمران، والضابط أنَّ خيار الأمور أوسطها. اهـ

(1)

ضعيف. أخرجه الترمذي (2012)، وفي أوله زيادة: «الأناة من الله

»، وفي إسناده عبدالمهيمن ابن عباس بن سهل الساعدي وهو شديد الضعف، وقد ترك. وجاء الحديث عن أنس: أخرجه أبويعلى (4256)، والبيهقي (10/ 104)، وفي إسناده: سعد بن سنان، ويقال: سنان بن سعد، وهوضعيف، وقد ذكر ابن عدي هذا الحديث مما أنكر عليه كما في «الكامل» .

ص: 598

1511 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الشُّؤْمُ سُوءُ الخُلُقِ» . أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث ذم الشؤم وهو التطير؛ فإنَّ التطير من الشيء ينافي التوكل الذي أمر الله به، قال تعالى:{وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة:23]{وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:122]{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} [الطلاق:3].

قال الإمام العثيمين رحمه الله في «القول المفيد» (1/ 560): التطير في اللغة: مصدر تطير، وأصله مأخوذ من الطير; لأن العرب يتشاءمون أو يتفاءلون بالطيور على الطريقة المعروفة عندهم بزجر الطير، ثم ينظر: هل يذهب يمينا أو شمالا أو ما أشبه ذلك، فإن ذهب إلى الجهة التي فيها التيامن; أقدم، أو فيها التشاؤم; أحجم.

أما في الاصطلاح: فهي التشاؤم بمرئي أو مسموع، وهذا من الأمور النادرة; لأن الغالب أن اللغة أوسع من الاصطلاح; لأن الاصطلاح يدخل على الألفاظ قيودا تخصها، مثل الصلاة لغة: الدعاء، وفي الاصطلاح أخص من الدعاء، وكذلك الزكاة وغيرها.

(1)

ضعيف. أخرجه أحمد (6/ 85)، وفي إسناده أبوبكر بن أبي مريم وهو ضعيف أو أشد، وفيه انقطاع بين حبيب بن عبيد الحمصي وعائشة، فإن روايته عنها مرسلة كما في التهذيب.

ص: 599

وإن شئت فقل: التطير: هو التشاؤم بمرئي، أو مسموع، أو معلوم.

بمرئي مثل: لو رأى طيرا؛ فتشاءم لكونه موحشا.

أو مسموع مثل: من هم بأمر فسمع أحدا يقول لآخر: يا خسران، أو يا خائب; فيتشاءم.

أو معلوم: كالتشاؤم ببعض الأيام أو بعض الشهور أو بعض السنوات; فهذه لا ترى ولا تسمع.

واعلم أن التطير ينافي التوحيد، ووجه منافاته له من وجهين:

الأول: أن المتطير قطع توكله على الله، واعتمد على غير الله.

الثاني: أنه تعلق بأمر لا حقيقة له، بل هو وهم وتخييل; فأي رابطة بين هذا الأمر، وبين ما يحصل له، وهذا لا شك أنه يخل بالتوحيد; لأن التوحيد عبادة واستعانة، قال تعالى:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} ، وقال تعالى:{فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} .

فالطيرة محرمة، وهي منافية للتوحيد كما سبق، والمتطير لا يخلو من حالين:

الأول: أن يحجم ويستجيب لهذه الطيرة ويدع العمل، وهذا من أعظم التطير والتشاؤم.

الثاني: أن يمضي لكن في قلق وهم وغم، يخشى من تأثير هذا المتطير به،

ص: 600

وهذا أهون.

وكلا الأمرين نقص في التوحيد، وضرر على العبيد، بل انطلق إلى ما تريد بانشراح صدر وتيسير واعتماد على الله عزوجل ولا تسئ الظن بالله عزوجل. اهـ

1512 -

وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّعَّانِينَ لَا يَكُونُونَ شُفَعَاءَ، وَلَا شُهَدَاءَ يَوْمَ القِيَامَةِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في هذا الحديث ذمٌّ لمن يُكثر اللعن، وبيان أنه لا يكون شفيعًا يوم القيامة، أي: لا يكون من المؤمنين الذين يشفعون لإخوانهم في الخروج من النار.

ومعنى قوله: «ولا شهداء» ، أي: لا يكونون يوم القيامة شهداء على تبليغ الأمم رسلهم إليهم الرسالات.

وقيل: معناه: لا يُرزقون الشهادة. وهو ضعيف.

وقيل: لا يكون له ثواب الشاهد، أو الشهيد يوم القيامة.

والأول أقوى هذه الأقوال، والله أعلم.

(1)

أخرجه مسلم برقم (2598)(86).

ص: 601

1513 -

وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ عَيَّرَ أَخَاهُ بِذَنْبٍ لَمْ يَمُتْ حَتَّى يَعْمَلَهُ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ، وَسَنَدُهُ مُنْقَطِعٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

قد دلَّت الأحاديث الصحيحة على عدم جواز تعيير المسلم أخاه المسلم، كحديث جابر بن سليم عند أبي داود (4084)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«وإن امرؤٌ شتمك، وعيرك بما يعلم فيك، فلا تشتمه ولا تعيره بما تعلم فيه؛ فإنما وبال ذلك عليه» .

وكقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» متفق عليه عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما.

فهذه الأدلة تغني عن حديث الباب.

(1)

موضوع. أخرجه الترمذي (2505)، من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الهمداني، عن ثور ابن يزيد، عن خالد بن معدان، عن معاذ بن جبل به. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب، وليس إسناده بمتصل، خالد بن معدان لم يدرك معاذ بن جبل.

قلتُ: فكيف يحسن مع انقطاعه؟ ثم إن في إسناده محمد بن الحسن الهمداني، وقد كذبه ابن معين وأبوداود كما في «الميزان» وقد حكم عليه الإمام الألباني بأنه موضوع كما في «الضعيفة» (178).

ص: 602

1514 -

وَعَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «وَيْلٌ لِلَّذِي يُحَدِّثُ فَيَكْذِبُ لِيُضْحِكَ بِهِ القَوْمَ، وَيْلٌ لَهُ، ثُمَّ وَيْلٌ لَهُ» . أَخْرَجَهُ الثَّلَاثَةُ، وَإِسْنَادُهُ قَوِيٌّ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

يستفاد من الحديث تحريم الكذب وإن كان ذلك لإضحاك الناس فقط، والكذب حرام سواء كان لذلك أو لغيره، وهو سبب للفجور، ولدخول النار -والعياذ بالله- كما في حديث ابن مسعود في «الصحيحين» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«وإياكم والكذب؛ فإنَّ الكذب يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجور يهدي إلى النار، ولا يزال الرجل يكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا» .

ولا يدخل في الكذب الصلح بين الناس؛ لحديث أم كلثوم رضي الله عنها في «صحيح مسلم» (2605)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فيقول خيرًا، ويَنْمِي خيرًا» .

وقد حمل بعض أهل العلم هذا الحديث على المعاريض، منهم شيخ الإسلام رحمه الله كما في «الفتاوى الكبرى» (6/ 106 - 107).

(1)

حسن. أخرجه أبوداود (4990)، والنسائي في «الكبرى» (11655)، والترمذي (2315) من طرق عن بهز بن حكيم به، وإسناده حسن.

ص: 603

1515 -

وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «كَفَّارَةُ مَنِ اغْتَبْته أَنْ تَسْتَغْفِرَ لَهُ» . رَوَاهُ الحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

دلَّ الحديث على أنَّ من توبة المغتاب أن يستغفر لمن اغتابه، والحديث ضعيف؛ فلا يُشترط ذلك، والذي يُشترط في التوبة من الغيبة، هو الندم على فعله، والعزم على ألَّا يعود إلى ذلك الفعل.

وهل يشترط التحلل من أخيه الذي اغتابه؟

أما إن كان قد بلغه ذلك؛ فيُشترط عند أهل العلم؛ لقوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: «من كانت عنده مظلمة لأخيه فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم» أخرجه البخاري (6534)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.

وأما إذا لم يبلغ الآخر الغيبة، فمنهم من اشترط ذلك؛ لعموم الحديث المتقدم، ومنهم من لم يشترط ذلك، بل قالوا: يكفيه التوبة والاستغفار، ويذكر أخاه بخير في المواطن التي ذكره فيها بسوء، وهذا القول رجحه شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله، وهو الصحيح، إن كان ظلمه سيزول أثره بالثناء على من اغتابه، وإن كان أثر ظلمه بالغيبة لم يزل بالثناء عليه؛ فيجب عليه التحلل، والله أعلم.

(1)

ضعيف جدًّا. أخرجه الحارث بن أبي أسامة كما في «بغية الباحث» (1080) بلفظ: «كفارة الاغتياب أن تستغفر لمن اغتبته» . وفي إسناده عنبسة بن عبدالرحمن الأموي القرشي، وهو متروك كما في «الميزان» .

ص: 604

1516 -

وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللهِ الأَلَدُّ الخَصِمُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(1)

الأدب المستفاد من الحديث

في الحديث بيان أنَّ الألد الخصم مبغوض عند الله عزوجل.

والألد هو الشديد الخصومة، وهذا محمول على من خاصم بباطل لدفع حقٍّ، أو لنصرة باطل، وأما من خاصم لنصرة الحق، أو لدفع الباطل؛ فليس بمذموم، وبالله التوفيق.

(1)

أخرجه مسلم برقم (2668). وقد أخرجه أيضًا البخاري برقم (7188).

ص: 605