الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التّرْغِيبِ فِي مَكَارِمِ الأَخْلاقِ
1517 -
عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إلَى البِرِّ، وَإِنَّ البِرَّ يَهْدِي إلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالكَذِبَ، فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الفُجُورَ يَهْدِي إلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللهِ كَذَّابًا» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
فيه منقبة عظيمة للصادق، وأنَّ الصدق سبب لدخول الجنة، ويشمل الصدق بالأقوال، والصدق بالأفعال، بأن يكون صادقًا في نيته، لا يريد بأعماله إلا الله سبحانه وتعالى.
وفي الحديث التحذير من الكذب، وأنه سبب للفجور، وللنار، والعياذ بالله.
1518 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الحَدِيثِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
الأدب المستفاد من الحديث
تقدم الحديث مع الكلام عليه برقم (1486).
(1)
أخرجه البخاري (6094)، ومسلم (2607)(105).
(2)
أخرجه البخاري (5143)، ومسلم (2563).
1519 -
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا، قَالَ:«فَأَمَّا إذَا أَبَيْتُمْ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالأَمْرُ بِالمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
دل الحديث على عدم جواز الجلوس على الطريق إلا بإعطائه حقَّه، وحقُّه هو غض البصر، وكف الأذى، ورد السلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وفي حديث أبي طلحة في «صحيح مسلم» (2161) زيادة: «وحسن الكلام» .
وجاء في حديث آخر خارج «الصحيح» : «وإرشاد السبيل» أخرجه أبو داود (4816)، وابن حبان (596) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، بإسناد حسن.
(2)
(1)
أخرجه البخاري (6229)، ومسلم (2121).
(2)
وانظر: «الفتح» (6229).
1520 -
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث فضل عظيم للتفقه في الدين، وطلب العلم النافع، وقد قال الله عزوجل في كتابه الكريم:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} [المجادلة:11].
وقال تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر:28].
وقال عزوجل: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه:114].
وفي الحديث الآخر: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة» أخرجه مسلم (2699)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
والأدلة الواردة في فضل العلم من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدًّا.
وانظر كتاب: «جامع بيان العلم وفضله» لابن عبد البر رحمه الله.
(1)
أخرجه البخاري (71)، ومسلم (1037).
1521 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ شَيْءٍ فِي المِيزَانِ أَثْقَلُ مِنْ حُسْنِ الخُلُقِ» . أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في هذا الحديث فضلٌ عظيم لحسن الخلق، و «حسن الخلق» لفظ جامعٌ يشمل حسن الخلق مع الله بالتوحيد، والعبادة، والاعتقاد الصحيح.
ويشمل حسن الخلق مع الناس بكف الأذى، وبذل الندى، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر.
وحسن الخلق مع الناس منه ما هو جِبِلِّي، ومنه ما هو مكتسب، فإذا رزق الله الإنسانَ حسنَ الخلق؛ فعليه أن يحمد الله على ذلك، وليعلم أنَّ ذلك من فضل الله عليه، وإن كان محرومًا من حسن الخلق فعليه أن يسأل ربَّه أن يوفقه لذلك، وقد كان من دعاء النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- في استفتاحه في الصلاة:«اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت» ، أخرجه مسلم (771)، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
(1)
صحيح. أخرجه أبوداود (4799)، والترمذي (2003)، وإسناد أبي داود صحيح، وإسناد الترمذي حسن. وعند الترمذي زيادة:«وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصيام، والصلاة» .
1522 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(1)
1523 -
وَعَنْ أَبِي مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
(2)
الأدب المستفاد من الحديثين
في هذين الحديثين بيان أنَّ الحياء من الإيمان، وفي حديث عمران بن حصين رضي الله عنه في «الصحيحين»
(3)
: «الحياء لا يأتي إلا بخير» ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عند أحمد (2/ 551)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاءة من الجفاء، والجفاء في النار» ، وهو في «الصحيح المسند» (1428)، لشيخنا مقبل الوادعي رحمه الله.
وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه في «الصحيحين» : «والحياء شعبة من الإيمان»
(4)
، وفي حديث ابن عمر رضي الله عنهما عند الحاكم (1/ 22)، أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«الحياء والإيمان قُرِنا جميعًا، فإذا رُفع أحدهما رُفِع الآخر» ، وهو في «الصحيح المسند» (1752)، لشيخنا رحمه الله.
(1)
أخرجه البخاري (24)، ومسلم (36).
(2)
أخرجه البخاري برقم (6120).
(3)
أخرجه البخاري برقم (6117)، ومسلم برقم (37).
(4)
أخرجه البخاري برقم (9)، ومسلم برقم (35).
والحياء هو كما عرَّفه ابن مفلح رحمه الله في «الآداب الشرعية» (2/ 227): خلق يبعث على فعل الحسن، وترك القبيح. اهـ
وقال الكفوي رحمه الله كما في «الكليات» (ص 404): الحياء هو انقباض النفس عن القبيح مخافة اللوم، وهو الوسط بين الوقاحة التي هي الجرأة على القبائح، وعدم المبالاة بها، والخجل الذي هو انحصار النفس عن الفعل مطلقًا. اهـ
وقوله في حديث الباب: «فاصنع ما شئت» للتهديد، والله أعلم.
قلتُ: ويتفاوت الحياء بتفاوت الإيمان؛ لحديث ابن عمر رضي الله عنهما، فالكافر لا حياء له، والمؤمن العاصي حياؤه أقل من حياء المؤمن الطائع، وبالله التوفيق.
تنبيه: الحياء يشمل ترك ما يقبح شرعًا، وترك ما يقبح عرفًا، إذا لم يخالف الشرع، وأما ترك الطاعة، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو شيئًا من سنة النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- لأجل الناس؛ فهذا ليس بحياء، وإنما هو ضعف، وخور، وذل، وأما الخجل فهو يشمل ترك ما يقبح وما لا يقبح كما تقدم.
1524 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ القَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إلَى اللهِ مِنَ المُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُك وَاسْتَعِنْ بِاللهِ وَلَا تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَك شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْت كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللهُ وَمَا شَاءَ اللهُ فَعَلَ، فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
يُستفاد من الحديث أنَّ المؤمن المتمسك بالكتاب والسنة، والثابت على طاعة الله أحب إلى الله من المؤمن الضعيف العزيمة في أعمال الخير.
قال الصنعاني رحمه الله في «سبل السلام» (4/ 2078): الْمُرَادُ مِنْ الْقَوِيِّ: قَوِيُّ عَزِيمَةِ النَّفْسِ فِي الْأَعْمَالِ الْأُخْرَوِيَّةِ؛ فَإِنَّ صَاحِبَهَا أَكْثَرُ إقْدَامًا فِي الْجِهَادِ، وَإِنْكَارِ الْمُنْكَرِ، وَالصَّبْرِ عَلَى الْأَذَى فِي ذَلِكَ، وَاحْتِمَالِ الْمَشَاقِّ فِي ذَاتِ الله، وَالْقِيَامِ بِحُقُوقِهِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا، وَالضَّعِيفُ بِالْعَكْسِ مِنْ هَذَا؛ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ الْخَيْرِ؛ لِوُجُودِ الْإِيمَانِ فِيهِ، ثُمَّ أَمَرَهُ صلى الله عليه وسلم بِالْحِرْصِ عَلَى طَاعَةِ الله، وَطَلَبِ مَا عِنْدَهُ، وَعَلَى طَلَبِ الِاسْتِعَانَةِ بِهِ فِي كُلِّ أُمُورِهِ؛ إذْ حِرْصُ الْعَبْدِ بِغَيْرِ إعَانَةِ الله لَا يَنْفَعُهُ.
إذَا لَمْ يَكُنْ عَوْنٌ مِنْ الله لِلْفَتَى
…
فَأَكْثَرُ مَا يَجْنِي عَلَيْهِ اجْتِهَادُهُ
(1)
أخرجه مسلم برقم (2664).
وَنَهَاهُ عَنْ الْعَجْزِ وَهُوَ التَّسَاهُلُ فِي الطَّاعَاتِ وَقَدْ اسْتَعَاذَ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم.اهـ
ثم أمر -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بالإيمان بالقدر، وعدم التسخط بقوله:«لو فعلتُ كذا؛ لكان كذا» .
ويُستفاد من ذلك وجوب الصبر على البلاء، والإيمان بالقدر؛ فذلك يُهَوِّنُ على العبد ما أصابه من البلاء، وبالله العصمة والتوفيق.
1525 -
وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمَارٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ تَعَالَى أَوْحَى إلَيَّ: أَنْ تَوَاضَعُوا، حَتَّى لَا يَبْغِيَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ، وَلَا يَفْخَرَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
قال الصنعاني رحمه الله في «سبل السلام» (4/ 2080): التَّوَاضُعُ عَدَمُ الْكِبْرِ، وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْكِبْرِ. وَعَدَمُ التَّوَاضُعِ يُؤَدِّي إلَى الْبَغْيِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى لِنَفْسِهِ مَزِيَّةً عَلَى الْغَيْرِ، فَيَبْغِي عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ، أَوْ فِعْلِهِ، وَيَفْخَرُ عَلَيْهِ وَيَزْدَرِيهِ، وَالْبَغْيُ وَالْفَخْرُ مَذْمُومَانِ، وَوَرَدَتْ أَحَادِيثُ فِي سُرْعَةِ عُقُوبَةِ الْبَغْيِ، مِنْهَا: عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَوْ أَحَقُّ مِنْ أَنْ يُعَجِّلَ اللهُ لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ» أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ، وَصَحَّحَاهُ
(2)
. ا هـ
قلتُ: وهو حديث صحيح، وقد صححه شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله في «الصحيح المسند» (1166).
(1)
أخرجه مسلم برقم (2865)(64).
(2)
أخرجه الترمذي (2511)، والحاكم (2/ 356).
1526 -
وَعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ بِالغَيْبِ رَدَّ اللهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ القِيَامَةِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ.
(1)
1527 -
وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ نَحْوُهُ.
(2)
الأدب المستفاد من الحديث
يُستفاد من الحديث فضيلة من ردَّ عن عرض أخيه بالغيب، كما صنع معاذ بن جبل رضي الله عنه عند أن سأل النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- بتبوك:«ما فعل كعب بن مالك؟» فقال رجلٌ: حبسه بُرداه والنظر في عطفيه. فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: بئسما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا. متفق عليه.
ولا يجوز لمسلم أن يستمع الغيبة، ولا ينكر ذلك، فقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» أخرجه مسلم عن أبي سعيد رضي الله عنه.
(1)
حسن. أخرجه الترمذي (1931)، وهو عند أحمد (6/ 450)، وفي إسناده مرزوق أبوبكر التيمي مجهول، تفرد بالرواية عنه أبوبكر النهشلي، ولم يوثقه معتبر.
وله طريق أخرى عند أحمد (6/ 449)، وابن أبي الدنيا في «الصمت» (239)، والبغوي (3528)، والدارقطني في «العلل» (1091)، من طريق: ليث بن أبي سليم، عن شهر بن حوشب، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء، به. وروي على غير هذا الوجه، وهو غير محفوظ كما في «العلل» ، وهذه الطريق فيها: ليث، وشهر، وكلاهما ضعيف، ولكن الحديث حسن بالطريقين.
(2)
معل. أخرجه أحمد (6/ 461)، من طريق عبيدالله بن أبي زياد القداح، عن شهر بن حوشب، عن أسماء بنت يزيد مرفوعًا بلفظ:«من ذب عن لحم أخيه بالغيبة كان حقًّا على الله أن يعتقه من النار» . وإسناده ضعيف؛ لضعف عبيدالله بن أبي زياد وشهر بن حوشب.
والحديث مشهور عن شهر، عن أم الدرداء، عن أبي الدرداء كما تقدم؛ فلعل القداح وهم فيه، والله أعلم، والحديث حسن عن أبي الدرداء كما تقدم.
1528 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للهِ إلَّا رَفَعَهُ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الآداب المستفادة من الحديث
يُستفاد من الحديث أنَّ الصدقة لا تنقص المال؛ فإنَّ الله عزوجل يبارك لصاحب الصدقة في ماله، ويدفع عنه الآفات، قال تعالى:{وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} [سبأ: 39].
ويُستفاد منه أنَّ الذي يعفو عمن أساء إليه؛ فإنَّ الله تعالى يجعل له عِزًّا، وعظمة في القلوب، ويُستفاد منه أن المتواضع يزيده الله رفعة.
ففي الحديث حثٌّ على الصدقة، والعفو، والتواضع، وهذه من مكارم الأخلاق، نسأل الله عزوجل أن يوفقنا لذلك.
(1)
أخرجه مسلم برقم (2588).
1529 -
وَعَنْ عَبْدِاللهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ وَصِلُوا الأَرْحَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الجَنَّةَ بِسَلَامٍ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
فيه فضلٌ عظيم لمن جمع خِصال الخير المذكورة في الحديث، وأنَّ ذلك سببٌ لدخول الجنة، فينبغي للمسلم أن يحرص على جمع هذه الخصال في نفسه، نسأل الله عزوجل أن يوفقنا وجميع المسلمين لذلك، والله المستعان.
(1)
صحيح. أخرجه الترمذي (2485)، من طريق زرارة بن أوفى عن عبدالله بن سلام به. وإسناده صحيح، وزرارة بن أوفى قد أدرك عبدالله بن سلام ولم نجد أحدًا نفى سماعه منه إلا أن أبا حاتم قال وقد سئل عن سماعه منه قال: ما أُراه، ولكنه يدخل في المسند، وقد وجد التصريح بالتحديث في بعض طرق الحديث، وقد صحح الإمام الألباني هذا الحديث في «الصحيحة» .
1530 -
وَعَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الدِّينُ النَّصِيحَةُ» ثَلَاثًا قُلْنَا: لِمَنْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «للهِ، وَلِكِتَابِهِ، وَلِرَسُولِهِ، وَلِأَئِمَّةِ المُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
بيَّن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنَّ الدين هو النصيحة لله، وذلك بتوحيده، وإخلاص الأعمال له سبحانه وتعالى، والاعتقاد الصحيح به، وبأمور الغيب، والنصيحة لرسوله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، وذلك باتِّبَاع هديه، وبالإيمان برسالته، والنصيحة للقرآن بالعمل به، وباعتقاد أنه كلام الله غير مخلوق.
والنصيحة لولاة الأمر بطاعتهم في طاعة الله، وعدم الخروج عليهم، وإرشادهم للخير، وتحذيرهم من الشر مع الاحترام والتقدير، والسمع والطاعة.
والنصيحة لعامة المسلمين بتعليمهم الخير، والعلم، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك. فنسأل الله عزوجل أن يجعلنا من عباده الناصحين.
(1)
أخرجه مسلم برقم (55). وليس عنده لفظ «ثلاثا» وهي ثابتة عند الترمذي (1926)، وغيره.
1531 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ الجَنَّةَ تَقْوَى اللهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث الحث على تقوى الله، وحسن الخلق، وأنَّ ذلك سبب لدخول الجنة، وتقوى الله هو أن يُطاع الله فيما أمر بفعله، وفيما نهى عنه باجتنابه؛ ابتغاء وجه الله سبحانه وتعالى.
وقد جاءت الأدلة المتكاثرة من الكتاب والسنة أنَّ من اتقى الله فجزاؤه الجنة، وكذلك من أحسن خلقه.
فنسأل الله عزوجل أن يرزقنا التقوى، وحسن الخلق، وبالله التوفيق.
(1)
ضعيف. أخرجه الترمذي (2004)، والحاكم (4/ 324)، وفي إسناده يزيد بن عبدالرحمن الأودي. روى عنه ثلاثة ووثقه ابن حبان والعجلي، وقال الحافظ في «التقريب»: مقبول يعني أنه لين إن لم يتابع فالذي يظهر أنه مجهول الحال، والله أعلم.
1532 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إنَّكُمْ لَا تَسَعُونَ النَّاسَ بِأَمْوَالِكُمْ، وَلَكِنْ لِيَسَعْهُمْ مِنْكُمْ بَسْطُ الوَجْهِ وَحُسْنُ الخُلُقِ» . أَخْرَجَهُ أَبُو يَعْلَى، وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
فيه الحث على معاملة الناس بالأخلاق الحسنة، وقد تأثر كثير من الناس بحسن خلق رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ فأسلموا، وينبغي للداعي إلى الله أن يدعو الناس بأعماله كما يدعوهم بأقواله، وكثيرٌ من الناس يتأثرون بالفعل أكثر من تأثرهم بالقول، وكما قيل:
لا خيل عندك تهديها ولا مال
…
فليحسن النطق إن لم يحسن الحال
بل قال ربُّنَا جل وعلا في كتابه الكريم: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف:199].
وقال تعالى: {وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النور:22].
(1)
ضعيف. أخرجه أبويعلى (6550)، والحاكم (1/ 124)، وفي إسناده عبدالله بن سعيد المقبري وهو متروك. وله طريق أخرى عند البزار كما في «كشف الأستار» (1979) وفي إسناده يزيد بن عبدالرحمن الأودي، وهو مجهول الحال كما تقدم في التخريج السابق. فالحديث ضعيف، والله أعلم.
1533 -
وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ مِرْآةُ المُؤْمِنِ» . أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
المراد من الحديث أنَّ المؤمن لأخيه المؤمن كالمرآة التي ينظر فيها وجهه، فيرى عيوبه فيها، فكذلك المؤمن يطلع أخاه على ما فيه من عيب، وينبهه على إصلاحه، ويرشده إلى ما يزينه عند مولاه تعالى، وإلى ما يزينه عند عباده، وهذا داخلٌ في النصحية.
وفي الحديث الآخر: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا» وشبَّك بين أصابعه. متفق عليه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
(1)
ضعيف. أخرجه أبوداود (4918)، وفيه زيادة «والمؤمن أخو المؤمن، يكف عليه ضيعته ويحوطه من ورائه» وفي إسناده: كثير بن زيد الأسلمي وهو ضعيف. وله شاهد بدون الزيادة من حديث أنس، وفي إسناده: محمد بن عمار المؤذن أورده ابن عدي في «الكامل» في ترجمته، ونص الذهبي في «الميزان» أنه من مناكيره.
1534 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «المُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ خَيْرٌ مِنَ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ» . أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ، وَهُوَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ الصَّحَابِيَّ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
قال الصنعاني رحمه الله في «السبل» (4/ 2087): فِيهِ أَفْضَلِيَّةُ مَنْ يُخَالِطُ النَّاسَ مُخَالَطَةً يَأْمُرُهُمْ فِيهَا بِالْمَعْرُوفِ، وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ، وَيُحْسِنُ مُعَامَلَتَهُمْ؛ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الَّذِي يَعْتَزِلُهُمْ وَلَا يَصْبِرُ عَلَى الْمُخَالَطَةِ، وَالْأَحْوَالُ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ وَالْأَزْمَانِ، وَلِكُلِّ حَالٍ مَقَالٌ، وَمَنْ رَجَّحَ الْعُزْلَةَ فَلَهُ عَلَى فَضْلِهَا أَدِلَّةٌ. اهـ
قلتُ: ولكن إذا خالط؛ فلا يكون ذلك مع ارتكابه المعاصي، والمداهنة فيها، وإنما يكون للنصح والإنكار، وفي وقت لا يشارك فيه في معصية الله.
(1)
صحيح. أخرجه ابن ماجه (4032)، وإسناده ضعيف، فيه عبدالواحد بن صالح وهو مجهول، وعنده «أعظم أجرًا» بدل «خير» واللفظ المذكور للبخاري في «الأدب المفرد» (388) وإسناد البخاري صحيح.
وأخرجه الترمذي (2507)، بإسناد صحيح عن شيخ من أصحاب النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أراه عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- به. لكن قال: «المسلم إذا كان يخالط الناس
…
خير من المسلم
…
» والباقي مثل حديث الباب. قال عَقِبَهُ: قال ابن أبي عدي: كان شعبة يرى أنه ابن عمر. وانظر: «الصحيحة» (939).
1535 -
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «اللهُمَّ حَسَّنْتَ خَلْقِي فَحَسِّنْ خُلُقِي» . رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
فيه الحث على سؤال الإنسان من ربه أن يرزقه حسن الخلق؛ فهو من فضل الله يهب ذلك لمن يشاء، وقد كان النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- يكرر الدعاء في ذلك كما تقدم في حديث قطبة رضي الله عنه.
(1)
صحيح لغيره. أخرجه أحمد (1/ 403)، وابن حبان (959)، وفي إسناده عوسجة بن الرماح، تفرد بالرواية عنه عاصم الأحول ووثقه ابن معين وابن حبان، وقال الدارقطني: شبه مجهول لا يروي عنه غير عاصم لا يحتج به، لكن يعتبر به.
وله شاهد من حديث عائشة: أخرجه أحمد (6/ 68، 155)، وإسناده صحيح.