الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الزُّهْدِ وَالوَرَعِ
الزهد: أحسن تعريف له تعريف شيخ الإسلام: (هو ترك ما لا ينفع في الآخرة).
والورع: هو ترك ما يُخشَى ضرره في الآخرة.
(1)
1466 -
عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ -وَأَهْوَى النُّعْمَانُ بِأُصْبُعَيْهِ إلَى أُذُنَيْهِ-: «إنَّ الحَلَالَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَقَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ القَلْبُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(2)
الأدب المستفاد من الحديث
أورد الحافظ رحمه الله هذا الحديث في هذا الباب من أجل قوله: «فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ فَقَدِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ» .
(1)
انظر: «مجموع الفتاوى» (10/ 21، 511 - 512)، «الفوائد» (118).
(2)
أخرجه البخاري (52)، ومسلم (1599).
وهذا الحديث أصلٌ من أصول التورع، ويشبهه حديث:«دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» ؛ فإنَّ من استهان بالشبهات جرَّه ذلك إلى الحرام، ومن ابتعد من الشبهات سلم من الحرام بتوفيق الله.
والحديث له فوائد عظيمة، وشرحها يطول، وإنما ألمحنا إلى الشاهد منه لهذا الباب، وقد شرحه الإمام ابن رجب رحمه الله في «جامع العلوم والحكم» فأفاد وأجاد.
1467 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ وَالقَطِيفَةِ، إنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ لَمْ يَرْضَ» . أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث ذمٌّ لمن جعل الدنيا همَّه، وجعلها غاية مقصودة، وذم لمن قدمها على طاعة الله؛ فإنها تذله ويصير عبدًا لها، تُذَلِّلُه الدنيا والشيطان كما يشاء، فمن صرف عبادة لغير الله لينال بها دنيا؛ فقد أشرك، قال تعالى:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود:15 - 16].
قال الصنعاني رحمه الله: واعلم أنَّ المذموم من الدنيا كل ما يبعد العبد عن الله تعالى، ويشغله عن واجب طاعته وعبادته، لا ما يعينه على الأعمال الصالحة؛ فإنه غير مذموم، وقد يتعين طلبه ويجب عليه تحصيله. اهـ.
(1)
أخرجه البخاري برقم (6435).
1468 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: أَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمَنْكِبَيَّ، فَقَالَ:«كُنْ فِي الدُّنْيَا كَأَنَّك غَرِيبٌ، أَوْ عَابِرُ سَبِيلٍ» . وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنهما يَقُولُ: إذَا أَمْسَيْت فَلَا تَنْتَظِرِ الصَّبَاحَ، وَإِذَا أَصْبَحْت فَلَا تَنْتَظِرِ المَسَاءَ، وَخُذْ مِنْ صِحَّتِك لِسَقَمِك وَمِنْ حَيَاتِك لِمَوْتِك. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في هذا الحديث إشارة إلى الزهد في الدنيا، وأخذ البلغة منها، والكفاف، فكما لا يحتاج المسافر إلى أكثر مما يبلغه إلى غاية سفره، فكذلك المؤمن لا يحتاج في الدنيا إلى أكثر مما يبلغه المحل، قال تعالى:{يَاقَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر:39].
(1)
أخرجه البخاري برقم (6416).
1469 -
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ» . أَخْرَجَهُ أَبُودَاوُد، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث تحريم التشبه بالكافرين فيما هو من خصائصهم كأعيادهم، وعباداتهم، وزيهم، فمن فعل ذلك مُفَضِّلًا هديهم على هدي رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-؛ فقد كفر، وإلا فهو عاصٍ بفعله ذلك، ويكون قوله:«فهو منهم» ، أي: في تلك الخصلة التي شابههم بها، والله أعلم.
(1)
حسن. أخرجه أبوداود (4031)، حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو النضر، حدثنا عبد الرحمن ابن ثابت، حدثنا حسان بن عطية، عن أبي منيب الجرشي، عن ابن عمر به. وإسناده حسن، وصححه الإمام الألباني رحمه الله في «الإرواء» (1269).
1470 -
وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كُنْت خَلْفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا، فَقَالَ:«يَا غُلَامُ، احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْك، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ تُجَاهَك، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْت فَاسْتَعِنْ بِاللهِ» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
قوله: «احفظ الله يحفظك» ، أي: احفظ الله بإقامة دينه يحفظك الله بتوفيقك للثبات والاستقامة، ويحفظك الله من بلاء الدنيا والآخرة.
وقوله: «تجده تجاهك» ، أي: تجده ناصرك، ومؤيدك في أمور دنياك وآخرتك.
وقوله: «إذا سألت فاسأل الله» يشمل الدعاء، ويشمل طلب المال والحاجة الدنيوية.
وهذا الحديث من جوامع الكلم، فألفاظه يسيرة، ومعانيه كثيرة واسعة، وانظر شرح الحافظ ابن رجب على هذا الحديث العظيم.
(1)
حسن. أخرجه الترمذي (2516)، من طريقين عن الليث بن سعد قال: حدثني قيس بن الحجاج، عن حنش الصنعاني، عن ابن عباس به، وإسناده حسن.
1471 -
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إذَا عَمِلْته أَحَبَّنِي اللهُ، وَأَحَبَّنِي النَّاسُ، فَقَالَ:«ازْهَدْ فِي الدُّنْيَا يُحِبَّك اللهُ، وَازْهَدْ فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّك النَّاسُ» . رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَسَنَدُهُ حَسَنٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
في الحديث دلالة على أنَّ من رغب عن الدنيا، وأقبل على العلم والعبادة أحبه الله، ومن زهد عما في أيدي الناس أحبه الناس، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا فهناك أدلة كثيرة من الكتاب والسنة تدل عليه.
(1)
ضعيف. رواه ابن ماجه (4102)، وفي إسناده خالد بن عمرو القرشي وهو كذاب وضاع، فهذا الإسناد تالف، فعجبًا للحافظ كيف حسنه، وقد ذكر الإمام الألباني رحمه الله في «الصحيحة» (944) طرقًا لتحسين الحديث، وهي ما بين شديد الضعف أو غير محفوظ، وأحسنها مرسل عن مجاهد، وقيل عن النخعي، وقيل عن ربعي بن حراش، وقيل عن إبراهيم بن أدهم عن النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، اختلف الرواة فيه. وانظر:«جامع العلوم والحكم» (2/ 176)، وقد ضعف الحديث شيخنا مقبل الوادعي رحمه الله.
1472 -
وَعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «إنَّ اللهَ يُحِبُّ العَبْدَ التَّقِيَّ الغَنِيَّ الخَفِيَّ» . أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
دلَّ الحديث على أنَّ من كان عابدًا لله، مُتَّقِيًا لربه سبحانه، غنيًّا في نفسه، وهو القنوع بما أعطاه الله كما في الحديث:«ليس الغنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس» ، أخرجه البخاري برقم (6446)، ومسلم برقم (1051)، عن أبي هريرة رضي الله عنه. فمن كان كذلك فهو محبوب عند ربه سبحانه، وتعالى.
والخفي هو المنقطع إلى الله في نيته وفي عبادته، ولا يحب الرياء والسمعة، وهو بعيد عنهما، فهذا الإنسان الذي جمع هذه الخصال محبوب عند ربه سبحانه وتعالى، نسأل الله عزوجل أن يجعلنا كذلك بِمَنِّه وكرمه، وبالله التوفيق.
(1)
أخرجه مسلم برقم (2965).
1473 -
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مِنْ حُسْنِ إسْلَامِ المَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيه» . رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَسَنٌ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
دلَّ الحديث على أنَّ من أخلاق المسلم الكامل الإسلام أن يدع الخوض في أمور لا تعنيه، سواء كان ذلك من أمور الغيب، أو من أمور الناس الخاصَّة التي لا يحبون أن يطلع عليها غيرهم.
والحديث وإن كان ضعيفًا فقد قال ربنا جل وعلا في كتابه الكريم: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:36].
وقال تعالى: {لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101].
وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} إلى قوله: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف:33].
(1)
ضعيف معل بالإرسال. أخرجه الترمذي (2317)، من طريق قرة بن عبدالرحمن، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة. وقرة بن عبدالرحمن ضعيف، وقد خالفه الحفاظ والثقات؛ فرووه عن الزهري، عن علي بن الحسين، عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-، رواه كذلك مالك ويونس ومعمر وإبراهيم ابن سعد.
ورجح إرساله أحمد وابن معين والبخاري والدارقطني والترمذي. انظر: «جامع العلوم والحكم» (1/ 287)، وقد ضعف الحديث الإمام الوادعي رحمه الله.
1474 -
وَعَنِ المِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مَلَأَ ابْنُ آدَمَ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْن» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
هذا الحديث فيه فائدة عظيمة في المحافظة على الصحة، وهو عدم إملاء المعدة بالطعام؛ فإنَّ إملاءها بالطعام يسبب التخمة، والأمراض، وسوء الهضم، ويوجب الخمول والكسل.
وكذلك فإن الشبعان أقرب إلى المعصية من الجائع؛ فإنَّ قلة الأكل تسبب رقة القلب، وانكسار النفس، وتمكن الشيطان من الشبعان أعظم من تمكنه من قليل الأكل، والله أعلم.
(1)
ضعيف. أخرجه الترمذي (2380)، وأخرجه أيضًا النسائي في «الكبرى» (6769)، وأحمد (4/ 132)، من طريق يحيى بن جابر الطائي، عن المقدام بن معدي كرب، وإسناده ضعيف؛ لانقطاعه، فإن يحيى روايته عن المقدام مرسلة، قاله أبوحاتم ووافقه المزي والحافظ ابن حجر، وما جاء من تصريح بالسماع عند أحمد فلا يعتمد؛ فإن من أخرج الحديث غيره رووه بالعنعنة وجزم أبي حاتم بالإرسال مقدم على هذا التصريح بالسماع، وللحديث طرق لا تصلح لتقويته. انظر:«الإرواء» (1983)، و «تحقيق المسند» (28/ 423).
1475 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» . أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَسَنَدُهُ قَوِيٌّ.
(1)
الأدب المستفاد من الحديث
يدل الحديث على أنَّ ابن آدم لا يسلم من الوقوع في المعاصي، والذنوب، فعليه أن يكثر من التوبة والاستغفار، والحديث وإن كان ضعيفًا فقد دلَّ على ذلك حديث أبي ذر في «صحيح مسلم» أنَّ النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- قال:«قال الله تعالى: يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا فاستغفروني أغفر لكم» .
وإذا علم الإنسان أنه لا يسلم من المعاصي فعليه أن يسأل ربه عزوجل الهداية، والعصمة، فمن سدده الله عزوجل فقد وفق، ولن يقع في معصية إلا بخذلان من الله له في تلك الحال التي عصى الله فيها؛ فإنَّ من هداه الله لم يستطع أحدٌ أن يضله، ومن أضله الله لن يستطيع أحدٌ أن يهديه.
فنسأل الله عزوجل ذا الجلال والإكرام أن يهدينا، وأن يسددنا في أعمالنا، وأقوالنا، واعتقاداتنا، وبالله التوفيق.
(1)
ضعيف. أخرجه الترمذي (2499)، وابن ماجه (4251)، من طريق علي بن مسعدة، عن قتادة، عن أنس به. وعلي بن مسعدة ضعيف، وحديثه هذا غير محفوظ كما جزم بذلك ابن عدي، وأورد حديثه هذا في ترجمته من «الكامل» .
1476 -
وَعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الصَّمْتُ حِكْمَةٌ، وَقَلِيلٌ فَاعِلَهُ» . أَخْرَجَهُ البَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ بِسَنَدِ ضَعِيفٍ
(1)
، وَصَحَّحَ أَنَّهُ مَوْقُوفٌ مِنْ قَوْلِ لُقْمَانَ الحَكِيمِ.
(2)
الأدب المستفاد من الحديث
دلَّ هذا الحديث على أنَّ الصمت حِكمة، والحديث ضعيفٌ كما تقدم.
والصمت قد يكون حكمة، وقد يكون الكلام هو الحكمة، وكُلٌّ بِحَسَبِه في موضعه، وقد قال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-:«من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا، أو ليصمت» متفق عليه، وقال عليه الصلاة والسلام:«من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه؛ فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» رواه مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
(1)
أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (5027) من طريق عثمان بن سعد الكاتب، عن أنس، وتصحف في المطبوع إلى (سعيد) والصواب ما أثبته كما في «الكامل» لابن عدي (5/ 1816)، ثم قال البيهقي: وعثمان ابن سعد فيه ضعف، غلط في هذا والصحيح رواية ثابت يعني الموقوف كما سيأتي.
(2)
أخرجه البيهقي في «الشعب» (5026)، والحاكم في «المستدرك» (2/ 422)، من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس أن لقمان كان عند داود وهو يسرد الدرع فجعل يفتله هكذا بيده فجعل لقمان يتعجب، ويريد أن يسأله، فتمنعه حكمته أن يسأل، فلما فرغ منها ضمها على نفسه وقال: نعم درع الحرب هذه. فقال لقمان: إن الصمت من الحكم وقليل فاعله، كنت أريد أن أسألك فسكت حتى كفيتني. وإسناده صحيح. قال البيهقي: هذا هو الصحيح عن أنس.