الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أهل الكتاب. واستحب بعضهم تغليظها أيضًا في الزمان، والمكان، ولا يُشترط ذلك عند أهل العلم.
(1)
مسألة [15]: هل يُقطع بالنفي في يمينه، أو يحلف على نفي علمه
؟
• ذهب جمهور العلماء إلى أنَّ الأيمان كلها على البَتِّ والقطع؛ إلا على نفي فعل الغير؛ فإنها على نفي العلم، وهو قول أصحاب المذاهب الأربعة.
• وقال الشعبي، والنخعي: كلها على العلم. وهي رواية عن أحمد.
• وقال ابن أبي ليلى: كلها على البت كما يحلف على فعل نفسه.
والصحيح القول الأول، ووجه ذلك ظاهر، والله أعلم.
(2)
مسألة [16]: الرجوع عن الشهادات
؟
الرجوع عن الشهادة له ثلاث أحوال:
الحال الأولى: أن يرجعوا قبل الحكم بها.
فلا يجوز الحكم بها في قول عامة أهل العلم، إلا قولًا حُكي عن أبي ثور أنه يحكم بها، وهو شاذ؛ لأنَّ الشهادة شرط الحكم، وقد انتقضت.
الحال الثانية: أن يرجعا بعد الحكم، وقبل الاستيفاء.
• فإنْ كان المحكوم به عقوبة كالحد والقصاص؛ لم يجز استيفاؤه؛ لأنَّ الحدود تُدرَأُ بالشبهات، ورجوعهما من أعظم الشبهات. وإن كان المشهود به
(1)
انظر: «المغني» (14/ 222 - 225).
(2)
انظر: «المغني» (14/ 228).
مالًا؛ استوفي ولم ينقض الحكم في قول أهل الفُتيا من علماء الأمصار إلا ما حُكي عن سعيد بن المسيب، والأوزاعي أنهما قالا: ينقض الحكم، وإن استُوفي الحق كما لو تبين أنهما كانا كافرين.
قال ابن قدامة رحمه الله: وَلَنَا أَنَّ حَقَّ الْمَشْهُودِ لَهُ وَجَبَ لَهُ، فَلَا يَسْقُطُ بِقَوْلِهِمَا، كَمَا لَوْ ادَّعَيَاهُ لَأَنْفُسِهِمَا، يُحَقِّقُ هَذَا أَنَّ حَقَّ الْإِنْسَانِ لَا يَزُولُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ، وَرُجُوعُهُمَا لَيْسَ بِشَهَادَةٍ، وَلِهَذَا لَا يَفْتَقِرُ إلَى لَفْظِ الشَّهَادَةِ، وَلَا هُوَ إقْرَارٌ مِنْ صَاحِبِ الْحَقِّ. وَفَارَقَ مَا إذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُمَا كَانَا كَافِرَيْنِ؛ لِأَنَّنَا تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ شَرْطُ الْحُكْمِ، وَهُوَ شَهَادَةُ الْعُدُولِ، وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ؛ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَا عَدْلَيْنِ صَادِقَيْنِ فِي شَهَادَتِهِمَا، وَإِنَّمَا كَذَبَا فِي رُجُوعِهِمَا، وَيُفَارِقُ الْعُقُوبَاتِ، حَيْثُ لَا تُسْتَوْفَى؛ لِأنَّهَا تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ. اهـ
• واختار ابن حزم أنه ينقض حكمه، قال: كما لو أنَّ عدلين شهدا بجرحته حين شهد، فيجب رد ما شهد به، فإقراره على نفسه بالكذب، أو الغفلة أثبت عليه من شهادة غيره عليه بذلك. وعزا هذا القو ل لحماد بن أبي سليمان، والحسن البصري.
وهذا القول هو الصواب، وقد رجحه الإمام الشوكاني رحمه الله فقال في «السيل الجرار» (ص 782): ومع الرجوع تبطل شهادته من غير فرق بين كونها قبل الحكم أو بعده، وأي تأثير للحكم مع بطلان مستنده؛ فإنَّ هذا من أعجب ما يقرع سمع من يتعقل الحقائق فضلًا عمن هو عالم بالأسباب الموجبة لثبوت أحكام