الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. وفى سورة المجادلة قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَاءَايَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ} (1) . وفى سورة المجادلة أيضاً قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} (2) إن الآيات السابقة تصرح بأن مخالفة منهج الله ورسوله، يدخل النار، ويورث الذل، والخزى، والفتنة، والكبت، ويحبط العمل. فليختر المسلم لنفسه ما يشاء (3) أ. هـ.
المطلب الثالث: من أدلة حجية السنة، السنة النبوية نفسها
…
الأحاديث الدالة على حجية السنة كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: "ألا إنى أُوتيتُ القُرآن ومِثْلَهُ مَعَهُ ألا يُوشكُ رجُلُ شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وَجَدْتُمْ فيه من حَلَالٍ فأحلُّوهُ، وما وجدتم فيه من حرام فَحرِّمُوهُ، ألا لا يَحلُّ لكم الحمار الأَهْلِى، ولا كُلُّ ذى ناب من السِّبَاع، ولا لُقَطَةُ مُعَاهِد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها".
…
وهذا الحديث صحيح ثابت لا مطعن فيه، لا من جهة النقل والرواية، ولا من جهة العقل والدراية (4) .
أما النقل والرواية فالحديث صحيح رواه الأئمة أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، والدارمى فى سننهم (5) .
(1) الآية 5 من سورة المجادلة.
(2)
الآية 20 من سورة المجادلة.
(3)
تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان ص 48 وما بعدها بتصرف. وانظر: مزيد من الأدلة القرانية على حجية السنة كتاب حجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 291: 308.
(4)
دفاع عن السنة للدكتور محمد أبو شبهة ص 216.
(5)
سبق التخريج ص 445.
.. وأما العقل والدراية: فإن بناء الفعل للمجهول "أوتيت" يدل على أن الله تعالى أعطى لرسوله صلى الله عليه وسلم القرآن ومثله معه. فما هو المماثل للقرآن الذى تلقاه الرسول صلى الله عليه وسلم عن ربه؟ لا يمكن أن يكون هذا المماثل شيئاً غير السنة الشريفة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءنا بهذين الأصلين معاً القرآن والسنة – ولم يأتنا بشئ غيرهما – علماً بأن الحديث القدسى مندرج فى السنة الشريفة (1) . وقد دل على هذا الفهم القرآن الكريم، مما سبق ذكره من الآيات الكريمات الدالة على حجية السنة.ودل على ذلك الفهم أيضاً الأحاديث المتكاثرة التى تؤيد هذا المعنى.
نقول هذا رداً على المرجفين فى دين الله عز وجل العاملين على هدم كيان السنة المطهرة، الطاعنين فى صحة الحديث، وفى معناه (2) .
أما الأحاديث التى تؤيد المعنى السابق، وتؤكد حجية السنة المطهرة، قوله صلى الله عليه وسلم:"نضر الله امرءاً منا شيئاً، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع (3) . ووجه دلالة الحديث على حجية السنة كما يراها كبار العلماء: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ندب إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها
…
فدل على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه، إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى، وحرام يجتنب، وحد يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة فى دين ودنيا" (4) .
(1) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير ص 57، وانظر: إرشاد الفحول للشوكانى 1/156، 157.
(2)
انظر: أضواء على السنة لمحمود أبو رية ص52،وتبصير الأمة بحقيقة السنة لإسماعيل منصور ص318
(3)
سبق تخريجه ص34.
(4)
الرسالة للشافعى ص 402، 403 فقرة رقم 1103.
.. وقال الإمام البيهقى: "لولا ثبوت الحجة بالسنة لما قال صلى الله عليه وسلم فى خطبته، بعد تعليم من شهده أمر دينهم: "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع" (1) .
وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم"(2) وهذا يؤكد قوله تعالى {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (3) وقال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعنى؛ دخل الجنة، ومن عصانى؛ فقد أبى" (4) .
…
وهذا يؤكد ما سبق ذكره من الآيات الدالة على أن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة مستقلة. والأحاديث غير ذلك كثيرة (5) ، مرت الإشارة إلى بعضها. كحديث "عليكم بسنتى"(6) وغيره (7) أ. هـ. والله تعالى أعلى وأعلم.
(1) سبق تخريجه ص 273، وانظر: دلائل النبوة للبيهقى، مفتاح الجنة فى الاحتجاج بالسنة ص19
(2)
أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الفضائل، باب توقيره صلى الله عليه وسلم، وترك إكثار سؤاله عما لا ضرورة إليه 8/120 رقم 1337.
(3)
جزء من الآية 63 من سورة النور.
(4)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب الاقتداء بسنة النبى صلى الله عليه وسلم 13/263 رقم 7280 من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.
(5)
مزيد من الأحاديث الدالة على حجية السنة، انظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص 308-322
(6)
سبق تخريجه ص38.
(7)
راجع: ص 196، 273-274.