الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. ويقول أيضاً: "إن كل ما كتبه الأئمة السابقون (يعنى ما دونوه فى كتب السنة المطهرة) ليس ديناً وإنما هو فكر دينى يقبل الخطأ والصواب (1) .
…
وردد ذلك من غلاة الشيعة على الشهرستانى فى كتابه (منع تدوين الحديث أسباب ونتائج" قائلاً: "السنة المتداولة اليوم ليست سنة الرسول بل هى سنة الرجال فى كم ضخم من أبوابها ومفرداتها" (2) وفى موضع آخر: يصف السنة المطهرة بأنها "فقه الرجال"(3) .
الجواب على شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للسنة أضعفت الثقة بالسنة الشريفة
تمهيد:
…
صحيح: أنه كان هناك وضاعون وكذابون لفقوا أقوالاً، ونسبوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن الأمر لم يكن بهذه البساطة التى تخيلها أصحاب هذه الشبهة، وأثاروا بها الوساوس فى النفوس، وقد جهلوا أو تجاهلوا الحقائق التى سادت الحياة الإسلامية فيما يتعلق بالسنة النبوية. فقد كان إلى جانب ذلك عدد وفير من الرواة الثقات المتقنين العدول، وعدد وفير من العلماء الذين أحاطوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسياج قوى يعسر على الأفاكين اختراقه
…
واستطاع هؤلاء المحدثون بسعة إطلاعهم، ونفاذ بصيرتهم، وجدهم واجتهادهم ومثابرتهم أن يعرفوا الوضاعين، وأن يقفوا على نواياهم ودوافعهم، وأن يضعوا أصابعهم على كل ما نسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الوضع والكذب والافتراء.
(1) انظر: مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 36، وقارن شيخ المضيرة لمحمود أبو ريه ص170، والإمام الشافعى وتأسيس الأيدلوجية الوسطية للدكتور نصر أبو زيد ص98، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 260، وإعادة تقييم الحديث لقاسم أحمد ص98، 99 وغيرهم.
(2)
منع تدوين الحديث ص 302.
(3)
المصدر السابق ص 330.
فهؤلاء الوضاعون لم يترك لهم الحبل على الغارب يعبثون فى الحديث النبوى كما يشاؤون، ولم يترك لهم المجال لأن يَنْدَسُوا بين رواة الأحاديث النبوية الثقات العدول دون أن يعرفوا.
…
فقد أدرك العلماء الثقات من المحدثين هذا الاتجاه عند الوضاعين فضربوا عليهم حصار فكرياً، وعلمياً، وعملياً، وميزوهم، وكشفوهم، وكشفوا أساليبهم، وأهدافهم، ودوافعهم، وذكروهم فرداً فرداً وبينوا حكم الدين فى كل منهم (1) ، كما استعدوا عليهم الحكام والأمراء بمنعهم من التحديث، كما ميزوا الصحيح والضعيف والموضوع فدون كل على حده، وتلك مزية للسنة لم يصل إليها أى علم من العلوم، إلا أن أعداء الإسلام استطاعوا أن يصوروا هذه المزية على أنها عيب!!! بزعمهم أن الموضوع يوجد فى السنة بلا تمييز (2) .
وإذا كان العلماء قديماً وحديثاً اتسعت مباحثهم فى التعريف بالحديث الموضوع، وبدايته، وأسبابه، وحكم روايته، وضوابط معرفته، وأشهر المصنفات فيه، وكتبوا فى ذلك ما يفى بالغاية - حتى يصح أن يقال: لم يدع الكاتبون زيادة لمستزيد فيه، فلنذكر خلاصة بعض تلك المباحث ففيها بيان جهود علماء الحديث فى مقاومة حركة الوضع والوضاعين، وهتك سترهم، حتى خرجت السنة النبوية المطهرة سالمة من تحريفهم وإفكهم.فإلى بيان ذلك.
(1) مؤتمر السنة النبوية ومنهجها فى بناء المعرفة والحضارة بحث الشيخ عز الدين التميمى2/569-570.
(2)
السنة النبوية. مكانتها. لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد المهدى عبد القادر ص 54.