الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كما نحب أن ننبه إلى أننا لسنا أبداً أول من قال بهذا القول، وإنما القول بأن السنة قد بدأت كتابتها منذ عصر النبى صلى الله عليه وسلم إلى زمن تدوينها تدويناً رسمياً أصبح حقيقة علمية مؤكدة ثبتت بالبراهين القطعية، وتضافرت على إثبات هذه الحقيقة الساطعة أقوال جملة من الباحثين الثقات الأثبات (1) .
كالدكتور محمد عجاج الخطيب فى كتابه "السنة قبل التدوين" والدكتور محمد مصطفى الأعظمى فى كتابة: "دراسات فى الحديث النبوى"، والدكتور امتياز أحمد فى كتابه:"دلائل التوثيق المبكر للسنة والحديث"، والدكتور رفعت فوزى عبد المطلب فى كتابه: "توثيق السنة فى القرن الثانى الهجرى أسسه واتجاهاته) وغيرهم.
نماذج من أشهر ما كتب من السنة النبوية فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم
وبعده إلى زمن التدوين الرسمى:
1-
ما ورد عن أبى هريرة رضي الله عنه: أنه لما فتح الله عز وجل على رسوله صلى الله عليه وسلم مكة قام الرسول صلى الله عليه وسلم وخطب فى الناس، فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاة فقال: يا رسول الله اكتبوا لى، فقال: اكتبوا له" (2) .
(1) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير للدكتور مروان شاهين ص 68 بتصرف.
(2)
الحديث بطوله ونص الخطبة فى صحيح البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب كتابة العلم 1/248 رقم 112.
2-
وأيضاً كتابه صلى الله عليه وسلم فى الصدقات والديات والفرائض والسنن، الذى أرسله إلى عمرو بن حزم (1) ، حين بعثه إلى اليمن، أخرجه النسائى، وأبو عبيد القاسم فى الأموال (2) .
3-
وَكَتَبَ أبو بكر الصديق رضي الله عنه لأنس بن مالك رضي الله عنه فرائض الصدقة، الذى سنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وجهه إلى البحرين" (3) .
(1) هو: عمرو بن حزم بن عبد عوف الأنصارى الخزرجى، ثم البخارى، كنيته أبو الضحاك، وأول مشاهده الخندق. وهو ابن خمس عشرة سنة، واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل نجران سنة 10هـ بعد أن بعث إليهم خالد بن الوليد، فأسلموا، وكتب له كتاباً فيه الفرائض، والسنن، والصدقات، والديات. انظر: الاستيعاب 3/1173، وتخريج الدلالات السميعة على ما كان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحرف والصنائع والعمالات الشرعية ص 67، مات بالمدينة سنة 51، وقيل: 53، وقيل: 54هـ. له ترجمة فى: الإصابة2/532 رقم 5810، واسد الغابة 4/202 رقم 3905، والاستيعاب 3/1172 رقم 1907، وتجريد أسماء الصحابة1/404،وتاريخ الصحابة ص174رقم 886،ومشاهير علماء الأمصار ص30رقم96.
(2)
النسائى فى سننه كتاب القسامة، باب ذكر حديث عمرو بن حزم فى العقول واختلاف الناقلين له 8/57 رقم 4853-4859، والأموال ص 358-362، وانظر: دلائل التوثيق المبكر للسنة ص368 وما بعدها. ذكر كثير من الكتابات والصحف التى كتبت فى عهده صلى الله عليه وسلم، وانظر:"مكاتيب الرسول" للأستاذ على الأحمدى جمع فيه مؤلفه كتب الرسول وصحفه ورسائله التى بكتب الحديث والسيرة.
(3)
الحديث أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الزكاة، باب العرض فى الزكاة 3/365 رقم 1448، وفى باب زكاة الغنم 3/371 رقم 1454 بتمامة، وفى غير هذين الموضعين. وانظر: دراسات فى الحديث النبوى للدكتور محمد الأعظمى 1/93.
4-
وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى عتبة بن فرقد (1) بأذربيجان كتاباً فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا هكذا، وأشار بأصبعيه اللتين تليان الإبهام" (2) .
…
ومع أن الفاروق عمر كان يوصف بأنه واحد من أشد المعارضين لكتابة الحديث، ومنع تدوينها كما يزعم غلاة الشيعة، إلا أننا على العكس نراه أول متثبت لكتابة الأحاديث بهمِّه بتدوين السنة المطهرة.
فكان أول مقترح بتدوينها حفاظاً لها كما كان أول مقترح بتدوين القرآن الكريم تدويناً عاماً فى مكان واحد حفاظاً لكتاب الله عز وجل زمن أبو بكر الصديق رضي الله عنه ففى همِّه بكتابة السنة - ليس مجرد الكتابة -فهى كانت مكتوبة- وإنما المراد بالكتابة تدوينها تدويناً عاماً فى مكان واحد.
وهذا الهمُّ بالتدوين فيه أبلغ حجة وأبلغ رد على غلاة الشيعة الزاعمين أن أهل السنة، وفى مقدمتهم أبى بكر وعمر-رضى الله عنهما-، كانوا من أنصار منع تدوين السنة.
وهذا يكذبه الواقع، فعمر رضي الله عنه عندما همَّ بتدوين السنة استشار فى ذلك أهل الحل والعقد فلم يتردد واحد منهم فى الموافقة كما جاء فى الأثر:"فأشاروا عليه بأن يكتبها"(3) فإذا كان الأمر كما يزعمون فلماذا يَهِّمُ عمر رضي الله عنه إذن بالتدوين؟
وعلام وافقوه كلهم على هذا؟ ألا يدل هذا الهمّ والموافقة على حجية السنة عندهم كما سبق (4) .
(1) عبتة بن فرقد صحابى جليل له ترجمة فى الإصابة 2/455 رقم 5412، وتجريد أسماء الصحابة 1/371، وتاريخ الصحابة لابن حبان ص 187 رقم 979، واسد الغابة 3/561 رقم 3557
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب اللباس، باب لبس الحرير للرجال، وقدر ما يجوز منه 10/295 رقم 5828.
(3)
سبق تخريجه ص 264، 265.
(4)
راجع: ما سبق فى الجواب عن شبهة النهى عن كتابة السنة ص 298، 299، وانظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص 455.
ويدل على أنهم من أنصار تدوين السنة المطهرة، وحفظتها رغم أنف الرافضة! ولا يمكن أن نستنتج من همِّ عمر بالتدوين ثم عدوله عنه أنه لم يكن راغباً فى تدوين الأحاديث فى كتب أو أن التدوين منهى عنه، كلَاّ، إذ كيف يصح أن يهم بشئ منهى عنه ويوافقه عليه الصحابة أجمع؟
وكيف يرفض تدوين السنة فى حين أنه كتب إلى عُمَّاله كتاباً كما مر فى كتابه إلى عتبة بن فرقد رضي الله عنه؟ وهو القائل "قيدوا العلم بالكتاب"(1) ، وهو الجامع الوثائق الخاصة بالزكاة والخراج والمسائل المالية الأخرى (2) ، وهو نفسه الذى أدخل نظام الدواوين فى الأعمال الرسمية (3) .
…
كل هذه الحقائق تدحض دعوى الرافضة - الذين امتلأت قلوبهم حقداً وبغضاً على الفاروق عمر رضي الله عنه، وزعمهم أنه تزعم دعوى منع تدوين السنة، وصار على دربه الصحابة فمن بعدهم من التابعين وسائر أئمة أهل السنة.
(1) أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم 1/187، 188 رقمى 359، 360 وقال: صحيح من قول عمر، وقد أسند من وجه غير معتمد، ووافقه الذهبى وقال وصح مثله من قول أنس رضي الله عنه. وانظر: جامع بيان العلم 1/72، وتقييد العلم 87، 88، وكشف اللثام عن أسرار تخريج أحاديث سيد الأنام للأستاذ الدكتور عبد الموجود 1/108-110.
(2)
سنن أبى داود كتاب الزكاة، باب فى زكاة السائمة 2/98 - 99 رقم 1570 والأموال للقاسم بن سلام ص 367 رقم 934.
(3)
انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/203، وانظر: دلائل التوثيق المبكر للسنة للدكتور امتياز أحمد ص 198.
نعم إن السنة لم تدون فى عهد ابن الحطاب لأن التدوين منهى عنه، بل لعلة أساسية هى: إبعاد الأمة الإسلامية عن الخطأ الأثيم الذى ارتكبه أهل الكتاب من قبل بتبديل كتاب الله التوراة، والإنجيل بوصايا الرسل وجعلوها هى الكتب المنزَّلة (1) .
كذلك حفاظاً على كتاب الله عز وجل والتمكين له أولاً فى قلوب المؤمنين كما مر فى وصيته لقرظة بن كعب رضي الله عنه وهو متوجه إلى الكوفة.
…
لهذا خشى أن تدون السنة فينكب عليها المسلمون، ويتشاغلوا بها عن القرآن الكريم فيتشبهون بأهل الكتاب كما قال "ثم تذكرت فإذا أناس من أهل الكتاب من قبلكم قد كتبوا مع كتاب الله كتباً، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإنى والله لا ألبس كتاب الله بشئ"(2) .
…
من أجل هذا فهو يمتنع عن التدوين بعد أن استشار، وظل يستخير ربه شهراً كاملاً.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى "وكان الصواب ما رأى عمر، فالعصر عصر صحابة للنبى صلى الله عليه وسلم لا عصر تابعين، وهم أشبه ما يكون بحوارى عيسى عليه السلام، ولنا فى أهل الكتاب تجربة حين سجل أصحاب النبى عيسى عليه السلام ما سمعوه وما رأوه، نسبت الأناجيل إليهم لا إلى عيسى ولا إلى الله،
…
فكان الحذر والحيطة من عمر رضي الله عنه بالعدول عن التدوين، إذ لو فعل لم يأمن أن تتعدد كتب السنة بتعدد قائليها، وتتنوع بتنوع أسماء كاتبيها، فتكون أناجيل فى الأمة، ويهمل الكتاب الأصلى الذى هو درة التاج وقلادة العقد
لمن هذه البصيرة النافذة إن لم تكن لعمر بعد النبى صلى الله عليه وسلم؟
ولمن هذا القول الفصل إن لم يكن للفاروق بعد الرسول صلى الله عليه وسلم؟
ولمن هذا الحرص الشديد إن لم يكن لهذا الغيور على دينه؟
(1) السنة الإسلامية بين إثبات الفاهمين ورفض الجاهلين للأستاذ الدكتور رءوف شلبى ص 170، 171، وقارن بحجية السنة للدكتور عبد الغنى عبد الخالق ص 456، 457.
(2)
سبق تخريجه ص265.
فياليت قومى يعلمون (1) أ. هـ.
وعودة إلى أشهر ما كتب من السنة فى زمن النبوة وبعده إلى زمن التدوين الرسمى
5-
الصحيفة الصادقة التى كتبها جامعها عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن لم تصل هذه الصحيفة كما كتبها عبد الله بن عمرو بخطه فقد وصل إلينا محتواها، لأنها محفوظة فى مسند الإمام أحمد (2) ، حتى ليصح أن نصفها بأنها أصدق وثيقة تاريخية تثبت كتابة الحديث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويزيدنا اطمئناناً إلى صحة هذه الوثيقة أنها كانت نتيجة طبيعة محتومة لفتوى النبى صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو، عندما أتى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقال:"كنت أكتب كل شئ أسمعه منك أريد حفظه فنهتنى قريش وقالوا: أتكتب كل شئ تسمعه ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم فى الغضب والرضا؟ فأمسكت عن الكتابة، (هنا يفتى النبى صلى الله عليه وسلم فأومأ بأصبعه إلى فيه وقال: "اكتب، فوالذى نفسى بيده ما يخرج منه إلَاّ حق" (3) .
…
وآية اشتغال ابن عمرو بكتابة هذه الصحيفة وسواها من الصحف قول أبى هريرة رضي الله عنه: "ما من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثاً عنه منى إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب"(4) .
(1) السنة فى مواجهة أعدائها ص 243، 244.
(2)
انظر: مسند عبد الله بن عمرو فى مسند أحمد 2/158 - 226.
(3)
أخرجه أبو داود فى سنته كتاب العلم باب فى كتاب العلم 3/318 رقم 3646.
(4)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب العلم، باب كتابة العلم 1/249 رقم 113.
وهذا لا يعارضه ما روى أن أبى هريرة رضي الله عنه كان يكتب، فعن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمرى (1) قال:"تحدثت عن أبى هريرة بحديث فأنكره فقلت إنى سمعته منك، فقال: إن كنت سمعته منى فهو مكتوب عندى، فأخذ بيدى إلى بيته فأرانا كتباً كثيرة من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد ذلك الحديث، فقال: قد أخبرتك أنى إن كنت حدثتك به فهو مكتوب عندى"(2) .
…
ويمكن الجمع بين ذلك بأنه لم يكن يكتب فى العهد النبوى ثم كتب بعده.
قال الحافظ ابن حجر: قلت: وأقوى من ذلك أنه لا يلزم من وجود الحديث مكتوباً عنده أن يكون بخطه، وقد ثبت أنه لم يكن يكتب، فتعينَّ أن المكتوب عنده بغير خطه" (3) .
(1) الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمرى المدنى، نزيل مصر، تابعى، صدوق روى عن أبى هريرة، وابن عمر، وعنه، عبيد الله بن أبى جعفر، وابن إسحاق، والمصريون. مات بالإسكندرية. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 2/10 رقم 5416، والكاشف 2/121 رقم4462، والثقات للعجلى ص 383 رقم 1350، والثقات لابن حبان 5/296.
(2)
أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب معرفة الصحابة، باب ذكر أبى هريرة الدوسى رضي الله عنه 3/584 رقم 6169، وسكت عنه الحاكم وقال الذهبى: هذا منكر لم يصح، وأخرجه ابن عبد البر فى جامع بيان العلم 1/74.
(3)
فتح البارى 1/250 رقم 13.
6-
والصحيفة الصحيحة التى كتبها همام بن منبه (1) ، زوج ابنة أبى هريرة رضي الله عنه كتبها أمام أبى هريرة، ولهذه الصحيفة مكانة خاصة فى تدوين الحديث، لأنها وصلت إلينا كاملة سالمة كما رواها ودونها همَّام بن منبه عن أبى هريرة، فكانت جديرة باسم "الصحيفة الصحيحة"(2) على مثال "الصحيفة الصادقة" لعبد الله بن عمرو بن العاص وقد سبقت الإشارة إليها.
ونحب أن ننبه أن مصطلح "صحيفة وكتاب وجزء ونسخة
…
إلخ لا يعنى بالضرورة "مجموعات صغيرة أو مذكرة عن الحديث" كما كان يعتقد أحياناً وهذا ما أكد صحته الدكتور امتياز أحمد فى كتابه "دلائل التوثيق المبكر للسنة"(3) .
…
وهذه الكتابات السابقة وغيرها الكثير (4) ؛ تقطع بكتابة السنة المطهرة فى عصر النبوة والصحابة والتابعين (5) .
(1) همام بن منبه هو: ابن كامل الصنعانى، أبو عتبة، أخو وهب. روى عن أبى هريرة، ومعاوية، وعنه ابن أخيه عقيل بن معقل، ومعمر، متفق على توثيقه. مات سنة 132هـ على الصحيح. له ترجمة فى تقريب التهذيب 2/270 رقم 7343، والكاشف 2/339 رقم 5984، والثقات للعجلى ص 461 رقم 1750، والثقات لابن شاهين ص 344 رقم 1471.
(2)
وهذه الصحيفة أخرجها الإمام أحمد بنصها فى مسنده 2/312 - 319، وقد طبعت عدة مرات بتحقيق الدكتور محمد حميد الله. انظر: السنة النبوية. مكانتها. لفضيلة الدكتور عبد المهدى ص 119، وعلوم الحديث للدكتور صبحى الصالح ص 32.
(3)
ص 148، 158، 161.
(4)
انظر: دراسات فى الحديث النبوى للدكتور الأعظمى 1/84 - 142، ودلائل التوثيق المبكر للسنة للدكتور امتياز ص 463 - 590.
(5)
وفى تلك الكتابات رد على الأستاذ محمد رشيد رضا، ومن تابعه كمحمود أبو رية، والسيد صالح أبو بكر (فى أن الصحابة لم يكتبوا، وعدم كتابتهم دليل على أنهم لم يريدوا أن تكون السنة ديناً عاماً دائماً كالقرآن. وسبق تفصيل الرد على ذلك ص 298-306.
وتؤكد ما سبق وأن ذكرناه فى التوفيق بين النهى عن كتابة السنة والإذن بكتابتها، وهو أن النهى دائر مع الخوف من علة النهى التى سبق تفصيلها، والإذن دائر مع الأمن منها (1)
…
وهذا يؤكده أيضاً أن كل من نُقل عنه (أى من الصحابة والتابعين) النهى عن كتابة السنة فقد نُقل عنه عكس ذلك أيضاً (2) ، ما عدا شخصاً أو شخصين، وقد ثبتت كتابتهم أو الكتابة عنهم، وبذلك صرح الدكتور محمد مصطفى الأعظمى (3) ، وأكده باستفاضة فى كتابه (دراسات فى الحديث النبوى) حيث عقد الفصل الأول من الباب الرابع لبيان كتابة الصحابة ومن كتب عنهم فى حياتهم (4) ، والفصل الثانى فى "كتابة كبار التابعين، ومن كتب عنهم فى حياتهم (5) حتى زمن التدوين الرسمى فى عهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، بل وبعد زمنه أيضاً (6)
…
كل ذلك يؤكد الحقائق التى سبق ذكرها من الفرق بين الكتابة، والتدوين وأن عمر بن عبد العزيز حينما أمر بالتدوين الرسمى للسنة لم يبدأ من فراغ ولكنه اعتمد على أصول الكتابات - التى سبق ذكر بعضها وكانت تملأ أرجاء العالم الإسلامى.
(1) راجع: علة النهى عن كتابة السنة ص 281، 288، 291، 292.
(2)
بل والندم على عدم الكتابة، كما روى عن عروة بن الزبير رضي الله عنه إذ يقول:"كتبت الحديث ثم محوته، فوددت أنى فديته بمالى وولدى وأنى لم امحه". أخرجه الخطيب فى تقييد العلم ص 60.
(3)
انظر: دراسات فى الحديث النبوى 1/76.
(4)
انظر: المصدر السابق 1/92-142.
(5)
انظر: دراسات فى الحديث النبوى 1/143 - 167.
(6)
انظر: دراسات فى الحديث النبوى 1/168 - 325. فأين كل هذا مما زعمه الدكتور موريس بوكاى من أنه ليس هناك أية مجموعة أحاديث قد ثبتت نصوصها فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم. انظر: دراسة الكتب المقدسة ص 152.