الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2- المسلك الثانى:
إجماع الصحابة رضي الله عنهم على قبول خبر الواحد، وذلك فى وقائع شتى لا تنحصر، وآحادها إن لم تتواتر فالمجموع منها متواتر، ولو أردنا استيعابها لطالت الأنفاس وانتهى القرطاس، فلا وجه لتعدادها إذ نحن على قطع بالقدر المشترك منها وهو رجوع الصحابة إلى خبر الواحد إذا نزلت بهم المعضلات، واستكشافهم عن أخبار النبى صلى الله عليه وسلم عند وقوع الحادثات، وإذا روى لهم تسرعوا إلى العمل به (1) ، فهذا ما لا سبيل إلى جحده ولا إلى حصر الأمر فيه (2) .
…
وعلى ما أجمع عليه الصحابة رضي الله عنهم "أجمع المسلمون قديماً وحديثاً على تثبيت حجية خبر الواحد، والانتهاء إليه فى وجوب العمل به"(3) .
(1) راجع: ص316 وما بعدها، وانظر: الرسالة للشافعى ص422-431فقرات رقم1161-1183.
(2)
الإبهاج فى شرح المنهاج 2/306، وانظر: البرهان للجوينى1/229،والمستصفى1/148–150، والمحصول 2/180، والرسالة ص 420 فقرة رقم 1157، والتقرير والتحبير 2/272-275.
(3)
انظر: الرسالة ص 457 رقم 1248.
.. وفى كتاب الله عز وجل، أدلة لا حصر لها تدل على: صحة المسلكين السابقين. ففى القرآن الكريم قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} (1) . وقال: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا} (2) . وقال: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا} (3) . وقال تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: {إنا إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ} (4) . وقال عز وجل {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى قَالَ يَاقَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ} (5) . فلو كان خبر الواحد غير مقبول لتعذر إبلاغ الشريعة إلى الكل ضرورة، لتعذر خطاب جميع الناس شفاها، وكذا تعذر إرسال عدد التواتر إليهم، وهو مسلك جيد (6) ، ينضم إلى المسلكين السابقين وبه قال الإمام الشافعى فى الرسالة (7) .
وقال الإمام الشافعى بعد ذكره قوله تعالى: {وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (13) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ} (8) . قال: فظاهر الحجج عليهم باثنين ثم ثالث، وكذا أقام الحجة على الأمم بواحد، وليس الزيادة فى التأكيد مانعة أن تقوم الحجة بالواحد إذ أعطاه الله ما يُباين به الخلق غير النبيين" (9) .
(1) الآية الأولى من سورة نوح.
(2)
الآية 65من سورة الأعراف.
(3)
الآية 72 من سورة الأعراف.
(4)
الآية 163 من سورة النساء.
(5)
الآية 20 من سورة يس.
(6)
انظر: فتح البارى 13/248 رقم 7258 - 7260.
(7)
الرسالة ص 435 فقرة رقم 1201.
(8)
الآيتان 13، 14 من سورة يس
(9)
الرسالة ص 437 فقرة رقم 1213.
وبالجملة فكل خبر واحد فى القرآن الكريم، وفى السنة المطهرة، يشهد بحجية خبر الواحد ووجوب العمل به (1) أ. هـ.
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم
(1) انظر: ما استدل به ابن قيم الجوزية على ذلك فى مختصر الصواعق المرسلة 2/550-558، وانظر: الإحكام لابن حزم 1/115، والمدخل إلى السنة لفضيلة الأستاذ الدكتور عبد المهدى ص284، 286.