الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإنما المراد: أن ما يحتاج إلى شئ من ذلك - فقط - هو الذى يتولى الرسول صلى الله عليه وسلم بيانه بواحد من أنواع البيان - كما ذكرناه سلفاً (1) أ. هـ.
أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند السلف الصالح
…
مما هو جدير بالذكر هنا أن تفصيل المجمل، وتقييد المطلق، وتخصيص العام، وتوضيح المشكل، ونحو ذلك من أنواع بيان السنة - كان يعرف بالنسخ عند السلف الصالح، من الصحابة والتابعين، ومن جاء بعدهم حتى الإمام الشافعى. ويبين ذلك الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله فيقول: مراد عامة السلف بالناسخ والمنسوخ، رفع الحكم بجملته تارة، وهو اصطلاح المتأخرين، ورفع دلالة العام، والمطلق، والظاهر وغيرها تارة، إما بتخصيص أو تقييد أو حمل مطلق على مقيد وتفسيره وتبيينه، حتى أنهم يسمون الاستثناء، والشرط، والصفة، نسخاً لتضمن ذلك رفع دلالة الظاهر وبيان المراد (2) .
…
وأكد الإمام الشاطبى هذا المعنى فقال: "يظهر من كلام المتقدمين أن النسخ عندهم فى الإطلاق أعم منه فى كلام الأصوليين، فقد يطلقون على تقييد المطلق نسخاً، وعلى تخصيص العموم بدليل متصل أو منفصل نسخاً، وعلى بيان المبهم والمجمل نسخاً، كما يطلقون على رفع الحكم الشرعى بدليل شرعى متأخر نسخاً"(3) .
ثم ساق الإمام الشاطبى أمثلة عديدة لما اعتقده السلف أنها قضايا نسخ، وهى فى حقيقة الأمر من باب تقييد المطلق أو تخصيص العام، أو بيان المجمل ونحو ذلك (4) .
(1) تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير ص38، 39، وللإستزادة فى أنواع بيان السنة للقرآن انظر: السنة بياناً للقرآن، الفصل الثالث منهج السنة فى تبيين القرآن ص70-259.
(2)
أعلام الموقعين 1/35.
(3)
الموافقات 3/99، 100.
(4)
المصدر السابق 3/100 - 109.
.. وإذا كانت أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند المتقدمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم ممن سبقوا الإمام الشافعى، رأيت أن الأمر يهون وتختفى معظم الإشكالات، والنزاعات المتشعبة بين العلماء فى النسخ بين القرآن والسنة؛ لأن من أنكر نسخ السنة (متواترة كانت أو آحاداً) للقرآن الكريم، جعل المسائل التى قيل فيها نسخ من السنة للقرآن نوع من أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، وهذا البيان واجب العمل به. وهذا هو المطلوب فى مسألتنا هذه، حيث أن القضية لا تعدو الخلاف فى الاصطلاح. فمن سمى البيان نسخاً من المتقدمين، ومن جعل نسخ السنة للقرآن بياناً من المتأخرين كل منهما يعمل بالسنة المطهرة، ويحتج بها ويعرف مكانتها بالنسبة لكتاب الله عز وجل بل وللإسلام كله.
يقول الإمام الآمدى: "ثم إننا نرى أنه من الأهمية بمكان أن نقرر أنه لا خلاف بين العلماء المجيزين للنسخ فى جواز نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ السنة المتواترة بالسنة المتواترة، ونسخ الآحاد بالآحاد، ونسخ الآحاد بالمتواتر من باب أولى (1) ، وأن ذلك كله ليس له فى الواقع كبير أثر، إلا فى المسألة التى نحن بصددها وهى أنواع بيان السنة للقرآن الكريم، أو نسخ الكتاب بالسنة أ. هـ.
(1) الإحكام للآمدى 2/267، وأصول السرخسى 2/67، والمسودة لآل تيمية ص 201 وما بعدها