الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن الأحكام التى انفردت بها السنة كثيرة. وكلها تعطى الدليل الأكيد على أن السنة لها صلاحية تأسيس الأحكام على سبيل الاستقلال - فهى فى ذلك مثل القرآن الكريم، وما شرعته السنة حجة يجب العمل به مثل القرآن الكريم تماماً، وعلى هذا انعقد إجماع من يعتد به من علماء الأمة قديماً وحديثاً.
…
والذى يقبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما يقبل أيضاً عن الله تعالى لأن الله تعالى؛ هو الذى أوجب طاعة رسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال سبحانه: {وَمَاءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (1) .
…
يقول الإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعى -فى كتابه الرائع الرسالة بأسلوبه الفصيح البليغ: "وما سن رسول الله فيما ليس لله فيه حكم: فبحكم الله سنه.وكذلك أخبرنا الله فى قوله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (52) صِرَاطِ اللَّهِ} (2) وقد سن رسول الله مع كتاب الله، وسن فيما ليس فيه بعينه نص كتاب، وكل ما سن فقد ألزمنا اتباعه"(3) ،والانتهاء إلى حكمه. فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل" (4) أ. هـ.
مضار إنكار السنة النبوية
…
إن الاعتداء على السنة النبوية بإنكارها والتشكيك فى حجيتها يفتح أبواب شر تقوض بنيان الإسلام وذلك لما يلى:
أولاً: أن الأحكام الشرعية العلمية الأصولية "العقائد" يتوقف بنيانها وتفاصيلها على السنة النبوية بعد، ومع القرآن الكريم، فإنكار السنة النبوية يهدد العقائد بالبتر والإبهام، فيمس ما يتعلق بالإلهيات، والنبوات، والسمعيات، وما سوى ذلك من مسائل العقائد
…
، فهل يقام دين على عقائد مبتورة مبهمة؟
(1) الآية 7من سورة الحشر.
(2)
جزء من الآيتين 52، 53 من سورة الشورى.
(3)
الرسالة للشافعى ص 88 فقرات رقم 292، 293، 294.
(4)
المصدر السابق ص 22 فقرة رقم 58.
ثانياً: القضاء على أصول الأحكام الشرعية العملية "أصول الفقه الإسلامى" لأن هذا العلم يتصدى للأدلة التى تبنى عليها الأحكام، وقد أجمع الأصوليون على أن السنة النبوية المصدر الثانى للتشريع الإسلامى، وعلى هذا فإنكار السنة النبوية يجعل الفقه الإسلامى فى مهب الرياح لعدم ارتكازه على أدلة ولافتقاره إلى أسس.
ثالثاً: تحطيم فقه الفروع (المذهبى والمقارن) ؛ لأن جل المسائل الفقهية والوقائع تستند إلى السنة النبوية إما بالبيان والإيضاح كمواقيت وأعداد وهيآت الصلوات المفروضة. وإما بالاستقلال مثل كفارة من أفسد صوم رمضان، وعقوبتى شارب المسكر والمرتد، وأسس الجهاد، والآداب والسلوكيات وفضائل الأعمال وغير ذلك مما سبق ذكره.
رابعاً: تشويه علوم القرآن الكريم لاستنادها فى كثير من قضاياها على السنة النبوية، وتهديد علم التفسير لارتكازه فى جل ما يعرض له على السنة النبوية وهكذا: بإنكار السنة النبوية تمسى الأمة بغير تشريع واضح المعالم قوى الدلالة، فقد تعرض أصول التشريع، وفروعه للاهتراء وللاجتراء.
…
إن إنكار السنة النبوية يمهد السبل للتشكيك فى القرآن نفسه، وتعطيل الآيات التى تحث وتحض على اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخاذه قدوة وتحكيمه والرضا بحكمه وإيثار طاعته على ما سواه" (1) .
…
إن الطعن فى السنة النبوية هدم للإسلام فى عقائده، وعباداته، ونظمه، وأخلاقه، وهدم لوحدته وسبب فى تخلف المسلمين عن ركب الحضارة ".
(1) السنة النبوية للدكتور أحمد محمود كريمة ص 27، 28.