الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهل وقف أعداء الإسلام فيما يثيرونه من شبه عند حديث الذباب وحده؟
بل قد أثاروا شبهاً لا حصر لها فى أمور لا تخفى على أحد، بل حتى القرآن الذى نقل بالتواتر جيلاً بعد جيل، وعصراً بعد عصر؛ هل سلم وسلمت أحكامه من شبه أعداء الإسلام؟
…
وهل إذا رددنا حديث الذباب، بل ورددنا السنة كلها، يكف ذلك شبههم عنا؟! ويستجيبون بعد ذلك لديننا ويلتزمون بشريعتنا؟
بل لو تتبعنا شبههم - قاتلهم الله - ورددنا كل أمر اشتبهوا فيه ما بقى لنا من ديننا ما نتمسك به.
…
ولماذا هذه المجاملة، وهذا التنازل لأعداء الإسلام على حساب ديننا؟
وما الذى يضرنا من شبههم، ونحن موقنون بأن ما جاءنا به رسول الله صلى الله عليه وسلمهو الحق الذى لا مريه فيه، وما يقذف به أعداء الإسلام شبه باطلة داحضة لا قيمة لها من الصحة. وهل بعد ظهور ما يؤيد صدق الحديث من الناحية الطبية، تظل شبههم عالقة به؟ (1) .
سادساً: أما القول بأن البحث فى الحديث عقيم
…
إلخ.
…
فهو قول من جهل مقام النصوص، وضعف احترامه لها، إن لم يكن قد عدم تماماً. إن ما بذله بعض الأطباء الأفاضل من جهود حول تأييد هذا الحديث من الناحية الطبية، يجب أن يشكروا عليه ولا يذموا بما قدموا، إذا كانوا يهدفون من وراء ذلك دفع الشبه التى ألصقت بهذا الحديث، وبيان أن العلم الحديث لا ينافيه.
…
والحقيقة إن هذه البحوث وإن كانت تزيد الإنسان إيماناً بصدق الحديث، إلا أن الإيمان لا يتوقف عليها، إذ الحديث حجة قائمة بنفسه.
…
ويكفى فى فصل هذه البحوث أنها نقضت الذى طبل من أجله أعداء السنن وزمروا، من أمثال النظام، وأتباعه من المستشرقين، وغلاه الشيعة، وأتباعهم أمثال محمود أبو ريه، الذى ذهب إلى وجوب ترك البحث فى هذا الحديث إلى ما وصل إليه العلم بأبحاثه الدقيقة، وتجاربه الصحيحة التى لا يمكن نقضها، ولا يرد حكمها.
(1) موقف المدرسة العقلية من السنة 2/277، 278.
والذى يعجب منه الإنسان أن نظريات الغرب المتناقضة المختلفة التى لا تستقر على حال، تصبح عند هؤلاء أحكاماً مسلمة لا تنقض، ولا ترد، وحديث النبى صلى الله عليه وسلم الصادق الذى لا ينطق عن الهوى، يطعن فيه، ويرد بغير حجة، ولا دليل.
يقول الشيخ أحمد محمد شاكر: "والحق أنه لم يعجبهم هذا الحديث، لما وقر فى نفوسهم من أنه ينافى المكتشفات الحديثة، من الميكروبات ونحوها، وعصمهم إيمانهم عن أن يجرؤوا على المقام الأسمى، فاستضعفوا أبا هريرة.
…
والحق أيضاً أنهم آمنوا بهذه المكتشفات الحديثة أكثر من إيمانهم بالغيب ولكنهم لا يصرحون! ثم اختطوا لأنفسهم خطة عجيبة: أن يقدموها على كل شئ. وأن يؤولوا القرآن بما يخرجه عن معنى الكلام العربى، إذا ما خالف ما يسمونه "الحقائق العلمية "وأن يردوا من السنة الصحيحة ما يظنون أنه يخالف حقائقهم هذه! افتراء على الله، وحباً فى التجديد" (1) أ. هـ.
وبعد
…
فهذه نماذج قليلة من الأحاديث الصحيحة التى وجهت إليها نقود من أعداء السنة قديماً وحديثاً، لا يهام المسلمين أنها غير صحيحة، وأنها تتعارض مع عقولهم الزائغة، أو مع كتاب الله عز وجل، أو مع العلم أو غير ذلك من أصولهم الفاسدة التى حكموا بها على الأحاديث صحة أو ضعفاً.
والحق أن هؤلاء الجاهلين من الغباء بحيث لا ينبغى أن يعبأ بهم أو يكترث بما يقولون.
فالتصدى للأحاديث الصحيحة، ومحاولة تضعيفها يكشف عن أن أصحابها لا يعرفون شيئاً أو يتجاهلون ليثبتوا كيدهم للسنة بل للإسلام" (2) .
(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر 12/125، الهامش، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 2/278 – 279.
(2)
انظر: نصوص من السنة ودفاع عنها للدكتور رفعت فوزى المقدمة، والسنة النبوية الشريفة للدكتور أحمد كريمة ص 70، وظاهرة رفض السنة وعدم الاحتجاج بها للدكتور صالح أحمد رضا ص 69، 70.
وحقيق بكل مسلم أن يعلم أن للحديث الصحيح ثمرات طيبات ونتائج باهرات نذكر بعضها فى الفصل التالى.