الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقديماً قالوا: إن كل إناء بما فيه ينضح.
أشهد أن الله عز وجل قد قال فى نبيه صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (1) .
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم
المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم
والرد عليها
…
روى البخارى ومسلم: عن عائشة -رضى الله عنها- قالت: "سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم، يهودى من يهود بنى زريق يقال له: لَبِيدُ بن الأَعصَمِ0 قالت: حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يخيل إليه أنه يفعل الشئ، وما يفعله، حتى إذا كان ذات يوم، أو ذات ليلة، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم دعا. ثم دعا. ثم قال: يا عائشة! أشعرت أن الله أفتانى فيما استفتيته فيه؟ جاءنى رجلان فقعد إحداهما عند رأسى، والأخر عند رجلى، فقال الذى عند رأسى، للذى عند رجلى، أو الذى عند رجلى، للذى عند رأسى: ما وجع الرجل؟ قال: مطبوب قال: من طبه؟ قال: لَبِيدُ بن الأَعْصمَ0 قال فى أى شئ؟ قال فى مُشْطٍ ومُشَاطَةٍ0 قال وَجْبِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ0 قال فأين هو؟ قال: فى بئر ذى أَرْوَانَ0 قالت: فأتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أُناس من أصحابِه. ثمَّ قال: "يا عائشة! والله! لكأنَّ مَاءَهَا نُقَاعَةُ الحِنَّاءِ ولكَأنَّ نَخْلَهَا رُءُوسُ الشياطينِ".
(1) الآية 4 من سورة القلم، وانظر: السنة فى مواجهة أعدائها لفضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 202 - 206.
.. قالت: فقلت: يا رسول الله! أفلا أحْرَقْتَهُ؟ قال "لا. أماَ أناَ فقد عافانى الله، وكرهت أن أُثِيرَ على النَّاسِ شّراً. فَأَمَرْتُ بها فَدُ فِنَتْ"(1) .
…
أنكر هذا الحديث بعض المبتدعة قديماً على ما حكاه عنهم غير واحد من الأئمة.
قال الإمام النووى "وقد أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث بسبب أنه يحط من مقام النبوة وشرفها ويشكك فيها، وأن تجويزه يمنع الثقة بالشرع"(2) وتابع المبتدعة طعناً فى الحديث أذيالهم من الرافضة، ودعاة اللادينية (3) .
(1) أخرجه البخارى"بشرح فتح البارى"كتاب الطب، باب هل يستخرج السحر10/243رقم5765، وباب السحر 10/246 رقم 5766، وفى كتاب الأدب، باب قول الله تعالى:"إن الله يأمر بالعدل والإحسان" 10/494 رقم 6063 وفى كتاب بدء الخلق، باب صفة إبليس وجنوده 6/385 رقم 3268، وفى كتاب الدعوات، باب تكرير الدعاء 11/196 رقم 6391، ومسلم "بشرح النووى" كتاب السلام، باب السحر 7/429 رقم 2189.
(2)
المنهاج شرح مسلم 7/430، وانظر: تأويل مختلف الحديث ص 164.
(3)
انظر: لماذا القرآن ص 109-111، وقراءة فى صحيح البخارى ص 36، كلاهما لأحمد صبحى منصور، وأهل السنة شعب الله المختار ص 68، ودفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين ص258، 268 وما بعدها، كلاهما لصالح الوردانى، وأضواء على السنة لمحمود أبو رية ص378، والأضواء القرآنية للسيد صالح أبو بكر ص 287، ودفع الشبهات عن الشيخ الغزالى ص194،= =195، وعلم السحر بين المسلمين وأهل الكتاب ص 106 وما بعدها كلاهما لأحمد حجازى السقا، والسنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال البنا ص 237، وغيرهم.
وتأثر بتلك الطعون من علماء المسلمين الإمام محمد عبده (1) – رحمه الله – وتابعه على ذلك من سار على طريقته من علماء المسلمين، وقال بقولهم بعض أدعياء العلم.
(1) محمد عبده: هو محمد بن عبده بن حسن بن خير الله، إمام فقيه، مفسر، متكلم، أديب لغوى، كاتب صحافى سياسى، له باعه الطويل فى مجال الإصلاح العلمى، والاجتماعى، ولكنه مع هذا كان قليل البضاعة فى الحديث، وكان يرى فى الاعتماد على المنطق والبرهان العقليين خير سلاح للدفاع عن الإسلام، ومن هذين العاملين، وقعت له آراء فى السنة ورواتها، وفى العمل بالحديث، والاعتداد به، ما صح أن يتخذه مثل "أبى ريه"، "وأحمد صبحى منصور"، "والسيد صالح أبو بكر"، وغيرهم من أعداء السنة، تكأة يتكئون عليها، فى تشكيكهم وطعنهم فى السنة المطهرة. من مؤلفاته "رسالة التوحيد" و "الإسلام والنصرانية العلم والمدينة"، "شرح نهج البلاغة، وغير ذلك مات سنة 1323هـ 1905م، انظر: فى ترجمته السنة بين دعاة الفتنة وأدعياء العلم للدكتور عبد الموجود ص 236، والسنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 30، والمجددون فى الإسلام للأستاذ عبد المتعال الصعيدى ص 534-535، وتاريخ الأستاذ الإمام رشيد رضا 1/16، ومجلة المنار المجلد 9/276 – 281، والإمام محمد عبده ومنهجه فى التفسير للدكتور عبد الغفار عبد الرحيم ص 11-114، ومنهج المدرسة العقلية الحديثة فى التفسير للدكتور فهد الرومى 124-187.
.. قال الإمام محمد عبده رحمه الله: "نعلم أن البخارى أصدق كتاب بعد كتاب الله، وأنا لا أشك أن البخارى سمع هذا من أساتذته، والبخارى يشترط فى أحاديثه المعاصرة واللقاء، إلا أننى أرى أن هذا لم يحدث مع النبى صلى الله عليه وسلم، وإن كان قد دس من الإسرائيليات إلى مشايخ البخارى الذين أخذ منهم، وإلا فإننا إن قد صدقنا أن النبى صلى الله عليه وسلم، قد سحر فقد صدقنا كلام الظالمين، {وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} (1) . وإن صدقنا أن النبى صلى الله عليه وسلم، قد سحر فقد كذبنا الله سبحانه وتعالى القائل فى كتابة الحكيم:{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (2) وقال عز وجل: {فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا} (3) وقال عز وجل: {لَا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ} (4) قال تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ} (5) .
(1) الآية 8 من سورة الفرقان.
(2)
الآية 212 من سورة الشعراء.
(3)
الآية 9 من سورة الجن.
(4)
الآية 8 من سورة الصافات.
(5)
الآيات 44، 45، 46 من سورة الحاقة.