الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السادس: أحاديث "خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار
"
و"نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم وأم حرام" وحديث "سحر النبى صلى الله عليه وسلم"
…
وتحته أربعة مباحث:
المبحث الأول: شبهة مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة، عن سيرته فى القرآن الكريم
. والرد عليها.
المبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث "أنس بن مالك فى خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار" والرد عليها.
المبحث الثالث: شبه الطاعنين فى حديثى نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم وأم حرام والرد عليها.
المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم والرد عليها.
المبحث الأول: شبهة مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة عن سيرته فى القرآن الكريم
والرد عليها
سيرة النبى صلى الله عليه وسلم بين حقائق القرآن الكريم وروايات الإمام البخارى:
…
حرص أعداء السنة الشريفة، وهم يطعنون فى صحيح الإمام البخارى، إ يهام الناس أجمعين بأن شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، كما رسمها القرآن تختلف عن شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، كما رسمها البخارى، وغيره من أصحاب كتب السنة المطهرة، والنتيجة كما يزعمون الإساءة المتعمدة لشخص النبى صلى الله عليه وسلم، من الإمام البخارى (1) وحاشاه من ذلك.
(1) انظر: لماذا القرآن ص 85، وقراءة فى صحيح البخارى ص 41-46، كلاهما لأحمد صبحى منصور، ودين السلطان ص418، 425، 450، 588، 604، 614، وراجع من نفس الكتاب ص64، 67، 92، وانظر: أنذار من السماء ص 135، 191، 699.كلاهما لنيازى عزالدين، وأهل السنة شعب الله المختار ص66، ودفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين ص 45-326 كلاهما لصالح الوردانى.
.. وهم قد لبسوا لهذه النتيجة لباس العلماء لإيهام القارئ أنهم على صواب؛ فساروا خلف بعض الأحاديث انتزعوها انتزاعاً من بين سطور الإمام البخارى، وعمدوا إلى بتر هذه الأحاديث تارة، وإلى إعادة صيغتها بأسلوبهم، وتحميل ألفاظها مالا تحتمل من المعانى تارة ثانية، وعمدوا إلى الأمرين معاً تارة ثالثة.
…
ومن هذه الأحاديث التى استدلوا بها على زعمهم فى مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم، كما رسمها القرآن، عن السيرة التى رسمها الإمام البخارى فى صحيحه.
أ- أحاديث جاء فيها لفظ (الخلوة) كحديث أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه صلى الله عليه وسلم؛ خلا بإمرأة من الأنصار فى بعض طرق المدينة تستفيه فى أمر من أمور دينها، وحديثه عن أمه أم سليم، وخالته أم حرام –رضى الله عنهما- فى زيارته صلى الله عليه وسلم، لهما، ونومه عندهما فى وقت القيلولة.
بهذه الروايات التى جاء فيها لفظ الخلوة، حملوها على الخلوة المحرمة، وساقوا روايات هذه الأحاديث بأسلوب يهيج الغرائز عند الشباب، ويطيح بكل تقدير للنبى صلى الله عليه وسلم، وللأسلاف والأجداد، مع بُعْدِ سياق هذه الروايات فى صحيح البخارى، عن أسلوب سياقهم لها
وَبُعْدهَا أيضاً عن الهدف الذى يرمون إليه من الطعن فى عدالة الإمام البخارى (1) ، وصحيحه الجامع، وزعمهم برسمه صورة لسيرة النبى صلى الله عليه وسلم، مخالفة لصورته فى القرآن الكريم (2) .
ب- حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم وزعمهم بأنه يحط من مقام النبوة، ويطعن فى عصمته صلى الله عليه وسلم، ويخالف القرآن الكريم، فى قوله تعالى:{وَقَالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا} (3) .
…
وسوف نذكر شبه الطاعنين فى الأحاديث السابقة، والرد عليها فى المباحث التالية. وذلك بعد الجواب عن زعمهم مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة، عن سيرته فى القرآن الكريم.
الجواب:
(1) البخارى هو: أمير المؤمنين فى الحديث، الإمام أبو عبد الله، محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بَرْدِزْبَه، كان جده بَرْدِزْبَه مجوسياً على دين قومه، ثم أسلم ولده المغيرة على يد اليمان الجعفى، والى بخارى. فى هذا الوقت، فنسب إليه بالولاء، فمن ثم قيل فى نسبه (الجعفى) ، وهو الحافظ العلم، صاحب (الجامع الصحيح)، و (التاريخ الكبير) و (الأدب المفرد) و (القراءة خلف الإمام) وغير ذلك. مات سنة 256هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 2/555 رقم 578، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 252 رقم 560، والتقييد لمعرفة رواة السنن والمسانيد لابن نقطة ص 30 رقم 6، والإرشاد للخليلى ص 377-380، وطبقات المفسرين للداودى 2/104 رقم 463، والإمام البخارى أمير المؤمنين فى الحديث للأستاذ الدكتور يوسف الكتانى ص 5-20، ومقدمة فتح البارى ص501-518.
(2)
انظر: السنة فى مواجهة أعدائها لفضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 190-207.
(3)
الآية 8 من سورة الفرقان.
.. أقول كما قال فضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى: "البخارى ليس له، ولا لغيره، أن يرسم شخصية النبى صلى الله عليه وسلم؛ لأن شخصية النبى صلى الله عليه وسلم، بكل بساطة ترجع إلى عناصر ومقومات قد وضعها الله فيه، فالأنبياء جميعاً قد اصطنعهم الله عز وجل لنفسه، وهو قد صنعهم على عينه، فهو وحده الذى يستطيع أن يرسم لنا صورة فيما اصطنعه لنفسه، وصنعه على عينه، ثم يحدد لنا بعد رسم شخصيته، مستوى العلاقة التى ستكون بيننا وبينه صلى الله عليه وسلم.
…
هذا كله لله وحده، وليس لأحد أن يتدخل فى شئ منه. والله عز وجل قد حدد لنا شخصية النبى صلى الله عليه وسلم فى القرآن الكريم وحياً يوحى، وحددها لنا النبى صلى الله عليه وسلم عن طريق أقواله وأفعاله، وصفاته، وجلها أمور محكومة بالوحى.
ودور الإمام البخارى، وغيره من أصحاب المصنفات الحديثية، هو تسجيل تلك الأمور كلها وما فيها من وقائع تاريخية.
والتأكد منها سهل ميسور، فنحن بإمكاننا أن نحلل الواقعة التاريخية التى يتحدث عنها البخارى أو غيره، وندرسها دراسة وافية على أساس من المنهج المنضبط، ثم نحن نستطيع أن ندرس هؤلاء النقلة الذين نقلوا هذه الواقعة فى جيل أو جيلين إلى أن وصلوا إلى البخارى، أو إلى غيرة من الرواة.
…
وهذا ما قام به أئمة أعلام من سلفنا الصالح، وأسفرت نتيجة جهودهم فى النقد والتمحيص، إلى صحة الكتاب، سوى أحرف يسيرة، والقول فيها ما قاله البخارى، وبعض تلك الأحرف لا تصل إلى درجة الوضع، بل ولا حتى إلى درجة الضعف الذى لا يحتمل، وقد سبق تفصيل ذلك (1) .
…
ومن هنا ينبغى أن نتفق من البداية؛ أنه ليس لأحد أن يرسم من خياله صورة لنبى مرسل، سواء كان هذا النبى هو النبى الخاتم صلى الله عليه وسلم، أو غيره من الأنبياء (2) .
(1) راجع: ص 691-697.
(2)
انظر: السنة فى مواجهة أعدائها لفضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 190 بتصرف.