الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. وصفوة القول فى موقف أهل السنة من آيات الصفات، وأخبارها، وواجب المسلم نحوها ما قاله فضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى: "الواجب على المسلم السامع للآيات والأخبار المتعلقة بالصفات تقديسها باعتقاده فى كل آية أو خبر صح معنى يليق بجلال الله تعالى: وعليه الإيمان والتصديق بما قاله رب العزة ورسوله صلى الله عليه وسلم، على مراد الله، ومراد رسول الله، وعليه الاعتراف بالعجز عن إدراك مراد الله، ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وعليه السكوت، والإمساك عن التصرف فى الألفاظ الواردة، وكف الباطن عن التفكير فى ذلك، واعتقاده أن ما خفى عنه لم يخف عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا عن الصديق، ولا عن أكابر الصحابة رضي الله عنهم أجمعين (1) أ. هـ.
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم
ا
لمبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث رؤية الله تعالى
والرد عليها
…
لقد أجمعت المعتزلة، وسائر الفرق المبتدعة من الجهمية، والخوارج، والروافض، وغيرهم على القول بنفى رؤية الله تعالى بالأبصار يوم القيامة، وقد نص المعتزلة أنفسهم على هذا الإجماع، كما أشارت كثير من كتب الفرق إليه (2) .
…
يقول القاضى عبد الجبار: "لا أحد يدعى أنه يرى الله سبحانه إلا من اعتقده جسماً مصوراً بصورة مخصوصة، أو يعتقد فيه أنه يحل فى الأجسام"(3) .
…
وليس هذا منتهى قولهم فى نفى الرؤية، بل زعموا أنه يستحيل أن يرى نفسه، لأنه يستحيل فى ذاته أن يرى، فذاته لا ترى (4) .
(1) انظر: الحقائق الجلية فى الرد على ابن تيمية فيما أورده فى الفتوى الحموية ص 46، 121، بتصرف واختصار.
(2)
انظر: المغنى 4/139، ومقالات الإسلاميين 1/238، والفرق بين الفرق ص 113، والملل والنحل 1/45، والإبانة ص 14، والانتصار 35، 94، والاعتصام للشاطبى 2/570، والإنصاف للباقلانى ص 176، 177.
(3)
المغنى 4/99، وانظر: شرح الأصول ص 276.
(4)
انظر: المغنى 4/94 - 95.
وهل يرى غيره؟ فهذا موضع اختلاف بينهم، أجازه قوم، ومنعه آخرون (1) .
…
كما اختلفوا فى رؤيته بالقلوب، فقال أبو الهذيل، وأكثر المعتزلة: نرى الله بقلوبنا بمعنى أنا نعلمه بقلوبنا، وأنكر بعضهم ذلك (2) .
وقد صرحوا بأن إثبات الرؤية لا يمكن الاستدلال عليه بالسمع، أى بالقرآن والسنة، لأن الاستدلال بذلك ينبنى على أنه تعالى عدل حكيم لا يظهر المعجز على الكذابين، ومن لا يقول بذلك فلا يمكنه الاستدلال بالسمع على شئ أصلاً (3) . بل "لا سمع ورد مصرحاً بأنه سبحانه يرى بالأبصار"(4) ، "ولا فى كتاب الله عز وجل ذكر الرؤية فكيف يصح أن يدعى أنه تعالى سمى نفسه بأنه يرى، أو ورد السمع به"(5) .
…
ولذا كان عمدة أدلتهم فى نفى الرؤية العقل، وإن كانوا قد أتبعوا ذلك بأدلة نقلية من الكتاب والسنة تأولوها على ما يوافق أصلهم الأول "التوحيد" القائم على نفى الصفات وزعموا تعارض حديث الرؤية مع القرآن والسنة.
قال القاضى عبد الجبار متأولاً لحديث الرؤية قال: "ثم نتناوله نحن على وجه يوافق دلالة العقل، فنقول: المراد به سترون ربكم يوم القيامة، أى ستعلمون ربكم يوم القيامة كما تعلمون القمر ليلة البدر. وعلى هذا قال: "لا تضامون فى رؤيته" أى لا تشكون فى رؤيته فعقبه بالشك، ولو كان بمعنى رؤية البصر لم يجز ذلك. والرؤية بمعنى العلم مما نطق به القرآن، وورد به الشعر"(6) .
قال الزمخشرى: "سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر" بمعنى ستعرفونه معرفة جلية هى فى الجلاء كإبصاركم القمر إذا امتلأ واستوى" (7) فحمل الرؤية على المعرفة، بينما حملها عبد الجبار على العلم.
(1) الفرق بين الفرق ص 113، وانظر: أصول الدين ص 97 وما بعدها.
(2)
مقالات الإسلاميين 1/238.
(3)
انظر: شرح الأصول ص262.
(4)
المغنى 4/137.
(5)
المرجع السابق 4/138.
(6)
شرح الأصول ص 270.
(7)
الكشاف 2/92.