الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فوجدنا منهم من يقول: "وجوب عدم الاعتداد بحديث الآحاد بالكلية إذ الأصل فيها الكذب والاستثناء هو الصدق (1) .
…
ووجدنا من يقول: "الضرب الثانى من أفعاله وأقواله صلى الله عليه وسلم مما لم يصل إلى الناس بطريق التواتر المستفيض، فلا يستطيع عاقل أن يدخله فى دائرة الوحى الثابت ثبوتاً لا شك فيه، ومن ثم فهو ليس ضرورياً لقيام الدين (2) .
…
ووجدنا من يقول: "فما يؤمنكم أن خبر الواحد ليس من يهودى مثل ابن سبأ؟ ورواية الواحد أوجدت فى الدين أموراً سيئة منها:
أولاً: التعارض فى المعنى والتعارض يحير الناس فى معرفة الحق.
ثانياً: أوجدت أحاديث الآحاد تفرقة واختلافاً فى صفوف المسلمين. إذ هى التى فرقتهم إلى سنيين، وشيعة، يضرب بعضهم رقاب بعض.وهى التىفرقتهم إلى السلف والخلف
…
فياأيها السلفيون: هذه نتائج أحاديث الآحاد فى المجتمعات الإسلامية وقد أمرنا الله تعالى بأن نحتاط للدين، وبأن نكون أمة واحدة، وبأن نسمع ونعقل.فابتعدوا عن أحاديث الآحاد" (3) .
استعراض شبه منكرى حجية خبر الواحد قديماً وحديثاً والرد عليها
(1) قاله إسماعيل منصور فى كتابه تبصير الأمة بحقيقة السنة ص360، 652.
(2)
قاله عبد الجواد ياسين فى كتابه السلطة فى الإسلام ص 246، 247.
(3)
قاله أحمد حجازى السقا فى كتابه دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى ص 38-41، وانظر: ما قاله محمود أبو رية فى أضواء على السنة ص 41، 42، 279، 280، 363 وما بعدها. وما قاله جمال البنا فى كتابيه الأصلان ص 299، والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص 110 وغيرهم ممن سبق ذكرهم.
.. أقوى ما شغب به من أنكر قبول خبر الواحد أن نزغ بقول الله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} (1) وقالوا العمل بخبر الواحد اقتفاء لما ليس لنا به علم، وشهادة وقول بما لا نعلم. لأن العمل به موقوف على الظن قال تعالى:{وَمَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (2) .
…
وقالوا قد ذم الله من اتبع الظن، وبين أنه لا غناء له فى الحق. فكان على عمومه (3)
وبهذه الآيات وما فى معناها استدل أهل الزيغ والبدع قديماً (4) ، وتابعهم حديثاً أهل الزيغ والإلحاد ممن أنكروا حجية السنة كلها، واتخذوا الطعن فى خبر الواحد، وسيلة من وسائلهم؛ للتشكيك فى حجية السنة النبوية المطهرة (5) .
ومما استدل به المعتزلة فى رد خبر الواحد من الأحاديث والآثار:
(1) الآية 36 من سورة الإسراء.
(2)
الآية 28 من سورة النجم.
(3)
المعتمد فى أصول الفقه 2/124، وانظر: المحصول للرازى 2/186، 192، 205، والإحكام للآمدى 2/35، وأصول السرخسى 1/321.
(4)
حكاه عنهم أهل الأصول السابق ذكرهم فى الأماكن السابقة، وحكاه الإمام الشاطبى قائلاً: "وربما احتج طائفة من نابتة المبتدعة على رد الأحاديث بأنها إنما تفيد الظن، انظر: الاعتصام1/189.
(5)
انظر: مجلة المنار المجلد 9/912 - 913 مقال "الإسلام هو القرآن وحده" للدكتور توفيق صدقى، وقرآن أم حديث ص 32، 55، والقرآن والحديث والإسلام ص 7 كلاهما لرشاد= =خليفة، وحد الردة ص92، وعذاب القبر ص 10، 16، 17، والصلاة فى القرآن ص 43 ثلاثهم لأحمد صبحى منصور، والأصلان العظيمان ص 297، 309، والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص 111 كلاهما لجمال البنا، ونقد الحديث فى علم الرواية والدراية للدكتور حسين الحاج حسين 1/522، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 285، وغيرهم ممن سبق ذكرهم فيمن أنكروا حجية السنة كلها.
قصة ذى اليدين (1) ، وتوقف النبى صلى الله عليه وسلم فى خبره، حتى تابعه عليه غيره.
روى عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتى العشيى. إما الظهر وإما العصر. فسلم فى ركعتين. ثم أتى جْذِعاً فى قِبْلَة المسجد فاستند إليه مُغْضَباً، وفى القوم أبو بكر وعمر، فهابا أن يتكلما، وخرج سَرَعَانُ النَّاسِ0 قُصِرَتِ الصلاةُ، فَقَامَ ذُو اليَدَيْنِ فقال: يا رسول الله! أَقْصِرَتِ الصلاةُ أم نَسِيتَ؟ فنظر النبى صلى الله عليه وسلم يميناً وشمالاً. فقال: "ما يقول ذُو اليَدَيْنِ؟ " قالوا: صدق لم تصل إلا ركعتين. فصلى ركعتين وسلم، ثم كبر ثم سجد، ثم كبر فرفع، ثم كبر وسجد، ثم كبر ورفع وسلم" (2) .
2-
وقصة أبى بكر حين توقف فى خبر المغيرة بن شعبة، فى ميراث الجدة حتى تابعه محمد ابن سلمة.
(1) ذُو اليَدَيْن: هو الخِرْبَاقُ بن عمرو السلمى، يقال له ذو اليدين، لأنه كان فى يديه طول، وقيل أنه كان قصير اليدين.وهو صحابى جليل: له ترجمة فى الإصابة: 1/489 رقم 2243، وتاريخ الصحابة لابن حبان ص91رقم389،والاستيعاب2/457رقم688،واسد الغابة2/162رقم1433.
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب أخبار الآحاد، باب ما جاء فى إجازة خبر الواحد الصدوق فى الأذان، والصلاة، والصوم، والفرائض، والأحكام 13/245 رقم 7250، ومسلم (بشرح النووى) كتاب المساجد، باب السهو فى الصلاة والسجود له 3/66 رقم 573 واللفظ له.
روى عن قُبيصة بن ذؤيب (1) رضي الله عنه قال: "جاءت الجدة إلى أبى بكر الصديق تسأله ميراثها، فقال: مالك فى كتاب الله عز وجل من شئ، وما علمت لك فى سنة نبى الله صلى الله عليه وسلم شيئاً فارجعى حتى اسأل الناس، فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن سلمة (2) فقال مثل ما قال المغيرة بن شعبة فأنفذه لها أبو بكر، ثم جاءت الجدة الأخرى إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تسأله ميراثها، فقال: مالك فى كتاب الله تعالى شئ، وما كان القضاء الذى قضى به إلا لغيرك، وما أنا بزائد فى الفرائض، ولكن هو ذلك السدس، فإن اجتمعتما فيه فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهو لها"(3) .
3-
وقصة عمر رضي الله عنه وتوقفه فى خبر أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه فى الاستئذان حتى تابعه أبو سعيد الخدرى رضي الله عنه:
(1) قُبيصة هو: قُبيصة بن ذؤيب الخزاعى الكعبى، أبو سعيد، من فقهاء أهل المدينة وعبادهم، من أولاد الصحابة، كان مولده يوم الفتح، وله رؤية مات سنة 86هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 2/26 رقم 5529، وتذكرة الحفاظ 1/60 رقم 47، والثقات للعجلى ص 388 رقم 1377، وطبقات الحفاظ ص 28 رقم 45، والثقات لابن حبان 5/317، والعبر 1/101.
(2)
محمد بن مسلمة: صحابى جليل له ترجمة فى: الإصابة 3/383 رقم 7822، وتاريخ الصحابة ص 226 رقم 1213، والاستيعاب 3/1377 رقم 2344، ومشاهير علماء الأمصار ص30 رقم 93، واسد الغابة 5/106 رقم 4768.
(3)
أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الفرائض، باب فى الجدة 3/121،122 رقم 2894 واللفظ له، والترمذى فى سننه كتاب الفرائض، باب ما جاء فى ميراث الجدة4/366رقم2101 قال أبوعيسى: وفى الباب عن بُرَيْدَةَ وهذا أحسن وهو أصح من حديث ابن عيينة.
روى عن أبى سعيد قال: كنا فى مجلس عند أبى بن كعب (1)، فأتى أبو موسى الأشعرى مُغْضَباً حتى وَقَفَ. فقال: أَنْشُدُكُمُ الله هل سمع أَحدٌ منكم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الاستئذانُ ثلاثٌ. فإن أذن لك وإلا فارجع" قال أُبىُّ بن كعب. وما ذاك؟ قال: أستأذنت على عمر بن الخطاب أمس ثلاثَ مراتٍ. فلم يؤذن لى فرجعت. ثم جئْتُهُ اليوم فدخلت عليه، فأخبرته أنى جئت أمس فسلمت ثلاثاً ثم انصرفت، قال: قد سمعناك ونحن حينئذ على شُغْلٍ فَلَوْمَا استأذنتَ حتى يُؤْذَنَ لك؟ قال: استأذَنْتُ كما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فوالله لأوجعنَّ ظهرَكَ وبطنَكَ أو لَتَأْتِينَّ بمن يشهد لك على هذا. فقال أُبى بن كعب: فوالله! لا يقوم معك إلا أحدثنا سناً. قم. يا أبا سعيد فقمتُ حتى أتيتُ عُمرَ فقلتُ: قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولُ هَذَا (2) .
(1) أبى بن كعب: صحابى جليل له ترجمة فى اسد الغابة 1/168 رقم 34، والإصابة 1/19 رقم32، وتذكرة الحفاظ 1/17 رقم 6، ومشاهير علماء الأمصار ص 19 رقم 31، وتاريخ الصحابة ص 29 رقم 21. والاستيعاب 1/65 رقم 6.
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الاستئذان، باب التسليم والاستئذان ثلاثاً 11/28 رقم 6245، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الآداب، باب الاستئذان 7/387 رقم 2153.