الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويجاب على الشبهات السابقة بما يلى:
لقد جاءت آيات فى كتاب الله عز وجل تدل على رفع عيسى عليه السلام – إلى السماء، وقد بين العلماء أنه رفع بروحه وجسده. قال تعالى:{إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} (1) .
وقد لخص الدكتور محمد خليل هراس آراء المفسرين فى بيان معنى هذه الآية فقال:
1-
رأى الجمهور: الذى اختاره ابن كثير، ورواه عن الحسن، وهو الرأى الذى يفسر التوفى بالإنامة.
رأى قتادة: وهو أن فى الكلام تقديماً وتأخيراً والتقدير "إنى رافعك ومتوفيك أى بعد النزول".
رأى ابن جرير: فى أن المراد بالتوفى هو نفس الرفع، والمعنى أنى قابضك من الأرض ومستوفيك ببدنك وروحك (2) . وينسب هذا التفسير إلى ابن زيد (3) . وهو الذى حكاه ابن كثير عن مطر الوراق (4) .
وهذه الأقوال الثلاثة متفقة على أنه رفع حياً، وإن كان بعضها أصح، وأولى بالقبول من بعض، فأصحها الأول وهو قول الجمهور، ويليه قول قتادة، ويليه قول ابن جرير (5) .
(1) الآية 55 من سورة آل عمران.
(2)
جامع البيان 3/291.
(3)
ابن زيد هو: أحمد بن محمد بن زيد، أبو العباس، فاضل دمشقى، من علماء الحنابلة عارفاً بالفقه والعربية، من مصنفاته "محاسن المساعى فى مناقب الأوزاعى" و "اختصار سيرة ابن هشام" وغير ذلك مات سنة 870هـ. له ترجمة فى الضوء اللامع لأهل القرن التاسع للسخاوى 2/71-72، والأعلام 1/230.
(4)
هو: مطر بن طهمان الوراق، أبو رجاء، السلمى مولاهم، الخرسانى. سكن البصرة صدوق كثير الخطأ، وحديثه عن عطاء ضعيف. روى عن شهر، والحسن، وعنه الحمادان، وهمام مات سنة= =125هـ ويقال 129هـ. له ترجمة فى تقريب التهذيب 2/187 رقم 6721 والكاشف 2/268 رقم5471،والجرح والتعديل8/287رقم1319،والثقات للعجلى ص430 رقم1584، والثقات لابن حبان 5/434، ومشاهير علماء الأمصار 120 رقم 699.
(5)
مشكلات الأحاديث ص 167، وانظر: تفسير القرآن العظيم 1/366.
وكلمة "الوفاة" كما تطلق على الموت تطلق على النوم أيضاً، لأن معناها فى اللغة من استيفاء الحق وافياً أى كاملاً لا نقص فيه. ولذا قال صاحب القاموس:"أوفى فلاناً حقه: أعطاه وافياً، كوفاه ووافاه فاستوفاه وتوفاه"(1) .
…
وقد جاءت فى القرآن الكريم بمعنى النوم فى قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} (2) كما جاءت على المعنيين فى قوله تعالى: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الْأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (3) .
…
فالمراد بالوفاة فى الآية الواردة فى حق سيدنا عيسى – عليه السلام – النوم وليس الموت قال ابن كثير – رحمه الله: "فأخبر تعالى أنه رفعه – أى عيسى عليه السلام – بعدما توفاه بالنوم على الصحيح المقطوع به، وخلصه ممن كان أراد أذيته من اليهود الذين وشوا به إلى بعض الملوك الكفرة فى ذلك الزمان"(4) .
…
(1) القاموس المحيط 4/393.
(2)
الآية 60 من سورة الأنعام.
(3)
الآية 42 من سورة الزمر وانظر: تفسير القرآن العظيم 1/336، ومشكلات الأحاديث ص175
(4)
البداية والنهاية 2/85.
(5)
الآيتان 157-158 من سورة النساء.
.. قال الدكتور محمد هراس: "فالآية صريحة فى أنه رفعه حياً؛ لأنه ذكر الرفع وأثبته مكان الذى نفاه من القتل والصلب. ولو كان عيسى – عليه السلام – قد مات فى الأرض ودفن، وأن المراد بالرفع رفع روحه أو منزلته كما يزعم المنكرون لما حسن ذكر الرفع فى مقابل نفى القتل والصلب، لأن الذى يناسب نفى القتل والصلب عنه هو رفعه حياً لا موته، وإلَاّ لقال وما قتلوه وما صلبوه بل الله هو الذى قتله.
وكيف يتوهم متوهم أن المراد بقوله تعالى: {بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (1) هو رفع روحه، وهو إنما ذكر لإبطال ما زعموه من قتله وصلبه، ورفع الروح، لا يبطل القتل والصلب بل يجامعهما، فإنهم لو قتلوه فرضاً لرفعت روحه إلى الله، على أن فى إخباره عز وجل بأنه رفعه إليه، ما يشعر باختصاصه بذلك، والذى يمكن أن يختص به عيسى هو رفعه حياً بجسده وروحه؛ لأن أرواح جميع الأنبياء، بل المؤمنين ترفع إلى الله بعد الموت لا فرق بين عيسى وغيره فلا تظهر فيه الخصوصية (2) .
وحياته عليه السلام ليست كحياة من على الأرض يحتاج إلى الطعام والشراب ويخضع للسنن والنواميس الكونية، كسائر الأحياء، وإنما حياته حياة خاصة عند الله عز وجل لا يشعر بالضرورات الجسدية من طعام أو شراب أو نحوهما (3) .
…
وقد جاءت آيات أيضاً تدل على نزوله إلى الأرض فى آخر الزمان من ذلك:
(1) الآية 158 من سورة النساء.
(2)
مشكلات الأحاديث ص 167، 168.
(3)
المصدر السابق ص 181، 182.
قوله تعالى: {وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَمِنَ الصَّالِحِينَ} (1) نقل الشيخ الهراس عن ابن جرير: أن عيسى – عليه السلام – كلم الناس فى المهد، وسيكلمهم إذا قتل الدجال وهو يومئذ كهل (2) . ثم قال:"وهذا الذى نقلناه عن ابن جرير هو قول عامة أهل التفسير كلهم يفسرون الآية به ويجعلونها دليلاً على نزول عيسى – عليه السلام – وهذا هو الحق الذى لا مرية فيه، فإن قوله سبحانه "وكهلاً" معطوف على متعلق الظرف قبله، داخل معه فى حكمه، والتقدير: ويكلم الناس طفلاً فى المهد ويكلمهم كهلاً، فإذا كان كلامه فى حال الطفولة عقب الولادة مباشرة آية فلابد أن المعطوف عليه وهو كلامه فى حال الكهولة كذلك، وإلا لم يحتج إلى التنصيص عليه؛ لأن الكلام من الكهل أمر مألوف معتاد؛ فلا يحسن الإخبار به لا سيما فى مقام البشارة بل لابد أن يكون المراد بهذا الخبر أن كلامه كهلاً سيكون آية ككلامه طفلاً بمعنى أنه سيرفع إلى السماء قبل أن يكتهل، ثم ينزل فيبقى فى الأرض إلى أن يكتهل، ويكلم الناس كهلاً.
(1) الآية 46 من سورة آل عمران.
(2)
جامع البيان 3/273.
وقد ذهب جمهور المحدثين والمؤرخين إلى أنه عليه السلام رفع وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وأنه سيمكث فى الأرض إذا نزل أربعين سنة كما جاء فى الحديث الصحيح (1) . عن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال:"ليس بينى وبينه نبىُّ يعنى –عيسى عليه السلام وإنه نازل، فإذا رأيتموه فاعرفوه، رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، بين ممصرتين، كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل، فيقاتل الناس على الإسلام، فيدق الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويهلك الله فى زمانه الملل كلها، إلا الإسلام، ويهلك المسيح الدجال، فيمكث فى الأرض أربعين سنة، ثم يتوفى، فيصلى عليه المسلمون"(2) .
قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} (3) الصحيح أن الضمير فى قوله: "إنه" يعود على عيسى – عليه السلام – أى أن خروجه من أعلام الساعة وأماراتها لأنه ينزل قبيل قيامها (4) .
والذى يدل على ذلك أن سياق الآيات فى ذكره، وصرف الكلام عما هو فى سياقه إلى غيره بغير حجة غير جائز، ويؤيد هذا المعنى القراءة الأخرى "وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ" أى أمارة ودليل على وقوع الساعة (5) .
(1) مشكلات الأحاديث ص 170.
(2)
أخرجه أبو داود فى سننه كتاب الملاحم، باب خروج الدجال 4/117، 118 رقم 4324، واللفظ له، والحاكم فى المستدرك كتاب التاريخ، باب ذكر نبى الله وروحه عيسى بن مريم-عليه السلام– 2/651 رقم 4163 وقال: صحيح الإسناد ووافقه الذهبى.
(3)
الآية 61 من سورة الزخرف.
(4)
انظر: الجامع لأحكام القرآن 16/105.
(5)
تفسير القرآن العظيم 4/132.
ج- قال تعالى: {وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا} (1) . قوله "قَبْلَ مَوْتِهِ" ذكر العلماء فيها وجهين فى عود الضمير:
الأول: قبل موت عيسى – عليه السلام – وهو قول أبى هريرة رضي الله عنه (2) .
الثانى: قبل موت الكتابى. قال ابن جرير: "وأولى الأقوال بالصحة والصواب قول من قال: تأويل ذلك: وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بعيسى قبل موت عيسى (3) . وهو قول ابن كثير قال: "ولا أشك أن هذا الذى قاله ابن جرير هو الصحيح" (4) .
قال الأستاذ عبد الله الغمارى: "إن احتمال عود الضمير فى "موته" على الكتابى ضعيف، واحتمال عوده فى "به" على غير عيسى باطل، والاحتمالات الضعيفة والباطلة لا تنهض للحجية، ولا تقوى للاستمساك، فتكون الآية الكريمة نصاً فى حياة عيسى ونزوله بمعونة ما ذكر.
…
واللفظ يكون نصاً بنفسه تارةً، وبما ينضم إليه من القرائن تارة أخرى، وليس كل احتمال فى اللفظ يؤثر فى ناصيته، كما يتوهم كثير ممن لم يحكموا قواعد علم الأصول" (5) .
…
أما ما زعموه من أن الأحاديث فى نزول المسيح – عليه السلام – لم تبلغ درجة التواتر حتى يؤخذ منها عقيدة بنزوله، بل هى أحاديث آحاد مضطربة فى متونها
…
إلخ.
(1) الآية 159 من سورة النساء.
(2)
انظر: المنهاج شرح مسلم 1/470 رقم 155، وفتح البارى 6/568 –569 رقم 3448.
(3)
جامع البيان 6/21.
(4)
تفسير القرآن العظيم1/577 وانظر: البداية والنهاية 2/85-89،ومسند أحمد بتحقيق أحمد شاكر 15/27،28 الهامش، وفتح البارى 6/568رقم 3448، ومشكلات الأحاديث ص 170، 171
(5)
مشكلات الأحاديث ص 169، وانظر: المسيح عليه السلام فى القرآن الكريم للدكتور رمضان مصطفى دياب.
.. فقد سبق ذكر من نص من علماء الحديث على تواترها تواتراً معنوياً. ويكفى تخريجها فى الصحيحين اللذين تلقتهما الأمة بالقبول، وأجمعت على إفادة أحاديثهما العلم اليقينى. وحتى لو كانت آحاداً لوجب علينا التسليم لها والإيمان بمضمونها متى ثبتت صحتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإن دلت على عقيدة خلافاً لمن أبى ذلك.
وأما زعم الأستاذ رشيد رضا وفضيلة الشيخ شلتوت "بأنها أحاديث مضطربة فى متونها منكرة فى معانيها.
أجاب عن ذلك الأستاذ عبد الله الغمارى فى رده على الشيخ شلتوت – رحمه الله – فقال: "وهذا غير صحيح فإن تلك الأحاديث أو الروايات - على حد تعبيره – كلها متفقة على الإخبار بنزول عيسى وأنه يقتل الدجال والخنزير، ويكسر الصليب
…
إلخ ما جاء فيها، غاية ما فى الأمر أن بعضاً منها يفصل، وآخر يجمل، وبعضاً يوجز، وآخر يطنب، وهذا كما يفعل القرآن العظيم إذ يورد القصة الواحدة فى سور متعددة بأساليب مختلفة، يزيد بعضها على بعض بحيث لا يمكن جمع أطراف القصة إلا بقراءة السور التى ذكرت فيها.
فلعل صاحب الفتوى ظن مثل هذا التخالف الذى يقوى شأن الحديث، ويدل على تعدد مخارجه، تعارضاً فأخطأ، وأضعف خطأه حيث ادعى أنه لا مجال معه للجمع بينها.
وذلك أنه على فرض وجود تعارض فالجمع ممكن لو أمعن فكره، وأمضى نظره، وأخلص فى بحثه، لكنه أرسل قوله بتعذر الجمع دعوى تتعثر فى أذيال الخجل" (1) .
والزعم بأنها ليست محكمة الدلالة، ولذا أولها العلماء قديماً.
زعم لا أساس له من الصحة. ودعوى باطلة ليس لها ما يسندها، كيف وقد نصت الأحاديث صراحة على نزوله عليه السلام، ولم يأت ما يعارض ذلك تصريحاً أو تلميحاً، وأجمعت الأمة على ما دلت عليه وتأويل من أولها إنما هو تحريف وتبديل، ورد للنصوص الثابتة الصريحة، ولا حجة فى قوله.
(1) مشكلات الأحاديث ص 178.
يقول الشيخ أحمد محمد شاكر: "وقد لعب المجددون، أو المجردون فى عصرنا الذى نحيا فيه، بهذه الأحاديث الدالة صراحة على نزول عيسى بن مريم – عليه السلام – فى آخر الزمان، قبل انقضاء الحياة الدنيا بالتأويل المنطوى على الإنكار تارة، وبالإنكار الصريح أخرى، ذلك أنهم – فى حقيقة أمرهم – لا يؤمنون بالغيب أو لا يكادون يؤمنون. وهى أحاديث متواترة المعنى فى مجموعها، يعلم مضمون ما فيها من الدين بالضرورة، فلا يجديهم الإنكار ولا التأويل (1) أ. هـ.
لا شك أن النصوص من القرآن والسنة دلت على رفعه إلى السماء، وأنه حى بروحه وجسده، وأنه سينزل فى آخر الزمان، وانعقد الإجماع على ذلك فوجب على كل مسلم أن يؤمن بما دلت عليه تلك النصوص، وأن يجمع قلبه على اعتقاد ما جاء فيها، ومن المعلوم أن إنكار ما ثبت من الدين بالضرورة يعد كفراً.
(1) مسند أحمد بتحقيق أحمد محمد شاكر 12/257 الهامش.
قال الشيخ الشنقيطى – رحمه الله: "يجب شرعاً اعتقاد أن عيسى عليه الصلاة والسلام لا زال حياً إلى الآن وأنه لابد أن ينزل فى آخر الزمان حاكماً بشرع نبينا – عليه الصلاة والسلام – ومجاهداً فى سبيل الله تعالى، كما تواتر عن الصادق المصدوق، وإنما وجب اعتقاد ذلك لأن الله تعالى أخبر فى كتابه العزيز:{وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} (1) . وقد وردت الأحاديث المتواترة كما سبق
…
ولم يصح حديث بموته، تمكن معارضته لما صح بالتواتر من نزوله فى آخر الزمان، وإذا أخبر القرآن أنه رفع، ولم يقتل، وبين النبى صلى الله عليه وسلم لنا أنه سينزل فى آخر الزمان، وفصل لنا أحواله بعد نزوله تفصيلاً رافعاً لكل احتمال، وجب اعتقاد ذلك على كل مسلم، ومن شك فيه فيكون كافراً بإجماع الأمة؛ لأنه مما علم من الدين ضرورة بلا نزاع، وكل إيراد عليه من الملاحدة، والجهلة، باطل لا ينبغى لكل من اتصف بالعلم أن يلتفت إليه (2) .
أما ما زعمه بعض المعتزلة، والجهمية ومن قال بقولهم من أن نزول المسيح –عليه السلام – يتناقض مع ختم النبوة.
فنقول: فى الحديث ما ينقض تلك الدعوى وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "حكماً مقسطاً" ولم يقل "نبياً مقسطاً" فعيسى عليه السلام – ينزل حاكماً بهذه الشريعة لا ينزل نبياً برسالة مستقلة، وشريعة ناسخة، بل هو حاكم من حكام هذه الأمة" (3) .
(1) جزء من الآيتين 157، 158 من سورة النساء.
(2)
زاد المسلم فيما اتفق عليه البخارى، ومسلم 1/331 – 332.
(3)
المنهاج شرح مسلم 1/469 رقم 155.
ويؤيد ذلك ما جاء فى صحيح الإمام مسلم من صلاته خلف رجل من هذه الأمة. عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تزال طائفة من أمتى يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة. قال، فينزل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فيقول أميرهم: تعال صل لنا فيقول. لا. إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمة الله هذه الأمة"(1) .
…
قال الحافظ ابن حجر: "قال ابن الجوزى، لو تقدم عيسى إماماً لوقع فى النفس إشكال، ولقيل: أتراه تقدم نائباً أو مبتدئاً شرعاً، فصلى مأموماً لئلا يتدنس بغبار الشبهة فى قوله صلى الله عليه وسلم: "لا نبى بعدى" (2) أ. هـ.
…
قال الأستاذ عبد الله الغمارى:"وبعد: فإنى أرى أن كل من يمارى فى هذا الأمر بعد هذا البيان، فإنه مبتدع ضال، إن لم يكن كافراً، والعياذ بالله، فالواجب أن يهجر ويجتنب، وليست المسألة مسألة خلاف يعذر فيها المخالف، بل هى مسألة إجماع، أجمعت عليه الأمة، وتواترت به النصوص، كما أنها من جنس الأخبار التى لا مجال فيها للرأى والاجتهاد"(3) أ. هـ.
(1) مسلم "بشرح النووى" كتاب الإيمان، باب نزول عيسى ابن مريم حاكماً بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم 1/468 رقم 156.
(2)
سبق تخريجه ص 806، وانظر: فتح البارى 6/570 رقم 3449، ونزول عيسى بن مريم آخر الزمان للحافظ السيوطى ص 21-58.
(3)
مشكلات الأحاديث ص 182، وانظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 2/214-230.
.. ونختم هنا بما رواه الإمام أحمد فى مسنده بسند صحيح، عن أبى هريرة رضي الله عنه؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال: "إنى لأرجو إن طال بى عمر أن ألقى عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم، فإن عجل بى موت، فمن لقيه منكم؛ فليقرئه منّى السلام"(1) .
…
يقول فضيلة الدكتور سعيد صوابى: "وفى هذا إشارة إلى تمام الثقة بحدوث الأمر، وكمال التحقيق بنزول عيسى بن مريم فى هذه الأمة حكماً عدلاً بدين الإسلام ومبطلاً لسائر ما سواه من الأديان (2) .
ويقول أبو هريرة رضي الله عنه:"أى بنى أخى إن رأيتموه فقولوا: أبو هريرة يقرئك السلام (3) .
وفى هذا أعظم دليل على تجاوب الأمة مع نبيها فى إيمانها بنزول عيسى ابن مريم عليه السلام.
ونحن نوصى من يأتون بعدنا إن أدركوا عيسى بن مريم أن يقرئوه منا السلام" (4) .
والله تبارك وتعالى
أعلى وأعلم
(1) المسند 2/298، وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد كتاب الفتن، باب نزول عيسى ابن مريم 8/5، وقال: رواه أحمد بإسنادين: مرفوع وهو هذا، وموقوف، ورجالهما رجال الصحيح.
(2)
المعين الرائق فى سيرة سيد الخلائق ص 28.
(3)
أخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب التاريخ، باب ذكر نبى الله وروحه عيسى بن مريم عليه السلام 2/651 رقم 4162 وقال: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبى.
(4)
المعين الرائق ص 29، وانظر: الغيبيات فى ضوء السنة للدكتور محمد همام ص 165 وما بعدها.