الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبذلك ظهر أن هذا الحديث صحيح السند والمتن، فهل بقى للمنكرين من حجة يحتجون بها؟ اللهم إلا الهوى (1) .
رابعاً: الزعم بأن موضوعه ليس من عقائد الإسلام ولا من عباداته
…
إلخ.
…
زعم قُصِدَ من وراءه، تحقير الحديث وتهوين لأمره، وتنفير الناس عنه، وهى دعوى تتردد وتتكرر كلما عجزوا عن إقامة الدليل على عدم صحة حديث ما، ولذلك يكثرون من ذكر هذه العبارات التى لا تدل إلا على تنصل صاحبها من إتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والعمل بها
والإسلام دين كامل، بعقائده، وعباداته، ومعاملاته، وأخلاقه، لا يحقر جزء من جزئياته، ولا فرع من فروعه، ولا يستهان به.
وقد أمر الله المؤمنين بالتمسك بكل شعب الإيمان وشرائع الإسلام من غير تفريط فى جانب منها مع القدرة على ذلك قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (2) .
قال الحافظ ابن كثير فى معنى هذه الآية: "يقول الله تعالى آمراً عباده المؤمنين المصدقين برسوله أن يأخذوا بجميع عرى الإسلام وشرائعه، والعمل بجميع أوامره، وترك جميع زواجره، ما استطاعوا من ذلك"(3) .
…
والقول بأنه لم يعمل به أحد من المسلمين، قول عار عن الصحة، ودعوى جريئة جاء الحق بخلافها.
(1) انظر: الإحسان فى تقريب صحيح ابن حبان 4/55، الهامش، ودفاع عن السنة 345، 346، وسلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد 1/61، وموقف المدرسة العقلية من السنة 2/269، 270، والسنة المطهرة والتحديات للدكتور نور الدين عتر ص 80-81.
(2)
الآية 208 من سورة البقرة.
(3)
تفسير القرآن العظيم 1/247.
روى عبد الله بن المثنى (1)، عن عمه ثمامه (2) ؛ أنه حدثه قال: كنا عند أنس، فوقع ذباب فى إناء فقال أنس (3) بأصبعه فغمسه فى ذلك الإناء ثلاثاً ثم قال: بسم الله. وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرهم أن يفعلوا ذلك (4) .
(1) هو: عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصارى، أبو المثنى البصرى، روى عن عمومته، والحسن، وعنه ابنه محمد، ومسدد، وعبد الواحد بن قياس. قال ابن معين وأبو زرعة: صالح. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق كثير الغلط. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/527 رقم 3582، والكاشف 1/592 رقم 2942، والجرح والتعديل 5/177 رقم 830.
(2)
هو: ثمامة بن عبد الله بن أنس بن مالك، الأنصارى، البصرى، قاضيها. روى عن جدة، والبراء وعن أبى هريرة مرسلاً. وعنه عبد الله بن المثنى، وعمر. قال أبو حاتم والذهبى ثقة. وقال الحافظ ابن حجر: صدوق. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 1/150 رقم 855، والكاشف 1/285 رقم 716. والجرح والتعديل 2/466 رقم 1893.
(3)
قوله "فقال أنس": يراد به الفعل. لأن العرب تجعل القول عبارة لجميع الأفعال، وتطلقه على غير اللسان والكلام فتقول: قال بيده: أى أخذ. وقال برجله: أى مشى
…
إلخ. انظر: النهاية 4/124، والقاموس المحيط 4/41، 42.
(4)
ذكره الحافظ فى الفتح: وقال أخرجه البزار ورجاله ثقات، ورواه حماد بن سلمة، عن ثمامه فقال "عن أبى هريرة" ورجحها أبو حاتم، وأما الداقطنى: فقال: "الطريقان محتملان" انظر: فتح البارى 10/261، 262 رقم 5782.
وروى أحمد من طريق سعيد بن خالد (1) قال: "دخلت على أبى سلمة فأتانا يزيد وكتلة (2) ،فأسقط ذباب فى الطعام، فجعل أبو سلمة (3) يمقله بأصبعه فيه فقلت: يا خال! ما تصنع؟ فقال: إن أبا سعيد الخدرى حدثنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أحد جناحى الذباب سم، والآخر شفاء، فإن وقع فى الطعام، فأمقلوه (4) ، فإنه يقدم السم، ويؤخر الشفاء" (5) .
فأنس صحابى، وأبو سلمة تابعى، وقد عملا بمضمون هذا الحديث، فكيف يزعم بأن أحداً من المسلمين لم يعمل به؟ (6) .
هذه دعوى، وغيرها كثير، يطلقها أولئك القوم من غير علم ولا تحقيق؛ ليخدعوا بها السذج من الناس، ويحدث من جرائها شر وفساد عريض (7) .
(1) سعيد بن خالد هو: ابن عبد الله بن قارظ، الكتانى، المدنى، حليف بنى زهرة، روى عن ربيعة بن عباد وابن المسيب، وعنه ابن أبى ذئب، وابن إسحاق. صدوق له ترجمة فى: تهذيب التهذيب 4/20 رقم 2660، وتقريب التهذيب 1/351 رقم 2298، والكاشف 1/434 رقم 1873، والجرح والتعديل 4/16 رقم 62.
(2)
الكتلة: هو ما جمع من التمر والطين واللحم وغير ذلك انظر: النهاية4/150،والقاموس المحيط 4/43
(3)
أبو سلمة: هو ابن عبد الرحمن بن عوف الزهرى، المدنى قيل اسمه عبد الله، وقيل إسماعيل. أحد الأئمة الثقات المكثرين. روى عن أبيه، وعائشة، وأبى هريرة، وعنه ابنه عمر، والزهرى محمد بن عمرو مات سنة 94هـ. له ترجمة فى: تقريب التهذيب 2/409 رقم 8177، والكاشف 2/431 رقم 6661، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 30 رقم 50، ومشاهير علماء الأمصار ص 83 رقم 430، والثقات للعجلى ص 499 رقم 1960.
(4)
فامقلوه أى اغمسوه فى الماء ونحوه. انظر النهاية 4/347.
(5)
المسند 3/67.
(6)
انظر: السنة والتشريع لفضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين حيث ضرب أمثلة عملية على عمل كثير من المسلمين بهذا الحديث. وإن لم يشعروا بأنهم يعملون بالحديث ص55-58.
(7)
انظر: موقف المدرسة العقلية من السنة 2/271-273.