الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ما عاين الناس من فضل كفضلهم *** ولا رأوا مثلهم فى سالف السنن (1)
8-
ونقل الشوكانى (2) ، عن الكسائى (3) أن "السنة" الدوام (4) .
خلاصة القول كما يقول الدكتور محمد مصطفى الأعظمى:
إن السنة معناها فى اللغة "الطريقة" و"العادة" و"السيرة" سواء كانت سيئة أو حسنة، وقد استعملها الإسلام (القرآن والنبى صلى الله عليه وسلم.) فى معناها اللغوى كما رأينا فى الآيات والأحاديث السابقة، ثم خصصها الإسلام بطريقة النبى صلى الله عليه وسلم. وطريقة أصحابهرضي الله عنهم كما سيأتى فى تعريف السنة اصطلاحاً، وليس معنى هذا أن معناها اللغوى قد بطل أو انعدم بل بقى استعمالها ولكن فى نطاق ضيق (5) .
التعريف بالحديث لغة:
"الحديث" فى اللغة: الجديد ضد القديم ومادة الكلمة "حدث" تدور حول معنى واحد وهو كون الشئ بعد أن لم يكن، والحديث كلام يحدث منه الشئ بعد الشئ، بعد أن لم يكن (6) .
وإنما سميت الكلمات والعبارات حديثاً؛ لأن الكلمات إنما تتركب من الحروف المتعاقبة المتوالية، وكل واحد من تلك الحروف يحدث عقب صاحبه، أو لأن سماعها يحدث فى القلوب من المعانى والعلوم الشئ الكثير قال تعالى {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} (7) .
(1) الجامع لأحكام القرآن 4 /216.
(2)
الشوكانى: هو محمد بن على بن محمد الشوكانى، فقيه مجتهد من كبار علماء اليمن من أهل صنعاء، من مؤلفاته "فتح القدير" فى التفسير "وإرشاد الفحول" فى أصول الفقه. توفى سنة 1250هـ. له ترجمة فى: البدر الطالع للشوكانى 2 /214 - 225 رقم 482، والفتح المبين لعبد الله المراغى 3 /144 - 145، وأصول الفقه تاريخه ورجاله للدكتور شعبان إسماعيل، ص530 - 532، والرسالة المستطرفة للكتانى ص 152، والأعلام للزركلى 7/190، ومعجم المؤلفين لكحالة 11/533.
(3)
إرشاد الفحول 1 /155.
(4)
الكسائى: هو على بن حمزة الكوفى المعروف بالكسائى، أخذ القراءات عن حمزة الزيات، وقرأ النحو على معاذ الهراء كثيراً، ثم الخليل بن أحمد بالبصرة. توفى سنة 189هـ. له ترجمة فى: وفيات الأعيان لابن خلكان3/295-297 رقم 233، وبغية الوعاة للسيوطى 2 /162-164 رقم 1701، وطبقات المفسرين للداودى 1/404 - 409 رقم 349، طبقات القراء لابن الجزرى 1 /535، وطبقات القراء للذهبى 1 /100، واللباب فى تهذيب الأنساب 3 /97، والفهرست لابن النديم ص 103.
(5)
دراسات فى الحديث النبوى 1 /5، 11 بتصرف.
(6)
القاموس المحيط 1 /163.
(7)
الآية 34 من سورة الطور.
ويجمع الحديث على أحاديث على خلاف القياس، ويرى الفراء أن واحد الأحاديث أحدوثة، ثم جعلوه جمعاً للحديث وقال ابن برى: ليس الأمر كما زعم الفراء، لأن الأحدوثة بمعنى الأعجوبة، يقال: قد صار فلان أحدوثةً، أما أحاديث النبى صلى الله عليه وسلم. فلا يكون واحدها إلا حديثاً (1) .
ويرى الزمخشرى (2) : إن الأحاديث اسم جمع (3)، وخالفه أبو حيان فى البحر (4) : فقال ليس كل الأحاديث باسم جمع، بل هو جمع تكسير للحديث على غير قياس كأباطيل، واسم الجمع لم يأت على هذا الوزن (5) ، فالراجح أنها جمعت على غير قياس
…
والجمع القياسى للفظ حديث أحدثه كرغيف وأرغفة، أو حدث كقضيب وقضب (6) .
قال فضيلة الأستاذ الدكتور مروان محمد شاهين: أما عن الحديث فى اللغة فله معان ثلاثة:
الأول: الحديث بمعنى الجديد الذى هو ضد القديم، تقول: لبست ثوباً حديثاً أى جديداً، وقرأت كتاباً حديثاً بمعنى الجديد، وركبت سيارة حديثة تعنى سيارة جديدة.
الثانى: الحديث بمعنى الخبر والنبأ مثل قوله تعالى: {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى} (7)
(1) تاج العروس للزبيدى 1 /613.
(2)
الزمخشرى: هو أبو القاسم، محمود بن عمر بن محمد الزمخشرى، نحوى، لغوى، معتزلى، مفسر، يلقب بجار الله لمجاورته بمكة زماناً، من مصنفاته: الكشاف عن حقائق التنزيل، والفائق فى غريب الحديث، مات سنة 538هـ. له ترجمة فى: وفيات الأعيان لابن خلكان 5 /168-174 رقم 711، وبغية الوعاة للسيوطى 2 /279 رقم 1977، وإشارة التعيين فى تراجم النحاة واللغويين لعبد الباقى اليمانى، ص 345 رقم 210، وطبقات المفسرين للسيوطى، ص48 رقم 147، وطبقات المفسرين للداودى 2 /314 رقم 625.
(3)
الكشاف للزمخشرى 2 /243.
(4)
أبو حيان: هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف، أثير الدين أبو حيان، الغرناطى، من كبار العلماء بالعربية، والتفسير، والحديث، من مؤلفاته البحر المحيط فى التفسير، والتذكرة فى العربية، وعقد اللآلى فى القراءات. مات سنة 745هـ. له ترجمة فى ذيل تذكرة الحفاظ ص23، وطبقات الشافعية لابن السبكى 6 /31، وطبقات المفسرين للداودى 2 /287 - 291 رقم 608، وشذرات الذهب 6 /145، والأعلام 7 /153، والرسالة المستطرفة ص 101.
(5)
البحر المحيط لأبى حيان 5 /281 عند تفسير أول سورة يوسف.
(6)
بحوث فى علوم الحديث لفضيلة الأستاذ الدكتور عزت عطيه ص 10.
(7)
الآية 15 من سورة النازعات.
ومثل قوله عز وجل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَة} (1) وقد ورد هذا المعنى أيضاً فى قول ربنا عز وجل {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} (2) .
الثالث: الحديث بمعنى الكلام مثل قول الله تعالى {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا} (3) أى نزل أحسن الكلام، ومثل قوله سبحانه {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (4) وقوله تعالى {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} (5) أى إن لم يؤمنوا بالقرآن الكريم فبأى كلام بعده يؤمنون (6) .
وبهذا الإطلاق اللغوى جاءت كلمة "الحديث" فى السنة المطهرة مراداً بها كلام رب العزة، وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمثال ما جاء فى السنة مراداً بها كلام الله عز وجل ما أخرجه مسلم فى صحيحه عن جابر بن عبد الله (7) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم. إذا خطب احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول: صبحكم ومساكم، ويقول: بعثت أنا والساعة كهاتين، ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول: أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمدصلى الله عليه وسلم. وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة
…
" (8) .
ومثال ما جاء فى السنة مراداً بها كلام النبى صلى الله عليه وسلم. ما أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجة عن زيد بن ثابت (9) رضي الله عنه قال:
(1) الآية الأولى من سورة الغاشية.
(2)
جزء من الآية 3 من سورة التحريم.
(3)
جزء من الآية 23 من سورة الزمر.
(4)
جزء من الآية 87 من سورة النساء.
(5)
الآية 50 من سورة المرسلات.
(6)
تيسير اللطيف الخبير فى علوم حديث البشير النذير ص 11.
(7)
جابر بن عبد الله: صحابى جليل له ترجمة فى: الإصابة 2 /45 رقم 1022، والاستيعاب 1 /219 رقم 290، واسد الغابة 1 /492 رقم 647، وتاريخ الصحابة ص 58 رقم 183، ومشاهير علماء الأمصار ص 17 رقم 25، وتذكرة الحفاظ 1 /43 رقم 21، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 19 رقم 21.
(8)
أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة 3 /418 رقم 867.
(9)
زيد بن ثابت: صحابى جليل له ترجمة فى: الإصابة 1 /561رقم 2887، والاستيعاب 3 /136 رقم 845، وأسد الغابة 2 /346 رقم 1824، وتذكرة الحفاظ 1 /30 رقم 15، وطبقات الحفاظ للسيوطى ص 17 رقم 15، وتاريخ الصحابة ص105 رقم 469، ومشاهير علماء الأمصار ص 16 رقم 22.