الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل السابع:حديث رضاعة الكبير
شبهات الطاعنين فيه والرد عليها
…
عن عائشة -رضى الله عنها- أن سالماً (1)
(1) سالم هو: سالم بن معقل، مولى أبى حذيفة، كان من أهل فارس، أعتقته مولاته زوج أبى حذيفة، واسمها بثينة، أعتقته سائبة دون ولاء لها، فتولى أبا حذيفة، فكان ينسب إليه، فيقال: سالم بن أبى حذيفة حتى نزلت "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُواءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ" جزء من الآيتين 4،5 من سورة الأحزاب. وعد فى المهاجرين وروى أنه هاجر مع عمر، وكان يؤم المهاجرين بقباء وفيهم عمر قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان إذا سافر مع أصحابه يؤمهم، لأنه كان أكثرهم قرآناً، وكان قد جاوز البلوغ فى بدر، فشهدها، والظاهر أن ملابسات حديثنا كانت فى هذه السن، وشهد اليمامة وكان معه لواءً المهاجرين فقطعت يمينه فأخذه بيساره فقطعت، فاعتنقه إلى أن صرع، هو ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما عند رجلى الآخر، وذلك سنة اثنتى عشرة من الهجرة، وكان عمر يحبه ويقدره، حتى قال رضي الله عنه بعد أن طعن: لو كان سالم حياً ما جعلتها شورى. وهو من القراء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنهم "خذوا القرآن من أربعة من أبى بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبى حذيفة، وابن مسعود" أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب سالم مولى أبى حذيفة رضي الله عنه 7/127 رقم 3758، ومسلم "بشرح النووى" كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه -رضى الله عنهما 8/253 رقم 2464، وفى الحديث أن عائشة رضي الله عنه قالت أبطأت على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما حبسك يا عائشة! قالت: يا رسول الله إن فى المسجد رجلاً ما رأيت أحداً أحسن قراءةً منه قال فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو سالم مولى أبى حذيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحمد لله الذى جعل فى أمتى مثلك". أخرجه أحمد فى مسنده جزء 6 ص 165، والحاكم فى المستدرك كتاب الصحابة، باب ذكر مناقب سالم مولى أبى حذيفة 3/250 رقم 5001، وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبى، وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح 9/300، وفى الحديث أيضاً عن عمرو بن العاص، قال:"كان فزع بالمدينة فأتيت على سالم مولى أبى حذيفة وهو محتب بحمائل سيفه فأخذت سيفاً فاحتبيت بحمائله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "يا أيها الناس ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله، ثم قال ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان" رواه أحمد فى المسند 4/203 وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 9/300 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. "رضى الله عن سالم، وعن الصحابة أجمعين". انظر فى ترجمته: اسد الغابة 2/382 رقم 1892، والاستيعاب 2/567 رقم 881، والإصابة 2/6 رقم 3059، وتاريخ الصحابة ص 117 رقم 537، ومشاهير علماء الأمصار ص 31 رقم 101.
مولى أبى حذيفة كان مع أبى حذيفة (1)
(1) أبو حذيفة هو:أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى، وهو من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة. وكان من فضلاء الصحابة، جمع الله له الشرف والفضل. وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم. ولما هاجر إلى الحبشة عاد منها إلى مكة، فأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد كلها= =مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيداً، وهو مولى سالم الذى أرضعته زوجته سهلة كبيراً، وكان سالم أيضاً من سادات المسلمين. انظر فى ترجمته: اسد الغابة 6/68، رقم5807، والاستيعاب 4/1631 رقم 2914، والإصابة 4/42 رقم 9760، وتاريخ الصحابة ص 81 رقم 326، ومشاهير علماء الأمصار ص 33 رقم 117.
وأهله فى بيتهم. فأتت (تعنى ابنة سهيل)(1) النبى صلى الله عليه وسلم. فقالت: إن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئاً. فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: "ارضعيه تحرمى عليه، ويذهب الذى فى نفس أبى حذيفة" فرجعت، فقالت: إنى قد أرضعته، فذهب الذى فى نفس أبى حذيفة" (2) .
…
بهذا الحديث طعن بعض الرافضة، وأدعياء العلم، فى صحيح الإمام البخارى، وزعموا أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم والعقل.
(1) ابنة سهيل هى: سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشية، من بنى عامر بن لؤى، وهى امرأة أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وهى من السابقين إلى الإسلام، وولدت له بالحبشة محمد بن أبى حذيفة، ولا عقب له، وهى أيضاً أم سليط بن عبد الله بن الأسود القرشى العامرى، وأم بكير بن شماخ بن سعيد بن قائف، وأم سالم بن عبد الرحمن بن عوف، وهى التى أرضعت سالماً مولى أبى حذيفة وهو رجل. انظر: فى ترجمتها اسد الغابة 7/155 رقم 7027، والإستيعاب 4/1865 رقم3389، والإصابة 4/336 رقم 11352، وتاريخ الصحابة ص130 رقم 628، وتجريد أسماء الصحابة 2/279.
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) مختصراً فى كتاب النكاح، باب الأكفاء فى الدين9/34رقم5088، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/286 رقم 1453.
يقول ابن الخطيب (1) : "هل يجوز لعاقل يؤمن بالله واليوم الآخر، بعد أن قرأ قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (2) أن يصدق هذا الحديث، أو أن يعيره بالاً؟! ولكن رواية هذا الحديث فى المسانيد معنعناً مطولاً: دعت كثيراً من الفقهاء إلى تصديقه وبحثه، والأخذ منه بجواز إرضاع الكبير!
ولنفرض أن هذه المرأة: أتت لأحد ما، وشكت له ما شكت للرسول صلى الله عليه وسلم، أكان يقول لها: أرضعيه، أم كان يقول لها: احتجبى عنه!؟ (3) .
…
ويقول فى كتابه الفرقان "إن هذا الحديث وأمثاله مما دسه الدساسون الأفاكون، ليذهب ببهاء ذلك الدين القويم! وحاشا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله الله عز وجل، بل ويتناقض كل التناقض مع ما ورد فى الكتاب المجيد الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"(4) .
…
ويقول صالح الوردانى: "والذى نقوله نحن إن هذه الرواية هراء، وتبرير الفقهاء لها أكثر من هراء. إذ أن المعلوم شرعاً أن حرمة الرضاع إنما تنبنى على سنى الرضاعة، وهما حولين كاملين أى السنة الأولى والثانية من عمر المولود، بعد ذلك لا عبرة برضاعة من أى ثدى، لأن اللبن لن يكون له دور فى تكوينه. فهل كان الرسول يجهل هذه الحقيقة. أم كان يمزح مع السائلة
…
وهل مثل هذه الأمور محل للمزاح؟
(1) ابن الخطيب: هو محمد محمد عبد اللطيف، يعرف بابن الخطيب، كاتب مصرى، من مؤلفاته: الفرقان، وحقائق ثابتة فى الإسلام.
(2)
الآية 30 من سورة النور.
(3)
انظر: حقائق ثابتة فى الإسلام لابن الخطيب ص 101، 102.9
(4)
انظر: الفرقان لابن الخطيب ص 160.
.. إن الإجابة على هذه التساؤلات، هى أن هذه الرواية لا تخرج عن كونها لهو مصطنع على لسان أصحاب الأهواء والأغراض من الحكام، وغيرهم ونسبوها إلى الرسول، ويكفى القول إن أم سلمة وسائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم رفضن أن يدخل عليهن أحد بتلك الرضاعة عدا عائشة
…
ومثل هذا الموقف من قبل نساء النبى إنما يعكس عدم الرضا عن هذا الأمر وعدم قناعتهن به. وهو يشير إلى جهة أخرى إلى الشك فى الرواية. إذ لو كانت صحيحة ثابتة عن الرسول ما اعترض عليها نسوته" (1) .
والجواب:
…
إن هذا الحديث الذى طعن فيه بعض دعاة الفتنة، وأدعياء العلم، مما تلقته الأمة بالقبول رواية ودراية.
أما الرواية فقد بلغت طرق هذا الحديث نصاب التواتر كما قال الإمام الشوكانى (2) .
وأما الدراية فقد تلقى الحديث بالقبول، الجمهور من الصحابة، والتابعين فمن بعدهم من علماء المسلمين إلى يومنا هذا.
(1) دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين لصالح الوردانى ص 259-260، وانظر: أحاديث أم المؤمنين عائشة، أدوار من حياتها لمرتضى العسكرى ص 379-383، وفتح الوهاب لا جزية على أهل الكتاب لإسماعيل منصور ص 517-529.
(2)
انظر: نيل الأوطار 6/314.
تلقوه بالقبول على أنه واقعة عين بسالم رضي الله عنه لا تتعداه إلى غيره، ولا تصلح للاحتجاج بها، ويدل على ذلك ما جاء فى بعض الروايات عند مسلم عن ابن أبى مليكة أنه سمع هذا الحديث من القاسم بن محمد بن أبى بكر عن عائشة –رضى الله عنها- قال ابن أبى مليكة: فمكثت سنة أو قريباً منها لا أحدث به وَهَبْتُه (1) . ثم لقيت القاسم فقلت له: لقد حدثتنى حديثاً ما حدثته بعد. قال: فما هو؟ فأخبرته. قال: فحدثه عنى، أن عائشة أخبرتنيه (2) . وفى رواية للنسائى، فقال القاسم: حَدِّثْ به ولا تَهَابُهُ (3) .
…
قال الحافظ ابن عبد البر: "هذا يدل على أنه حديث ترك قديماً ولم يعمل به، ولا تلقاه الجمهور بالقبول على عمومه، بل تلقوه على أنه خصوص"(4) .
(1)"وهِبْتُه" قال الإمام النووى: (هكذا هو فى بعض النسخ "وهبته" من الهيبة وهى الإجلال، والواو حرف عطف، وفى بعضها "رِهبْتُه" بالراء من الرهبة، وهى الخوف، وهى بكسر الهاء، وإسكان الياء، وضم التاء، وضبطه القاضى عن بضعهم "رهْبَته" بإسكان الهاء وفتح الباء، ونصب التاء قال القاضى: وهو منصوب بإسقاط حرف الجر، والضبط الأول أحسن، وهو الموافق للنسخ الآخر (وهبته) بالواو. انظر: المنهاج شرح مسلم للنووى 5/289.
(2)
أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/287، 289 رقم 1453.
(3)
أخرجه النسائى فى سننه كتاب النكاح باب رضاع الكبير 6/105 رقم 3322.
(4)
انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/292،وقال الحافظ الدارمى عقب ذكره الحديث فى سننه "هذا لسالم خاصة" انظر: سنن الدارمى كتاب النكاح، باب رضاعة الكبير2/210،211رقم 2257.
.. وبذلك صرحت بعض الروايات، ففى صحيح مسلم عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم كانت تقول: "أبى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة.وقلن لعائشة: والله! ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة. ولا رائينا (1) .
…
إن قصة رضاعة سالم رضي الله عنه قضية عين لم تأت فى غيره، واحتفت بها قرينة التبنى، وصفات لا توجد فى غيره كما سبق فى ترجمته، فلا يقاس عليه (2) .
…
فأصل قصة سالم ما وقع له من التبنى الذى أدى إلى اختلاطه بسهلة بنت سهيل امرأة أبى حذيفة، وكانت تراه ابناً لها، ويدخل عليها فلا تحتشم منه، ويراها وهى منكشف بعضها، فلما نزل الاحتجاب، ومنعوا من التبنى، شق ذلك على أبى حذيفة، وسهلة، فوقع الترخيص لهما فى ذلك، لرفع ما حصل لهما من المشقة (3) . وهذا ما جاء فى رواية الإمامين أبو داود ومالك.
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/288، 289 رقم 1454
(2)
انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/292، وتأويل مختلف الحديث ص 276-279.
(3)
انظر: فتح البارى 9/53 رقم 5102.
عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وأم سلمة –رضى الله عنهما- أن أبا حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس، كان تبنى سالماً، وأنكحه أبنة أخيه، هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، وكان من تبنى رجلاً فى الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه، حتى أنزل الله عز وجل:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُواءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (1) ، فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى، وأخا فى الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشى ثم العامرى، وهى امرأة أبى حذيفة. فقالت: يا رسول الله، إنا كنا نرى سالماً ولداً، وكان يأوى معى، ومع أبى حذيفة فى بيت واحد، ويرانى فضلاً، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم "أرضعيه" فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة.
فبذلك كانت عائشة –رضى الله عنها- تأمر بنات أخواتها، وبنات إخوتها، أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيراً، خمس رضعات، ثم يدخل عليها.
(1) جزء من الآيتين 4،5 من سورة الأحزاب.
وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع فى المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندرى لعلها كانت رخصة من النبى صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس" (1) .
…
قال الإمام الزرقانى (2) : "قول سهلة: يا رسول الله إنا كنا نرى"، أى نعتقد "سالماً ولداً" بالتبنى "وكان يدخل على وأنا فُضل" بضم الفاء والضاد المعجمة قال ابن وهب: مكشوفة الرأس والصدر، وقيل: علىَّ ثوب واحد لا إزار تحته، وقيل متوشحة بثوب على عاتقها، خالفت بين طرفيه (3) .
قال ابن عبد البر: أصحها الثانى لأن كشف الحرة الصدر لا يجوز عند محرم ولا غيره (4) .
قال الحافظ ابن حجر:"فعلى هذا فمعنى الحديث أنه كان يدخل عليها وهى منكشف بعضها (5) وفى رواية أحمد قالت: "يدخل على كيف شاء لا نحتشم منه" (6) ، وقولها "ليس لنا إلا بيت واحد" أى فلا يمكن الاحتجاب منه، وقد أنزل الله عز وجل فيه ما علمت أى من الاحتجاب، ومنع التبنى، فماذا ترى فى شأنه؟
(1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب النكاح، باب فيمن حرم به 2/223 رقم 2061.
(2)
الإمام الزرقانى هو: محمد بن الشيخ عبد الباقى الزرقانى، أبو عبد الله، الإمام الفقيه الفهامة المتفنن، المحدث الرواية المسند المؤلف المتقن، من مؤلفاته "شرح الموطأ" و "شرح المواهب اللدنية للزرقانى" وغير ذلك مات سنة1122هـ. له ترجمة فى: شجرة النور الزكية 1/318، 319 رقم 1237.
(3)
انظر: النهاية فى غريب الحديث لابن الأثير 3/455، 456، والقاموس المحيط 3/30، 31، وفتح البارى 9/36 رقم 5088.
(4)
انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/290.
(5)
فتح البارى 9/36 رقم 5088.
(6)
المسند 6/269.
ولمسلم عن القاسم عن عائشة فقالت: إنى أرى فى وجه أبى حذيفة من دخول سالم وهو حليفه. وله من وجه آخر عن القاسم عنها فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعقل ما عقلوه، وإنه يدخل علينا، وإنى أظن أن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئاً.
ولا منافاة فإن سهلة ذكرت السؤالين للنبى صلى الله عليه وسلم، واقتصر كل راو على واحد "فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه خمس رضعات.
قال ابن عبد البر: وفى رواية (عشر رضعات)، والصواب رواية (خمس رضعات فيحرم بلبنها) زاد فى مسلم فقالت: كيف أرضعه وهو رجل كبير (1) ؟ فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير، وكان قد شهد بدراً. وفى لفظ له أرضعيه تحرمى عليه، ويذهب الذى فى نفس أبى حذيفة فرجعت إليه فقالت: إنى قد أرضعته فذهب الذى فى نفس أبى حذيفة.
قال ابن عبد البر: صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه، فأما أن تلقمه المرأة ثديها، فلا ينبغى عند أحد من العلماء.
(1) قال فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "الظاهر أن استفهامها عن كيفية إرضاعه، أتحلب له من لبنها؟ أم تعطيه ثديها؟ ويحتمل أن الاستفهام تعجبى من إرضاع الكبير، وتأثير رضاعه حرمة" انظر: فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/169.
وقال عياض: ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه من غير أن يمس ثديها، ولا التقت بشرتاهما، إذ لا يجوز رؤية الثدى، ولامسه ببعض الأعضاء (1) .
قال النووى: وهو حسن، ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر (2)، وأيده بعضهم بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها لأنه تبسم وقال: قد علمت أنه رجل كبير، ولم يأمرها بالحلب، وهو موضع بيان، ومطلق الرضاع يقتضى مص الثدى، فكأنه أباح لها ذلك لما تقرر فى نفسهما، أنه ابنها، وهى أمه فهو خاص بهما لهذا المعنى (3) .
وكشف العورة فى هذه الحالة جائز للضرورة، فلا معارضة بين الحديث وبين قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (4) كما زعم بعض أدعياء العلم.
(1) قال فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين "استدلال ابن حزم بقصة سالم على جواز مس الأجنبى ثدى الأجنبية، وإلتقام ثديها، إذا أراد أن يرتضع منها مطلقاً. استدلال خطأ، دعاه إليه أن الرضاعة المحرمة عنده إنما تكون بالتقام الثدى، ومص اللبن منه" انظر: فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/178، والجمهور من العلماء على أن التغذية بلبن المرضعة يحرم، سواء كان بشرب أم أكل بأى صفة كان، حتى الحقنة، والسعوط، والثرد، والطبخ وغير ذلك، إذا وقع بالشروط المطلوبة، فإن طرد الجوع موجود فى كل ذلك، واستثنى الحنفية الحقنة، ودليل الجمهور فيما ذهبوا إليه حديث عائشة –رضى الله عنها- مرفوعاً:"إنما الرضاعة من المجاعة". انظر: فتح البارى 9/52 رقم 5102، ونيل الأوطار 6/316، 317، وسبل السلام 3/1152.
(2)
المنهاج شرح مسلم للنووى 5/289
(3)
شرح الزرقانى على الموطأ 3/291.
(4)
الآية 30 من سورة النور.
.. قال الإمام الزرقانى: "وكأن القائلين بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها، لم يقفوا فى ذلك على شئ. فقد روى ابن سعد عن الواقدى عن محمد بن عبد الله ابن أخى الزهرى عن أبيه قال: كانت سهلة تحلب فى إناء قدر رضعته، فيشربه سالم فى كل يوم، حتى مضت خمسة أيام، فكان بعد ذلك يدخل عليها وهى حاسر، رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة (1) .
…
وما استشكل من عدم تفريق عائشة –رضى الله عنها- بين رضاع الصغير، والكبير مع روايتها لحديث "فإنما الرضاعة من المجاعة"(2) مما يفيد أن رضاعة الكبير لا تحرم.
(1) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/85، وشرح الزرقانى على الموطأ 3/291.
(2)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب النكاح، باب من قال لا رضاع بعد الحولين 9/50 رقم 5102، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب إنما الرضاعة من المجاعة 5/289، 290 رقم 1455.
فقد أجاب الحافظ ابن حجر على هذا الإشكال بقوله: "لعلها فهمت من قوله: "إنما الرضاعة من المجاعة" أنه يخص مقدار ما يسد الجوعة من اللبن، فهو فى عدد الرضعات، أعم من أن يكون المرتضع صغيراً أو كبيراً، فلا يكون الحديث نصاً فى منع اعتبار رضاعة الكبير، وحديث ابن عباس –رضى الله عنهما-، "لا رضاع إلا ما كان فى الحولين" (1) –مع تقدير ثبوته – ليس نصاً فى ذلك أيضاً، وحديث أم سلمة –رضى الله عنها-، "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء فى الثدى، وكان قبل الفطام" (2) يجوز أن يكون المراد منه أنه لا رضاع بعد الفطام ممنوع، ثم لو وقع رتب عليه حكم التحريم، فما فى الأحاديث المذكورة ما يدفع هذا الاحتمال، فلهذا عملت عائشة بذلك"(3) .
ومن هنا فلا عبرة بما زعمه بعض الرافضة من استنكاره رضاعة سالم رضي الله عنه وهو كبير.
(1) أخرجه الدارقطنى فى سننه كتاب الرضاع 4/174 رقم 10، وقال الدارقطنى: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ. وصحح وقفه على ابن عباس، العظيم آبادى، فى التعليق المغنى على الدارقطنى 9/52، وانظر: الدراية فى تخريج أحاديث الهداية 2/68 رقم561، ونصب الراية 3/219، وسبل السلام 3/1153، ونيل الأوطار 6/315.
(2)
أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الرضاع، باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا فى الصغر دون الحولين 3/458 رقم 1152، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
فتح البارى 9/52، وانظر: سبل السلام 3/1154.
لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، وكانت رضاعة الكبير وقتئذ مشروعة ثم نسخت، وبذلك صرحت عائشة –رضى الله عنها- قالت:"كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن"(1) وفى رواية لابن ماجة، وأحمد، عن عائشة – رضى الله عنها – قالت:"لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن (2) فأكلها"(3) .
أما الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين فهى من رواية أحداث الصحابة فدل على تأخرها.
قال الحافظ ابن حجر: وهو مستند ضعيف، إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوى، ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدماً، وأيضاً ففى سياق قصة سالم ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين، لقول امرأة أبى حذيفة فى بعض طرقه:"وكيف أرضعه وهو رجل كبير"؟ فهذا يشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر فى الرضاع المحرم" (4) أ. هـ.
…
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "وفى تعقيب ابن حجر نظر، لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، بلا نقاش، كما هو واضح من ترجمته، ورواية اعتبار الحولين تؤكد تأخر الحكم عن قصة سالم، وقول امرأة أبى حذيفة، وإن أشعر بتقدم الحكم على سبيل الاحتمال، لكنه لا يفيد تقدم الحكم.
(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات 5/285رقم 1452.
(2)
داجن هى: الشاة التى يعلفها الناس فى منازلهم، وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها، انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/102، ولسان العرب 13/148، والمعجم الوسيط 1/272.
(3)
أخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب النكاح، باب رضاع الكبير 1/609 رقم 1944، وأحمد فى مسنده 6/269، وانظر: جواب ابن قتيبة على من أنكر هذا الحديث ص 280-283.
(4)
فتح البارى 9/53 رقم 5102.
فقد يكون سؤالها عن الطريقة التى ترضعه بها، أتحلب اللبن؟ أم تلقمه ثديها؟ وقد يكون سؤالها تعجباً من الأمر بإرضاعه المنافى لما جبلت عليه البشرية من إرضاع الصغير دون الكبير.
فالقول بنسخ رضاعة الكبير، ومنها قصة سالم رضي الله عنه ظاهر ومقبول، لا يعارضه سوى موقف عائشة –رضى الله عنها- الذى انفردت به مع قلة من الفقهاء" (1) .
…
قال الإمام النووى: وقول عائشة –رضى الله عنها-: "فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ" معناه أن النسخ بخمس رضعات، تأخر إنزاله جداً، حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآناً متلو، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يتلى.
…
وفى الرواية ما يدل على وقوع النسخ فى القرآن. قال النووى: والنسخ ثلاثة أنواع:
(1) فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/176، 177، وقال الأمير الصنعانى فى سبل السلام: لا تعارض بين حديث سهلة، وآية الحولين، وحديث "إنما الرضاعة من المجاعة" لأن الرضاعة لغة إنما تصدق على من كان فى سن الصغر، وعلى اللغة وردت آية الحولين، وحديث إنما الرضاعة من المجاعة، والقول بأن الآية لبيان الرضاعة الموجبة للنفقة لا ينافى أيضاً أنها لبيان زمان الرضاعة، بل جعله الله تعالى زمان من أراد تمام الرضاعة، وليس بعد التمام ما يدخل = =فى حكم ما حكم الشارع بأنه قد تم. والأحسن فى الجمع بين حديث سهلة وما عارضه: كلام ابن تيمية فإنه قال: إنه يعتبر الصغر فى الرضاعة، إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذى لا يستغنى عن دخوله على المرأة، وشق احتجاجها عنه كحال سالم مع امرأة أبى حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلابد من الصغر أ. هـ. سبل السلام 3/1154 وما بعدها وبقول ابن تيمية قال الشوكانى ورجحه. انظر: نيل الأوطار 6/315، 317.
أحدها: ما نسخ حكمه وتلاوته كعشر رضعات.
والثانى: ما نسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات، والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.
والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته، وهذا هو الأكثر، ومنه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (1) .
وبعد
…
فقد ظهر واضحاً جلياً أن قصة سالم رضي الله عنه صحيحة رواية ودراية، تلقاها علماء الأمة منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا - وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها – بالقبول بصرف النظر عن كونها واقعة خاصة أو عامة، ويشهد لهذا التلقى للحديث بالصحة أن جميع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لم ينقل لنا عن أحدٍ منهم استنكار أو حتى استغراب للقصة!، وإنما نقل لنا اختلافهم فى حكمها الفقهى.
فجمهور الصحابة على أن قصة سالم واقعة عين خاصة به، ولا يصح الاحتجاج بها لغيره، وتابع على ذلك جمهور علماء الأمة من التابعين فمن بعدهم، وانفردت عائشة –رضى الله عنها- مع قلة من الفقهاء منهم: عروة بن الزبير، وعطاء بن أبى رباح، والليث بن سعد، وابن علية، وغيرهم رأوا أن قصة سالم عامة، وأن إرضاع الكبير يثبت به التحريم (2) وللكل وجهة نظر ودليل.
(1) الآية 240 من سورة البقرة، وانظر: المنهاج شرح مسلم للنووى 5/285، وحاشية السندى على النسائى 6/101 رقم 3307.
(2)
انظر: فتح البارى 9/52، 53 رقم 5102، والمنهاج شرح مسلم للنووى 5/289، وشرح الزرقانى 3/291، 292، ونيل الأوطار 6/315، وسبل السلام 3/1153، وتأويل مختلف الحديث ص 283، 284.
فالجمهور على أن قصة سالم رضي الله عنه خاصة به لما وقع له من التبنى الذى أدى إلى اختلاطه بسهلة فلما نزل الاحتجاب، ومنع التبنى شق ذلك على أبى حذيفة وسهلة لما تقرر فى نفسهما أنه ابنهما، وحيث كان يدخل على سهلة كيف شاء ولا تحتشم منه كما جاء من قولها فى رواية أحمد. وليس لهم إلا بيت واحد.
فمن أجل رفع المشقة، ولما اجتمع فى سالم من صفات لا توجد فى غيره، وقع له الترخيص فى الرضاعة مع بلوغه لما تقرر فى نفوسهم جميعاً من صفات الأبوة من سالم تجاه أبى حذيفة وسهلة، وصفات البنوة من أبى حذيفة وسهلة تجاه سالم.
ومما يؤكد ذلك ذهاب ما فى نفس أبى حذيفة نتيجة لهذا الرضاع.
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين "ولا أظنه يذهب ما فى نفس غير أبى حذيفة مع غير سالم"(1) .
وذهب الجمهور أيضاً بنسخ قصة سالم بما جاء من الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين.
…
أما عائشة –رضى الله عنها- ومن قال بقولها من الفقهاء فرأوا أن قصة سالم رضي الله عنه عامة للمسلمين، لمن حصل له ضرورة: وللكل فى هذا الخلاف وجهة نظر ودليل، ولم يكن لهذا الاختلاف بينهم أى أثر فى اعتقادهم صحة الحديث، الذى يحاول دعاة الفتنة وأدعياء العلم تضعيفه أو النيل من عدالة رواته، ومن أخرجه من الأئمة الأعلام فى كتبهم.
…
ويؤخذ من قصة سالم صدق إيمان سهلة، وأبى حذيفة، وسرعة امتثالهما للوحى الإلهى، لأن الغيرة منهما، وقعت نتيجة لما نزل فى كتاب الله عز وجل من النهى عن التبنى، والأمر بالاحتجاب. فتغيرت نظرة البنوة نحوه، امتثالاً لما نزل.
…
ولو كانت الغيرة لشئ غير ذلك، لما كان هناك معنى لذهاب ما فى نفس أبى حذيفة بتلك الرضاعة، التى ما كانت إلا أمراً إلهياً، امتثل له الجميع، ورفعت عنهما به المشقة والحرج أ. هـ.
…
...
…
والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم
(1) فتح المنعم بشرح مسلم 9/177.