المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شبهات الطاعنين فيه والرد عليها - كتابات أعداء الإسلام ومناقشتها

[عماد السيد محمد إسماعيل الشربينى]

فهرس الكتاب

- ‌إهداء

- ‌تقديم

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌ عدة أهداف منها:

- ‌خطة البحث:

- ‌منهجى فى البحث:

- ‌تمهيد وفيه خمسة مباحث:

- ‌المبحث الأول:كلمة فى الاصطلاح

- ‌معرفة الفوارق بين المعانى اللغوية والمعانى الاصطلاحية

- ‌المبحث الثانى: التعريف بالسنة فى مصطلح علمائها

- ‌المطلب الأول: التعريف "بالسنة" و"الحديث" فى اللغة

- ‌التعريف بالحديث لغة:

- ‌المطلب الثانى:التعريف "بالسنة" و"الحديث" فى الاصطلاح

- ‌السنة وعمل الصحابة:

- ‌المطلب الثالث:شبهة حول التسمية والرد عليها

- ‌المبحث الثالث:الحديث النبوي بالسند المتصل

- ‌المبحث الرابع:الحديث النبوى تاريخ الإسلام

- ‌المبحث الخامس:دراسة الحديث ضرورة لازمة لطالب العلم

- ‌الباب الأول‌‌ التعريف بأعداء السنة النبوية

- ‌ التعريف بأعداء السنة النبوية

- ‌ التعريف بأعداء: لغة

- ‌التعريف بالأعداء شرعاً:

- ‌الفصل الأول: أعداء السنة من أهل الأهواء والبدع قديماً

- ‌تمهيد وفيه بيان المراد بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع:

- ‌المبحث الأول: أهمية دراسة الفرق فى التأريخ للسنة المطهرة

- ‌المبحث الثانى: التعريف بالخوارج وموقفهم من السنة المطهرة

- ‌مصادر الخوارج فى العقائد والأحكام:

- ‌عقيدة الخوارج فى الصحابة رضي الله عنهم وأثر ذلك على السنة المطهرة:

- ‌هل كان الخوارج يكذبون فى الحديث

- ‌المبحث الثالث: التعريف بالشيعة وموقفهم من السنة النبوية

- ‌موقف الشيعة من الصحابة والأمة الإسلامية:

- ‌أولاً: موقف الشيعة من الصحابة:

- ‌ثانياً: موقف الشيعة من الأمة الإسلامية:

- ‌أثر موقف الشيعة الرافضة من الصحابة على الإسلام (قرآناً وسنة) :

- ‌أولاً: أثر موقف الشيعة من الصحابة على القرآن الكريم:

- ‌ثانياً: أثر موقف الشيعة من الصحابة على السنة النبوية:

- ‌أساليب الشيعة فى العبث بالسنة المطهرة:

- ‌المبحث الرابع: التعريف بالمعتزلة وموقفهم من السنة النبوية

- ‌موقف المعتزلة من السنة المطهرة:

- ‌موقفهم من الخبر المتواتر:

- ‌موقف المعتزلة من الصحابة وأثر ذلك على السنة النبوية:

- ‌المبحث الخامس: من الفرق إلى السنة الجامعة

- ‌الفصل الثاني:أعداء السنة النبوية من المستشرقين

- ‌المبحث الأول: التعريف بالاستشراق لغة واصطلاحاً

- ‌المبحث الثانى:منهج المستشرقين فى دراسة الإسلام

- ‌المبحث الثالث: المستشرقون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المبحث الرابع: موقفنا من الحركة الاستشراقية والمستشرقين

- ‌الفصل الثالث: أعداء السنة النبوية من أهل الأهواء والبدع حديثاً

- ‌المبحث الأول: التعريف بأعداء السنة من أهل الأهواء والبدع حديثاً وبيان خطرهم

- ‌المبحث الثانى: موقف أهل الأهواء والبدع حديثاً من السنة النبوية

- ‌المطلب الأول: العلمانيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المطلب الثانى: البهائيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌المطلب الثالث: القاديانيون وموقفهم من السنة النبوية

- ‌الفصل الرابع:أهداف أعداء الإسلام قديماً وحديثاً

- ‌الباب الثانى: وسائل أعداء السنة قديماً وحديثاً فى الكيد

- ‌ تمهيد

- ‌الفصل الأول:شبهات حول حجية السنة النبوية الشريفة

- ‌المبحث الأول:شبهات بنيت على آيات من القرآن الكريم

- ‌المطلب الأول:شبهة الاكتفاء بالقرآن الكريم وعدم الحاجة إلى السنة النبوية

- ‌المطلب الثانى:شبهة أن السنة لو كانت حجة لتكفل الله بحفظها والرد عليها

- ‌المبحث الثاني: شبهات بُنْيَت على أحاديث من السنة النبوية

- ‌ تمهيد

- ‌المطلب الأول: شبهة عرض السنة على القرآن الكريم والرد عليها

- ‌المطلب الثاني: شبهة عرض السنة النبوية على العقل والرد عليها

- ‌المطلب الثالث:وفيه الشبه الآتية:

- ‌أولاً: شبهة النهى عن كتابة السنة المطهرة

- ‌ثانيًا: الآثار الموقوفة والمقطوعة:

- ‌ذهب إلى النهى عن كتابة السنة النبوية جمع من الصحابة والتابعين

- ‌درجة الأحاديث الواردة في النهى عن كتابة السنة:

- ‌الجواب عن زعم أعداء السنة بأن النهى عن كتابة السنة يدل على عدم حجيتها:

- ‌علة النهى عن كتابة السنة كما وردت فى الأحاديث والآثار

- ‌علة النهى عن كتابة السنة عند أعدائها والرد على مزاعمهم الآتية

- ‌استعراض شبه النهى عن كتابة السنة عند أعدائها والرد عليها

- ‌استعراض شبهة أن النهى عن الإكثار من التحديث دليل على أن الصحابة

- ‌الصحابة رضي الله عنهم والنهى عن كثرة التحديث:

- ‌الجواب عن شبهة نهى الصحابة عن الإكثار من الرواية

- ‌الجواب عن شبهة: "النهى عن الإكثار من التحديث اتهام من أبى بكر وعمر

- ‌ثانياً: شبهة التأخر فى تدوين السنة النبوية والرد عليها

- ‌استعراض الشبهة وأصحابها:

- ‌الجواب عن شبهة التأخر فى تدوين السنة النبوية:

- ‌الكتابة، والتدوين، والتصنيف فى اللغة:

- ‌نماذج من أشهر ما كتب من السنة النبوية فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌نقد قاعدة شاخت:

- ‌الجواب على ما يزعمه بعض غلاة الشيعة بأن لهم فضل السبق فى التدوين:

- ‌الجواب على ما يزعمه بعض الرافضة

- ‌ثالثاً: شبهة رواية الحديث بالمعنى والرد عليها

- ‌الاحتجاج بالسنة والاستشهاد بها فى قواعد النحو واللغة:

- ‌رابعاً: شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للحديث أضعفت الثقة بالسنة النبوية

- ‌استعراض الشبهة وأصحابها:

- ‌الجواب على شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للسنة أضعفت الثقة بالسنة الشريفة

- ‌التعريف بالحديث الموضوع لغة واصطلاحاً:

- ‌نماذج من جراءة الصحابة فى حفظ الشريعة:

- ‌الرد على زعم أعداء السنة المطهرة بأن لفظه "متعمداً" فى حديث "من كذب علىّ" مختلفة:

- ‌جهود حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة المسلمين

- ‌شبهة أن حملة الإسلام من الصحابة والتابعين فمن بعدهم كانوا جنوداً للسلاطين

- ‌أولاً: الجواب عن الطعن فى صحة إسلام سيدنا معاوية رضي الله عنه

- ‌ثانياً: الجواب عن اتهام رواه السنة بأنهم كانوا كذابين وفقهاء سلطة:

- ‌ أمثلة على نزاهتهم فى حكمهم على الرجال:

- ‌صلة علماء المسلمين بالملوك والأمراء:

- ‌ثالثاً: الجواب عن اتهام الملوك والأمراء الأمويين العباسيين، فى دينهم

- ‌رابعاً: الجواب عن طعن أعداء السنة فى أحاديث طاعة أولى الأمر

- ‌المبحث الثالث: أدلة حجية السنة النبوية المطهرة

- ‌المطلب الأول: العصمة

- ‌دلالة العصمة على حجية القرآن والسنة:

- ‌ الوحى قسمان:

- ‌السنة النبوية وحى من الله تعالى:

- ‌اجتهاد النبى صلى الله عليه وسلم فى الشريعة الإسلامية كله وحى

- ‌نقض دليل تقسيم السنة النبوية إلى سنة تشريعية وغير تشريعية

- ‌المطلب الثانى: من أدلة حجية السنة المطهرة القرآن الكريم

- ‌المطلب الثالث: من أدلة حجية السنة، السنة النبوية نفسها

- ‌المطلب الرابع: من أدلة حجية السنة النبوية الشريفة الإجماع

- ‌أعداء الإسلام وطعنهم فى حجية الإجماع الدال على حجية السنة والرد عليهم

- ‌المطلب الخامس: من أدلة حجية السنة المطهرة العقل والنظر

- ‌ماذا لو اكتفينا بالإستناد إلى القرآن وحده، ولم نعبأ بالسنة المطهرة

- ‌نماذج من المسائل العجيبة التى استنبطها أعداء السنة من القرآن الكريم

- ‌كلمة أخيرة فى بدائل السنة عند أعدائها

- ‌يا أهل الكتاب، ويا أهل الهوى، تعالوا لننظر ماذا يوجد فى الحديث

- ‌كلمة أخيرة للمنكرين للسنة النبوية

- ‌علاقة القرآن الكريم بالسنة الشريفة:

- ‌أولاً: تأكيد السنة للقرآن الكريم:

- ‌ثانياً: بيان السنة لما جاء فى القرآن الكريم

- ‌1 - تفصيل المجمل

- ‌2- تقييد المطلق

- ‌3- تخصيص العام

- ‌4- توضيح المشكل

- ‌أنواع بيان السنة للقرآن الكريم تسمى نسخاً عند السلف الصالح

- ‌إنكار أعداء الإسلام للنسخ لأنه بيان للسنة وهم يجحدونه

- ‌ النسخ جائز عقلاً، واقع شرعاً، من غير فرق بين كونه فى الكتاب أو السنة

- ‌أهمية علم الناسخ والمنسوخ فى الشريعة الإسلامية

- ‌بيان رتبة السنة النبوية من القرآن الكريم

- ‌بيان أن الخلاف فى المسألة لفظى

- ‌استقلال السنة بتشريع الأحكام

- ‌بيان أن الخلاف لفظى مع فريق وحقيقى مع آخر:

- ‌الإمام الشاطبى ومن أساء فهمه من علماء المسلمين

- ‌تمسح دعاة الفتنة وأدعياء العلم بإيمانهم بالسنة البيانية

- ‌نماذج من الأحاديث التى استقلت السنة النبوية بتشريعها

- ‌ماذا قال الإمام الشاطبى فى الأحكامالتى استقلت السنة بتأسيسها

- ‌مضار إنكار السنة النبوية

- ‌حكم منكر السنة النبوية

- ‌الفصل الثانى: وسيلتهم فى التشكيك فى حجية خبر الآحاد

- ‌ تمهيد

- ‌المبحث الأول: التعريف بالمتواتر، وبيان كثرة وجوده

- ‌أولاً: التعريف بالمتواتر لغة واصطلاحاً:

- ‌ثانياً: اختلاف العلماء فى وجود المتواتر:

- ‌ثالثاً: ما يفيد المتواتر من العلم:

- ‌رابعاً: حكم العمل بالحديث المتواتر:

- ‌خامساً: حكم منكر المتواتر:

- ‌المبحث الثانى التعريف بالآحاد وبيان درجة ما يفيده من العلم

- ‌أولاً: التعريف بالآحاد لغة واصطلاحاً:

- ‌ما يفيده خبر الآحاد من العلم عند الجمهور

- ‌ثانياً: حجية خبر الواحد ووجوب العمل به:

- ‌المبحث الثالث: منكروا حجية خبر الواحد قديماً وحديثاً

- ‌تمهيد:

- ‌استعراض شبه منكرى حجية خبر الواحد قديماً وحديثاً والرد عليها

- ‌الرد على شبه منكرى حجية خبر الآحاد

- ‌التعريف بالظن لغة واصطلاحاً:

- ‌أدلة حجية خبر الآحاد

- ‌1- المسلك الأول:

- ‌2- المسلك الثانى:

- ‌المبحث الرابع شروط حجية خبر الواحد ووجوب العمل به

- ‌شروط حجية خبر الواحد عند المحدثين:

- ‌شروط المعتزلة لصحة خبر الواحد:

- ‌الجواب: عن الشروط السابقة ومن قال بها قديماً وحديثاً

- ‌أولاً: ما اشترطوه من العدد لصحة قبول خبر الآحاد:

- ‌ثانياً: ما اشترطوه لصحة قبول خبر الواحد:

- ‌ثالثاً: ما زعموه أن زيادة خبر الواحد على النص القرآنى تعد نسخاً:

- ‌رابعاً: أما ما اشترطوه فى صحة خبر الواحد بألا يكون فى الحدود:

- ‌خامساً: ما اشترطوه بألا يكون خبر الواحد فى العقيدة

- ‌سادساً: أما شرطهم لصحة قبول خبر الواحد بألا يثبت به حكم شرعى من فرض أو تحريم

- ‌سابعاً: ما ذهب إليه البعض من إسقاط الشرعية من خبر الآحاد فى المجال الدستورى والسياسى:

- ‌واشترطوا عرضه على التوراة والإنجيل

- ‌ حديث "النيل وسيحان وجيحان والفرات من أنهار الجنة

- ‌الفصل الثالث: وسيلتهم فى الطعن فى رواة السنة المطهرة

- ‌المبحث الأول: طعنهم فى عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ تمهيد

- ‌أولاً: هدف أعداء الإسلام من طعنهم فى صحابة رسول الله

- ‌ثانياً: حكم أئمة المسلمين فيمن ينتقص صحابة رسول الله

- ‌المطلب الأول: التعريف بالصحابة لغة واصطلاحاً

- ‌ الصحابة فى اللغة:

- ‌الصحابة فى الاصطلاح:

- ‌السر فى التعميم فى تعريف الصحابى:

- ‌طريق معرفة الصحبة:

- ‌المطلب الثانى: التعريف بالعدالة لغة واصطلاحاً

- ‌معنى عدالة الصحابة:

- ‌المطلب الثالث أدلة عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌أولاً: دلالة القرآن الكريم على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ثانياً: دلالة السنة المطهرة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ثالثاً: دلالة إجماع الأمة على عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌المطلب الرابع شبهات حول عدالة الصحابة والرد عليها

- ‌الجواب عن الشبهات السابقة حول عدالة الصحابة رضي الله عنهم

- ‌أولاً: قصة انفضاض أكثر الصحابة عن رسول الله

- ‌ثانياً: أما نسبة النفاق إلى خيار هذه الأمة بدعوى أنه كان فى المدينة منافقين

- ‌ثالثاً: أما ما استدلوا به من فرار بعض الصحابة يوم الزحف

- ‌رابعاً: أما استدلالهم بحديث الحوض

- ‌خامساً: أما ما احتجوا به من حديث "لا ترجعوا بعدى كفاراً

- ‌المطلب الخامس: سنة الصحابة رضي الله عنهم حجة شرعية

- ‌المطلب السادس: أبو هريرة رضي الله عنه راوية الإسلام رغم أنف الحاقدين

- ‌أبو هريرة رضي الله عنه إسلامه وصحبته:

- ‌خلقه وتقواه:

- ‌قوة ذاكرته وروايته:

- ‌أسباب كثرة مروياته:

- ‌شهادة الرسول والصحابة ومن بعدهم من أهل العلم بقوة حفظه

- ‌المبحث الثانى طعنهم فى عدالة أهل السنة

- ‌التمهيد

- ‌المطلب الأول: بيان المراد بأهل السنة

- ‌المطلب الثانى: سلامة طريقة أهل السنة فى فهم الشريعة الإسلامية

- ‌المطلب الثالث شرف أصحاب الحديث

- ‌المطلب الرابع: الجواب عن دعوى تقصير المحدثين فى نقدهم للمتن

- ‌الفصل الرابع: وسيلتهم فى الطعن فى الإسناد وعلوم الحديث

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى الإسناد والرد عليها

- ‌ويجاب على هذه الشبه بما يلى:

- ‌المبحث الثانى: أهمية الإسناد فى الدين واختصاص الأمة الإسلامية به عن سائر الأمم

- ‌الفصل الخامس: وسيلتهم فى الطعن والتشكيك فى كتب السنة المطهرة

- ‌المبحث الأول: أساليب أعداء السنة فى الطعن فى المصادر الحديثية

- ‌المبحث الثانى: الجواب عن زعم أعداء السنة أن استدراكات الأئمة على الصحيحين دليل على عدم صحتهما

- ‌الجواب عمن تكلم فيه من رجال الصحيحين:

- ‌الفصل السادس وسيلتهم فى الاعتماد على مصادر غير معتبرة فى التأريخ للسنة ورواتها

- ‌ النوع الأول مصادرهم الغير معتبرة فتتنوع إلى ما يلى:

- ‌ المصادر التى اعتمد عليها الصنم الأكبر للمستشرقين "جولدتسيهر

- ‌ مصادر محمود أبو ريه فى كتابه "أضواء على السنة

- ‌ النوع الثانى من مصادر أعداء السنة فمصادر معتبرة

- ‌ النوع الثالث من مصادر أعداء السنة فمصادر معتبرة غير حديثية

- ‌الباب الثالث: نماذج من الأحاديث الصحيحة المطعون فيها

- ‌التمهيد

- ‌أ- طبيعة نقد الأحاديث الصحيحة عند أعدائها:

- ‌ب- طبيعة الأحاديث الصحيحة المطعون فيها:

- ‌الفصل الأول: حديث "إنما الأعمال بالنيات

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى حديث "إنما الأعمال بالنيات" والرد عليها

- ‌المبحث الثانى: مكانة حديث "إنما الأعمال بالنيات

- ‌الفصل الثانى: حديث "أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى حديث أنزل القرآن على سبعة أحرف

- ‌قراءات ربانية:

- ‌المبحث الثانى: معنى نزول القرآن على سبعة أحرف

- ‌المبحث الثالث: الأحرف السبعة أعم من القراءات السبع

- ‌المبحث الرابع: بقاء الأحرف السبعة فى المصاحف

- ‌الفصل الثالث: أحاديث (رؤية الله عز وجل و (محاجة آدم موسى

- ‌المبحث الأول: موقف أهل البدع قديماً وحديثاً من أحاديث الصفات

- ‌موقف المعتزلة من آيات الصفات:

- ‌حكم المعتزلة على من خالفهم فى أصلهم التوحيد:

- ‌موقف السلف الصالح من أحاديث الصفات والرد على أهل البدع قديماً وحديثاً:

- ‌لمبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث رؤية الله تعالى

- ‌الجواب عن شبهات المعتزلة ومن قال بقولهم فى إنكار رؤية رب العزة جل جلاله

- ‌المبحث الثالث: موقف أهل البدع قديماً وحديثاً من أحاديث القدر

- ‌وجوب الإيمان بقدر الله تعالى والجواب عن شبه المعتزلة

- ‌المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث محاجة آدم موسى عليهما السلام

- ‌المبحث الخامس: موقف المبتدعة قديماً وحديثاً من أحاديث المغفرة لمرتكب الكبيرة

- ‌المبحث السادس: شبه الطاعنين فى حديث الشفاعة والرد عليهم

- ‌ويجاب عن شبههم بما يلى:

- ‌الفصل الرابع: أحاديث ظهور "المهدى" وخروج "الدجال

- ‌المبحث الأول: شبهة الطاعنين فى أحاديث الأمور الغيبية "المستقبلية" و"الأخروية

- ‌الجواب على شبهتهم

- ‌المبحث الثانى: شبهات المنكرين "لظهور المهدى" و "خروج الدجال

- ‌أولاً: "ظهور المهدى

- ‌ثانياً: خروج الدجال:

- ‌ثالثاً: نزول المسيح عيسى عليه السلام

- ‌ويجاب على الشبهات السابقة بما يلى:

- ‌الفصل الخامس: حديث "عذاب القبر ونعيمه

- ‌المبحث الأول: شبهة الطاعنين فى أحاديث الأمور الغيبية "الأخروية

- ‌المبحث الثانى: شبهات المنكرين لعذاب القبر ونعيمه والرد عليها

- ‌الفصل السادس: أحاديث "خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار

- ‌المبحث الأول: شبهة مخالفة سيرة النبى صلى الله عليه وسلم فى السنة المطهرة، عن سيرته فى القرآن الكريم

- ‌المبحث الثانى: شبهة الطاعنين فى حديث أنس بن مالك فى خلوة النبى صلى الله عليه وسلم بامرأة من الأنصار

- ‌الجواب:

- ‌المبحث الثالث: شبهة الطاعنين فى حديثى نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم، وأم حرام

- ‌الجواب:

- ‌المبحث الرابع: شبه الطاعنين فى حديث سحر النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌الجواب على الشبه السابقة

- ‌الفصل السابع:حديث رضاعة الكبير

- ‌شبهات الطاعنين فيه والرد عليها

- ‌الفصل الثامن: حديث "وقوع الذباب فى الإناء

- ‌المبحث الأول: شبه الطاعنين فى أحاديث الطب النبوى والرد عليها

- ‌ الدفاع عن أحاديث "الطب النبوى

- ‌المبحث الثانى: شبه الطاعنين فى حديث "وقوع الذباب فى الإناء

- ‌ جوابنا فى ذلك

- ‌ ملخص شبه هؤلاء المحدَّثين حول هذا الحديث، والتى رددها أعداء السنة

- ‌ويجاب على هذه الشبه

- ‌أولاً: لم ينفرد البخارى-رحمه الله-بإخراج هذا الحديث

- ‌ثانياً: وكون الحديث آحاداً ومن أجل ذلك سهل رده، قول مردود

- ‌ثالثاً: والقول بأن العلم يثبت بطلانه لأنه قطع بمضار الذباب، قول من جهل معنى الحديث

- ‌رابعاً: الزعم بأن موضوعه ليس من عقائد الإسلام ولا من عباداته

- ‌خامساً: أما القول بأن تصحيح الحديث من المطاعن التى تنفر عن الإسلام

- ‌سادساً: أما القول بأن البحث فى الحديث عقيم

- ‌الفصل التاسع: ثمرات ونتائج الحديث الصحيح

- ‌الفصل العاشر: "مضار رد الأحاديث النبوية الصحيحة

- ‌الخاتمة

- ‌ وأوصى بما يلى:

- ‌فهرس المصادر والمراجع

- ‌أولاً: التفسير وعلومه:

- ‌ثانياً: الحديث النبوى وعلومه:

- ‌ثالثاً: الفقه وأصوله:

- ‌رابعاً: التوحيد والفرق والمذاهب:

- ‌خامساً: التاريخ والتراجم:

- ‌سادساً: المعاجم، والموسوعات، والتعريفات:

- ‌سابعاً: الدفاع عن السنة ورواتها:

- ‌ثامناً: مراجع عامة:

- ‌تاسعاً: الدوريات:

الفصل: ‌شبهات الطاعنين فيه والرد عليها

‌الفصل السابع:حديث رضاعة الكبير

‌شبهات الطاعنين فيه والرد عليها

عن عائشة -رضى الله عنها- أن سالماً (1)

(1) سالم هو: سالم بن معقل، مولى أبى حذيفة، كان من أهل فارس، أعتقته مولاته زوج أبى حذيفة، واسمها بثينة، أعتقته سائبة دون ولاء لها، فتولى أبا حذيفة، فكان ينسب إليه، فيقال: سالم بن أبى حذيفة حتى نزلت "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُواءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ" جزء من الآيتين 4،5 من سورة الأحزاب. وعد فى المهاجرين وروى أنه هاجر مع عمر، وكان يؤم المهاجرين بقباء وفيهم عمر قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وكان إذا سافر مع أصحابه يؤمهم، لأنه كان أكثرهم قرآناً، وكان قد جاوز البلوغ فى بدر، فشهدها، والظاهر أن ملابسات حديثنا كانت فى هذه السن، وشهد اليمامة وكان معه لواءً المهاجرين فقطعت يمينه فأخذه بيساره فقطعت، فاعتنقه إلى أن صرع، هو ومولاه أبو حذيفة، فوجد رأس أحدهما عند رجلى الآخر، وذلك سنة اثنتى عشرة من الهجرة، وكان عمر يحبه ويقدره، حتى قال رضي الله عنه بعد أن طعن: لو كان سالم حياً ما جعلتها شورى. وهو من القراء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عنهم "خذوا القرآن من أربعة من أبى بن كعب، ومعاذ بن جبل، وسالم مولى أبى حذيفة، وابن مسعود" أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب سالم مولى أبى حذيفة رضي الله عنه 7/127 رقم 3758، ومسلم "بشرح النووى" كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه -رضى الله عنهما 8/253 رقم 2464، وفى الحديث أن عائشة رضي الله عنه قالت أبطأت على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما حبسك يا عائشة! قالت: يا رسول الله إن فى المسجد رجلاً ما رأيت أحداً أحسن قراءةً منه قال فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو سالم مولى أبى حذيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحمد لله الذى جعل فى أمتى مثلك". أخرجه أحمد فى مسنده جزء 6 ص 165، والحاكم فى المستدرك كتاب الصحابة، باب ذكر مناقب سالم مولى أبى حذيفة 3/250 رقم 5001، وقال صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبى، وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح 9/300، وفى الحديث أيضاً عن عمرو بن العاص، قال:"كان فزع بالمدينة فأتيت على سالم مولى أبى حذيفة وهو محتب بحمائل سيفه فأخذت سيفاً فاحتبيت بحمائله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "يا أيها الناس ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله، ثم قال ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان" رواه أحمد فى المسند 4/203 وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد 9/300 رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. "رضى الله عن سالم، وعن الصحابة أجمعين". انظر فى ترجمته: اسد الغابة 2/382 رقم 1892، والاستيعاب 2/567 رقم 881، والإصابة 2/6 رقم 3059، وتاريخ الصحابة ص 117 رقم 537، ومشاهير علماء الأمصار ص 31 رقم 101.

ص: 1070

مولى أبى حذيفة كان مع أبى حذيفة (1)

(1) أبو حذيفة هو:أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى، وهو من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى أرض الحبشة، وإلى المدينة. وكان من فضلاء الصحابة، جمع الله له الشرف والفضل. وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم، دار الأرقم. ولما هاجر إلى الحبشة عاد منها إلى مكة، فأقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هاجر إلى المدينة، وشهد المشاهد كلها= =مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقتل يوم اليمامة شهيداً، وهو مولى سالم الذى أرضعته زوجته سهلة كبيراً، وكان سالم أيضاً من سادات المسلمين. انظر فى ترجمته: اسد الغابة 6/68، رقم5807، والاستيعاب 4/1631 رقم 2914، والإصابة 4/42 رقم 9760، وتاريخ الصحابة ص 81 رقم 326، ومشاهير علماء الأمصار ص 33 رقم 117.

ص: 1071

وأهله فى بيتهم. فأتت (تعنى ابنة سهيل)(1) النبى صلى الله عليه وسلم. فقالت: إن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئاً. فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: "ارضعيه تحرمى عليه، ويذهب الذى فى نفس أبى حذيفة" فرجعت، فقالت: إنى قد أرضعته، فذهب الذى فى نفس أبى حذيفة" (2) .

بهذا الحديث طعن بعض الرافضة، وأدعياء العلم، فى صحيح الإمام البخارى، وزعموا أن الحديث يتعارض مع القرآن الكريم والعقل.

(1) ابنة سهيل هى: سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشية، من بنى عامر بن لؤى، وهى امرأة أبى حذيفة بن عتبة بن ربيعة، وهاجرت معه إلى الحبشة، وهى من السابقين إلى الإسلام، وولدت له بالحبشة محمد بن أبى حذيفة، ولا عقب له، وهى أيضاً أم سليط بن عبد الله بن الأسود القرشى العامرى، وأم بكير بن شماخ بن سعيد بن قائف، وأم سالم بن عبد الرحمن بن عوف، وهى التى أرضعت سالماً مولى أبى حذيفة وهو رجل. انظر: فى ترجمتها اسد الغابة 7/155 رقم 7027، والإستيعاب 4/1865 رقم3389، والإصابة 4/336 رقم 11352، وتاريخ الصحابة ص130 رقم 628، وتجريد أسماء الصحابة 2/279.

(2)

أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) مختصراً فى كتاب النكاح، باب الأكفاء فى الدين9/34رقم5088، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/286 رقم 1453.

ص: 1072

يقول ابن الخطيب (1) : "هل يجوز لعاقل يؤمن بالله واليوم الآخر، بعد أن قرأ قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (2) أن يصدق هذا الحديث، أو أن يعيره بالاً؟! ولكن رواية هذا الحديث فى المسانيد معنعناً مطولاً: دعت كثيراً من الفقهاء إلى تصديقه وبحثه، والأخذ منه بجواز إرضاع الكبير!

ولنفرض أن هذه المرأة: أتت لأحد ما، وشكت له ما شكت للرسول صلى الله عليه وسلم، أكان يقول لها: أرضعيه، أم كان يقول لها: احتجبى عنه!؟ (3) .

ويقول فى كتابه الفرقان "إن هذا الحديث وأمثاله مما دسه الدساسون الأفاكون، ليذهب ببهاء ذلك الدين القويم! وحاشا أن يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ما لم يقله الله عز وجل، بل ويتناقض كل التناقض مع ما ورد فى الكتاب المجيد الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"(4) .

ويقول صالح الوردانى: "والذى نقوله نحن إن هذه الرواية هراء، وتبرير الفقهاء لها أكثر من هراء. إذ أن المعلوم شرعاً أن حرمة الرضاع إنما تنبنى على سنى الرضاعة، وهما حولين كاملين أى السنة الأولى والثانية من عمر المولود، بعد ذلك لا عبرة برضاعة من أى ثدى، لأن اللبن لن يكون له دور فى تكوينه. فهل كان الرسول يجهل هذه الحقيقة. أم كان يمزح مع السائلة

وهل مثل هذه الأمور محل للمزاح؟

(1) ابن الخطيب: هو محمد محمد عبد اللطيف، يعرف بابن الخطيب، كاتب مصرى، من مؤلفاته: الفرقان، وحقائق ثابتة فى الإسلام.

(2)

الآية 30 من سورة النور.

(3)

انظر: حقائق ثابتة فى الإسلام لابن الخطيب ص 101، 102.9

(4)

انظر: الفرقان لابن الخطيب ص 160.

ص: 1073

.. إن الإجابة على هذه التساؤلات، هى أن هذه الرواية لا تخرج عن كونها لهو مصطنع على لسان أصحاب الأهواء والأغراض من الحكام، وغيرهم ونسبوها إلى الرسول، ويكفى القول إن أم سلمة وسائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم رفضن أن يدخل عليهن أحد بتلك الرضاعة عدا عائشة

ومثل هذا الموقف من قبل نساء النبى إنما يعكس عدم الرضا عن هذا الأمر وعدم قناعتهن به. وهو يشير إلى جهة أخرى إلى الشك فى الرواية. إذ لو كانت صحيحة ثابتة عن الرسول ما اعترض عليها نسوته" (1) .

والجواب:

إن هذا الحديث الذى طعن فيه بعض دعاة الفتنة، وأدعياء العلم، مما تلقته الأمة بالقبول رواية ودراية.

أما الرواية فقد بلغت طرق هذا الحديث نصاب التواتر كما قال الإمام الشوكانى (2) .

وأما الدراية فقد تلقى الحديث بالقبول، الجمهور من الصحابة، والتابعين فمن بعدهم من علماء المسلمين إلى يومنا هذا.

(1) دفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين لصالح الوردانى ص 259-260، وانظر: أحاديث أم المؤمنين عائشة، أدوار من حياتها لمرتضى العسكرى ص 379-383، وفتح الوهاب لا جزية على أهل الكتاب لإسماعيل منصور ص 517-529.

(2)

انظر: نيل الأوطار 6/314.

ص: 1074

تلقوه بالقبول على أنه واقعة عين بسالم رضي الله عنه لا تتعداه إلى غيره، ولا تصلح للاحتجاج بها، ويدل على ذلك ما جاء فى بعض الروايات عند مسلم عن ابن أبى مليكة أنه سمع هذا الحديث من القاسم بن محمد بن أبى بكر عن عائشة –رضى الله عنها- قال ابن أبى مليكة: فمكثت سنة أو قريباً منها لا أحدث به وَهَبْتُه (1) . ثم لقيت القاسم فقلت له: لقد حدثتنى حديثاً ما حدثته بعد. قال: فما هو؟ فأخبرته. قال: فحدثه عنى، أن عائشة أخبرتنيه (2) . وفى رواية للنسائى، فقال القاسم: حَدِّثْ به ولا تَهَابُهُ (3) .

قال الحافظ ابن عبد البر: "هذا يدل على أنه حديث ترك قديماً ولم يعمل به، ولا تلقاه الجمهور بالقبول على عمومه، بل تلقوه على أنه خصوص"(4) .

(1)"وهِبْتُه" قال الإمام النووى: (هكذا هو فى بعض النسخ "وهبته" من الهيبة وهى الإجلال، والواو حرف عطف، وفى بعضها "رِهبْتُه" بالراء من الرهبة، وهى الخوف، وهى بكسر الهاء، وإسكان الياء، وضم التاء، وضبطه القاضى عن بضعهم "رهْبَته" بإسكان الهاء وفتح الباء، ونصب التاء قال القاضى: وهو منصوب بإسقاط حرف الجر، والضبط الأول أحسن، وهو الموافق للنسخ الآخر (وهبته) بالواو. انظر: المنهاج شرح مسلم للنووى 5/289.

(2)

أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/287، 289 رقم 1453.

(3)

أخرجه النسائى فى سننه كتاب النكاح باب رضاع الكبير 6/105 رقم 3322.

(4)

انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/292،وقال الحافظ الدارمى عقب ذكره الحديث فى سننه "هذا لسالم خاصة" انظر: سنن الدارمى كتاب النكاح، باب رضاعة الكبير2/210،211رقم 2257.

ص: 1075

.. وبذلك صرحت بعض الروايات، ففى صحيح مسلم عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم كانت تقول: "أبى سائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحداً بتلك الرضاعة.وقلن لعائشة: والله! ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة. ولا رائينا (1) .

إن قصة رضاعة سالم رضي الله عنه قضية عين لم تأت فى غيره، واحتفت بها قرينة التبنى، وصفات لا توجد فى غيره كما سبق فى ترجمته، فلا يقاس عليه (2) .

فأصل قصة سالم ما وقع له من التبنى الذى أدى إلى اختلاطه بسهلة بنت سهيل امرأة أبى حذيفة، وكانت تراه ابناً لها، ويدخل عليها فلا تحتشم منه، ويراها وهى منكشف بعضها، فلما نزل الاحتجاب، ومنعوا من التبنى، شق ذلك على أبى حذيفة، وسهلة، فوقع الترخيص لهما فى ذلك، لرفع ما حصل لهما من المشقة (3) . وهذا ما جاء فى رواية الإمامين أبو داود ومالك.

(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب رضاعة الكبير 5/288، 289 رقم 1454

(2)

انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/292، وتأويل مختلف الحديث ص 276-279.

(3)

انظر: فتح البارى 9/53 رقم 5102.

ص: 1076

عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وأم سلمة –رضى الله عنهما- أن أبا حذيفة بن عتبة ابن ربيعة بن عبد شمس، كان تبنى سالماً، وأنكحه أبنة أخيه، هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة، وهو مولى لامرأة من الأنصار، كما تبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيداً، وكان من تبنى رجلاً فى الجاهلية دعاه الناس إليه وورث ميراثه، حتى أنزل الله عز وجل:{مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ (4) ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُواءَابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ} (1) ، فردوا إلى آبائهم، فمن لم يعلم له أب كان مولى، وأخا فى الدين، فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو القرشى ثم العامرى، وهى امرأة أبى حذيفة. فقالت: يا رسول الله، إنا كنا نرى سالماً ولداً، وكان يأوى معى، ومع أبى حذيفة فى بيت واحد، ويرانى فضلاً، وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت، فكيف ترى فيه؟ فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم "أرضعيه" فأرضعته خمس رضعات، فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة.

فبذلك كانت عائشة –رضى الله عنها- تأمر بنات أخواتها، وبنات إخوتها، أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها، وإن كان كبيراً، خمس رضعات، ثم يدخل عليها.

(1) جزء من الآيتين 4،5 من سورة الأحزاب.

ص: 1077

وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحداً من الناس حتى يرضع فى المهد، وقلن لعائشة: والله ما ندرى لعلها كانت رخصة من النبى صلى الله عليه وسلم لسالم دون الناس" (1) .

قال الإمام الزرقانى (2) : "قول سهلة: يا رسول الله إنا كنا نرى"، أى نعتقد "سالماً ولداً" بالتبنى "وكان يدخل على وأنا فُضل" بضم الفاء والضاد المعجمة قال ابن وهب: مكشوفة الرأس والصدر، وقيل: علىَّ ثوب واحد لا إزار تحته، وقيل متوشحة بثوب على عاتقها، خالفت بين طرفيه (3) .

قال ابن عبد البر: أصحها الثانى لأن كشف الحرة الصدر لا يجوز عند محرم ولا غيره (4) .

قال الحافظ ابن حجر:"فعلى هذا فمعنى الحديث أنه كان يدخل عليها وهى منكشف بعضها (5) وفى رواية أحمد قالت: "يدخل على كيف شاء لا نحتشم منه" (6) ، وقولها "ليس لنا إلا بيت واحد" أى فلا يمكن الاحتجاب منه، وقد أنزل الله عز وجل فيه ما علمت أى من الاحتجاب، ومنع التبنى، فماذا ترى فى شأنه؟

(1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب النكاح، باب فيمن حرم به 2/223 رقم 2061.

(2)

الإمام الزرقانى هو: محمد بن الشيخ عبد الباقى الزرقانى، أبو عبد الله، الإمام الفقيه الفهامة المتفنن، المحدث الرواية المسند المؤلف المتقن، من مؤلفاته "شرح الموطأ" و "شرح المواهب اللدنية للزرقانى" وغير ذلك مات سنة1122هـ. له ترجمة فى: شجرة النور الزكية 1/318، 319 رقم 1237.

(3)

انظر: النهاية فى غريب الحديث لابن الأثير 3/455، 456، والقاموس المحيط 3/30، 31، وفتح البارى 9/36 رقم 5088.

(4)

انظر: شرح الزرقانى على الموطأ 3/290.

(5)

فتح البارى 9/36 رقم 5088.

(6)

المسند 6/269.

ص: 1078

ولمسلم عن القاسم عن عائشة فقالت: إنى أرى فى وجه أبى حذيفة من دخول سالم وهو حليفه. وله من وجه آخر عن القاسم عنها فقالت: إن سالماً قد بلغ ما يبلغ الرجال، وعقل ما عقلوه، وإنه يدخل علينا، وإنى أظن أن فى نفس أبى حذيفة من ذلك شيئاً.

ولا منافاة فإن سهلة ذكرت السؤالين للنبى صلى الله عليه وسلم، واقتصر كل راو على واحد "فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أرضعيه خمس رضعات.

قال ابن عبد البر: وفى رواية (عشر رضعات)، والصواب رواية (خمس رضعات فيحرم بلبنها) زاد فى مسلم فقالت: كيف أرضعه وهو رجل كبير (1) ؟ فتبسم صلى الله عليه وسلم وقال: قد علمت أنه رجل كبير، وكان قد شهد بدراً. وفى لفظ له أرضعيه تحرمى عليه، ويذهب الذى فى نفس أبى حذيفة فرجعت إليه فقالت: إنى قد أرضعته فذهب الذى فى نفس أبى حذيفة.

قال ابن عبد البر: صفة رضاع الكبير أن يحلب له اللبن ويسقاه، فأما أن تلقمه المرأة ثديها، فلا ينبغى عند أحد من العلماء.

(1) قال فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "الظاهر أن استفهامها عن كيفية إرضاعه، أتحلب له من لبنها؟ أم تعطيه ثديها؟ ويحتمل أن الاستفهام تعجبى من إرضاع الكبير، وتأثير رضاعه حرمة" انظر: فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/169.

ص: 1079

وقال عياض: ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه من غير أن يمس ثديها، ولا التقت بشرتاهما، إذ لا يجوز رؤية الثدى، ولامسه ببعض الأعضاء (1) .

قال النووى: وهو حسن، ويحتمل أنه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر (2)، وأيده بعضهم بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها لأنه تبسم وقال: قد علمت أنه رجل كبير، ولم يأمرها بالحلب، وهو موضع بيان، ومطلق الرضاع يقتضى مص الثدى، فكأنه أباح لها ذلك لما تقرر فى نفسهما، أنه ابنها، وهى أمه فهو خاص بهما لهذا المعنى (3) .

وكشف العورة فى هذه الحالة جائز للضرورة، فلا معارضة بين الحديث وبين قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (4) كما زعم بعض أدعياء العلم.

(1) قال فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين "استدلال ابن حزم بقصة سالم على جواز مس الأجنبى ثدى الأجنبية، وإلتقام ثديها، إذا أراد أن يرتضع منها مطلقاً. استدلال خطأ، دعاه إليه أن الرضاعة المحرمة عنده إنما تكون بالتقام الثدى، ومص اللبن منه" انظر: فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/178، والجمهور من العلماء على أن التغذية بلبن المرضعة يحرم، سواء كان بشرب أم أكل بأى صفة كان، حتى الحقنة، والسعوط، والثرد، والطبخ وغير ذلك، إذا وقع بالشروط المطلوبة، فإن طرد الجوع موجود فى كل ذلك، واستثنى الحنفية الحقنة، ودليل الجمهور فيما ذهبوا إليه حديث عائشة –رضى الله عنها- مرفوعاً:"إنما الرضاعة من المجاعة". انظر: فتح البارى 9/52 رقم 5102، ونيل الأوطار 6/316، 317، وسبل السلام 3/1152.

(2)

المنهاج شرح مسلم للنووى 5/289

(3)

شرح الزرقانى على الموطأ 3/291.

(4)

الآية 30 من سورة النور.

ص: 1080

.. قال الإمام الزرقانى: "وكأن القائلين بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها، لم يقفوا فى ذلك على شئ. فقد روى ابن سعد عن الواقدى عن محمد بن عبد الله ابن أخى الزهرى عن أبيه قال: كانت سهلة تحلب فى إناء قدر رضعته، فيشربه سالم فى كل يوم، حتى مضت خمسة أيام، فكان بعد ذلك يدخل عليها وهى حاسر، رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة (1) .

وما استشكل من عدم تفريق عائشة –رضى الله عنها- بين رضاع الصغير، والكبير مع روايتها لحديث "فإنما الرضاعة من المجاعة"(2) مما يفيد أن رضاعة الكبير لا تحرم.

(1) انظر: الطبقات الكبرى لابن سعد 3/85، وشرح الزرقانى على الموطأ 3/291.

(2)

أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب النكاح، باب من قال لا رضاع بعد الحولين 9/50 رقم 5102، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب إنما الرضاعة من المجاعة 5/289، 290 رقم 1455.

ص: 1081

فقد أجاب الحافظ ابن حجر على هذا الإشكال بقوله: "لعلها فهمت من قوله: "إنما الرضاعة من المجاعة" أنه يخص مقدار ما يسد الجوعة من اللبن، فهو فى عدد الرضعات، أعم من أن يكون المرتضع صغيراً أو كبيراً، فلا يكون الحديث نصاً فى منع اعتبار رضاعة الكبير، وحديث ابن عباس –رضى الله عنهما-، "لا رضاع إلا ما كان فى الحولين" (1) –مع تقدير ثبوته – ليس نصاً فى ذلك أيضاً، وحديث أم سلمة –رضى الله عنها-، "لا يحرم من الرضاعة إلا ما فتق الأمعاء فى الثدى، وكان قبل الفطام" (2) يجوز أن يكون المراد منه أنه لا رضاع بعد الفطام ممنوع، ثم لو وقع رتب عليه حكم التحريم، فما فى الأحاديث المذكورة ما يدفع هذا الاحتمال، فلهذا عملت عائشة بذلك"(3) .

ومن هنا فلا عبرة بما زعمه بعض الرافضة من استنكاره رضاعة سالم رضي الله عنه وهو كبير.

(1) أخرجه الدارقطنى فى سننه كتاب الرضاع 4/174 رقم 10، وقال الدارقطنى: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل، وهو ثقة حافظ. وصحح وقفه على ابن عباس، العظيم آبادى، فى التعليق المغنى على الدارقطنى 9/52، وانظر: الدراية فى تخريج أحاديث الهداية 2/68 رقم561، ونصب الراية 3/219، وسبل السلام 3/1153، ونيل الأوطار 6/315.

(2)

أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الرضاع، باب ما جاء أن الرضاعة لا تحرم إلا فى الصغر دون الحولين 3/458 رقم 1152، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

(3)

فتح البارى 9/52، وانظر: سبل السلام 3/1154.

ص: 1082

لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، وكانت رضاعة الكبير وقتئذ مشروعة ثم نسخت، وبذلك صرحت عائشة –رضى الله عنها- قالت:"كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن"(1) وفى رواية لابن ماجة، وأحمد، عن عائشة – رضى الله عنها – قالت:"لقد نزلت آية الرجم، ورضاعة الكبير عشراً، ولقد كانت فى صحيفة تحت سريرى. فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشاغلنا بموته، دخل داجن (2) فأكلها"(3) .

أما الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين فهى من رواية أحداث الصحابة فدل على تأخرها.

قال الحافظ ابن حجر: وهو مستند ضعيف، إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوى، ولا صغره أن لا يكون ما رواه متقدماً، وأيضاً ففى سياق قصة سالم ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين، لقول امرأة أبى حذيفة فى بعض طرقه:"وكيف أرضعه وهو رجل كبير"؟ فهذا يشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر فى الرضاع المحرم" (4) أ. هـ.

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين: "وفى تعقيب ابن حجر نظر، لأن قصة سالم كانت فى أول الهجرة، بلا نقاش، كما هو واضح من ترجمته، ورواية اعتبار الحولين تؤكد تأخر الحكم عن قصة سالم، وقول امرأة أبى حذيفة، وإن أشعر بتقدم الحكم على سبيل الاحتمال، لكنه لا يفيد تقدم الحكم.

(1) أخرجه مسلم (بشرح النووى) كتاب الرضاع، باب التحريم بخمس رضعات 5/285رقم 1452.

(2)

داجن هى: الشاة التى يعلفها الناس فى منازلهم، وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها، انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/102، ولسان العرب 13/148، والمعجم الوسيط 1/272.

(3)

أخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب النكاح، باب رضاع الكبير 1/609 رقم 1944، وأحمد فى مسنده 6/269، وانظر: جواب ابن قتيبة على من أنكر هذا الحديث ص 280-283.

(4)

فتح البارى 9/53 رقم 5102.

ص: 1083

فقد يكون سؤالها عن الطريقة التى ترضعه بها، أتحلب اللبن؟ أم تلقمه ثديها؟ وقد يكون سؤالها تعجباً من الأمر بإرضاعه المنافى لما جبلت عليه البشرية من إرضاع الصغير دون الكبير.

فالقول بنسخ رضاعة الكبير، ومنها قصة سالم رضي الله عنه ظاهر ومقبول، لا يعارضه سوى موقف عائشة –رضى الله عنها- الذى انفردت به مع قلة من الفقهاء" (1) .

قال الإمام النووى: وقول عائشة –رضى الله عنها-: "فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ" معناه أن النسخ بخمس رضعات، تأخر إنزاله جداً، حتى أنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ خمس رضعات، ويجعلها قرآناً متلو، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده، فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك، وأجمعوا على أن هذا لا يتلى.

وفى الرواية ما يدل على وقوع النسخ فى القرآن. قال النووى: والنسخ ثلاثة أنواع:

(1) فتح المنعم بشرح صحيح مسلم 9/176، 177، وقال الأمير الصنعانى فى سبل السلام: لا تعارض بين حديث سهلة، وآية الحولين، وحديث "إنما الرضاعة من المجاعة" لأن الرضاعة لغة إنما تصدق على من كان فى سن الصغر، وعلى اللغة وردت آية الحولين، وحديث إنما الرضاعة من المجاعة، والقول بأن الآية لبيان الرضاعة الموجبة للنفقة لا ينافى أيضاً أنها لبيان زمان الرضاعة، بل جعله الله تعالى زمان من أراد تمام الرضاعة، وليس بعد التمام ما يدخل = =فى حكم ما حكم الشارع بأنه قد تم. والأحسن فى الجمع بين حديث سهلة وما عارضه: كلام ابن تيمية فإنه قال: إنه يعتبر الصغر فى الرضاعة، إلا إذا دعت إليه الحاجة كرضاع الكبير الذى لا يستغنى عن دخوله على المرأة، وشق احتجاجها عنه كحال سالم مع امرأة أبى حذيفة، فمثل هذا الكبير إذا أرضعته للحاجة أثر رضاعه، وأما من عداه فلابد من الصغر أ. هـ. سبل السلام 3/1154 وما بعدها وبقول ابن تيمية قال الشوكانى ورجحه. انظر: نيل الأوطار 6/315، 317.

ص: 1084

أحدها: ما نسخ حكمه وتلاوته كعشر رضعات.

والثانى: ما نسخت تلاوته دون حكمه كخمس رضعات، والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما.

والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته، وهذا هو الأكثر، ومنه قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} (1) .

وبعد

فقد ظهر واضحاً جلياً أن قصة سالم رضي الله عنه صحيحة رواية ودراية، تلقاها علماء الأمة منذ عصر الصحابة إلى يومنا هذا - وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها – بالقبول بصرف النظر عن كونها واقعة خاصة أو عامة، ويشهد لهذا التلقى للحديث بالصحة أن جميع الصحابة رضي الله عنهم أجمعين لم ينقل لنا عن أحدٍ منهم استنكار أو حتى استغراب للقصة!، وإنما نقل لنا اختلافهم فى حكمها الفقهى.

فجمهور الصحابة على أن قصة سالم واقعة عين خاصة به، ولا يصح الاحتجاج بها لغيره، وتابع على ذلك جمهور علماء الأمة من التابعين فمن بعدهم، وانفردت عائشة –رضى الله عنها- مع قلة من الفقهاء منهم: عروة بن الزبير، وعطاء بن أبى رباح، والليث بن سعد، وابن علية، وغيرهم رأوا أن قصة سالم عامة، وأن إرضاع الكبير يثبت به التحريم (2) وللكل وجهة نظر ودليل.

(1) الآية 240 من سورة البقرة، وانظر: المنهاج شرح مسلم للنووى 5/285، وحاشية السندى على النسائى 6/101 رقم 3307.

(2)

انظر: فتح البارى 9/52، 53 رقم 5102، والمنهاج شرح مسلم للنووى 5/289، وشرح الزرقانى 3/291، 292، ونيل الأوطار 6/315، وسبل السلام 3/1153، وتأويل مختلف الحديث ص 283، 284.

ص: 1085

فالجمهور على أن قصة سالم رضي الله عنه خاصة به لما وقع له من التبنى الذى أدى إلى اختلاطه بسهلة فلما نزل الاحتجاب، ومنع التبنى شق ذلك على أبى حذيفة وسهلة لما تقرر فى نفسهما أنه ابنهما، وحيث كان يدخل على سهلة كيف شاء ولا تحتشم منه كما جاء من قولها فى رواية أحمد. وليس لهم إلا بيت واحد.

فمن أجل رفع المشقة، ولما اجتمع فى سالم من صفات لا توجد فى غيره، وقع له الترخيص فى الرضاعة مع بلوغه لما تقرر فى نفوسهم جميعاً من صفات الأبوة من سالم تجاه أبى حذيفة وسهلة، وصفات البنوة من أبى حذيفة وسهلة تجاه سالم.

ومما يؤكد ذلك ذهاب ما فى نفس أبى حذيفة نتيجة لهذا الرضاع.

يقول فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين "ولا أظنه يذهب ما فى نفس غير أبى حذيفة مع غير سالم"(1) .

وذهب الجمهور أيضاً بنسخ قصة سالم بما جاء من الأحاديث الدالة على اعتبار الحولين.

أما عائشة –رضى الله عنها- ومن قال بقولها من الفقهاء فرأوا أن قصة سالم رضي الله عنه عامة للمسلمين، لمن حصل له ضرورة: وللكل فى هذا الخلاف وجهة نظر ودليل، ولم يكن لهذا الاختلاف بينهم أى أثر فى اعتقادهم صحة الحديث، الذى يحاول دعاة الفتنة وأدعياء العلم تضعيفه أو النيل من عدالة رواته، ومن أخرجه من الأئمة الأعلام فى كتبهم.

ويؤخذ من قصة سالم صدق إيمان سهلة، وأبى حذيفة، وسرعة امتثالهما للوحى الإلهى، لأن الغيرة منهما، وقعت نتيجة لما نزل فى كتاب الله عز وجل من النهى عن التبنى، والأمر بالاحتجاب. فتغيرت نظرة البنوة نحوه، امتثالاً لما نزل.

ولو كانت الغيرة لشئ غير ذلك، لما كان هناك معنى لذهاب ما فى نفس أبى حذيفة بتلك الرضاعة، التى ما كانت إلا أمراً إلهياً، امتثل له الجميع، ورفعت عنهما به المشقة والحرج أ. هـ.

...

والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم

(1) فتح المنعم بشرح مسلم 9/177.

ص: 1086