الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثالثاً: ما يفيد المتواتر من العلم:
…
قام الإجماع على أن الخبر المتواتر يفيد العلم، وهو الاعتقاد الجازم المطابق للواقع، لا لاعتقاد المعتقد، وشذ عن الإجماع بعض الفرق؛ مثل البراهمة (1) والسُمَنية (2) ، والنظام من المعتزلة على ما حكاه عنه البغدادى فى أصول الدين (3) .
…
فزعموا أن الأخبار ليست طريقاً لإفادة العلم، وإنما العلم سبيله؛ إما الحس، وإما أن يكون من الضروريات، وهو زعم باطل، ورأى فاسد لا يعتد به، قام الدليل على خلافة.
وقد تعرض للرد عليهم الإمام الآمدى فى كتابه "الإحكام فى أصول الأحكام" فقال: "اتفق الكل على أن الخبر المتواتر يفيد العلم خلافاً للسُمَينة والبراهمة، فى قولهم لا علم فى غير الضروريات إلا بالحواس دون الأخبار وغيرها. ودليل ذلك ما يجده كل عاقل من نفسه من العلم الضرورى بالبلاد النائية، والأمم السالفة، والقرون الخالية، والملوك، والأنبياء، والأئمة، والفضلاء المشهورين والوقائع الجارية بين السلف الماضين، بما يرد علينا من الأخبار حسب وجداننا كالعلم بالمحسوسات عند إدراكنا لها بالحواس. ومن أنكر ذلك فقد سقطت مكالمته وظهر جنونه أو مجاحدته"(4) .
(1) البراهمة: قوم ينكرون الرسالة، ويعبدون الله عبادة مطلقة، لا من حيث إرسال نبى، ولا رسول معين، وينكرون الأنبياء والمرسلين مطلقاً، ويزعمون أنهم أولاد إبراهيم عليه السلام، ومنهم جماعة فى الهند يعبدون الأوثان. انظر: كشاف اصطلاحات الفنون1/215، وفواتح الرحموت 2/113.
(2)
السُمُينة: بضم السين وفتح الميم، نسبة إلى "سومان" وهم قوم من عبدة الأصنام، يقولون بالتناسخ، وبأنه لا طريق للعلم سوى الحس. انظر:كشاف اصطلاحات الفنون 4/52، وكشف الأسرار 2/262، وفواتح الرحموت 2/113. وانظر: فى الرد على شبهاتهم فواتح الرحموت 1/113، وتوجيه النظر ص 57، 64، ومقاصد الحديث فى القديم والحديث 2/24-28.
(3)
أصول الدين ص 20.
(4)
الإحكام للآمدى 2/15، وانظر: مقاصد الحديث للدكتور مصطفى التازى 2/22.
ويقول الإمام الشوكانى: "واعلم أنه لم يخالف أحد من أهل الإسلام، ولا من العقلاء فى أن خبر التواتر يفيد العلم الضرورى، وما روى من الخلاف فى ذلك عن السُمَنية، والبراهمة فهو خلاف باطل، لا يستحق قائله الجواب عليه"(1) .
وهذا ما نقوله لأهل الزيغ والإلحاد المنكرين للمتواتر القولى من السنة النبوية (2) وجوداً، وحجية، قاصرين دعواهم كذباً ونفاقاً على الإيمان بالسنة العملية المتواترة (3) .
نقول لهم: سقطت مكالمتكم وظهر جنونكم ومجاحدتكم ولا تستحقون الجواب عليكم.
(1) إرشاد الفحول 1/202.
(2)
انظر: مختصر الصواعق المرسلة 2/520.
(3)
انظر: "مقال الإسلام هو القرآن وحده" للدكتور توفيق صدقى فى مجلة المنار المجلد 9/517، 912، 924، ومقال النسخ فى الشرائع الإلهية المجلد 9/687، 688، وأضواء على السنة لمحمود أبو رية ص 39، 42، والأصلان العظيمان ص 303 وما بعدها، والسنة ودورها فى الفقه الجديد ص 137 كلاهما لجمال البنا. وتبصير الأمة بحقيقة السنة لإسماعيل منصور ص 18، وعذاب القبر والثعبان الأقرع لأحمد صبحى ص 9، 16، 17، والإمام الشافعى لنصر أبو زيد ص 107، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين ص 210، 238 وغيرهم.