الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج من المسائل العجيبة التى استنبطها أعداء السنة من القرآن الكريم
بدون
رجوعهم إلى بيان النبى صلى الله عليه وسلم، واستعراض بدائهم عن السنة المطهرة
…
الذين يقولون: إن القرآن قد احتوى على كل شئ وفصله تفصيلاً، ولا داعى للسنة، لو أنك واجهتهم بالصلاة، وكيفية أدائها، لرأيت بعضهم يقول:"إن القرآن يفرض على المسلم أن يصلى فى كل وقت من أوقات الصلاة أكثر من ركعة، ولم يحدد له عدداً مخصوصاً وتركه يتصرف كما يشاء" وبعبارة أخرى: إن الإنسان يجب عليه أن يصلى ركعتين على الأقل، وله أن يزيد على ذلك ما شاء أن يزيد بحيث لا يخرج عن الاعتدال والقصد
…
وبعد ذلك فللمسلم الاختيار فيما يفعل على حسب ما يجده من نفسه ومن قوته، أما الصلاة المعروفة اليوم بمواقيتها وهيئاتها، فما كان يعرفها الرسول نفسه ولا أصحابه، وهى غير واجبة على الأمة الإسلامية فى جميع الأزمنة والأمكنة، أو فهى لا تدل على وجوب ما فوق الركعتين" (1) .
…
وفى موضع آخر يقول: "وإذا فليس عندنا دليل قطعى على وجوب هذه الأعداد - من الصلوات والركعات - والله لا يتعبدنا بالظن، وحيث أن هذا الأمر لم يصل إلينا بالتواتر القولى دل ذلك على أن الله لا يريد منا المحافظة على هذه الأعداد والاستماتة عليها وهو المطلوب"(2) .
…
فإذا كان الدكتور توفيق صدقى لا يؤمن بالصلاة المعروفة اليوم؛ لأنها متواترة عملاً لا قولاً فى نظره، نجد آخر على مذهبه يؤمن بالصلاة المعروفة اليوم بمواقيتها وعددها وهيئتها
…
إلخ ويكفيه نقلها بالتواتر العملى (3) . وهو ما لم يكف توفيق صدقى!
(1) قاله الدكتور توفيق صدقى فى مقاله (الإسلام هو القرآن وحده) انظر: مجلة المنار المجلد 9/517-520 بتصرف.
(2)
انظر: مجلة المنار المجلد 9/920، 921 بتصرف.
(3)
تبصير الأمة بحقيقة السنة للدكتور إسماعيل منصور ص 17، 18.
وقائل آخر يذهب إلى أن كيفية أداء الصلاة لم تأت مفصلة فى الشريعة الإسلامية فى كتاب الله عز وجل، وإنما جاءت مفصلة فى شريعة أخرى، وهى شريعة سيدنا إبراهيم-عليه السلام، فإذا سألت وكيف نقلت إلينا شريعة إبراهيم وأين هى؟! ومن أولئك الذين نقلوها؟ قالوا لك: لقد نقلت إلينا جيلاً بعد جيل، وتوارثها الذين نقولها أبو جهل، وأبو لهب، وغيرهم من مشركى قريش، كانوا يؤدون الصلوات الخمس مثلنا تماماً ويحجون مثلنا (1) .
وإذا كان توفيق صدقى يذهب إلى أن عدد الركعات فى كل صلاة لا يقل عن ركعتين، وإنما يزيد وأجاز تلك الزيادة على حسب ما يجده الإنسان من وقته. نرى آخر يرفض كل ما سبق، ويلزم بأن الصلوات كلها واحدة ركعتين ركعتين (2) .
وإذا تأملنا فى الصلوات المفروضة عندهم لرأينا ما يضحك ويبكىمن التناقض البين فيما يستنبطون بفهمهم السقيم من كتاب الله عز وجل فالصلوات المفروضة عند بعضهم أربع، وعند آخر ست.
…
أما من قال هى أربع: فقال: هى طرفى النهار أى فى (أولة) وهى صلاة الصبح، وآخر النهار، وهى صلاة المغرب، وطرفى الليل أى فى أوله، وهى صلاة الفجر، وفى آخره وهى صلاة العشاء.
…
أما صلاة الظهر فهى عنده من الفروض التى لا ذكر لها فى القرآن، وهى من الفروض التى زادها أعداء الإسلام (3) ، هكذا يهزي محمد نجيب فى كتابه (الصلاة)(4) .
…
أما من يقول بأنها ست فيزيد على الصلوات الأربع السابقة صلاتى الظهر والليل، أما الظهر؛ فهى تبدأ عنده من ساعة توسط الشمس (كبد) السماء، وإلى أن يصير ظل كل شئ مثله!
(1) قرآن أم حديث ص 7-10، والقرآن والحديث والإسلام ص 20، 23 كلاهما لرشاد الخليفة وانظر: الصلاة فى القرآن لأحمد صبحى منصور ص 101.
(2)
الصلاة لمحمد نجيب ص 65، والبيان بالقرآن لمصطفى المهدوى 1/123.
(3)
وعليه فمن قال بهذا ممن سيأتى ذكرهم ممن هو على مذهبه الفاسد، وملته الباطلة هو من أعداء الإسلام.
(4)
الصلاة ص 652 - 662.
.. أما صلاة الليل فهى عنده اثنتين صلاة الليل الأولى، وتبدأ من دلوك الشمس إلى (الغسق) باستمرار غير منقطع، والثانية وهى من غياب الشفق إلى منتصف الليل، هذا فضلاً عن صلاة قيام الليل وهى مندوبة عنده (1) .
…
أما أحمد صبحى منصور فيذهب إلى: "أن فرائض الصلاة وركعاتها معروفة للعرب مثل معرفتهم لأيام الأسبوع، فإن القرآن يذكر بعض الفرائض مثل الفجر، والظهر، والعشاء فى سياق حديثه عن تشريع آخر قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} (2) .
…
فتأمل هنا كيف يقر أحمد صبحى، وكذا من سبقه مصطفى المهدوى، بأن الظهر من فرائض الصلاة، وهى عندهم لها دليل من القرآن الكريم، وهو ما ينكره محمد نجيب ويصف، من يقول بذلك بأنه من أعداء الإسلام؟
…
وعن قبلة المسلمين الأولى، والتى لا ذكر لها فى القرآن الكريم تراهم يتناقضون فى تحديدها حسب استنباط كل منهم من القرآن الكريم.
(1) البيان القرآن لمصطفى المهدوى 1/107 - 113، وانظر: الاعتصام للشاطبى حكايته هذا القول عن أهل البدع والأهواء قديماً. الاعتصام 1/61، وانظر: الصراع بين الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى لفضيلة الدكتور طه حبيشى ص509 وما بعدها.
(2)
الآية 58 من سورة النور، وانظر: الصلاة فى القرآن لأحمد صبحى منصور ص 37، 38.
.. فيذهب محمد نجيب إلى: أن القبلة الأولى هى بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، لا بيت المقدس، ويعلل ذلك بأنه:"قد ورد فى القرآن الكريم أن الله عز وجل أمر سيدنا موسى وسيدنا هارون باتخاذ بيوتهما قبلة لهما وللمؤمنين عندما يصلون متجهين إليها قال تعالى: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (1) فكان لابد للرسول وللمسلمين معه أن يقتدوا بسيدنا موسى، ويتخذوا من بيت النبى الذى اختاره ليكون قبلة كما اتخذ موسى بيته قبلة (2) ، ويذهب إلى أن تلك القبلة لم تنسخ فيقول: "والأمر بالقبلة الأولى ليس أمراً قد انتهى أمره فلا لزوم له فى القرآن إذ أنه أمر موجود ليتبعه المسلمون إذا اقتضى الأمر ذلك (3) أ. هـ.
…
هذا فى حين نرى مصطفى المهدوى يذهب إلى أن القبلة الأولى منسوخة، ويصرح بأن تلك القبلة الأولى لا علم له بها فيقول:"وكان الله –تبارك وتعالى قد شاء أن يستقبل رسوله فى صلاته قبلة أخرى، الله أعلم بها حيث جعلها من سنة نبيه ثم نسخها بقرآن"(4) .
…
أما أحمد صبحى؛ فيقر بتوجه النبى صلى الله عليه وسلم، ومن آمن معه نحو بيت المقدس فيقول: "فالعرب مسلمون ومشركون كانوا يتوجهون فى الصلاة إلى الكعبة، وامتحنهم الله بأن أمرهم بالتوجه نحو القدس، وأطاع النبى والمؤمنون معه، وصبروا على أقاويل السفهاء، وبعد أن نجح النبى، والمؤمنون فى الاختبار نزل الوحى يجيب برجاء رسول الله بالعودة إلى التوجه للبيت الحرام (5) أ. هـ.
…
ولم يبين لنا أحمد صبحى من أين دليله فى توجه النبى صلى الله عليه وسلم ومن آمن معه نحو بيت المقدس؟!!
(1) الآية 87 من سورة يونس.
(2)
الصلاة لمحمد نجيب 51، 52، 616.
(3)
المصدر السابق ص 618.
(4)
البيان بالقرآن 1/120 بتصرف.
(5)
الصلاة فى القرآن ص 39.
ثم إن إقراره بذلك يتناقض مع عدم إيمانه بالنسخ فى الشريعة الإسلامية بمعنى الحذف والإلغاء (1) . حيث نسخ القرآن الكريم ما ورد فى السنة المطهرة من التوجه فى الصلاة أول الأمر إلى بيت المقدس.
…
ومن طرائف أحمد صبحى منصور؛ أنه عندما زعم أن فرائض الصلاة وركعاتها كانت معروفة للعرب وعلينا اتباعها ذهب إلى أن: "تشريع الوضوء والطهارة والغسل والتيمم لم يكن معروفاً من قبل (أى فى الجاهلية) وجاء بيانه فى آيتين فى المدينة: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا (2) فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا} (3) وهذا يعنى أن أهل الجاهلية وهم يعرفون الصلاة بركعاتها وهيئتها
…
إلخ كانوا يصلون من غير طهارة؟!!
…
ولأن الدليل الإسلامى على تشريع الوضوء والطهارة
…
إلخ مدنى كما فى آية النساء، وكذا آية المائدة (4) . فالمسلمون أيضاً طوال الفترة المكية كانوا يصلون من غير طهارة؟!!
(1) انظر: كتابه لا ناسخ ولا منسوخ فى القرآن.
(2)
حدثنى مصطفى منصور، أحد أتباع أحمد صبحى منصور، أن أحمد صبحى فسر التيمم فى الآية بأنك تخرج منديلاً من ثوبك فتمسح به يديك، فقلت لمصطفى ولكن ربنا عز وجل يقول:"صَعِيدًا طَيِّبًا" والصعيد ما علا الأرض من التراب الطاهر، قال لى ليس هذا شرطاً، وإنما الصعيد ما علا فيكفيك أنك تضرب بيديك فى الهواء فهو صعيد!
(3)
الآية 43 من سورة النساء، وانظر: الصلاة فى القرآن ص 39، 40 هامش.
(4)
الآية 6 من سورة المائدة.
ونقول لهؤلاء جميعاً ما زعمتموه عبثاً من أن الصلوات المفروضة على المسلمين فى اليوم والليلة، إنما هى مرتان أو أربع أو ست، وأن طريقة الصلاة كذا وكذا لا كما يصليها المسلمون.
فالواجب عليكم أن تثبتوا لنا أن النبى صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، ما كانوا يصلون فى اليوم والليلة إلا مرتين، أو ست، وأنهم ما كانوا يصلون إلا بالطريقة التى تزعمونها، وأنه بعد تدوين كتب الحديث صار المسلمون يصلون خمس مرات، وزادوا فيه كذا وكذا من الأركان تبعاً للمحدثين، والفقهاء، فإن لم تستطيعوا إثبات ذلك - ولن تستطيعوه إلى يوم القيامة - يكون مآل دعواكم أن النبى صلى الله عليه وسلم اخطأ فى فهم الوحى الذى أنزل عليه (حاشاه من ذلك) وأنتم (أيها الأعاجم الجهلة) وفقتم لإصلاح ذلك الخطأ وبيان الصواب.
…
فهل يمكن لمسلم، بل لعاقل أن يتفوه بهذا الكلام الجنونى؟ أعاذنا الله من ذلك (1) . وعن بقية أركان الإسلام من شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ومن صيام، وزكاة، وحج، حدث ولا حرج عن شذوذ ما يستنبطون بما تمليه عليهم نفوسهم المريضة.
…
فشهادة أن محمداً رسول الله، والتى هى جزء لا يتجزأ من شهادة أن لا إله إلا الله، هذه الشهادة تكرارها بجانب شهادة أن لا إله إلا الله؛ يعد شركاً أكبر (2) .
(1) تحقيق معنى السنة وبيان الحاجة إليها للعلامة السيد الندوى ص 27، 28، بتصرف.
(2)
قرآن أم حديث ص20،33،والقرآن والحديث والإسلام ص38،41،43، كلاهما لرشاد خليفة.
.. ويقول المتنبئ الكذاب رشاد خليفة عن صيغة التشهد، وما فيها من حمد وتمجيد، لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وآله: "لقد أمرنا الله ألا نذكر أى اسم فى الصلاة سوى اسمه: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) إلا أن جماهير المسلمين اليوم ابتدعوا بدعة، حمد محمد، وإبراهيم وتمجيدها وهم يصلون لربهم
…
لقد أغوى الشيطان المسلمين بترديد بدعة "التشهد"، حيث يمطرون محمداً وإبراهيم بالحمد والتمجيد. أليس هذا شركاً صارخاً؟ (2)
…
ويعلل محمد نجيب بأن حمد وتمجيد نبيين (محمد وإبراهيم) –عليهما الصلاة والسلام- دون غيرهما فيه تفريق بين رسل الله (3) وبذلك حدثنى مصطفى منصور أحد أتباع أحمد صبحى عن أحمد صبحى أنه قال: "لا يجب تكرار شهادة أن محمداً رسول الله فى الآذان حتى لا يكون هناك تفرقة بين رسل الله عز وجل، ولأننا لو قلنا بهذه الشهادة لوجب علينا أن نشهد أيضاً بأن إبراهيم رسول الله، وموسى رسول الله، وعيسى رسول الله
…
وهكذا وهو أمر يطول.
وتناسى هؤلاء أن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وإعلان تلك الشهادة هو إيمان بكل الأنبياء، لأنه صلى الله عليه وسلم خاتمهم، قال تعالى:{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَاءَاتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَءَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} (4) .
(1) الآية 18 من سورة الجن.
(2)
القرآن والحديث والإسلام لرشاد خليفة ص 38، وانظر: الصلاة فى القرآن لأحمد صبحى منصور ص 51 - 56.
(3)
الصلاة محمد نجيب ص 78، 79.
(4)
الآية 81 من سورة آل عمران.
.. وما قيل فى الصلاة من تناقض، يقال مثله فى بقية أركان الإسلام من صيام، وزكاة، وحج، فتلك العبادات جاءت مفصلة فى شريعة سيدنا إبراهيم عليه السلام يقول المتنبئ الكذاب رشاد خليفة:"جميع العبادات بتفاصيلها (عدد الصلوات وعدد الركعات، ومقدار الزكاة، وكيفية الصيام، وكيفية الحج) نزلت على إبراهيم-عليه السلام-أما محمد-عليه السلام-فكانت مهمته الوحيدة هى تبليغ القرآن (ما على الرسول إلا البلاغ) : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (26) وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (1) . وهكذا نتعلم من القرآن أن الصلاة بتفاصيلها، والزكاة بتفاصيلها، والصيام بتفاصيله، والحج بتفاصيله؛ قد تم تعليمهم لإبراهيم –عليه السلام، ثم تواترت إلينا جيلاً بعد جيل"(2) أ. هـ.
…
وهذه الشعائر الإسلامية عدم ذكر تفاصيلها فى القرآن الكريم فى نظر بعض أعداء السنة؛ لأنها متروكة لأولى الأمر لاختيار المناسب منها كل حسب الزمان والمكان.
(1) الآيتان 26، 27 من سورة الحج.
(2)
قرآن أم حديث ص 16، وانظر: القرآن والحديث والإسلام ص 22، 24، 28.
يقول توفيق صدقى: "إن ربع العشر فى الزكاة إذا قام بإصلاح حال الفقراء، والمساكين، وأبناء السبيل، والغارمين، وبالنفقة منه على العاملين على الزكاة، والمؤلفة قلوبهم، وفى سبيل الله، وفى تحرير الرقاب، إذا قام بكل هذه الشئون فى زمن أو بلد فليس ضرورياً أن يكون كافياً كذلك فى زمن آخر، أو فى بلدة أخرى. ومن ذلك تعلم حكمة الله فى عدم تعيين شئ من ذلك فى كتابه تعالى، فما بينته السنة للعرب فى ذلك لا يصلح لجميع الأمم فى الأوقات المختلفة"(1) . وممن قال بذلك محمود محمد طه (2) ، وتابعه عبد الله أحمد النعيم (3) ، وجمال البنا الذى يصرح بأن الحكمة فى عدم ذكر القرآن الكريم تفاصيل الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج،
(1) انظر: مجلة المنار المجلد 9/521،522 مقال (الإسلام هو القرآن وحده) بتصرف، وانظر: المجلد 9/909، 913، والقرآنيون وشبهاتهم حول السنة للدكتور خادم بخش ص 366-430.
(2)
محمود محمد طه: واحد من دعاة الفتنة وأدعياء العلم، سودانى الجنسية، ادعى النبوة، وزعم أن الزكاة تشريع مؤقت ملائم للعصور الأولى القاصرة، ولذا لا تصلح لهذا العصر الراقى المتطور، بل يجب أن نترقى فى هذا العصر إلى روح الإسلام وهى العدالة الاشتراكية، كما أنكر أحاديث التوحيد. فقد يصل المرء إلى درجة الإلهية، وأجاز إٍسقاط الصلاة للخواص. أعدمه على زندقته حاكم السودان (جعفر النميرى) انظر: المحاضرة الدفاعية عن السنة للدكتور محمد أمان على الجامى ص 7 وما بعدها.
(3)
عبد الله أحمد النعيم: كاتب سودانى، حصل على العالمية فى القانون من جامعة أدنبره/أسكوتلندا، رئيس الجمعية الدولية للدراسات القانونية فى العالم الثالث (نيويورك) منذ1990-حتى الآن. = =من تلاميذ مسيلمة الكذاب محمود محمد طه، ويدعوا إلى فكره. انظر: كتابه نحو تطوير التشريع الإسلامى. وانظر: الصراع بين الثقافة الإسلامية والثقافات الأخرى لفضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى ص 570 وما بعدها.
والشورى
…
إلخ؛ أن بيان الرسول صلى الله عليه وسلم ليس تشريعاً دائماً ولازماً؛ فتركنا الإسلام لما يستجد فى كل زمان ومكان. ولو فصل القرآن لأوقع الحرج على الأجيال الآتية، ولا مانع من تأبد السنة إذا كانت فى أخلاق النبى صلى الله عليه وسلم وسياسته، وصدقه، وكرمه أو موقفه كقائد ورجل دولة. ولكن عندما يكون الأمر أمر "الأحكام" فلا تأبد للسنة، فهذا ما يتفاعل مع الزمان والمكان ويتأثر بالأوضاع (1) .
…
ويقول محمد شحرور: "علينا اعتبار كل الأحاديث المتعلقة بالحلال والحرام والحدود التى لم يرد نص فيها فى الكتاب على أنها أحاديث مرحلية قيلت حسب الظروف السائدة"(2) وينكر مصطفى المهدوى الحدود فى الإسلام زاعماً أنها ما هى إلا الأحكام الشرعية مثل أحكام الصيام، وأحكام الطلاق، وأحكام المواريث (3) . وعند ذكره لقوله تعالى:{إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ} (4) .
…
قال: "إن الله يرخص لأولى الأمر اختيار الجزاء المناسب دون تحديد؛ كالحبس، والغرامة، والتوبيخ، والحرمان من بعض الحقوق المدنية والسياسية"(5) أ. هـ.
(1) السنة ودورها فى الفقه الجديد ص 92، 193، 202.
(2)
الكتاب والقرآن قراءة معاصرة ص 572.
(3)
البيان بالقرآن 2/335.
(4)
الآية 33 من سورة المائدة.
(5)
البيان بالقرآن 2/339.
.. ويتجرأ الدكتور أحمد زكى أبو شادى من مصر: على جواز تبدل الأحكام وفق الظروف والأسباب ليس فى السنة النبوية فقط، بل فى القرآن الكريم أيضاً فيقول:"القرآن الكريم، والأحاديث النبوية مبادئ خلقية وسلوكية مسببة، بحيث أن أحكامها عرضة للتبدل بتبدل الأحوال والأسباب، ففيه شواهد هادئة على ضوئها وأسبابها وظروفها، لا أحكام متزمتة لا تقبل التعديل وفقاً لتبدل الأسباب والظروف"(1) .
…
ولا يقف الأمر عند هؤلاء النابتة الضالة عند هذا الحد، وإنما نجدهم ينكرون من الأمور المتواترة والبديهية ما لا ينكره إلا جاهل مغرور حيث تجد بعضهم ينكر زواج سيدنا إبراهيم عليه السلام بهاجر، ويزعم أن إسماعيل عليه السلام ليس ابن إبراهيم يقول مصطفى المهدوى:"إننا لا نعرف لإبراهيم عليه السلام إلا زوجاً واحدة، هى التى بشرها الله بإسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب، أما إسماعيل عليه السلام فلم يقل أحد أنه ابن إبراهيم من زوج أخرى إلا اليهود فى أسفارهم، ومن شايعهم فى ذلك من المسلمين فيما جاؤوا به من الأساطير"(2)، ثم يذهب المهدوى إلى أن هبة إسماعيل لإبراهيم فى قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ} (3) هذه الهبة هبة عون وتوفيق، كما قال عز وجل فى حق سيدنا موسى عليه السلام:{وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} (4) ولكن ماذا هو قائل فى قوله تعالى: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} (5) هل الهبة هنا هبة عون وتوفيق؟
(1) ثورة الإسلام ص 57.
(2)
البيان بالقرآن 2/538.
(3)
الآية 39 من سورة إبراهيم.
(4)
الآية 53 من سورة مريم، وانظر: البيان بالقرآن 2/539.
(5)
الآية 38 من سورة آل عمران.
.. ويؤكد المهدوى ما يهذى به قائلاً: "وليس فى القرآن بينةٌ ظاهرة على أن إسماعيل كان ابناً لإبراهيم، ولا نعلم له زوجاً غير التى جاءتها البشرى ولا نعلم أن له ابناً غير إسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب"(1) وهكذا أعمى الله بصيرته عن البينة الظاهرة فى كتابه بأن إسماعيل كان ابناً لإبراهيم من زوجته هاجر فى قوله تعالى: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ} (2) وقوله تعالى: {رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى} (3) فالذبيح فى الآية الكريمة: إنما هو ابنه إسماعيل –عليه السلام – باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، وما حملهم على تحريف الذبيح بأنه إسحاق إلا لأنه أبوهم، وإسماعيل أبو العرب الذين يسكنون الحجاز والذين منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحسدوهم. على أمر الله فى إسماعيل – عليه السلام – والفضل الذى ذكره الله منه لصبره لما أمر به فأرادوا أن يجروا هذا الشرف إليهم، فحرفوا كلام الله وزادوا فيه، وهم قوم بهت، ولم يقروا بأن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء.
(1) البيان بالقرآن 2/540.
(2)
الآية 37 من سورة إبراهيم.
(3)
الآيات 100 - 102 من سورة الصافات.
ومن أحسن ما استدل به محمد بن كعب القرظى (1) ، على أن الذبيح إسماعيل، وليس إسحاق من قوله تعالى:{فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاقَ وَمِنْ وَرَاءِ إِسْحَاقَ يَعْقُوبَ} (2) . قال فكيف تقع البشارة بإسحاق، وأنه سيولد له يعقوب، ثم يؤمر بذبح إسحاق وهو صغير قبل أن يولد له؟ " (3) أ. هـ.
…
ومن العجيب أن المهدوى ذكر قصة ابتلاء سيدنا إبراهيم عليه السلام بابنه الذبيح ولم يصرح لنا بمن هو الذبيح؟!! (4) فإن قال هو إسحاق فهذا مما جاء فى أسفار اليهود التى ينكرها وينكر ما جاء فيها أيضاً من زواج سيدنا إبراهيم عليه السلام بهاجر وأن له منها ابنه إسماعيل عليه السلام!! وإن قال الذبيح هو إسماعيل وهو الحق فذلك من السنة المطهرة التى يجحدها، والتى تصرح، بأن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام من زوجته هاجر!! فياترى من يكون الذبيح عنده؟!!
…
ويذهب مصطفى المهدوى إلى إنكار زواج النبى صلى الله عليه وسلم بأكثر من أربع فيقول: "ولا نعلم عدد أزواجه صلى الله عليه وسلم، ولكننا نعلم بيقين: أنه لم يكن ليجمع بين أكثر من أربع زوجات فى وقت واحد"(5) !!
(1) محمد هو: محمد بن كعب بن سليم القرظى أبو حمزة، من عباد أهل المدينة وعلمائهم بالقرآن ثقة حجة مات سنة 120هـ وقيل قبل ذلك. له ترجمة فى تقريب التهذيب 2/128 رقم 6277، والكاشف 2/213 رقم 5129، ومشاهير علماء الأمصار ص 85 رقم 436، والثقات للعجلى 411 رقم 1495، والبداية والنهاية 9/268، وشذرات الذهب 1/136.
(2)
الآية 71 من سورة هود.
(3)
تفسير القرآن العظيم لابن كثير 4/14-19، وانظر: البداية والنهاية 1/144 - 150.
(4)
البيان بالقرآن 2/540 - 543.
(5)
المصدر السابق 2/623 وراجع من نفس المصدر 1/385 - 386.
.. ويفرق بين الاحتلام، والجنابة فى وجوب الغسل فيقول:"إنه ليس من المنطق فى شئ أن نقيس الاحتلام بالجنابة، كما يقول البعض، فيفرض الاغتسال من الاحتلام كما فرض الاغتسال من الجناية"(1) أ. هـ.
…
وليس هذا فقط، بل نجد من شواذ استنباط أعداء السنة من القرآن الكريم تصريح بعضهم بأن لحم الكلب والحمار حلال؛ لاقتصار المحرمات فى القرآن الكريم على قوله تعالى:{قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ} (2) .
بل ويحللون الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها فى وقت واحد:
(1) البيان بالقرآن 1/114.
(2)
الآية 145 من سورة الأنعام.
يقول جمال البنا: "هناك أحاديث جاءت بما لم يأت به القرآن، نحن نحكم عليها فى ضوء القرآن فما لا يخالف القرآن يقبل، وما يخالفه يستبعد، فتحريم زواج المرأة على عمتها وخالتها، وتحريم لحم الحمر الأهلية أمور لا نرى مانعاً فيها، ونجد فيها قياساً سليماً (1) .
(1) دفع الشبهات عن الشيخ الغزالى للدكتور أحمد حجازى السقا ص8، 61 هامش، وص 199، وانظر: له أيضاً: حقيقة السنة النبوية ص 9، وانظر: السنة ودورها فى الفقه الجديد لجمال البنا ص 254، ولماذا القرآن لأحمد صبحى منصور ص 64، وهؤلاء فيما ذهبوا إليه تبع لأسلافهم من المبتدعة كما حكاه عنهم ابن قتيبة فى تأويل مختلف الحديث ص 194، والشاطبى فى كتابيه: الاعتصام باب بيان معنى الصراط المستقيم التى انحرفت عنه سبل أهل الابتداع فضلت عن الهدى بعد البيان 2/560، والموافقات 4/422، ومن شواذ فكر أعداء السنة، وما يدل على صلتهم بأعداء ديننا وأمتنا، وقولهم بما يحقق أهدافهم، ما حدثنى به مصطفى منصور، عن أحمد صبحى منصور، أنه زعم أن المسجد الأقصى ليس فى فلسطين وإنما هو فى سيناء، فلما قلت له وأين الدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل، قال آية الإسراء، وآية التين، ففى آية الإسراء يقول= =تعالى:"سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى"، الآية 1 من سورة الإسراء، وفى سورة التين يقول تعالى:"وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ" الآيتان 2،3 من سورة التين وقال: فكما ربط بين المسجدين فى سورة الإسراء، ربط هنا بينهما فى سورة التين بين البلد الأمين، وهو المسجد الحرام، وطور سنين وهو المسجد الأقصى؟!! وهذا أيضاً ما كان يقول به مسيلمة الكذاب (محمد رشاد خليفة فى أحاديثه الإذاعية فى مسجد توسان بأمريكا، وفى العالم العربى، كما حدثنى بذلك فضيلة الأستاذ الدكتور طه حبيشى.