الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: موقف المبتدعة قديماً وحديثاً من أحاديث المغفرة لمرتكب الكبيرة
والرد عليهم
…
طعن المبتدعة من المعتزلة وغيرهم فى أحاديث المغفرة لأهل الكبائر يوم القيامة، لتعارضه مع أصلهم السابق "العدل"، وقولهم بوجوب الصلاح والأصلح على الله، ولتعارضه مع أحد أصولهم الخمسة وهو"الوعد والوعيد" ومرادهم به: أنه يجب على الله إثابة الطائع الذى وعده بالثواب، وعقاب العاصى الذى أوعده بالعقاب، ولا يخلف الله وعيده؛ لأنه ذم وقبح (1) .
ولتعارضه أيضاً مع قولهم فى مرتكب الكبيرة بأنه فى منزلة بين المنزلتين، وهو أيضاً أحد أصولهم الخمسة، ومرادهم به أن مرتكب الكبيرة منزلته "الفسق" بين المنزلتين "الإيمان، والكفر" وهو بهذه المنزلة خالد مخلد فى النار إذا لم يتب من كبيرته، وحاله فى العقاب دون الكافر، فعقابه أخف ولكنه مع ذلك مؤبد فيها" (2) .
…
ومن أصولهم السابقة طعنوا فى أحاديث الشفاعة، كما طعنوا فى الأحاديث التى تصف مرتكب الكبيرة - وإن لم يتب - بأنه تحت المشيئة "إن شاء غفر الله له، وإن شاء عذبه" لتعارضها مع قولهم: "وجوب تنفيذ الله وعيده على العاصى. وقولهم: إن مرتكب الكبيرة خالد مخلد فى النار إن لم يتب من كبيرته.
…
واعتبروا مثل هذه الأحاديث فيها خلف للوعيد من الله عز وجلوهو عندهم ذم وقبح. قال القاضى عبد الجبار: "من زعم أن خلف الوعيد كرم، وأن الله يمكن أن يخلف فى وعيده، كفر، لأنه أضاف القبيح إلى الله تعالى"(3) أ. هـ.
والجواب:
(1) انظر: شرح الأصول ص 125، 611 وما بعدها، والملل والنحل 1/42، وآراء المعتزلة الأصولية دراسة وتقويماً للدكتور على بن سعد بن صالح ص 123.
(2)
انظر: فضل الاعتزال 210، 350، ومقالات الإسلاميين 1/334، والملل والنحل 1/45.
(3)
انظر: شرح الأصول ص125، 132، 666، 667.
.. إن إنفاذ الوعيد، والوجوب على الله، الذى دندن به المعتزلة، وقال به أعداء السنة (1) ، وخلدوا به صاحب الكبيرة فى النار، إنما هو أمر عقلى محض لا سند له من النصوص، ولا من العقول السليمة.
فمن أين للعقول أن توجب وتحرم عليه سبحانه، وكيف علمت أنه يجب عليه أن يمدح ويذم، ويثيب ويعاقب على الفعل، وأنه رضى عن فاعل، وسخط على فاعل؟
وهل ذلك إلا غيب عنا، وإقحام للعقل فيما لا علم له، وتجنى على نصوص الشرع، وقياس لله بخلقه فى أفعاله.
وهل كل ما حسن من الخلق حسن منه، وما قبح منهم قبح منه؟ أم هو القياس الفاسد أيضاً؟ (2)
(1) انظر: المسلم العاصى لأحمد صبحى منصور ص 14 –30.
(2)
مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية ص 51، 52، وراجع ما سبق فى الجواب عن طعن المعتزلة فى أحاديث القدر ص 767-774.
ولا شك أن الله وعد الطائعين بالثواب، وأوعد العاصين بالعقاب، وما وعد به عباده الطائعين لابد من تحققه، كرماً منه سبحانه وفضلاً، لأنه لا يخلف الميعاد كما قال عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (1) وقوله تعالى: {وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (2) وليس معنى ذلك أن العباد يستحقون دخول الجنة على ربهم بأعمالهم كما يزعم أهل الاعتزال، بل إنما يدخلهم الجنة برحمته وفضله، كما قال صلى الله عليه وسلم:"لن يدخل أحداً عمله الجنة"، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:"ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله بفضل ورحمة
…
فسددوا وقاربوا" الحديث (3) ، وذلك بخلاف الوعيد، فإن خلفه مدح لا ذم، ويجوز عليه سبحانه أن يخلف وعيده، لأنه حقه، فإخلافه له عفو وكرم، وجود، وإحسان، ولهذا مدح به كعب بن زهير رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال:
"نبئت أن رسول الله أوعدنى
…
***
…
والعفو عند رسول الله مأمول (4) .
…
والعرب لا تعد عاراً ولا خُلْفاً، أن تَعِد شراً ثم لا تفعل، ترى ذلك كرماً وفضلاً، إنما الخلف أن تعد خيراً ثم لا تفعل، ومن ذلك قول القائل:
لا يرهب ابن العم منى صولة ***
…
ولا أختتى (5) من صولة المتهدد
وإنى أن أوعدته أو وعدته
…
*** لأخلف إ يعادى وأنجز موعدي (1)
(1) الآية 31 من سورة الرعد.
(2)
الآية 194 من سورة آل عمران.
(3)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب، باب تمنى المريض الموت10/132،133رقم5673، ومسلم (بشرح النووى) كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب لن يدخل أحد الجنة بعمله، بل برحمة الله تعالى 9/174 رقم 2816 من حديث أبى هريرة رضي الله عنه واللفظ للبخارى.
(4)
انظر: لوامع الأنوار البهية 1/370، وانظر: شرح ديوان كعب بن زهير للحسن السكرى ص19
(5)
أختتى: أى اتصاغر وأنكسر، انظر: لسان العرب 2/28.
.. وفى الحديث عن زيد بن ثابت مرفوعاً: "لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم. ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم"(2) .
…
أما ما ذهب إليه المعتزلة والخوارج من أن الكبيرة الواحدة تسقط جميع ما لصاحب الكبيرة من ثواب، لأنه لا ثواب البته يستحقه الإنسان مع وجود الكبيرة (3) ، ويستلزم على هذا حبط إيمانه حيث حكموا عليه بالخلود فى النار، وإن لم يحكم عليه المعتزلة بالكفر فى الدنيا فقد صرح بذلك الخوارج فأصبح الخلاف بينهم لفظى (4) .
هذا الذى ذهبوا إليه نوع من الظلم الذى نزه الله نفسه عنه كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا} (5) .
(1) انظر: أخبار عمرو بن عبيد للدارقطنى ص 14،وموقف المدرسة العقلية من السنة1/368،369.
(2)
أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب فى القدر 4/225 رقم 4699، وابن ماجة فى سننه كتاب القدر، باب فى القدر 1/41،42 رقم 77.
(3)
انظر شرح الأصول ص 691، ومقالات الإسلاميين 1/332.
(4)
شرح الطحاوية 2/99، 100.
(5)
الآية 40 من سورة النساء، وانظر: مسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب معرفة طريق الرؤية 2/26 رقم 183.
وهو مخالف لكتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، فى أن مرتكب الكبيرة مسلم عاصى، غير خالد مخلد فى النار، وهو تحت المشيئة "إن شاء غفر الله له وإن شاء عذبه" يدل على ذلك قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (1) فالآية صريحة فى أن الغفران المعلق بالمشيئة شامل لجميع الذنوب، كبائر كانت أو صغائر، ولم يستثن المولى عز وجل سوى كبيرة الشرك به تعالى (2) .
وفى هذا رد على قولهم المراد بالمغفرة صغائر المعاصى (3) .
…
وقال صلى الله عليه وسلم:"ما من عبد قال لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة"قال أبو ذر رضي الله عنه، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال "وإن زنى وإن سرق" -ثلاثاً- ثم قال فى الرابعة على رغم أنف أبى ذر" قال فخرج أبو ذر وهو يقول:"وإن رغم أنف أبى ذر"(4) .
(1) الآية 116 من سورة النساء.
(2)
انظر: جامع البيان 5/126، والجامع لأحكام القرآن 5/245، وفرق معاصرة تنسب إلى الإسلام وموقف الإسلام منها 2/839.
(3)
انظر: فضل الاعتزال ص 154.
(4)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الجنائز، باب فى الجنائز، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله 3/1237 رقم 332، ومسلم "بشرح النووى" كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات مشركاً دخل النار 1/370، 371 رقم 94 واللفظ له.
.. وفى حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنه صلى الله عليه وسلم قال وحوله عصابة من أصحابه: "بايعونى على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا فى معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب فى الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً، ثم ستره الله؛ فهو إلى الله إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه". فبايعناه على ذلك (1) .
…
والأدلة على أن صاحب الكبيرة "مسلم عاصى" وتحت المشيئة وغير خالد مخلد فى النار كثيرة جداً. والأحاديث فى ذلك متواترة (2) .
وأقوال أهل العلم فى ذلك كثيرة نقتصر على قول جامع للإمام النووى – رحمه الله – إذ يقول: "واعلم أن مذهب أهل السنة، وما عليه أهل الحق من السلف والخلف، أن من مات موحداً، دخل الجنة قطعاً على كل حال، فإن كان سالماً من المعاصى، كالصغير، والمجنون، والذى اتصل جنونه بالبلوغ، والتائب توبة صحيحة من الشرك أو غيره من المعاصى إذا لم يحدث معصية بعد توبته، والموفق الذى لم يبتل بمعصيةٍ أصلاً، فكل هذا الصنف يدخلون الجنة، ولا يدخلون النار أصلاً
…
وأما من كانت له معصية كبيرة، ومات من غير توبة، فهو فى مشيئة الله تعالى، فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولاً، وجعله كالقسم الأول، وإن شاء عذبه القدر الذى يريده سبحانه وتعالى، ثم يدخله الجنة، فلا يخلد فى النار أحد مات على التوحيد، ولو عمل من المعاصى ما عمل، كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر، ولو عمل من أعمال البر ما عمل.
(1) أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الإيمان 1/81 رقم 18 واللفظ له، ومسلم (بشرح النووى) كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها 6/238، 239 رقم 1709.
(2)
انظر: الشفاعة لمقبل بن هادى، وموقف المدرسة العقلية من السنة 1/360 – 362.
هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق فى هذه المسألة، وقد تظاهرت أدلة الكتاب، والسنة، وإجماع من يعتد به من الأمة على هذه القاعدة، وتواترت بذلك نصوص تحصل العلم القطعى (1) أ. هـ.
…
أما ما استدل به المعتزلة وغيرهم من الكتاب والسنة على تخليد صاحب الكبيرة فى النار كقوله تعالى: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (2) وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة مدمن خمر، ولا نمام، ولا عاق"(3) . وقوله صلى الله عليه وسلم: "من قتل نفسه بحديده، فحديدته فى يده يَتَوَجَّأُ بها بطنه فى نار جهنم خالداً أبداً"(4) أ. هـ. إلى غير ذلك من الأخبار المروية فى هذا الباب، واستدلوا بها على تخليد صاحب الكبيرة (5) .
هذه الأخبار التى استدلوا بها على تخليد مرتكب الكبيرة فى النار؛ لا حجة لهم فيها فهى من نصوص الوعيد التى وجهها السلف توجيهاً يتفق ونصوص الوعد الأخرى التى غض عنها المعتزلة الطرف، وهذا من شأن أهل البدع فإنهم يأخذون من النصوص ما يظنون أنه يوافق بدعهم، ويتركون غيرها مما يخالف تلك البدع.وهكذا فعل أهل الاعتزال فى هذا المقام.
(1) المنهاج شرح مسلم 1/255، 256 أرقام 26-33.
(2)
الآية 93 من سورة النساء.
(3)
أخرجه النسائى فىسننه كتاب الزكاة، باب المنان بما أعطى5/80رقم2562،وأحمد فىالمسند وذكر بدل المنان: الديوث الذى يقر فى أهله الخبث 2/69، 128، 134 من حديث ابن عمر رضي الله عنه.
(4)
أخرجه البخارى (بشرح فتح البارى) كتاب الطب، باب شرب السم والدواء به
…
إلخ 8/258 رقم 5778 ومسلم (بشرح النووى) كتاب الإيمان، باب بيان غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه 1/395 رقم 109 من حديث أبى هريرة رضي الله عنه.
(5)
انظر: شرح الأصول ص 657، 663.
وقد ذكر العلماء توجيهات عديدة فى هذه النصوص وأمثالها والمختار منها قولان:
أحدهما: أنها محمولة على من يستحل الكبيرة مع علمه بالتحريم، فهذا كافر مخلد فى النار ولا يدخل الجنة أصلاً.
والثانى: أنها محمولة على أن مرتكب الكبيرة جزاؤه أن لا يدخل الجنة وقت دخول الفائزين إذا فتحت أبوابها لهم بل يؤخر، ثم قد يجازى وقد يعفى عنه فيدخلها أولاً (1) . والمراد بالخلود إذا عوقب، طول المدة والإقامة المتطاولة، لا حقيقة الدوام، كما فى قوله تعالى:{وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ} (2) والعرب تقول: لأخلدن فلاناً فى السجن، والسجن ينقطع ويزول، وكذلك من سجن، ومثله قولهم فى الدعاء: خلد الله ملكه، وأبد أيامه (3) .
(1) المنهاج شرح مسلم 1/369 رقم 91 بتصرف.
(2)
الآية 34 من سورة الأنبياء.
(3)
الجامع لأحكام القرآن 5/335، وانظر: المنهاج شرح مسلم10/402، 403 رقم 109.
.. وهناك قول ثالث: وهو أن نصوص الوعيد الواردة فى الآيات، والأخبار فى حق مرتكب الكبيرة، هذا الوعيد جزاؤه، ولكن تكرم سبحانه وتعالى فأخبر أنه لا يخلد فى النار من مات مسلماً" (1) ، وقد دلت الأحاديث على ذلك منها قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار يقول الله: من كان فى قلبه مثال حبة من خردل من إيمان فأخرجوه، فيخرجون قد امتحشوا (2) ،وعادوا حمماً (3) ، فيلقون فى نهر الحياة، فينبتون كما تُنْبُتُ الحبةُ فى حَميل السَّيل، أو قال: حَمِيَّةِ السَّيل" وقال النبى صلى الله عليه وسلم: "ألم تَروا أنها تَنبتُ صفراء مُلتوية؟ " (4) .
(1) انظر: المنهاج شرح مسلم 1/369 رقم 1/391 رقم 105.
(2)
امتحشوا: أى احترقوا. والمحش: احتراق الجلد، وظهور العظم. انظر: النهاية فى غريب الحديث 4/302.
(3)
حمماً: أى صاروا سود الأجساد كالحمم وهو الفحم انظر: النهاية فى غريب الحديث 1/444
(4)
أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الرقاق، باب صفة الجنة والنار11/424رقم 6560
وقد دلت الأحاديث أيضاً أن قاتل نفسه لا يخلد فى النار، روى الإمام مسلم فى صحيحه عن جابر أن الطفيل بن عمرو الدوسى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله هل لك فى حصن حصين ومنعة؟ (قال: حصن كان لدوس فى الجاهلية) فأبى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم للذى ذخر الله للأنصار، فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر إليه الطفيل بن عمرو، وهاجر معه رجل من قومه. فاجْتَوَوا المدينة. فَمَرِضَ، فَجَزِع، فَأَخَذَ مَشَاقِصَ (1) له فقطع بها بَرَاجَمه فَشَخَبَتْ (2) يداهُ حتى مَاتَ، فَرَآهُ الطفيل بنَ عمرو فى منامه. فرآه وهيئته حسنة، ورآهُ مغطِّياً يَدَيْهِ، فَقَالَ له: ما صنع بك رُّبكَ؟ فقال: غفر لى بهجرتى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال: مالى أَرَاك مُغَطِّياً يديك؟ قال: قيل لى لن نُصْلِحَ منك ما أفسدتَ، فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اللهم وَلِيديهِ فاغفر"(3) .
(1) مشاقص: جمع مشقص وهو نصل السهم إذا كان طويلاً غير عريض. انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/490.
(2)
شخبت: أى سألت من الشخب، وهو السيلان انظر: النهاية فى غريب الحديث 2/450.
(3)
مسلم "بشرح النووى" كتاب الإيمان، باب الدليل على أن قاتل نفسه لا يكفر1/407 رقم 116