الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
8-
والصنف الثامن منهم: عامة البلدان الذين اعتقدوا تصويب علماء السنة، ورجعوا إليهم فى معالم دينهم، وقلدوهم فى فروع الحلال والحرام، ولم يعتقدوا شيئاً من بدع أهل الأهواء الضالة.
…
قال الإمام عبد القادر البغدادى: فهؤلاء أصناف أهل السنة والجماعة، ومجموعهم أصحاب الدين القويم، والصراط المستقيم" (1) أ. هـ.
…
ويقول الدكتور ناصر الشيخ معرفاً بهم فى نص جامع قال: أهل السنة هم المتمسكون بما جاء فى الكتاب والسنة، والتزموا بما فيهما قولاً وعملاً، وكان معتقدهم موافقاً لما جاء فيهما، وموافقاً لما كان عليه السلف الصالح من الصحابة الكرام رضي الله عنهم، والتابعين لهم بإحسان، وأتباعهم من أئمة الدين ممن شهد لهم بالإمامة، وعرف عظم شأنهم فى الدين، وتلقى الناس كلامهم خلف عن سلف.
…
دون من رمى ببدعة، أو شهر بلقب غير مرضى، كالخوارج، والروافض، والقدرية، والمرجئة، والجبرية، والمعتزلة، والكرامية، ونحو هؤلاء (2) أ. هـ.
المطلب الثانى: سلامة طريقة أهل السنة فى فهم الشريعة الإسلامية
وبيان تحقيق النجاة لهم
…
عن أبى هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين أو اثنتين وسبعين فرقة، والنصارى مثل ذلك، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة".
(1) الفرق بين الفرق ص 276 - 279 بتصرف واختصار.
(2)
عقيدة أهل السنة والجماعة فى الصحابة 1/29.
هذا الحديث أخرجه جماعة من الأئمة منهم أبو داود (1) ، والترمذى وصححه (2) ، وابن ماجة (3) ، والحاكم وصححه (4) ، وله شواهد عن جماعة من الصحابة كأنس بن مالك، وجابر بن عبد الله، وأبى بن كعب، وأبى الدرداء، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعاوية بن أبى سفيان وغيرهم (5) .
…
وجاء فى هذه الشواهد تفسير للفرقة الناجية بأسانيد تقام بها الحجة فى تصحيح هذا الحديث (6) . كما قال الحاكم فى المستدرك ووافقه الذهبى (7) .
(1) سنن أبى داود كتاب السنة، باب شرح السنة 4/197، 198 رقم 4596.
(2)
سنن الترمذى كتاب الإيمان، باب ما جاء فى افتراق الأمة 5/25 رقم 2640 وقال: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
سنن ابن ماجة كتاب الفتن، باب افتراق الأمم 2/492 رقم 3991.
(4)
المستدرك كتاب العلم، باب تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة كلها فى النار إلا واحدة 1/217 رقم 441 وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى.
(5)
قال بتواتر الحديث الكتانى، وعبد الله الغمارى، وعبد العزيز الغمارى، انظر: نظم المتناثر من الحديث المتواتر ص 45 رقم 18، وإتحاف ذوى الفضائل المشتهرة بما وقع من الزيادة فى نظم المتناثر على الأزهار المتناثرة ضمن مجموعة الحديث الصديقية ص 185.
(6)
خلافاً لمن ذهب إلى عدم صحة الحديث. انظر: الخلافة ونشأة الأحزاب الإسلامية للدكتور محمد عمارة ص 129 وما بعدها.
(7)
المستدرك 1/218.
من هذه الشواهد حديث معاوية وأنس - رضى الله عنهما - مرفوعاً: "إن أهل الكتاب تفرقوا فى دينهم على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين كلها فى النار إلا واحدة، وهى الجماعة (1) .
…
وفى حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً: "إنى بنى إسرائيل تفرقت على اثنتين وسبعين ملة، وتفترق أمتى على ثلاث وسبعين كلهم فى النار إلا ملة واحدة، قالوا: ومن هى يا رسول الله قال: "ما أنا عليه وأصحابى" (2) .
…
يقول الإمام الشاطبى: "إن الجماعة - فى الحديث الشريف - هى الصحابة على الخصوص فإنهم الذين أقاموا عماد الدين، وأرسوا أوتاده، وهم الذين لا يجتمعون على ضلالة أصلاً، وقد يمكن فيمن سواهم ذلك،
…
ولفظ الجماعة وتفسيره هنا مطابق للرواية الأخرى فى قوله صلى الله عليه وسلم: "ما أنا عليه وأصحابى"(3) .
(1) أخرجه أبو داود فى سننه كتاب السنة، باب شرح السنة 4/198 رقم 4597، والحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب تفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين ملة كلها فى النار إلا واحدة 1/218 رقم 443، كلاهما من حديث معاوية رضي الله عنه، وأخرجه ابن ماجة فى سننه كتاب الفتن،= =باب افتراق الأمم 2/492 رقم 3991 من حديث أنس رضي الله عنه، وقال البوصيرى فى مصباح الزجاجة 3/239 "هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات".
(2)
أخرجه الترمذى فى سننه كتاب الإيمان، باب ما جاء فى افتراق الأمة 5/26 رقم 2641، وقال: هذا حديث مفسر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه، وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم، باب تفترق هذه الأمة
…
1/218 رقم 444.
(3)
الاعتصام 2/518، 519 بتصرف.
.. يقول الإمام عبد القادر البغدادى مبيناً صحة طريقة أهل السنة فى فهم الشريعة الإسلامية وتحقيق النجاة لهم بنص الحديث السابق. قال: "إن النبى صلى الله عليه وسلم لما ذكر افتراق أمته بعده ثلاثاً وسبعين فرقة، وأخبر أن فرقة واحدة منها ناجية، سئل عن الفرقة الناجية، وعن صفتها، فأشار إلى الذين هم، على ما عليه هو وأصحابه.
ولسنا نجد اليوم من فرق الأمة من هم على موافقة الصحابة رضي الله عنهم غير أهل السنة والجماعة، من مجتهدى الأمة وعلمائها أهل الشريعة العاملين بها، دون الرافضة، والمعتزلة، والخوارج، والجهمية، وجميع أهل البدع والأهواء، فهم غير داخلين فى لفظ الجماعة قطعاً، لخروجهم على طريقة النبى صلى الله عليه وسلم وطريقة أصحابه رضي الله عنهم.
…
ثم كيف يكون الرافضة، والخوارج، والقدرية، وسائر أهل البدع موافقين للصحابة؟ وهم بأجمعهم لا يقبلون شيئاً مما روى عن الصحابة فى أحكام الشريعة، لامتناعهم من قبول روايات الحديث، والسير، والمغازى، من أجل تكفيرهم للصحابة، ولأصحاب الحديث الذين هم نقلة الأخبار والآثار، ورواة التواريخ والسير، ومن أجل تكفيرهم فقهاء الأمة الذين ضبطوا آثار الصحابة، وقاسوا فروعهم على فتاوى الصحابة.
ولم يكن بحمد الله ومَنِّهِ فى الخوارج، ولا فى الروافض، ولا فى القدرية، ولا فى سائر أهل الأهواء الضالة إمام فى الفقه، ولا إمام فى رواية الحديث، ولا إمام فى اللغة والنحو، ولا موثوق به فى نقل المغازى والسير والتواريخ، ولا إمام فى الوعظ والتذكير، ولا إمام فى التأويل والتفسير، وإنما كان أئمة هذه العلوم، على الخصوص والعموم، من أهل السنة والجماعة (1) .
(1) راجع: بيان فضائل أهل السنة، وأنواع علومهم وأئمتهم، وبيان آثارهم فى الدين والدنيا، فى: الفرق بين الفرق ص 321 - 325، وانظر: الاعتصام للشاطبى 2/509 وما بعدها.
وأهل الأهواء الضالة إذا ردوا الروايات الواردة عن الصحابة فى أحكامهم وسيرهم لم يصح اقتداؤهم بهم.
وبان من هذا أن المقتدين بالصحابة من يعمل بما قد صح بالرواية الصحيحة فى أحكامهم وسيرهم، وذلك سنة أهل السنة دون ذوى البدعة، وصحح بصحة ما ذكرناه، صحة وسلامة طريقتهم فى فهم الشريعة الإسلامية، وتحقيق نجاتهم لحكم النبى صلى الله عليه وسلم بنجاة المقتدين بأصحابه (1) . والحمد لله على ذلك (2) أ. هـ.
…
يقول الإمام الشاطبى – رحمه الله: "فعلى هذا القول فمن خرج عن جماعة أهل السنة، فهم الذين شذوا، وهم نهبة الشيطان، ويدخل فى هؤلاء جميع أهل البدع لأنهم مخالفون لما عليه النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
فمن خرج عن جماعة أئمة العلماء المجتهدين من أهل السنة مات ميتة جاهلية، لأن جماعة الله العلماء، جعلهم الله حجة على العالمين، وهم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم:"إن الله لن يجمع أمتى على ضلالة"(3) .
فهم جماعة أهل الإسلام والسواد الأعظم، إذا أجمعوا على أمر فواجب على غيرهم من أهل الملل اتباعهم. ومن شذ شذ إلى النار" (4) فإن قيل: "فإن أهل المقالات المختلفة، يرى كل فريق منهم أن الحق فيما اعتقده، وأن مخالفه على ضلال وهوى، وكذلك أصحاب الحديث، فيما انتحلوا، فمن أين علموا علماً يقيناً، أنهم على حق؟
(1) راجع: الفرق بين الفرق فصل عصمة الله أهل السنة من تكفير بعضهم بعضاً أو تكفير سلفهم والطعن فيهم ص 320 – 321.
(2)
الفرق بين الفرق ص 279 - 283 بتصرف، وانظر: الاعتصام للشاطبى 2/515 - 523.
(3)
سبق تخريجه ص 481.
(4)
الاعتصام 2/517 - 519 بتصرف.