الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. وقال الإمام ابن تيمية: "والأصحاب جمع صاحب، والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه، وذلك يقع على قليل الصحبه وكثيرها"(1) . وعلى هذا التعريف اللغوى جرى أصحاب الحديث فى تعريفهم بالصحابى اصطلاحاً: فذهبوا إلى إطلاق (الصحابى) على كل من صحب النبى صلى الله عليه وسلم، ولو ساعة واحدة فما فوقها.
الصحابة فى الاصطلاح:
قال الإمام بدر الدين الزركشى-رحمه الله: "ذهب الأكثرون إلى أن الصحابى من اجتمع - مؤمناً - بمحمدصلى الله عليه وسلم وصحبه ولو ساعة، روى عنه أو لا، لأن اللغة تقتضى ذلك، وإن كان العرف يقتضى طول الصحبة وكثرتها
…
وهو ما ذهب إليه جمهور الأصوليين، أما عند أصحاب الحديث فيتوسعون فى تعريفهم لشرف منزلة النبى صلى الله عليه وسلم (2) .
…
يقول ابن حزم: "فأما الصحابة رضي الله عنهم فهم كل من جالس النبى صلى الله عليه وسلم ولو ساعة، وسمع منه ولو كلمة فما فوقها، أو شاهد منه عليه السلام أمراً يعيه"(3) .
…
والتعريفات التى وضعها العلماء للصحابة (اصطلاحاً) كثيرة، ولكن التعريف الصحيح المعتمد هو ما قرره الحافظ ابن حجر بقوله: "وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابى هو من لقى النبى صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام، ولو تخللت ردة على الأصح.
ثم شرح التعريف فقال: "فيدخل فيمن لقيه" من طالت مجالسته له، أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية، ولو لم يجالسه، ومن لم يره لعارض كالعمى.
(1) الصارم المسلول ص 575، وانظر: الروض الباسم فى الذب عن سنة أبى القاسم لابن الوزير اليمانى 1/57 - 60 قرر بتوسع واستدل أن تسمية يسير المخالطة (صحبة) ثابت بالكتاب والسنة، وعبارات الأئمة أ. هـ.
(2)
البحر المحيط فى أصول الفقه 4/301.
(3)
الإحكام فى أصول الأحكام لابن حزم 5/86.
ومن هنا كان التعبير باللقى أولى من قول بعضهم: "الصحابى من رأى النبى صلى الله عليه وسلم" لأنه يخرج حينئذ ابن أم مكتوم ونحوه من العميان وهم صحابة بلا تردد.
ويخرج "بقيد الإيمان" من لقيه كافراً ولو أسلم بعد ذلك إذا لم يجتمع به مرة أخرى.
وقولنا"به"يخرج من لقيه مؤمناً بغيره كمن لقيه مؤمناً من مؤمنى أهل الكتاب قبل البعثة.
ويدخل فى قولنا "مؤمناً به" كل مكلف من الجن والإنس
…
0
وخرج بقولنا "ومات على الإسلام" من لقيه مؤمناً به ثم ارتد ومات على ردته والعياذ بالله - كعبيد الله بن جحش، وابن خطل، ويدخل فيه من ارتد وعاد إلى الإسلام قبل أن يموت سواء اجتمع به صلى الله عليه وسلم مرة أخرى أم لا، كالأشعث بن قيس فإنه كان ممن ارتد وأتى به إلى أبى بكر الصديق أسيراً، فعاد إلى الإسلام فقبل منه، وزوجه أخته، ولم يتخلف أحد عن ذكره فى الصحابة، ولا عن تخريج أحاديثه فى المسانيد وغيرها.
…
وهذا هو الصحيح المعتمد، ووراء ذلك أقوال شاذة أخرى كقول من قال لا يعد صحابياً إلا من وصف بأحد أوصاف أربعة:
من طالت مجالسته، أو حفظت روايته، أو ضبط أنه غزا معه، أو استشهد بين يديه، وكذا من اشترط فى صحة الصحبة بلوغ الحلم، أو المجالسة ولو قصرت" (1) .
قال الحافظ السيوطى مؤيداً ابن حجر "وهو المعتبر"(2) .
وذهب إليه الجمهور من الأصوليين، منهم الآمدى فى الإحكام (3) ، وابن عبد الشكور فى فواتح الرحموت بشرح مسلم الثبوت (4) ، والزركشى فى البحر المحيط (5) ، والشوكانى فى إرشاد الفحول (6) وغيرهم.
(1) انظر: الإصابة 1/10 - 12، ونزهة النظر ص 51، 52.
(2)
تدريب الراوى 2/216.
(3)
انظر: الإحكام للآمدى 2/84، 85.
(4)
انظر: فواتح الرحموت 2/158.
(5)
انظر: البحر المحيط 4/302، 305.
(6)
انظر: إرشاد الفحول 1/279، 280.