الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
.. أما الإمام الشاطبى ومن نحا نحوه: فإنهم مع إقرارهم بوجودها، إلا أنهم يقولون: إنها ليست زيادة على شئ ليس فى القرآن، وإنما هى زيادة الشرح، المستنبط من المشروح بإلهام إلهى، ووحى ربانى، وتأييد سماوى (1) . وبعبارة أخرى هى داخلة تحت أى نوع من أنواع السنة البيانية، أو داخلة تحت قاعدة من قواعد القرآن الكريم.
يقول الدكتور السباعى: "وأنت ترى هنا أن الخلاف لفظى، وأن كلا منهما يعترف بوجود أحكام فى السنة لم تثبت فى القرآن الكريم، ولكن أحدهما لا يسمى ذلك استقلالاً، والآخر يسميه. والنتيجة واحدة (2) ، وهى حجية تلك الأحكام الزائدة ووجوب العمل بها.
بيان أن الخلاف لفظى مع فريق وحقيقى مع آخر:
…
لقد ذكر الإمام الشاطبى ستة مآخذ للمخالفين فى بيان أن كل ما ورد فى السنة مبين فى الكتاب، الخمسة الأولى منها أيدها الإمام الشاطبى، وكان الخلاف فيها بين الفريقين خلافاً لفظياً لا ينبنى عليه عمل (3) .
…
أما الذين أثاروا خلافاً حقيقياً حول هذه المسألة؛ فهم أصحاب المأخذ السادس، إذ يقولون فيه: "ومنها - يعنى أن جميع السنة بيان للكتاب - النظر إلى تفاصيل الأحاديث، فى تفاصيل القرآن، وإن كان فى السنة بيان زائد، ولكن صاحب هذا المأخذ يتطلب أن يجد كل معنى فى السنة مشاراً إليه - من حيث وضع اللغة لا من جهة أخرى - أو منصوصاً عليه فى القرآن (4) .
(1) منزلة السنة من الكتاب للأستاذ محمد سعيد منصور ص 499.
(2)
السنة ومكانتها فى التشريع للدكتور السباعى ص 375 بتصرف.
(3)
انظر: هذه المآخذ فى الموافقات 4/406 - 428، وانظر: - إن شئت - مناقشتها والرد عليها فى حجية السنة للدكتور عبد الغنى ص 526 - 536.
(4)
الموافقات 4/428، وانظر: مصادر الشرعية الإسلامية مقارنة بالمصادر الدستورية للمستشار الدكتور على جريشة ص 29-31.
.. فهذا هو المأخذ الذى لو تم، لكان مبطلاً لما اتفق عليه الجميع، من وجود سُّنة جاءت بما لم ينص عليه الكتاب نصاً، ويمكن للمجتهد أن يأخذ به بحسب أوضاع اللغة، ومعانيها الحقيقية والمجازية، ولكنه لن يتم ولا يمكن تطبيقه على جميع ما ورد فى السنة، ومحاولة تطبيقه محاولة فاشلة (1) .
…
وقد اعترف الإمام الشاطبى نفسه بذلك بعد أن غاص فى عمق أدلة هذا المأخذ، وكانت الغاية التى انتهى إليها الاعتراف ببطلان هذا المأخذ وانحراف أصحابه، إذ يقول تعليقاً على هذا المأخذ: "ولكن القرآن لا يفى بهذا المقصود على النص والإشارة العربية التى تستعملها العرب أو نحوها، وأول شاهد فى هذا الصلاة، والحج، والزكاة، والحيض، والنفاس، واللقطة، والقراض، والمساقاة، والديات، والقسامات، وأشباه ذلك من أمور لا تحصى.
…
فالملتزم لهذا (أى المأخذ السادس) لا يفى بما ادعاه، إلا أن يتكلف فى ذلك مآخذ لا يقبلها كلام العرب، ولا يوافق على مثلها السلف الصالح، ولا العلماء الراسخون فى العلم، ولقد رام بعض الناس فتح هذا الباب (2) الذى شرع فى التنبيه عليه فلم يوف به إلا على التكلف المذكور، والرجوع إلى المأخذ الأول فى مواضع كثيرة لم يتأت له فيها نص ولا إشارة إلى خصوصات ما ورد فى السنة، فكان ذلك نازلاً بقصده الذى قصد (3) .
إذاً فهو قول غير صحيح، وبعيد كل البعد عن الحقيقة أ. هـ.
(1) انظر: حجية السنة للدكتور عبد الغنىص 535.
(2)
فتحه مصطفى المهدوى فى كتابة البيان بالقرآن، وكانت المحاولة فاشلة، وصدق فيه ما قاله الإمام الشاطبى هنا.
(3)
الموافقات 4/431.