الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبالجملة "من طعن فى السلف من نفاة القياس لاحتجاجهم بالرأى فى الأحكام فكلامه كما قال الله تعالى: {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا} (1) .
الصحابة رضي الله عنهم والنهى عن كثرة التحديث:
…
بقى من شبهه (النهى عن كتابة السنة) ما زعمه بعض دعاة الفتنة (2) -ومن تأثر بهم من المسلمين (3) من أن امتناع بعض الصحابة عن التحديث ونهى كبار الصحابة عن الإكثار من التحديث دليل على عدم حجية السنة.
…
ومما استدلوا به على ذلك الآثار الآتية:
(1) مثل محمود أبو رية فى الأضواء ص53-57،وجمال البنا فى السنة ودورها فى الفقه الجديد ص16، وعبد الحسين شرف الدين فى كتابه أبو هريرة ص 134، ومرتضى العسكرى فى معالم المدرسين المجلد 2/44، 45، 64، وعلى الشهرستانى فى منع تدوين الحديث أسباب ونتائج ص 57، 64، وزكريا عباس داود فى تأملات فى الحديث عند السنة والشيعة ص 42 - 48 وغيرهم.
(2)
كالأستاذ محمد رشيد رضا رحمه الله حيث قال: "ما ورد فى عدم رغبة كبار الصحابة فى التحديث بل فى رغبتهم عنه بل فى نهيهم عنه قوى عندك ترجيح كونهم لم يريدوا أن يجعلوا الأحاديث ديناً عاماً دائماً كالقرآن" انظر: مجلة المنار المجلد 10/768.
(3)
الآية 5 من سورة الكهف. وانظر: أصول السرخسى 2/133.
ما روى من مراسيل ابن أبى مُلَيْكَةَ (1) قال: إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم صلى الله عليه وسلم فقال: إنكم تحدثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافاً، فلا تحدثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله، وحرموا حرامه (2) .
(1) ابن أبى مُلَيْكَةَ هو: عبد الله بن عبيد الله بن أبى مُلَيْكَةَ (بالتصغير) أبو بكر أدرك ثلاثين من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وكان إماماً فقيهاً حجة فصيحاً مفوهاً، متفق على توثيقه، مات 117هـ. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ1/100رقم 94،وتقريب التهذيب1/511رقم 3465، والكاشف 1/571 رقم 2838، والثقات للعجلى ص 268 رقم 848، ومشاهير علماء الأمصار ص107 رقم 597.
(2)
تذكرة الحافظ 1/2، 3.
وما روى عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (1) قال: والله مامات عمر بن الخطاب حتى بعث إلى أصحاب رسول الله فجمعهم من الآفاق، عبد الله بن حذيفة (2) ،وأبا الدرداء (3) ، وأبا ذر (4) ، وعقبة بن عامر (5)
(1) إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف هو: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى القرشى. روى عن عمر، وعلى، وعمار، وعنه ابناه سعد، وصالح، والزهرى، وقال العجلى: تابعى ثقة مدنى، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقيل له رؤية، واختلف فى سماعه، من عمر بن الخطاب فأثبته يعقوب بن شيبة، والواقدى، والطبرى، وغيرهم والظاهر إنه لم يسمع منه، فإنه مات سنة 96، وقيل 95 وعمره 75 سنة فلم يدرك من حياة عمر إلا سنتين أو ثلاث. وهذا ما رجحه الهيثمى فى مجمع الزوائد1/149، قال: إبراهيم ولد سنة عشرين، ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين، وهذا ما رجحه أيضاً أحمد محمد شاكر فى الإحكام لابن حزم 2/266 هامش. وإبراهيم له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 88 رقم 450، والاستيعاب 1/61 رقم 2، والثقات لابن حبان 4/4، وتاريخ الثقات للعجلى ص 53 رقم 29، وتقريب التهذيب 1/60 رقم206، والكاشف 1/217 رقم 165.
(2)
عبد الله بن حذيفة غير معروف، وإنما فى الصحابة عبد الله بن حذافة.
(3)
أبو الدرداء هو: عويمر بن عامر بن زيد الأنصارى الخزرجى صحابى جليل له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 1/24 رقم، واسد الغابة 4/306 رقم 4142، والإصابة 3/45 رقم 6132، والاستيعاب 3/1227 رقم 2006، وتاريخ الصحابة ص 182 رقم 941.
(4)
أبو ذر هو: أبو ذر الغفارى جندب بن جنادة صحابى جليل. له ترجمة فى: تذكرة الحفاظ 1/17 رقم7،واسد الغابة6/93رقم5869،والاستيعاب4/1652رقم2944،والإصابة4/63رقم9877
(5)
عقبة بن عامر هو: عقبة بن عامر الجهنى صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص72 رقم 378، وتذكرة الحفاظ 1/42 رقم 20، واسد الغابة 4/51 رقم 3711، والاستيعاب 3/1073رقم 1824، وتاريخ الصحابة ص179 رقم 925، والإصابة 2/489 رقم 5617.
، فقال ما هذه الأحاديث التى أفشيتم عن رسول الله فى الآفاق؟ قالوا: تنهانا؟ قال لا، أقيموا عندى، لا والله لا تفارقوننى ما عشت، فنحن أعلم، نأخذ منكم، ونرد عليكم، فما فارقوه حتى مات (1) . وعنه من رواية أخرى: قال بعث عمر بن الخطاب إلى عبد الله بن مسعود، وأبى الدرداء وأبى مسعود الأنصارى (2) فقال ما هذا الحديث الذى تكثرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسهم بالمدينة حتى استشهد لفظهم سواء (3)
(1) مختصر تاريخ دمشق لابن منظور 17/101.
(2)
أبو مسعود الأنصارى هو: عقبة بن عمرو بن ثعلبة. صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 55 رقم 270، والاستيعاب 3/ 1074 رقم 1827، واسد الغابة 4/55 رقم 3717، وتاريخ الصحابة ص179 رقم 922، والإصابة 2/490 رقم 5622.
(3)
أخرجه الخطيب فى شرف أصحاب الحديث باب ذكر نهى عمر بن الخطاب عن رواية الحديث وبيان وجهه ومعناه ص 159 رقم 174 بلفظه. وأخرجه ابن حزم فى الإحكام فصل (فى فضل الإكثار من الرواية للسنن) 2/266 بنحو رواية الحاكم، وقال ابن حزم هذا مرسل ومشكوك = =فيه من (شعبة) فلا يصح، ولا يجوز الاحتجاج به، ثم هو فى نفسه ظاهر الكذب والتوليد وأخرجه الحاكم فى المستدرك كتاب العلم 1/193 رقمى 374، 375 بنحوه، وفيه أبى ذر بدلاً من أبى مسعود الأنصارى، وقال صحيح على شرط الشيخين، وإنكار عمر أمير المؤمنين على الصحابة كثرة الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى، وعزاه الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد 1/149 إلى الطبرانى فى الأوسط بنحوه وقال: قلت هذا أثر منقطع، وإبراهيم ولد سنة عشرين ولم يدرك من حياة عمر إلا ثلاث سنين وابن مسعود كان بالكوفة ولا يصح هذا عن عمر. وذكره الحافظ الذهبى فى التذكرة 1/7 بنحوه وليس فيه (فحبسهم بالمدينة) ولا (ثم أطلقهم عثمان) التى عزاها أبو رية فى الأضواء ص 54 إلى الذهبى فى التذكرة، وإنما ذكرها بلا سند، أبو بكر بن العربى فى العواصم من القواصم ص 87، والأثر منقطع كما قال الهيثمى، وابن حزم. والله أعلم.
وروى عن السائب بن يزيد (1) قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول لأبى هريرة: لتتركن الحديث عن الأول، أو لألحقنك بأرض دوس، وقال لكعب الأحبار (2) : لتتركن الحديث عن الأول أو لألحقنك بأرض القردة" (3)، وعنه من طريق آخر قال: أرسلنى عثمان بن عفان إلى أبى هريرة فقال: قل له يقول لك أمير المؤمنين: ما هذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
بنحو الرواية السابقة (4) .
(1) السائب بن يزيد: صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص 36 رقم 141، وتاريخ الصحابة ص123 رقم 575، والاستيعاب 2/576 رقم 902، واسد الغابة 4/380 رقم 4291، والإصابة 2/12 رقم 3084.
(2)
كعب الأحبار هو: ابن ماتع الحميرى، أبو إسحاق، المعروف بكعب الأحبار، كان من أهل اليمن، فسكن الشام، قال ابن حجر ثقة مخضرم، وقال الذهبى فى السير:"وكان حسن الإسلام متين الديانة من نبلاء العلماء، وذكره ابن حبان فى الثقات، وقال محمد عوامه فى تحقيقه للكاشف "ولا مجال للمنابر السياسية لتخطب هنا، وتكثر الكلام والتجريح فيه نعم انظر: "مقالات الكوثرى ص32،وانظر معه فتح البارى6/353، 13/334، 335. له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص145 رقم 911،والثقات لابن حبان5/333، وتقريب التهذيب 2/43 رقم5666، والكاشف 2/148 رقم 4662، وسير أعلام النبلاء 3/489 - 494 رقم 333.
(3)
البداية والنهاية 8/110.
(4)
أخرجه الخطيب فى المحدث الفاصل باب، من كره كثرة الرواية ص 554 رقم 746.
وروى عن قرظة ابن كعب قال (1) : بعث عمر بن الخطاب رهطاً من الأنصار إلى الكوفة، فبعثنى معهم، فجعل يمشى معنا حتى أتى صرار (2) -وصرار: ماء فى طريق المدينة- فجعل ينفض الغبار عن رجليه، ثم قال: إنكم تأتون الكوفة، فتأتون قوماً لهم أزيز (3) بالقرآن، فيأتونكم فيقولون قدم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قدم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث، فأعلموا أن أسبغ الوضوء ثلاث، وثنتان تجزيان، ثم قال: إنكم تأتون الكوفة، فتأتون قوماً لهم أزيز بالقرآن فيقولون: قدم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، قدم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، فيأتونكم فيسألونكم عن الحديث، فأقلوا الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا شريككم فيه. قال قرظة: وإن كنت لأجلس فى القوم فيذكرون الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنى لمن أحفظهم له، فإذا ذكرت وصية عمر سكت. قال أبو محمد (الإمام الحافظ الدارمى) معناه عندى: الحديث عن أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس السنن والفرائض" (4)
(1) قرظة بن كعب هو: ابن ثعلبة الأنصارى صحابى جليل له ترجمة فى: مشاهير علماء الأمصار ص61 رقم 309، والاستيعاب 3/1306 رقم 1268، واسد الغابة 4/380 رقم 4291، والإصابة 3/231 رقم 7113، وتجريد أسماء الصحابة 2/14.
(2)
صرار: بئر قديمة على ثلاثة أميال من المدينة على طريق العراق وقيل موضع بالمدينة انظر: معجم البلدان 3/398.
(3)
أريز: أى حركة واهتياج وحده. انظر: النهاية فى غريب الحديث لابن الأثير 1/45.
(4)
أخرجه ابن ماجة فى المقدمة، باب التوقى فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم 1/25 رقم 28، والدارمى فى المقدمة، باب من هاب الفتيا مخافة السقط 1/97 رقمى 279، 280 واللفظ له، والحاكم فى المستدرك كتاب العلم 1/183 رقم 347، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد له طرق تجمع ويذاكر بها، وقرظة ابن كعب الأنصارى صحابى جليل سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما سائر رواته فقد احتجا بهم. ووافقه الذهبى، فقال: صحيح وله طرق. وأخرجه ابن المبارك فى مسنده ص 139 رقم 226.