الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رابعاً: شبهة أن الوضع وكثرة الوضاعين للحديث أضعفت الثقة بالسنة النبوية
استعراض الشبهة وأصحابها:
…
زعم أعداء السنة المطهرة من غلاة الشيعة، والمستشرقين، وأذيالهم من دعاة اللادينية، أن من آثار تأخر تدوين الحديث إلى ما بعد المائة الأولى من الهجرة، أن اتسعت أبواب الرواية وفاضت أنهار الوضع بغير ضابط ولا قيد - منذ فتنة عثمان بن عفان رضي الله عنه حتى لقد بلغ ما روى من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف لا يزال كثير منها منبثاً بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها، مما يجعل الثقة بصحة الأحاديث ضعيفة، ويجعل المرء لا يطمئن إلى السنة النبوية من حيث ورودها (1) .
(1) أضواء على السنة محمودأبو رية ص 18، 268، وانظر له قصة الحديث المحمدى ص 49 - 56 وشيخ المضيرة ص 218، وانظر الأضواء القرآنية للسيد صالح أبو بكر 1/35، ومجلة المنار المجلد 9/516 - 517، والصلاة لمحمد نجيب ص 11 - 14، وفجر الإسلام 210، 211، وضحى الإسلام 2/123 كلاهما لأحمد أمين، ودليل المسلم الحزين لحسين أحمد أمين ص 45 وإعادة تقييم الحديث لقاسم أحمد ص 98، ونحو تطوير التشريع الإسلامى لعبد الله النعيم ص 44-50، والأصلان العظيمان 218، والسنة ودورها فى الفقه الجديد كلاهما لجمال البنا ص12، 90، 91، 109، 161، 262، وحقيقة الحجاب وحجية الحديث لسعيد العشماوى ص 84، وتبصير الأمة بحقيقة السنة ص111، 113، 290، 427، وبلوغ اليقين بتصحيح مفهوم ملك اليمين كلاهما لإسماعيل منصور ص 471، والخدعة رحلتى من السنة إلى الشيعة لصالح الوردانى ص 81، وتأملات فى الحديث زكريا عباس داود ص 131-164والإمام الشافعى لنصر أبو زيد 97، 98، والسلطة فى الإسلام لعبد الجواد ياسين 236 - 258، ودراسات محمدية ترجمة الأستاذ الصديق بشير نقلاً عن مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد 10 ص 489 - 514، ودراسة الكتب المقدسة لموريس بوكاى 13، 156،158،290،298، 302، وخمسون ومائة صحابى مختلف لمرتضى العسكرى1/50، 51
.. هذه هى خلاصة شبهتهم التى طعنوا بها فى حجية السنة المطهرة، وفى مصدريتها التشريعية، كما طعنوا بها فى عدالة حملة الإسلام من أهل القرون الثلاثة الفاضلة الذين شهد لهم المصطفى صلى الله عليه وسلم بالخيرية من صحابته الكرام رضي الله عنه والتابعين لهم بإحسان من أئمة المسلمين من المحدثين والفقهاء.
…
فطعنوا بهذه الشبهة فى حجية السنة حيث ذهب الصنم الأكبر للمستشرقين جولد تسيهر إلى (أن القسم الأكبر من الحديث ليس إلا نتيجة للتطور الدينى والسياسى والاجتماعى للإسلام فى القرنين الأول والثانى، وأنه ليس صحيحاً ما يقال أنه وثيقة للإسلام فى عهده الأول عهد الطفولة، ولكنه أثر من آثار جمهور الإسلام فى عصر النضوج، وتابعه على ذلك سائر المستشرقين (1) ، وذيولهم من دعاة الفتنة، وأدعياء العلم فى أمتنا الإسلامية؛ مثل أحمد صبحى منصور القائل:"بدلاً من أن يعكف المسلمون على القرآن ومنهجه العقلى فإنهم أضاعوا قروناً فى تأليف الروايات والاختلاف حولها، وفى تأليف الخرافات والبحث عنها"(2) .
…
ويقول أيضاً: "
…
لأن تلك المرويات التى كانت تعبر عن عصور السابقين وثقافتهم أصبحت فى عصرنا تسئ للإسلام، علاوة على أنها أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان (3) ، فتأمل هل هناك فرق فى المعنى بين ما قاله أحمد صبحى وجولدتسيهر؟!!
…
ومن أسباب وضع الحديث طعن أعداء الإسلام فى عدالة حمل الإسلام من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأئمة المسلمين من الفقهاء والمحدثين.
(1) سبق تفصيل ذلك والرد عليه فى شبهة التأخر فى تدوين السنة ص 344-353.
(2)
مجلة روزاليوسف العدد 3530 ص 50.
(3)
انظر: مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 36، وكرر هذا الكلام إجمالاً فى كتبه الآتية: حد الردة ص 5، 89، والمسلم العاصى ص 8،9، وعذاب القبر ص 5،6، ولا ناسخ ولا منسوخ ص 10، وانظر السنة ودورها فى الفقه الجديد ص 11.
1-
فاتهموا الصحابة العدول الثقات رضي الله عنهم بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم كانوا يكذِّب بعضهم بعضاً، وأنهم تسارعوا على الخلافة وانقسموا شيعاً وأحزاباً (وأخذ كل حزب يدعم موقفه بحديث يضعه على النبى صلى الله عليه وسلم، واشتد ذلك الأمر فى العصر الأموى، والعباسى حيث تحولت تلك الأكاذيب إلى أحاديث، وتم تدوينها فى العصر العباسى ضمن كتب الحديث الصحاح)(1) .
(1) قاله أحمد صبحى فى كتابه الحسبة ص 10، 39، وانظر مجلة روزاليوسف العدد 3563 ص 35، والصلاة فى القرآن ص56،57، وانظر: الحديث فى الإسلام للمستشرق الفريد غيوم ص20-30 نقلاً عن منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتورة عزية على طه ص 57، 58.
2-
واتهموا أئمة المسلمين الثقات من المحدثين والفقهاء بأنهم نافقوا الحكام والسلاطين، وكانوا لهم جنوداً واخترعوا لهم من الأحاديث ما يثبت ملكهم وسلطانهم، وعلى دربهم صار علماء المسلمين إلى يومنا هذا. وفى ذلك يقول نيازى عز الدين:"السلطان (1) كان يستخدم الأحاديث، وعلماء الحديث، ورجال الدين أصلاً من أجل إقناع الشعب الذى هو الرأى العام عنده بوجهة نظره دائماً، فكل هؤلاء كانوا يعملون للسلطان بأجر موضوع يقابل خدماتهم المطلوبة، فعليهم تنفيذ الأوامر (لذلك سميناهم فى هذا الكتاب بجنود السلطان؛ لأنهم يتلقون الأوامر وعليهم الطاعة الدائمة لتلك الأوامر مهما كانت) (2) ويقول فى موضع آخر: "وجنود السلطان استخدموا الأحاديث التى وضعوها ظلماً باسم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ ليتوصل السلطان إلى ما يريد من إخضاع الشعب بأقل تكاليف ممكنة" (3) .
(1) المراد بالسلطان فى نظر المؤلف هو معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه، وصرح بذلك فى كتابه دين السلطان ص 34، 41، 795.
(2)
دين السلطان ص 62.
(3)
دين السلطان ص 92 وراجع من نفس المصدر ص 10، 114، 117، 119، 153، 154، وانظر: إنذار من السماء ص 10، 124، 125، 129، 130، 134، 695، 715. كلاهما لنيازى عز الدين. وانظر: وعاظ السلاطين للدكتور على الوردى ص 15-262.
.. وهذا الكذب ترديد لما قاله قديماً جولد تسيهر فى العقيدة والشريعة فى الإسلام قائلاً: "ولا نستطيع أن نعزو الأحاديث الموضوعة للأجيال المتأخرة وحدها، بل هناك أحاديث عليها طابع القدم، وهذه إما قالها الرسول صلى الله عليه وسلم أو هى من عمل رجال الإسلام القدامى
…
فالحق أن كل فكرة، وكل حزب وكل صاحب مذهب يستطيع دعم رأيه بهذا الشكل، وأن المخالف له فى الرأى يسلك أيضاً هذا الطريق ومن ذلك لا يوجد فى دائرة العبادات أو العقائد أو القوانين الفقهية أو السياسية مذهب أو مدرسة لا تعزز رأيها بحديث أو بجملة من الأحاديث، ظاهرها لا تشوبه أى شائبة" (1) .
…
ونفس هذا الكذب ردده حسين أحمد أمين فى كتابه دليل المسلم الحزين قائلاً: "ومن ثم فقد لجأ الفقهاء والعلماء إلى تأييد كل رأى يرونه صالحاً ومرغوباً فيه بحديث يرفعونه إلى النبى صلى الله عليه وسلم (2) .
…
وردده أحمد أمين فى فجر الإسلام قائلاً: "فلا تكاد ترى فرعاً فقهياً مختلفاً فيه إلا وحديث يؤيد هذا وحديث يؤيد ذلك"(3) .
…
وردده أحمد صبحى مؤيداً فى ذلك أحمد أمين قائلاً فى دفاعه عن حل زواج المتعة: "وذلك يذكرنا بما قاله العلامة أحمد أمين فى كتابة فجر الإسلام. "أن الخلافات الفقهية كانت من أهم أسباب اختراع الأحاديث" (4) .
(1) العقيدة والشريعة ص49،50، وانظر: له دراسات محمدية ترجمة الأستاذ الصديق بشير نقلاً عن مجلة كلية الدعوة بليبيا العدد 10 ص 511، 521. وانظر: أصول الفقه المحمدى لشاخت ترجمة الصديق بشير نقلاً عن المرجع السابق العدد 11 ص 689. راجع: منهجية جمع السنة وجمع الأناجيل للدكتور عزية على طه ص 64 ما بعدها.
(2)
دليل المسلم الحزين ص 45.
(3)
فجر الإسلام ص 214.
(4)
مجلة روزاليوسف العدد 3564 ص 23.