الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: شبهة الطاعنين فى حديثى نوم النبى صلى الله عليه وسلم عند أم سليم، وأم حرام
والرد عليها
أولاً: حديث أم سليم - رضى الله عنها -:
…
روى البخارى ومسلم – رحمهما الله – عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "إن أم سليم (1) كان تبسط للنبى صلى الله عليه وسلم، نَطْعاً فَيَقِيلُ عِنْدهَا على ذلك النطع، قال: فإذا نام صلى الله عليه وسلم، أخذت من عَرَقِه وشعره فجمعَتْهُ فى قارورة، ثم جمعَتْه فى سُكّ وهو نائم. قال: فلما حضرَ أنسَ ابن مالك الوفاةُ أوصى إلىَّ أن يُجعلَ فى حَنوطِه من ذلك السُّكّ، قال فجُعِل فى حَنوطه"(2)
(1) أم سليم: هى أم سليم بنت ملحان، واسم ملحان: مالك بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب ابن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارية الخزرجية النجارية، أم أنس بن مالك، اختلف فى اسمها فقيل: سلهة، وقيل: رميلة، وقيل رميثة، وقيل مليكة، والغميصاء، والرميصاء. كانت تحت مالك بن النضر، والد أنس بن مالك فى الجاهلية، فغضب عليها وخرج إلى الشام، ومات هناك. فخطبها أبو طلحة الأنصارى وهو مشرك، فقالت: أما إنى فيك لراغبة، وما مثلك يرد، ولكنك كافر، وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فلك مهرى، ولا أسألك غيره، فأسلم وتزوجها وحسن إسلامه، فولدت له غلاماً مات صغيراً، وهو أبو عمير، وكان معجبابه، فأسف عليه ثم ولدت له عبد الله بن أبى طلحة، وهو والد إسحاق، فبارك الله فى إسحاق وأخوته، وكانوا عشرة، كلهم حمل عنه العلم، وكانت تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروت عنه أحاديث، وروى عنها ابنها أنس رضي الله عنه، وكانت من عقلاء النساء، ماتت فى خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه. انظر فى ترجمتها: اسد الغابة7/333رقم7479،والاستيعاب4/1940رقم 4163، والإصابة4/441رقم12077، وتاريخ الصحابة ص 276 رقم 1573، وتجريد أسماء الصحابة 2/333.
(2)
أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الاستئذان، باب من زار قوماً فَقَالَ عندهم 11/73 رقم 6281، ومسلم "بشرح النووى" كتاب الفضائل، باب طيب عرق النبى صلى الله عليه وسلم، والتبرك به 8/96 رقم 2332.
ثانياً: حديث أم حرام -رضى الله عنها-:
…
روى البخارى ومسلم - رحمهما الله - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على أم حرام بنت ملحان (1) ، فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأطعمْتهُ، وجعلت تَفْلِى رَأْسُهُ، فَنَامَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم استيقظ وهو يضحك، قالت فقلت: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناس من أمتى عُرضوا على غُزَاةً فى سبيل الله، يركبون ثَبَجَ هذا البحر مُلُوكاً على الأَسِرَّةِ أو مِثلَ المُلُوك على الأَسِرَّة، شكَّ -إسحاقُ- قالت فقلتُ: يا رسولَ الله، ادعُ الله أن يجعلنى منهم، فدعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وضع رأسَهُ، ثم استيقظ وهو يضحك. فقلتُ: وما يضحكك يا رسول الله؟ قال: ناسٌ من أُمتى عُرضوا على غُزاةً فى سبيل الله -كما قال فى الأول- قالتُ فقلتُ: يا رسول الله، ادع الله أن يجعلنى منهم، قال: أنت من الأولينَ0 فركبتِ البحرَ فى زمن معاويةَ بن أبى سفيان فُصِرعَتْ عن داَّبُتها حين خرجتْ من البَحِر فهَلَكْت"(2)
(1) أم حرام: هى أم حرام بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار الأنصارية الخزرجية - زوج عبادة بن الصامت، وأخت أم سليم، وخالة أنس ابن مالك، ولا يصح لها اسم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمها ويزورها فى بيتها، ويقيل عندها،= =ودعا لها بالشهادة، ماتت فى خلافة سيدنا عثمان رضي الله عنه انظر فى ترجمتها: اسد الغابة 7/304، 305 رقم 7411، والإصابة 4/441 رقم 11971، والاستيعاب 4/1931 رقم 4137، وتجريد أسماء الصحابة 2/316، وتاريخ الصحابة ص 276 رقم 1573.
(2)
أخرجه البخارى "بشرح فتح البارى" كتاب الجهاد والسير، باب الدعاء بالجهاد والشهادة للرجال والنساء 6/13 رقمى 2788، 2789، وباب فضل من يصرع فى سبيل الله فمات فهو منهم 6/22 رقمى 2799، 2800، وباب غزو المرأة فى البحر 6/89 رقمى 2877، 2878، وباب ركوب البحر6/103رقمى2894، 2895، وباب ما قيل فى قتال الروم 6/120 رقم2924، وكتاب الاستئذان، باب من زار قوماً فَقَالَ عندهم 11/73 رقمى 6282، 6283، وكتاب التعبير، باب رؤيا النهار 12/408 رقمى 7001، 7002، ومسلم "بشرح النووى" كتاب الإمارة، باب فضل الغزو فى البحر 7/65 رقم 1812.
.. بالحديثان السابقان طعن أعداء السنة المطهرة، فى عدالة الإمام البخارى، وفى صحيحه الجامع، وزعموا أن الروايات السابقة يلزم منها أن تكون هناك علاقات خاصة مع النبى صلى الله عليه وسلم، وهو الذى أدبه ربه فأحسن تأديبه.
يقول أحمد صبحى منصور: يريدنا البخارى أن نصدق أن بيوت النبى التى كانت مقصدا للضيوف، كانت لا تكفيه، وأنه كان يترك نساءه بعد الطواف عليهن ليذهب للقيلولة عند امرأة أخرى، وأثناء نومه كانت تقوم تلك المرأة بجمع عرقه وشعره، وكيف كان يحدث ذلك
…
يريدنا البخارى أن نتخيل الإجابة
…
ونعوذ بالله من هذا الإفك ثم يؤكد البخارى على هذا الزعم الباطل بحديث أم حرام القائل، كان رسول الله يدخل على أم حرام بنت ملحان فتطعمه، وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت فدخل عليها رسول الله فأطعمته، وجعلت تفلى رأسه، فنام رسول الله ثم استيقظ وهو يضحك، فقالت وما يضحكك يا رسول الله؟ إلخ. فالنبى على هذه الرواية المزعومة تعود الدخول على هذه المرأة المتزوجة، وليس فى مضمون الرواية وجود للزوج، أى تشير الرواية إلى أنه كان يدخل عليها فى غيبة زوجها، ويصور البخارى كيف زالت الكلفة والاحتشام بين النبى وتلك المرأة المزعومة، إذ كان ينام بين يديها وتفلى له رأسه وبالطبع لابد أن يتخيل القارئ موضع رأس النبى بينما تفليها له تلك المرأة فى هذه الرواية الخيالية، ثم بعد الأكل والنوم يستيقظ النبى من نومه، وهو يضحك ويدور حديث طويل بينه وبين تلك المرأة نعرف منه أن زوجها لم يكن موجوداً وإلا شارك فى الحديث. وصيغة الرواية تضمنت كثيراً من الإيحاءات والإشارات المقصودة، لتجعل القارئ يتشكك فى أخلاق النبى. فتقول الرواية "كان رسول الله يدخل على أم حرام فتطعمه
…
" والبخارى هنا ينزل بالنبى الى درك التشبيه بالحيوانات الأليفة التى تدخل البيوت، فيعطف عليها حريم البيت ويطعمونها. ولاحظ اختيار لفظ الدخول على المرأة، ولم يقل كان يزور، ثم
يقول عن المرأة "وكانت أم حرام تحت عبادة بن الصامت" فهنا تنبيه على أنها متزوجة، ولكن ليس لزوجها ذكر فى الرواية ليفهم القارئ أنه كان يدخل على تلك المرأة المتزوجة فى غيبة زوجها، ثم اختيار اسم المرأة "أم حرام" ليتبادر إلى ذهن القارئ أن ما يفعله النبى حرام وليس حلالاً. ثم يضع الراوى - بكل وقاحة- أفعالاً ينسبها للنبى عليه السلام لا يمكن أن تصدر من أى إنسان على مستوى متوسط من الأخلاق الحميدة، فكيف بالذى كان على خلق عظيم
…
عليه الصلاة والسلام، فيفترى الراوى كيف كانت تلك المرأة تطعمه، وتفلى له رأسه، وينام عندها، ثم يستيقظ ضاحكاً ويتحادثان
…
نعوذ بالله من الافتراء على رسول الله
…
ويتركنا البخارى بعد هذه الإيحاءات المكشوفة، نتخيل ما معنى أن يخلو رجل بامرأة متزوجة فى بيتها، وفى غيبة زوجها، وأنها تطعمه وتفلى له رأسه، أى أن الكلفة قد زالت بينهما تماماً، وأنها تعامله، كما تعامل زوجها
…
ثم يقول "وجعلت تفلى له رأسه فنام رسول الله ثم استيقظ
…
" ولابد أن القارئ سيسأل ببراءة
…
وأين نام النبى، وكيف نام، وتلك المرأة تفلى له رأسه، وآلاف الأسئلة تدور حول هدف واحد هو ما قصده البخارى بالضبط (1) .
(1) لماذا القرآن ص 92-94، وقراءة فى صحيح البخارى ص 41-46 كلاهما لأحمد صبحى منصور، وانظر: دين السلطان لنيازى عز الدين ص530، والخدعة رحلتى من السنة إلى الشيعة ص 73، 75، وأهل السنة شعب الله المختار ص 272، ودفاع عن الرسول ضد الفقهاء والمحدثين ص 61-124، ثلاثتهم لصالح الوردانى.